هناك منطق يعتبر الانتماء إلى الحزب محرَّماً، لأنَّ منطق الحزب ـــ حسب رأيهم ـــ ومنطق الخطاب الحزبي، هو مضمونٌ ضيّق، وينبغي لعالِم الدّين أنْ يكون خطابه خطاباً واسعاً على مستوى الأُمّة.
وإذا أخذنا بهذا المنطق، ينبغي على عالِم الدّين ألّا ينتمي إلى مذهب، لأنَّ المذهب أيضاً يُمثِّل دائرة ضيّقة، والمفروض عليه أن يكون لكلّ المسلمين، كذلك يُوحي هذا المنطق أنّ عليه ألّا ينتمي إلى دينٍ مُعيَّن، على اعتبار أنّ خطابه يجب أن يشمل الناس جميعاً، فلماذا يتحدَّث باسم المسلمين مثلاً، والمجتمع الّذي يعيش فيه مجتمع متنوِّع مسيحي ـــ إسلامي؟ هذا المنطق غير دقيق.
صحيحٌ أنّك مُنتمٍ إلى حزب إسلاميّ معيّن، لكنّ المضمون الفكري للحزب مضمون عام، فهذه الأحزاب الإسلاميّة الموجودة في العالَم الإسلاميّ، مع أنّها ذات واقع تنظيميّ عام، لكنّ مضمون خطابها لا يخصّ الحزبيّين وحدهم، وإنَّما يتعدَّى ذلك إلى كلّ المسلمين بهدف إقامة حكم إسلاميّ في العالَم كلّه.
إذاً، الأحزاب الإسلاميّة مضمونها الأُمّة، وخطابُها للأُمَّة.. حتّى إنَّ الأحزاب التحرريّة بشكلٍ عام خطابُها لكلّ الباحثين عن الحريّة، ولا يوجد حزب في العالَم ضيِّق الأُفق.
ونحن في تمذهبنا بمذهب أهل البيت (ع) ليس معناه أنْ ننغلق عن بقيّة المسلمين، فأهل البيت قالوا لنا: "عُودوا مَرْضاهم، وشيّعوا جنائزهم...". وليس معنى ذلك أنْ ننغلق عن المسيحيّين {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}(1).. وربّما بحسب بعض الاجتهادات، يمكن أنْ ننفتح حتّى على غير المتديّنين كليّة في القضايا المشتركة، استيحاءً من كلمة (السّواء).
لذلك، فنحن نقول: إنَّ هذا الكلام عن منع عالِم الدِّين دخول الحزب، وبهذا المضمون، هو حديث استهلاكيّ...
والقول بأنّ الانتماء الحزبي يُضيِّق الخطاب غير صحيح، وإذا سلَّمنا بصحّة هذا القول، فهذا ينسحب على الانتماء إلى المذهب، أو الانتماء إلى الدين، فكأنَّنا نقول للناس: انسحبوا من دينكم، وانسحبوا من مذهبكم، وهذا ما لا يمكن.
والذين يحرِّمون الانتماء إلى الحزب الإسلامي، لماذا يقبلون بأن يكون هناك مجلسٌ ملّيّ؟ وما الفرق بين أن يكون عندك حزب أو مجلس طائفيّ؟ فالمجلس الملّيّ ـــ على أساس قولهم ـــ يحصر الوضع في الدّائرة الشيعيّة مثلاً، أو الدّائرة السنيّة، أو الدائرة الكاثوليكيّة، وعندها لا فرق بين هذه الدّوائر وبين الحزب.
ونقول: إذا أردنا أن نتجاوز المسألة الحزبيّة، فينبغي أن نتجاوز المسألة الإسلاميّة، وهذا غير طبيعيّ.
*من كتاب "للإنسان والحياة".
[1]سورة آل عمران، الآية:64.
هناك منطق يعتبر الانتماء إلى الحزب محرَّماً، لأنَّ منطق الحزب ـــ حسب رأيهم ـــ ومنطق الخطاب الحزبي، هو مضمونٌ ضيّق، وينبغي لعالِم الدّين أنْ يكون خطابه خطاباً واسعاً على مستوى الأُمّة.
وإذا أخذنا بهذا المنطق، ينبغي على عالِم الدّين ألّا ينتمي إلى مذهب، لأنَّ المذهب أيضاً يُمثِّل دائرة ضيّقة، والمفروض عليه أن يكون لكلّ المسلمين، كذلك يُوحي هذا المنطق أنّ عليه ألّا ينتمي إلى دينٍ مُعيَّن، على اعتبار أنّ خطابه يجب أن يشمل الناس جميعاً، فلماذا يتحدَّث باسم المسلمين مثلاً، والمجتمع الّذي يعيش فيه مجتمع متنوِّع مسيحي ـــ إسلامي؟ هذا المنطق غير دقيق.
صحيحٌ أنّك مُنتمٍ إلى حزب إسلاميّ معيّن، لكنّ المضمون الفكري للحزب مضمون عام، فهذه الأحزاب الإسلاميّة الموجودة في العالَم الإسلاميّ، مع أنّها ذات واقع تنظيميّ عام، لكنّ مضمون خطابها لا يخصّ الحزبيّين وحدهم، وإنَّما يتعدَّى ذلك إلى كلّ المسلمين بهدف إقامة حكم إسلاميّ في العالَم كلّه.
إذاً، الأحزاب الإسلاميّة مضمونها الأُمّة، وخطابُها للأُمَّة.. حتّى إنَّ الأحزاب التحرريّة بشكلٍ عام خطابُها لكلّ الباحثين عن الحريّة، ولا يوجد حزب في العالَم ضيِّق الأُفق.
ونحن في تمذهبنا بمذهب أهل البيت (ع) ليس معناه أنْ ننغلق عن بقيّة المسلمين، فأهل البيت قالوا لنا: "عُودوا مَرْضاهم، وشيّعوا جنائزهم...". وليس معنى ذلك أنْ ننغلق عن المسيحيّين {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}(1).. وربّما بحسب بعض الاجتهادات، يمكن أنْ ننفتح حتّى على غير المتديّنين كليّة في القضايا المشتركة، استيحاءً من كلمة (السّواء).
لذلك، فنحن نقول: إنَّ هذا الكلام عن منع عالِم الدِّين دخول الحزب، وبهذا المضمون، هو حديث استهلاكيّ...
والقول بأنّ الانتماء الحزبي يُضيِّق الخطاب غير صحيح، وإذا سلَّمنا بصحّة هذا القول، فهذا ينسحب على الانتماء إلى المذهب، أو الانتماء إلى الدين، فكأنَّنا نقول للناس: انسحبوا من دينكم، وانسحبوا من مذهبكم، وهذا ما لا يمكن.
والذين يحرِّمون الانتماء إلى الحزب الإسلامي، لماذا يقبلون بأن يكون هناك مجلسٌ ملّيّ؟ وما الفرق بين أن يكون عندك حزب أو مجلس طائفيّ؟ فالمجلس الملّيّ ـــ على أساس قولهم ـــ يحصر الوضع في الدّائرة الشيعيّة مثلاً، أو الدّائرة السنيّة، أو الدائرة الكاثوليكيّة، وعندها لا فرق بين هذه الدّوائر وبين الحزب.
ونقول: إذا أردنا أن نتجاوز المسألة الحزبيّة، فينبغي أن نتجاوز المسألة الإسلاميّة، وهذا غير طبيعيّ.
*من كتاب "للإنسان والحياة".
[1]سورة آل عمران، الآية:64.