[ما معنى الحديث: "اتَّقِ شرَّ مَنْ أحْسَنْتَ إليه"].
ربّما يبدو للفهم السّاذج ـــ من هذا الحديث ـــ أنَّه يوحي باستتباع الإحسان للشرّ الّذي يجازي به الإنسان من أحسن إليه، ولذا، فإنَّ على المحسن أن يستعدّ للشرّ ويحذره.
وربّما يؤدّي هذا الفهم الخاطئ إلى ابتعاد الإنسان عن أعمال الخير ومواقف الإحسان، ما دام ذلك سيؤدّي إلى مبادلته بالشّر والجحود والكفران ونكران الجميل، الأمر الذي يشعر الإنسان معه بأنّه في غنى عنه، ولا سيّما إذا كان من الأشخاص الّذين لا يطيقون الحياة في نطاق المشاكل والملابسات.
ولكنّ هذا بعيد من مرامي الإمام (ع) ومقاصده، الّذي يطلب منّا في بعض كلماته القصار أن نُعاتِب أخانا بالإحسان إليه، وأن نردّ شرّه بالإِنْعامِ عليه.
فماذا يريد الإمام من هذا الحديث؟
الذي يبدو لنا: أنَّ الحديث يحاول أن يخرج الإنسان من جوّ الثّقة السّاذج الذي يشعر به الإنسان إزاء الأشخاص الّذين يحسن إليهم، فيستسلم إليهم في اطمئنان، ويتخلَّى عن الحذر في علاقته بهم وتعامله معهم، انطلاقاً من استبعاد قيام هؤلاء الأشخاص بأيّ عملٍ شرّير تجاهه، لأنَّ الخدمات التي قدَّمها إليهم، والإحسان الذي واجههم به، يعتبر ضمانةً قويّة أمام كلّ احتمالٍ آخر.
إنَّ الإمام يريد أن يقول للإنسان ـــ فيما نستوحيه من الحديث المذكور ـــ ليس لك أن تعتبر الإحسان إلى أيّ شخص ضمانةً لك من شرّه، لأنَّ هناك الكثير من الناس الذين لا يتفاعلون بالرّوح الخيّرة التي تنطلق من الآخرين إليهم، أو الذين يشعرون بعقدة ذاتيّة إزاء الأشخاص الذين يقدّمون إليهم خدمات الحياة، أو الذين قد يكونون طيّبين في بداية الأمر، ولكنَّ المصالح المعقّدة والأطماع الطارئة التي يصطدمون بها معك، تحوِّلهم إلى أُناسٍ يشعرون بالحاجة الشّديدة إلى الاعتداءات عليك ومقابلتك بالإساءة والنكران.
فإذا كان واقع الحياة يحتضن أمثال هؤلاء، كما يحتضن غيرهم من الطيّبين الذين يقابلون الإحسان بمثله، والخير بأكثر منه، فكيف يمكن أن يستسلم الإنسان إلى جوّ الإحسان كضمانة تحميه من كلّ شرّ؟!
إنَّ الحديث يمثّل الدّعوة إلى الوعي والحذر وعدم الاستسلام إلى الثّقة المطلقة.
ومعنى الحذر، أن يظلّ الإنسان متحسّباً للطوارئ والعوارض، فيحصّن نفسه ضدّها، حتّى إذا ما واجهه الخطر كان مستعدّاً له، فلا يؤخذ على غرّة، ولعلَّ كلمة الإمام عليّ (ع) الأخرى التي يقول فيها:"لاَ تَثِقَنَّ بِأَخِيكَ كُلَّ اَلثِّقَةِ فَإِنَّ صَرْعَةَ اَلاِسْتِرْسَالِ لاَ تُسْتَقَالُ"، لعلَّ هذه الكلمة تعيش في الجوّ الذي يريد الإمام أن يضعنا فيه من خلال كلمته التي نتحدَّث عنها، وهو جوّ الابتعاد عن الاسترسال في العلاقات الاجتماعيّة، مهما كانت درجة الثقة، ومهما كانت عواملها الداخليَّة والخارجيَّة.
* من كتاب "مفاهيم إسلاميّة عامّة".
[ما معنى الحديث: "اتَّقِ شرَّ مَنْ أحْسَنْتَ إليه"].
ربّما يبدو للفهم السّاذج ـــ من هذا الحديث ـــ أنَّه يوحي باستتباع الإحسان للشرّ الّذي يجازي به الإنسان من أحسن إليه، ولذا، فإنَّ على المحسن أن يستعدّ للشرّ ويحذره.
وربّما يؤدّي هذا الفهم الخاطئ إلى ابتعاد الإنسان عن أعمال الخير ومواقف الإحسان، ما دام ذلك سيؤدّي إلى مبادلته بالشّر والجحود والكفران ونكران الجميل، الأمر الذي يشعر الإنسان معه بأنّه في غنى عنه، ولا سيّما إذا كان من الأشخاص الّذين لا يطيقون الحياة في نطاق المشاكل والملابسات.
ولكنّ هذا بعيد من مرامي الإمام (ع) ومقاصده، الّذي يطلب منّا في بعض كلماته القصار أن نُعاتِب أخانا بالإحسان إليه، وأن نردّ شرّه بالإِنْعامِ عليه.
فماذا يريد الإمام من هذا الحديث؟
الذي يبدو لنا: أنَّ الحديث يحاول أن يخرج الإنسان من جوّ الثّقة السّاذج الذي يشعر به الإنسان إزاء الأشخاص الّذين يحسن إليهم، فيستسلم إليهم في اطمئنان، ويتخلَّى عن الحذر في علاقته بهم وتعامله معهم، انطلاقاً من استبعاد قيام هؤلاء الأشخاص بأيّ عملٍ شرّير تجاهه، لأنَّ الخدمات التي قدَّمها إليهم، والإحسان الذي واجههم به، يعتبر ضمانةً قويّة أمام كلّ احتمالٍ آخر.
إنَّ الإمام يريد أن يقول للإنسان ـــ فيما نستوحيه من الحديث المذكور ـــ ليس لك أن تعتبر الإحسان إلى أيّ شخص ضمانةً لك من شرّه، لأنَّ هناك الكثير من الناس الذين لا يتفاعلون بالرّوح الخيّرة التي تنطلق من الآخرين إليهم، أو الذين يشعرون بعقدة ذاتيّة إزاء الأشخاص الذين يقدّمون إليهم خدمات الحياة، أو الذين قد يكونون طيّبين في بداية الأمر، ولكنَّ المصالح المعقّدة والأطماع الطارئة التي يصطدمون بها معك، تحوِّلهم إلى أُناسٍ يشعرون بالحاجة الشّديدة إلى الاعتداءات عليك ومقابلتك بالإساءة والنكران.
فإذا كان واقع الحياة يحتضن أمثال هؤلاء، كما يحتضن غيرهم من الطيّبين الذين يقابلون الإحسان بمثله، والخير بأكثر منه، فكيف يمكن أن يستسلم الإنسان إلى جوّ الإحسان كضمانة تحميه من كلّ شرّ؟!
إنَّ الحديث يمثّل الدّعوة إلى الوعي والحذر وعدم الاستسلام إلى الثّقة المطلقة.
ومعنى الحذر، أن يظلّ الإنسان متحسّباً للطوارئ والعوارض، فيحصّن نفسه ضدّها، حتّى إذا ما واجهه الخطر كان مستعدّاً له، فلا يؤخذ على غرّة، ولعلَّ كلمة الإمام عليّ (ع) الأخرى التي يقول فيها:"لاَ تَثِقَنَّ بِأَخِيكَ كُلَّ اَلثِّقَةِ فَإِنَّ صَرْعَةَ اَلاِسْتِرْسَالِ لاَ تُسْتَقَالُ"، لعلَّ هذه الكلمة تعيش في الجوّ الذي يريد الإمام أن يضعنا فيه من خلال كلمته التي نتحدَّث عنها، وهو جوّ الابتعاد عن الاسترسال في العلاقات الاجتماعيّة، مهما كانت درجة الثقة، ومهما كانت عواملها الداخليَّة والخارجيَّة.
* من كتاب "مفاهيم إسلاميّة عامّة".