كتابات
15/06/2022

التزامُ الحريَّةِ ورفضُ الاستعبادِ

التزامُ الحريَّةِ ورفضُ الاستعبادِ

يؤكِّد الله لنا في القرآن هذه الحقيقة: {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[الرَّعد: 11].

إنَّ الله جعل تركيبة الوجود الإنساني خاضعة لهذه الخطوط. فنحن في المجالات العامَّة، يمكن لنا أن نكون أحراراً إذا نزعنا من أنفسنا روح العبوديَّة للآخرين، وبقينا عبيداً لله وحده. فما دمت مستعداً، من أجل أطماعك وشهواتك وملذّاتك، لأن تبيع نفسك للآخرين، وأن تستعبد نفسك للآخرين، فإنّك لو انطلقت في كلّ شعارات الحريّة فستبقى عبداً، ولكنّك إذا حرَّرت نفسك من عبوديَّة الآخرين، وشعرت بأنَّ الله خلق إرادتك حرّة، ويريد لها أن تبقى حرّة، وأنَّ الله خلق كيانك حرّاً، ويريدك أن تبقى حرّاً، إذا آمنت بالحريّة كأساس في عقلك وفي إرادتك؛ فلو أنّ الكون أطبق عليك ليستعبدك، فإنّه لا يستطيع أن ينال من حريّتك شيئاً. وهذا ما عبَّر عنه إمامنا جعفر الصَّادق (ع) عندما قال: "إنَّ الحرّ حرٌّ على جميع أحواله؛ إنْ نابته نائبة صَبَرَ لها، وإنْ تداكَّت عليه المصائب لم تكسره، وإن أُسِرَ وقهر واستبدل باليسر عسراً"1.

عندما تعيش عقلية الحريّة في داخل كيانك، فلن يستطيع أن يستعبدك أحد، لأنَّ الحريّة تصرخ من أعماق نفسك إذا حاصر الآخرون جسدك، وإذا عشت العبوديَّة في نفسك، فلن يستطيع أن يحرِّرك أحد، لأنَّ العبودية تكون جزءاً من ذاتك.

لهذا، عندما نريد أن نتحرَّر، فعلينا أن نزرع الحريّة في أعماقنا، وعندما نريد أن نرفض الاستعباد في واقعنا، فعلينا أن نعمل على أساس أن ننزع الاستعباد من نفوسنا. ولهذا كان الإسلام يركّز على الداخل كما يركِّز على الخارج. الإمام عليّ (ع) له كلمة معروفة: "الراضي بفعل قومٍ كالدَّاخل فيه معهم، وعلى كلّ داخل في باطل إثمان؛ إثم العمل به، وإثم الرِّضا به"2، يعني أنتَ حين ترى أُناساً يستعبدون آخرين، وتقول من حقّ فلان أن يستعبد فلاناً، فإنَّك آثمٌ حتّى لو لم تتحرّك خطوة، لأنّك تدلّل على نفسيَّة تشجّع الظلم، فأنتَ ظالم في عقليّتك، حتى لو لم تستخدم قوَّتك في الظلم. إنَّ الله لا يريدك أن تكون ظالِماً في عقليّتك، كما لا يريدك أن تكون ظالِماً في حركتك في الحياة.

القِيَم في الإسلام تبدأ من الدَّاخل، والله يريد للنّاس أن يؤمنوا بالقِيَم في الجانب الرّوحيّ. وهذا ما نريد أن نؤكّده في حركة حياتنا، عندما نواجه الاستعباد الذي يريد أن يفرضه الشَّرق والغرب علينا، والاستعباد الَّذي تريد أن تفرضه الصهيونيَّة علينا، والاستعباد الَّذي يريد أن يفرضه الظَّالمون في الداخل علينا...

* من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".

[1]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج: 68، ص: 69.

[2]البحار، ج: 18، ص: 362.

يؤكِّد الله لنا في القرآن هذه الحقيقة: {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[الرَّعد: 11].

إنَّ الله جعل تركيبة الوجود الإنساني خاضعة لهذه الخطوط. فنحن في المجالات العامَّة، يمكن لنا أن نكون أحراراً إذا نزعنا من أنفسنا روح العبوديَّة للآخرين، وبقينا عبيداً لله وحده. فما دمت مستعداً، من أجل أطماعك وشهواتك وملذّاتك، لأن تبيع نفسك للآخرين، وأن تستعبد نفسك للآخرين، فإنّك لو انطلقت في كلّ شعارات الحريّة فستبقى عبداً، ولكنّك إذا حرَّرت نفسك من عبوديَّة الآخرين، وشعرت بأنَّ الله خلق إرادتك حرّة، ويريد لها أن تبقى حرّة، وأنَّ الله خلق كيانك حرّاً، ويريدك أن تبقى حرّاً، إذا آمنت بالحريّة كأساس في عقلك وفي إرادتك؛ فلو أنّ الكون أطبق عليك ليستعبدك، فإنّه لا يستطيع أن ينال من حريّتك شيئاً. وهذا ما عبَّر عنه إمامنا جعفر الصَّادق (ع) عندما قال: "إنَّ الحرّ حرٌّ على جميع أحواله؛ إنْ نابته نائبة صَبَرَ لها، وإنْ تداكَّت عليه المصائب لم تكسره، وإن أُسِرَ وقهر واستبدل باليسر عسراً"1.

عندما تعيش عقلية الحريّة في داخل كيانك، فلن يستطيع أن يستعبدك أحد، لأنَّ الحريّة تصرخ من أعماق نفسك إذا حاصر الآخرون جسدك، وإذا عشت العبوديَّة في نفسك، فلن يستطيع أن يحرِّرك أحد، لأنَّ العبودية تكون جزءاً من ذاتك.

لهذا، عندما نريد أن نتحرَّر، فعلينا أن نزرع الحريّة في أعماقنا، وعندما نريد أن نرفض الاستعباد في واقعنا، فعلينا أن نعمل على أساس أن ننزع الاستعباد من نفوسنا. ولهذا كان الإسلام يركّز على الداخل كما يركِّز على الخارج. الإمام عليّ (ع) له كلمة معروفة: "الراضي بفعل قومٍ كالدَّاخل فيه معهم، وعلى كلّ داخل في باطل إثمان؛ إثم العمل به، وإثم الرِّضا به"2، يعني أنتَ حين ترى أُناساً يستعبدون آخرين، وتقول من حقّ فلان أن يستعبد فلاناً، فإنَّك آثمٌ حتّى لو لم تتحرّك خطوة، لأنّك تدلّل على نفسيَّة تشجّع الظلم، فأنتَ ظالم في عقليّتك، حتى لو لم تستخدم قوَّتك في الظلم. إنَّ الله لا يريدك أن تكون ظالِماً في عقليّتك، كما لا يريدك أن تكون ظالِماً في حركتك في الحياة.

القِيَم في الإسلام تبدأ من الدَّاخل، والله يريد للنّاس أن يؤمنوا بالقِيَم في الجانب الرّوحيّ. وهذا ما نريد أن نؤكّده في حركة حياتنا، عندما نواجه الاستعباد الذي يريد أن يفرضه الشَّرق والغرب علينا، والاستعباد الَّذي تريد أن تفرضه الصهيونيَّة علينا، والاستعباد الَّذي يريد أن يفرضه الظَّالمون في الداخل علينا...

* من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".

[1]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج: 68، ص: 69.

[2]البحار، ج: 18، ص: 362.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية