كتابات
15/02/2021

السياسيّون الفاسدون في لبنان محميّون بالطّائفيّة

السياسيّون الفاسدون في لبنان محميّون بالطّائفيّة

مشكلة لبنان ـــ في تصوّري ـــ هي أنّه لا يمثّل لدى النّاس، سواءً كانوا في مستوى القِمّة أو القاعدة، وطناً ينفتحون عليه من خلال الخطوط العامّة التي تمثِّل حركته في ذاته في المنطقة التي تتحرَّك من حوله ويتحرَّك معها، بل كان لبنان، ولا يزال، وطناً للطائفة، فكلّ طائفة في لبنان ترى لها موقعاً معيَّناً جنوباً أو شمالاً أو بقاعاً أو عاصمةً، بحيث لا يملك الآخرون من الطّوائف الأخرى أن يتدخّلوا فيها، تماماً كأيّ دولة لا تملك أنْ تتدخّل في شؤون دولةٍ أخرى.

إنَّ الذهنيّة الطائفيّة السياسيّة التي توظّف الدّين بشكلٍ متعصِّب وأعمى، مستفيدةً من حالات التخلُّف التي تطبق على الوجدان الدّيني في العصور المظلمة، إنَّ هذه الذهنيّة الطائفيّة هي التي تجعل من رموز الطّوائف أُناساً يستثيرون ذواتهم بشكلٍ مَرَضيّ وعلى مستوى العقدة، ليؤكّد كلّ منهم أمام طائفته، عنفوانَه أو حركته أو مواجهته للإنسان الآخر من الطائفة الأخرى، ليوحي بأنَّه يحمي طائفته ومصالحها وما إلى ذلك.

إنَّ الذهنية الطائفية تجعل الإنسان يستغرق في طائفته، وبالتالي يستغرق في شخصه من خلال ما يمثّله في الطائفة. هذا من جهة.

ومن جهةٍ أخرى، فإنَّ طبيعة الدّور الذي جُعِل للبنان من خلال اللّعبة الدوليّة التي أوجدت لبنان في الأربعينيّات ليكون وطناً ودولة مستقلّة، إنَّ هذه الأوضاع الدوليّة تتدخَّل في عدّة قنوات من أجل أنْ تختار زعيماً لهذه الطائفة وآخر لتلك، وشخصيّة بارزة هنا وأخرى هناك، بحيث تمنحهم دوراً لترتيب وضع معيَّن أو لإنضاج مشروع معيَّن.

ومن خلال ذلك، تتحرَّك مسألة الفساد السياسي مستظلَّةً بالدور الطائفي والعقدة الذاتيّة والدّور الإقليمي أو الدّولي والقضايا الصّغيرة التي تتجمَّع هنا وهناك. ومن هنا، فإنَّنا نعتقد أنَّ الفساد السياسيّ في لبنان هو فساد مميَّز يختلف عن الفساد في المنطقة، لأنَّ هذا الأخير يأخذ بُعداً واحداً، بينما الفساد في لبنان يأخذ أبعاداً متعدِّدة في خطوط متعرِّجة منحنية ملتوية، لا تعرف كيف تتغيَّر وتتبدَّل بين وقتٍ وآخر.

ولذلك، فإنَّنا لا نجد في أغلب التاريخ اللّبنانيّ أنَّ سياسياً معيَّناً قد سقط سقوطاً كليّاً أمام فساده الذّاتي، لأنَّ طبيعة الفساد العام تحمي رموزه؛ ربَّما يُجمَّد سياسيٌّ معيَّن في مرحلة معيّنة بفعل وجود دور أكبر منه، ولكن من الصّعب أن تجد سياسياً يسقط سقوطاً كاملاً عند طائفته أو في مجتمعه أو لدى القوى الخارجيّة الدّاعمة من هنا وهناك.

وأكاد أقول إنَّه ليس هناك فكر سياسيّ في لبنان؛ بل هناك لعبة سياسيّة لا تحكمها خطوط فكريّة بالمعنى الفنّي للخطّ الفكريّ، ولكن تحكمها أوضاع معيّنة متغيِّرة، تجعل لكلّ فساد دوره وميزته وقيمته.

* من كتاب "حوارات في الفكر".

مشكلة لبنان ـــ في تصوّري ـــ هي أنّه لا يمثّل لدى النّاس، سواءً كانوا في مستوى القِمّة أو القاعدة، وطناً ينفتحون عليه من خلال الخطوط العامّة التي تمثِّل حركته في ذاته في المنطقة التي تتحرَّك من حوله ويتحرَّك معها، بل كان لبنان، ولا يزال، وطناً للطائفة، فكلّ طائفة في لبنان ترى لها موقعاً معيَّناً جنوباً أو شمالاً أو بقاعاً أو عاصمةً، بحيث لا يملك الآخرون من الطّوائف الأخرى أن يتدخّلوا فيها، تماماً كأيّ دولة لا تملك أنْ تتدخّل في شؤون دولةٍ أخرى.

إنَّ الذهنيّة الطائفيّة السياسيّة التي توظّف الدّين بشكلٍ متعصِّب وأعمى، مستفيدةً من حالات التخلُّف التي تطبق على الوجدان الدّيني في العصور المظلمة، إنَّ هذه الذهنيّة الطائفيّة هي التي تجعل من رموز الطّوائف أُناساً يستثيرون ذواتهم بشكلٍ مَرَضيّ وعلى مستوى العقدة، ليؤكّد كلّ منهم أمام طائفته، عنفوانَه أو حركته أو مواجهته للإنسان الآخر من الطائفة الأخرى، ليوحي بأنَّه يحمي طائفته ومصالحها وما إلى ذلك.

إنَّ الذهنية الطائفية تجعل الإنسان يستغرق في طائفته، وبالتالي يستغرق في شخصه من خلال ما يمثّله في الطائفة. هذا من جهة.

ومن جهةٍ أخرى، فإنَّ طبيعة الدّور الذي جُعِل للبنان من خلال اللّعبة الدوليّة التي أوجدت لبنان في الأربعينيّات ليكون وطناً ودولة مستقلّة، إنَّ هذه الأوضاع الدوليّة تتدخَّل في عدّة قنوات من أجل أنْ تختار زعيماً لهذه الطائفة وآخر لتلك، وشخصيّة بارزة هنا وأخرى هناك، بحيث تمنحهم دوراً لترتيب وضع معيَّن أو لإنضاج مشروع معيَّن.

ومن خلال ذلك، تتحرَّك مسألة الفساد السياسي مستظلَّةً بالدور الطائفي والعقدة الذاتيّة والدّور الإقليمي أو الدّولي والقضايا الصّغيرة التي تتجمَّع هنا وهناك. ومن هنا، فإنَّنا نعتقد أنَّ الفساد السياسيّ في لبنان هو فساد مميَّز يختلف عن الفساد في المنطقة، لأنَّ هذا الأخير يأخذ بُعداً واحداً، بينما الفساد في لبنان يأخذ أبعاداً متعدِّدة في خطوط متعرِّجة منحنية ملتوية، لا تعرف كيف تتغيَّر وتتبدَّل بين وقتٍ وآخر.

ولذلك، فإنَّنا لا نجد في أغلب التاريخ اللّبنانيّ أنَّ سياسياً معيَّناً قد سقط سقوطاً كليّاً أمام فساده الذّاتي، لأنَّ طبيعة الفساد العام تحمي رموزه؛ ربَّما يُجمَّد سياسيٌّ معيَّن في مرحلة معيّنة بفعل وجود دور أكبر منه، ولكن من الصّعب أن تجد سياسياً يسقط سقوطاً كاملاً عند طائفته أو في مجتمعه أو لدى القوى الخارجيّة الدّاعمة من هنا وهناك.

وأكاد أقول إنَّه ليس هناك فكر سياسيّ في لبنان؛ بل هناك لعبة سياسيّة لا تحكمها خطوط فكريّة بالمعنى الفنّي للخطّ الفكريّ، ولكن تحكمها أوضاع معيّنة متغيِّرة، تجعل لكلّ فساد دوره وميزته وقيمته.

* من كتاب "حوارات في الفكر".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية