{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}[1] هؤلاء الذين يحبسون غيظهم. وفي الحياة مشاكل كثيرة تثير الغيظ؛ قد تعيش في بيتك فتغتاظ من زوجتك، وقد تعيش في بيتك فتغتاظ من جارك، وقد تعيش في محلّتك فتغتاظ من الناس الذين تعيش معهم، وفي محلّك فتغتاظ من زبائنك، وفي الحياة كلّها فتغتاظ من الناس الذين تعاشرهم ويعاشرونك...
إذا كنتَ تعيش الغيظ، فكيف تتعامل معه؛ هل تفجّره ضرباً وقتلاً وشتائم؟ إنَّ الله يقول إذا أردت أن تدخل الجنَّة، فشرط الجنّة أن تكظم غيظك، أن تكون من النّاس الذين لا يفجّرون غيظهم حتّى لو كان لك حقّ في ذلك. فإذا حبست غيظك وكتمته تقرُّباً إلى الله، فإنَّ الله يؤجرك على ذلك بدخول الجنَّة، وهذه تحتاج إلى جهاد نفس.
إنّ من الصعب أحياناً أن تهدّئ من روعك، لكن مثلما عندنا برَّاد يبرّد لنا الجوّ حتّى نستطيع المكوث طويلاً في مكانٍ حارّ، ومثلما نحتاج إلى برّاد يبرّد لنا الماء حتّى نشرب ماءً بارداً ونرتوي، نحتاج إلى برّاد يبرّد أعصابنا حتّى لا يفسد غيظُنا ديننا ودنيانا، لأنَّ الغضب قد يفسد دنياك ويفسد آخرتك معاً.
جاء عن الإمام الباقر (ع)، "أيّ شيء أشرّ من الغضب؟! إنَّ الرجل إذا غضب يقتل النفس، ويقذف المحصنة"[2].
جاء شخص إلى النبيّ محمّد (ص) قال له: أوصني يا رسول الله، قال: "انطلق ولا تغضب". قال له: لا تكفي هذه، أوصني يا رسول الله، قال: "انطلق ولا تغضب". وكرِّر القول مرّة ثالثة، وكرَّر الرسول القول أيضاً مرّة ثالثة، فقال الرجل: لو لم يكن رسول الله قد عرف أنّ هذه الوصيّة تكفيني في مثل ظروفي، لما اقتصر عليها، وقد أكّدت عليه ذلك.
أخذ الرّجل الوصيّة ووصل إلى بلدته، وهي كأيّ بلدةٍ أخرى، تختلف فيها العشائر نتيجة مشكلة مع ولد أو على أرض أو ما إلى ذلك، فَوَجَدَ عشيرته والعشيرة الأخرى تقف إحداهما ضدّ الأخرى والسّلاح في يد هذا وفي يد ذاك، هنا رأساً ثارت أعصابه بشكلٍ طبيعيّ، ذهب إلى بيته والغضب يفور من وجهه، أخذ سلاحه ووقف في المعركة، عندها تذكَّر وصيّة رسول الله بالصّبر على الغضب، فهدأت أعصابه، وفكَّر في الأسلوب الذي يستطيع من خلاله أن يحلّ المشكلة، فجاء إلى خصومه وقال لهم: لقد سقط بعض القتلى والجرحى وخسرنا بعض الأموال؛ كلّ ما سقط من قتلاكم وجرحاكم وأموالكم فهو في مالي أنا أدفع ديّته وعوضه وتعالوا نتفاهم. عند ذلك، هزَّت تلك الأريحيّة أولئك القوم، لأنّهم عرفوا أنّه يتكلّم من موقع قوّة لا من موقع ضعف، قالوا لن تكون أكرم منّا، نحن نقول لك كلّ ما سقط لكم من قتلى وجراح ومال فهو في مالنا. وسكَنَ الغضب بين العشيرتين، وحلَّت المشكلة بالّتي هي أحسن.
لهذا، نحتاج أن نعيش عقلانيّتنا في دراسة الأمور، ونتعوَّد على أن نبرِّد أعصابنا، لأنَّ الإنسان عندما يكون في حالة الغضب، ينخفض تأثير العقل في إرادته، "مَن لم يملك غضبه، لم يملك عقله"[3].
* من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".
[1] آل عمران: 134.
[2] البحار، ج:70، ص:265، رواية:16، باب:132.
[3] البحار، ج:70، ص:278، رواية:33، باب:132.
{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}[1] هؤلاء الذين يحبسون غيظهم. وفي الحياة مشاكل كثيرة تثير الغيظ؛ قد تعيش في بيتك فتغتاظ من زوجتك، وقد تعيش في بيتك فتغتاظ من جارك، وقد تعيش في محلّتك فتغتاظ من الناس الذين تعيش معهم، وفي محلّك فتغتاظ من زبائنك، وفي الحياة كلّها فتغتاظ من الناس الذين تعاشرهم ويعاشرونك...
إذا كنتَ تعيش الغيظ، فكيف تتعامل معه؛ هل تفجّره ضرباً وقتلاً وشتائم؟ إنَّ الله يقول إذا أردت أن تدخل الجنَّة، فشرط الجنّة أن تكظم غيظك، أن تكون من النّاس الذين لا يفجّرون غيظهم حتّى لو كان لك حقّ في ذلك. فإذا حبست غيظك وكتمته تقرُّباً إلى الله، فإنَّ الله يؤجرك على ذلك بدخول الجنَّة، وهذه تحتاج إلى جهاد نفس.
إنّ من الصعب أحياناً أن تهدّئ من روعك، لكن مثلما عندنا برَّاد يبرّد لنا الجوّ حتّى نستطيع المكوث طويلاً في مكانٍ حارّ، ومثلما نحتاج إلى برّاد يبرّد لنا الماء حتّى نشرب ماءً بارداً ونرتوي، نحتاج إلى برّاد يبرّد أعصابنا حتّى لا يفسد غيظُنا ديننا ودنيانا، لأنَّ الغضب قد يفسد دنياك ويفسد آخرتك معاً.
جاء عن الإمام الباقر (ع)، "أيّ شيء أشرّ من الغضب؟! إنَّ الرجل إذا غضب يقتل النفس، ويقذف المحصنة"[2].
جاء شخص إلى النبيّ محمّد (ص) قال له: أوصني يا رسول الله، قال: "انطلق ولا تغضب". قال له: لا تكفي هذه، أوصني يا رسول الله، قال: "انطلق ولا تغضب". وكرِّر القول مرّة ثالثة، وكرَّر الرسول القول أيضاً مرّة ثالثة، فقال الرجل: لو لم يكن رسول الله قد عرف أنّ هذه الوصيّة تكفيني في مثل ظروفي، لما اقتصر عليها، وقد أكّدت عليه ذلك.
أخذ الرّجل الوصيّة ووصل إلى بلدته، وهي كأيّ بلدةٍ أخرى، تختلف فيها العشائر نتيجة مشكلة مع ولد أو على أرض أو ما إلى ذلك، فَوَجَدَ عشيرته والعشيرة الأخرى تقف إحداهما ضدّ الأخرى والسّلاح في يد هذا وفي يد ذاك، هنا رأساً ثارت أعصابه بشكلٍ طبيعيّ، ذهب إلى بيته والغضب يفور من وجهه، أخذ سلاحه ووقف في المعركة، عندها تذكَّر وصيّة رسول الله بالصّبر على الغضب، فهدأت أعصابه، وفكَّر في الأسلوب الذي يستطيع من خلاله أن يحلّ المشكلة، فجاء إلى خصومه وقال لهم: لقد سقط بعض القتلى والجرحى وخسرنا بعض الأموال؛ كلّ ما سقط من قتلاكم وجرحاكم وأموالكم فهو في مالي أنا أدفع ديّته وعوضه وتعالوا نتفاهم. عند ذلك، هزَّت تلك الأريحيّة أولئك القوم، لأنّهم عرفوا أنّه يتكلّم من موقع قوّة لا من موقع ضعف، قالوا لن تكون أكرم منّا، نحن نقول لك كلّ ما سقط لكم من قتلى وجراح ومال فهو في مالنا. وسكَنَ الغضب بين العشيرتين، وحلَّت المشكلة بالّتي هي أحسن.
لهذا، نحتاج أن نعيش عقلانيّتنا في دراسة الأمور، ونتعوَّد على أن نبرِّد أعصابنا، لأنَّ الإنسان عندما يكون في حالة الغضب، ينخفض تأثير العقل في إرادته، "مَن لم يملك غضبه، لم يملك عقله"[3].
* من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".
[1] آل عمران: 134.
[2] البحار، ج:70، ص:265، رواية:16، باب:132.
[3] البحار، ج:70، ص:278، رواية:33، باب:132.