كتابات
30/12/2021

رأسُ السَّنةِ فرصةٌ للتأمّلِ ومحاسبةِ النَّفسِ

رأسُ السَّنةِ فرصةٌ للتأمّلِ ومحاسبةِ النَّفسِ

إنَّ رأس السنة يمثّل مسألة حساب للنفس؛ أن نحاسب أنفسنا كيف كنا في السنة الماضية، وكيف يجب أن نكون في ما نستقبل من السنة القادمة.. إذا كنّا قد أخطأنا، فعلينا أن نستغفر الله من خطايانا، وإذا كنَّا قد أحسنّا، فعلينا أن نستزيد من حسناتنا.

أن ندرس كيف كنّا في أمّتنا في مواقع القوَّة ومواقع الضعف في الماضي، وكيف يجب أن نكون في المستقبل، ونحن نعرف أنَّ الإمام زين العابدين (ع)، علّمنا كيف ندعو في الصّباح والمساء، وكيف ندعو من خلال ذلك في بداية كلّ أسبوع وكلّ شهر وكلّ سنة: "اللّهمّ واجعله أيمن يومٍ عهدناه، وأفضل صاحب صحبناه، وخير وقت ظللنا فيه، واجعلنا من أرضى من مرّ عليه اللّيل والنّهار من جملة خلقك، وأشكرهم لما أوليت من نعمك، وأقومهم بما شرعت من شرائعك، وأوقفهم عما حذَّرت من نهيك"1.

فلتكن سنتنا القادمة سنة نتقرّب فيها إلى الله، ونفجّر فيها طاقاتنا في سبيل الخير والعدل2...

وثمّة نقطة أخرى، وهي أنَّ علينا أن لا نستقبل رأس السنة بالطريقة التي يستقبل بها العالم الوثني رأس السنة، فهي عمليّة تغييب للعقل، بما يمارسه البعض من السِّكر واللّهو والفجور والعبث، فلنتأمّل المسألة جيّداً، فأن تموت سنة من عمرك، يعني أنّ قطعةً من عمرك دخلت في حسابك أمام الله، فلا تدري ما صنعت فيها من خير أو شرّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}[الحشر: 18]. فعندما تغيب سنة، فعليك أن تعرف أنَّ ملفَّ هذه السنة قد أغلق، ودخلت في كتابك، وستدعى إلى أن تقرأ كتابك، وقد يكون خيراً وقد يكون شرّاً، فلا بدَّ من أن تفكّر فيما قدّمت لغدك من خلال سنتك هذه.

وبعد أن تغلق حسابات السّنة المنصرفة، لتفتح حساب السّنة القادمة، فكّر فيما أنت صانع فيه، فإنْ كنتَ قد عملت خيراً، فاطلب من الله أن يوفِّقك لخير جديد، وإنْ كنت عملت شرّاً، فكّر أن تستغفر ربّك وتتوب إليه، وأن تغيّر مسيرتك من الشرّ إلى الخير.

فبداية الزّمن إذاً، تفرض عليك التأمّل في حساب الأرباح والخسائر. أما نظرت إلى المصارف والشّركات في العالَم، كيف تجمِّد كلّ أعمالها قبل بداية السّنة وبعد بدايتها بأيّام، لأنّها تقوم بعمليّة جرد وإحصاء للأرباح والخسائر، وقد تخسر ماديّاً وقد تربح؟ والخاسر الأكبر هو من يخسر نفسه {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}[الزّمر: 15].

فعندما تموت قطعة من عمرك، فعليك أن تعرف أنّها هربت منك ولن تعود، فليكن حزنك إيجابيّاً عليها، وعندما تبدأ سنة، افرح، لأنَّ الله أبقاك إلى هذه السّنة، واشكر ربّك على ذلك، وقل كما قال الإمام زين العابدين (ع) وهو يستقبل بداية يومه، ولا فرق بين بداية اليوم وبداية الأسبوع والشَّهر والسَّنة: "اللّهمَّ وهذا يوم حادث جديد، وهو علينا شاهد عتيد، إن أحسنّا ودّعنا بحمد، وإنْ أسأنا فارقنا بذمّ. اللّهمَّ صلّ على محمّد وآله، وارزقنا حسن مصاحبته، واعصمنا من سوء مفارقته، بارتكاب جريرة، أو اقتراف صغيرة أو كبيرة، وأجزل لنا فيه من الحسنات، وأخلنا فيه من السيِّئات، واملأ لنا ما بين طرفيه حمداً وشكراً وأجراً وذخراً وفضلاً وإحساناً"3.

فلنفرح ـــ أيّها الأحبَّة ـــ فرح المسؤوليَّة، وليكن فرحنا فرح الرّوح الّتي تريد أن تصفو وتنقى وتحلّق في آفاق الله، وليكن فرحنا فرح الإنسان الّذي يريد أن يجعل من سنته سنة خير وحريّة واستقلال وعدالة، وليكن فرحنا مع المستضعفين فرح الحقّ كلِّه، والعدل كلِّه، والمسؤوليّة كلِّها: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التّوبة: 105].4

[1]من دعائه (ع) عند الصّباح والمساء.

[2]من خطبة الجمعة لسماحته، بتاريخ: 30/ 12/2005.

[3]من دعائه (ع) عند الصّباح والمساء.

