إنّ الكثيرين من الناس ممّن يعتبرون أنفسهم في موقف الدَّعوة إلى الله وفي موقع التبليغ، لا ينجحون، لماذا؟ لأنّهم يعتبرون النَّاس بقرةً حلوباً يشربون من ألبانها، ولأنّهم يعتبرون النَّاس مجرّد أشياء من حولهم يتعاملون معهم كما يتعامل الإنسان مع الشَّيء الخالي من الروح ومن القلب.
لذلك، فإنَّ حديث الله عن رسوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}[التَّوبة: 128]، {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح: 29]... إنّما هو إيحاء لكلّ من يتحرَّك في خطّ رسول الله، بأن يكون المتواضع لله أوَّلاً، وأن يشعر دائماً بالإنسانيّة أمام ربوبيَّة الله، لينفّذ أمره على أساس أن لا إرادة له أمام إرادته، ولا كلمة له أمام كلمته، كما كان عليّ (ع) عندما كان يتحدَّث عمّا يتوهّمه الآخرون في أنه يحبّ الفخر، فكان يقول: "وإنّ من أسخف حالات الولاة عند صالح النَّاس، أن يُظَنَّ بهم حُبُّ الفخرِ، ويُوضَعَ أمرُهُم على الكبر، وقد كرهت أن يكون جال في ظنِّكم أنّي أُحبُّ الإطراء، واستماع الثَّناء، ولست - بحمد الله - كذلك، ولو كنت أُحبُّ أن يُقال ذلك، لتركته انحطاطاً لله سبحانه عن تناول ما هو أحقُّ به من العظمة والكبرياء"1.
لأنّ الإنسان الذي يعيش عظمة الله في نفسه، لا يسمح بأن يتحسّس معنى العظمة في ذاته، وإن كان يملك بعض عناصر العظمة البشريَّة، بحيث تعيش ولا تشعر بعظمتك، حتى لو قال الناس إنّك عظيم، ولا تشعر بحجمك الكبير حتى لو قال الناس عنك إنّك الكبير.
فينبغي أن تتواضع لله وللنَّاس الآخرين، لأنّك عندما تتكبّر عليهم، فمعنى ذلك أنّك تعيش في اللاشعور روح العدوانيَّة عليهم، كأنك تقول: أنا الذي يجب أن أُطاع وأن أُسمع وأن أُتّبع وأن يصفِّق لي الناس، وعند ذلك، سيكون كل تفكيرك، وأنت تعظ، كيف يهتزّون لمواعظك، لا كيف تصل مواعظك إلى نفوسهم، وعندما تتحدَّث معهم وتأمرهم وتنهاهم، ليكن تفكيرك في كيف يكون لك أن تجتذب تأييدهم وحبّهم...
*من كتاب "النَّدوة"، ج2.
[1]شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 11، ص 210.
إنّ الكثيرين من الناس ممّن يعتبرون أنفسهم في موقف الدَّعوة إلى الله وفي موقع التبليغ، لا ينجحون، لماذا؟ لأنّهم يعتبرون النَّاس بقرةً حلوباً يشربون من ألبانها، ولأنّهم يعتبرون النَّاس مجرّد أشياء من حولهم يتعاملون معهم كما يتعامل الإنسان مع الشَّيء الخالي من الروح ومن القلب.
لذلك، فإنَّ حديث الله عن رسوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}[التَّوبة: 128]، {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح: 29]... إنّما هو إيحاء لكلّ من يتحرَّك في خطّ رسول الله، بأن يكون المتواضع لله أوَّلاً، وأن يشعر دائماً بالإنسانيّة أمام ربوبيَّة الله، لينفّذ أمره على أساس أن لا إرادة له أمام إرادته، ولا كلمة له أمام كلمته، كما كان عليّ (ع) عندما كان يتحدَّث عمّا يتوهّمه الآخرون في أنه يحبّ الفخر، فكان يقول: "وإنّ من أسخف حالات الولاة عند صالح النَّاس، أن يُظَنَّ بهم حُبُّ الفخرِ، ويُوضَعَ أمرُهُم على الكبر، وقد كرهت أن يكون جال في ظنِّكم أنّي أُحبُّ الإطراء، واستماع الثَّناء، ولست - بحمد الله - كذلك، ولو كنت أُحبُّ أن يُقال ذلك، لتركته انحطاطاً لله سبحانه عن تناول ما هو أحقُّ به من العظمة والكبرياء"1.
لأنّ الإنسان الذي يعيش عظمة الله في نفسه، لا يسمح بأن يتحسّس معنى العظمة في ذاته، وإن كان يملك بعض عناصر العظمة البشريَّة، بحيث تعيش ولا تشعر بعظمتك، حتى لو قال الناس إنّك عظيم، ولا تشعر بحجمك الكبير حتى لو قال الناس عنك إنّك الكبير.
فينبغي أن تتواضع لله وللنَّاس الآخرين، لأنّك عندما تتكبّر عليهم، فمعنى ذلك أنّك تعيش في اللاشعور روح العدوانيَّة عليهم، كأنك تقول: أنا الذي يجب أن أُطاع وأن أُسمع وأن أُتّبع وأن يصفِّق لي الناس، وعند ذلك، سيكون كل تفكيرك، وأنت تعظ، كيف يهتزّون لمواعظك، لا كيف تصل مواعظك إلى نفوسهم، وعندما تتحدَّث معهم وتأمرهم وتنهاهم، ليكن تفكيرك في كيف يكون لك أن تجتذب تأييدهم وحبّهم...
*من كتاب "النَّدوة"، ج2.
[1]شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 11، ص 210.