لا يريد عليٌّ (ع) للإنسان أن يكون حياديّاً، عندما تكون المعركة معركة الحقِّ والباطل.
والحياديّون بين الحقِّ والباطل يخونون إنسانيَّتهم، ويخونون الحياة ويسقطونها. إنَّه يتحدَّث عن هؤلاء الَّذين يبتعدون عن السَّاحة حتّى لا تتحرَّك نحوهم شرارات السَّاحة، قال (ع) وهو يحدِّث بعض النَّاس عن بعض مَن اعتزلوا القتال في معاركه: "إنَّ سعيداً وعبد الله لم ينصرا الحقَّ ولم يخذلا الباطل"1.
لم ينصرا الحقَّ لأنّهما أبعدا طاقتهما عن نصرة الحقّ، ولم يخذلا الباطل لأنّهما عندما حجبا قوَّتهما عن الحقِّ، أعطيا قوّة سلبيَّة، والباطل لا يقوى بأتباعه فقط، ولكنَّه يقوى بالحياديّين الَّذين يؤمنون بالحقِّ ولكنَّهم لا يتحمَّلون مسؤوليَّته. وهذا هو الذي تمثّله الكلمة التي استهلكناها "الأكثريّة الصّامتة".
ويحدّثنا الإمام (ع) عن نتائج هذه المواقف المتخاذلة: "أيُّها النَّاس، لو لم تتخاذلوا عن نصر الحقّ، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يطمع فيكم مَنْ ليس مثلكم، ولم يقوَ مَن قوي عليكم، لكنَّكم تهتم متاه بني إسرائيل، ولعمري ليُضْعِفنَّ لكم التّيه من بعدي أضعافاً، بما خلَّفتم الحقّ وراء ظهوركم، وقطعتم الأدنى، ووصلتم الأبعد"2.
إنَّ المسألة هي أنَّ أكثر هزائمنا على كلّ المستويات التي تتحرَّك في الواقع، هي هزائم المتخاذلين، وليست هزائم الَّذين يُقاتلوننا.
إنَّنا في كلِّ تاريخنا الحديث، في كلِّ حركة الصِّراع الَّتي عشناها مع الاستكبار العالمي، أو مع الصهيونية العالميَّة، أو مع كلِّ المواقع التي تتحرَّك هنا وهناك، لم تنطلق من قوَّة مطلقة هناك، وضعف مطلق هنا، كانت المسألة قوّة كبيرة هناك متحرّكة، وقوّة محايدة هنا جامدة.. ضعفنا هو الَّذي أعطى الآخرين كثيراً من قوَّتهم، ولا أقول كلَّ قوَّتهم.
إنَّ المسألة التي تتحدَّى إنسانيَّتنا، في كلِّ قضايا الصِّراع في الواقع، هي أن يعيش الإنسان دوره في حركة إنسانيَّته في الواقع.
إنَّ الإنسان الَّذي لا يشارك في أيّ موقع من مواقع الصِّراع التي تمثّل القضايا الكبرى في الحياة، هو إنسان ميّت يتنفَّس، وميّت يتحرَّك، لأنَّ قضية أن تموت، ليس أن يموت جسدك، ولكن قضيَّة أن تموت أن يموت دورك، أن لا يكون لك غنى في الحياة، وهذا ما ينبغي لنا أن نفكِّر فيه.
ورد عن الإمام موسى الكاظم (ع): "أبلِغ خيراً وقل خيراً ولا تكن إمَّعة، فإنَّ رسول الله نهى أن يكون المرء إمَّعة". قالوا: وما الإمَّعة؟ قال: "أن تقول أنا مع النّاس وأنا كواحد من النّاس، إنَّما هما نجدان؛ نجد خير، ونجد شرّ، فلا يكن نجد الشرّ أحبّ إليكم من نجد الخير"3.
جاء رجل إلى عليٍّ يقول له: "أتراني أظنُّ أصحاب الجمل كانوا على ضلالة؟ فقال (ع): يا حار – حارث - إنَّك نظرت تحتك ولم تنظر فوقك فحرت، إنّك لم تعرف الحقّ فتعرف مَن أتاه، ولم تعرف الباطل فتعرف مَن أتاه"4.
المنهج، المضمون، الفكرة، القضيَّة، لا تنظر إلى أحد، الحقّ لا يُعرَف بالرِّجال، إلَّا الرجال الذين يجسّدون الحقَّ من خلال عصمتهم، هؤلاء هم الحقّ مجسَّداً.
* من كتاب "في رحاب أهل البيت (ع)"، ج1.
[1]Text
[2]Text
[3]Text
[4]Text
لا يريد عليٌّ (ع) للإنسان أن يكون حياديّاً، عندما تكون المعركة معركة الحقِّ والباطل.
والحياديّون بين الحقِّ والباطل يخونون إنسانيَّتهم، ويخونون الحياة ويسقطونها. إنَّه يتحدَّث عن هؤلاء الَّذين يبتعدون عن السَّاحة حتّى لا تتحرَّك نحوهم شرارات السَّاحة، قال (ع) وهو يحدِّث بعض النَّاس عن بعض مَن اعتزلوا القتال في معاركه: "إنَّ سعيداً وعبد الله لم ينصرا الحقَّ ولم يخذلا الباطل"1.
لم ينصرا الحقَّ لأنّهما أبعدا طاقتهما عن نصرة الحقّ، ولم يخذلا الباطل لأنّهما عندما حجبا قوَّتهما عن الحقِّ، أعطيا قوّة سلبيَّة، والباطل لا يقوى بأتباعه فقط، ولكنَّه يقوى بالحياديّين الَّذين يؤمنون بالحقِّ ولكنَّهم لا يتحمَّلون مسؤوليَّته. وهذا هو الذي تمثّله الكلمة التي استهلكناها "الأكثريّة الصّامتة".
ويحدّثنا الإمام (ع) عن نتائج هذه المواقف المتخاذلة: "أيُّها النَّاس، لو لم تتخاذلوا عن نصر الحقّ، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يطمع فيكم مَنْ ليس مثلكم، ولم يقوَ مَن قوي عليكم، لكنَّكم تهتم متاه بني إسرائيل، ولعمري ليُضْعِفنَّ لكم التّيه من بعدي أضعافاً، بما خلَّفتم الحقّ وراء ظهوركم، وقطعتم الأدنى، ووصلتم الأبعد"2.
إنَّ المسألة هي أنَّ أكثر هزائمنا على كلّ المستويات التي تتحرَّك في الواقع، هي هزائم المتخاذلين، وليست هزائم الَّذين يُقاتلوننا.
إنَّنا في كلِّ تاريخنا الحديث، في كلِّ حركة الصِّراع الَّتي عشناها مع الاستكبار العالمي، أو مع الصهيونية العالميَّة، أو مع كلِّ المواقع التي تتحرَّك هنا وهناك، لم تنطلق من قوَّة مطلقة هناك، وضعف مطلق هنا، كانت المسألة قوّة كبيرة هناك متحرّكة، وقوّة محايدة هنا جامدة.. ضعفنا هو الَّذي أعطى الآخرين كثيراً من قوَّتهم، ولا أقول كلَّ قوَّتهم.
إنَّ المسألة التي تتحدَّى إنسانيَّتنا، في كلِّ قضايا الصِّراع في الواقع، هي أن يعيش الإنسان دوره في حركة إنسانيَّته في الواقع.
إنَّ الإنسان الَّذي لا يشارك في أيّ موقع من مواقع الصِّراع التي تمثّل القضايا الكبرى في الحياة، هو إنسان ميّت يتنفَّس، وميّت يتحرَّك، لأنَّ قضية أن تموت، ليس أن يموت جسدك، ولكن قضيَّة أن تموت أن يموت دورك، أن لا يكون لك غنى في الحياة، وهذا ما ينبغي لنا أن نفكِّر فيه.
ورد عن الإمام موسى الكاظم (ع): "أبلِغ خيراً وقل خيراً ولا تكن إمَّعة، فإنَّ رسول الله نهى أن يكون المرء إمَّعة". قالوا: وما الإمَّعة؟ قال: "أن تقول أنا مع النّاس وأنا كواحد من النّاس، إنَّما هما نجدان؛ نجد خير، ونجد شرّ، فلا يكن نجد الشرّ أحبّ إليكم من نجد الخير"3.
جاء رجل إلى عليٍّ يقول له: "أتراني أظنُّ أصحاب الجمل كانوا على ضلالة؟ فقال (ع): يا حار – حارث - إنَّك نظرت تحتك ولم تنظر فوقك فحرت، إنّك لم تعرف الحقّ فتعرف مَن أتاه، ولم تعرف الباطل فتعرف مَن أتاه"4.
المنهج، المضمون، الفكرة، القضيَّة، لا تنظر إلى أحد، الحقّ لا يُعرَف بالرِّجال، إلَّا الرجال الذين يجسّدون الحقَّ من خلال عصمتهم، هؤلاء هم الحقّ مجسَّداً.
* من كتاب "في رحاب أهل البيت (ع)"، ج1.
[1]Text
[2]Text
[3]Text
[4]Text