[4]من ندوة "فكر وثقافة"، المحاضرة 28، بتاريخ: 28/12/1996.

إنَّ رأس السنة يمثّل مسألة حساب للنفس؛ أن نحاسب أنفسنا كيف كنا في السنة الماضية، وكيف يجب أن نكون في ما نستقبل من السنة القادمة.. إذا كنّا قد أخطأنا، فعلينا أن نستغفر الله من خطايانا، وإذا كنَّا قد أحسنّا، فعلينا أن نستزيد من حسناتنا.

أن ندرس كيف كنّا في أمّتنا في مواقع القوَّة ومواقع الضعف في الماضي، وكيف يجب أن نكون في المستقبل، ونحن نعرف أنَّ الإمام زين العابدين (ع)، علّمنا كيف ندعو في الصّباح والمساء، وكيف ندعو من خلال ذلك في بداية كلّ أسبوع وكلّ شهر وكلّ سنة: "اللّهمّ واجعله أيمن يومٍ عهدناه، وأفضل صاحب صحبناه، وخير وقت ظللنا فيه، واجعلنا من أرضى من مرّ عليه اللّيل والنّهار من جملة خلقك، وأشكرهم لما أوليت من نعمك، وأقومهم بما شرعت من شرائعك، وأوقفهم عما حذَّرت من نهيك"1.

فلتكن سنتنا القادمة سنة نتقرّب فيها إلى الله، ونفجّر فيها طاقاتنا في سبيل الخير والعدل2...

وثمّة نقطة أخرى، وهي أنَّ علينا أن لا نستقبل رأس السنة بالطريقة التي يستقبل بها العالم الوثني رأس السنة، فهي عمليّة تغييب للعقل، بما يمارسه البعض من السِّكر واللّهو والفجور والعبث، فلنتأمّل المسألة جيّداً، فأن تموت سنة من عمرك، يعني أنّ قطعةً من عمرك دخلت في حسابك أمام الله، فلا تدري ما صنعت فيها من خير أو شرّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}[الحشر: 18]. فعندما تغيب سنة، فعليك أن تعرف أنَّ ملفَّ هذه السنة قد أغلق، ودخلت في كتابك، وستدعى إلى أن تقرأ كتابك، وقد يكون خيراً وقد يكون شرّاً، فلا بدَّ من أن تفكّر فيما قدّمت لغدك من خلال سنتك هذه.

وبعد أن تغلق حسابات السّنة المنصرفة، لتفتح حساب السّنة القادمة، فكّر فيما أنت صانع فيه، فإنْ كنتَ قد عملت خيراً، فاطلب من الله أن يوفِّقك لخير جديد، وإنْ كنت عملت شرّاً، فكّر أن تستغفر ربّك وتتوب إليه، وأن تغيّر مسيرتك من الشرّ إلى الخير.

فبداية الزّمن إذاً، تفرض عليك التأمّل في حساب الأرباح والخسائر. أما نظرت إلى المصارف والشّركات في العالَم، كيف تجمِّد كلّ أعمالها قبل بداية السّنة وبعد بدايتها بأيّام، لأنّها تقوم بعمليّة جرد وإحصاء للأرباح والخسائر، وقد تخسر ماديّاً وقد تربح؟ والخاسر الأكبر هو من يخسر نفسه {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}[الزّمر: 15].

فعندما تموت قطعة من عمرك، فعليك أن تعرف أنّها هربت منك ولن تعود، فليكن حزنك إيجابيّاً عليها، وعندما تبدأ سنة، افرح، لأنَّ الله أبقاك إلى هذه السّنة، واشكر ربّك على ذلك، وقل كما قال الإمام زين العابدين (ع) وهو يستقبل بداية يومه، ولا فرق بين بداية اليوم وبداية الأسبوع والشَّهر والسَّنة: "اللّهمَّ وهذا يوم حادث جديد، وهو علينا شاهد عتيد، إن أحسنّا ودّعنا بحمد، وإنْ أسأنا فارقنا بذمّ. اللّهمَّ صلّ على محمّد وآله، وارزقنا حسن مصاحبته، واعصمنا من سوء مفارقته، بارتكاب جريرة، أو اقتراف صغيرة أو كبيرة، وأجزل لنا فيه من الحسنات، وأخلنا فيه من السيِّئات، واملأ لنا ما بين طرفيه حمداً وشكراً وأجراً وذخراً وفضلاً وإحساناً"3.

فلنفرح ـــ أيّها الأحبَّة ـــ فرح المسؤوليَّة، وليكن فرحنا فرح الرّوح الّتي تريد أن تصفو وتنقى وتحلّق في آفاق الله، وليكن فرحنا فرح الإنسان الّذي يريد أن يجعل من سنته سنة خير وحريّة واستقلال وعدالة، وليكن فرحنا مع المستضعفين فرح الحقّ كلِّه، والعدل كلِّه، والمسؤوليّة كلِّها: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التّوبة: 105].4

[1]من دعائه (ع) عند الصّباح والمساء.

[2]من خطبة الجمعة لسماحته، بتاريخ: 30/ 12/2005.

[3]من دعائه (ع) عند الصّباح والمساء.

[4]من ندوة "فكر وثقافة"، المحاضرة 28، بتاريخ: 28/12/1996.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية