لم يجعل الإسلام الحجاب سجناً لأنوثة المرأة، لأنّ لها الحقّ في أن تعبّر عن مظاهر الأنوثة في الزيّ أو في الزّينة في المجتمع النسائيّ، وفي دائرة محارمها من الرّجال، وفي البيت الزوجيّ حيث جعل لها كلّ الحريّة في التّعبير عن كلّ عمق الأنوثة الجسديّة مع زوجها، من دون أيّ قيد، الأمر الذي يملأ فراغها العاطفيّ، في منطقة الإحساس العميق بشخصيّتها الخاصّة كامرأة في خصوصيّتها الغريزيّة.
وقد نلاحظ أنّ المرأة لا تجد في حريّة أنوثتها في الجوّ الاجتماعيّ الملتهب بعناصر الإثارة، أيّ طموح ذاتيّ يُرضي إنسانيّتها، أو يحقِّق لها الاستقرار النفسيّ، ولا سيّما أنّها تعيش الإحساس بأنَّ نظرات الإعجاب بجمالها لا تختزن الانفعال بالجمال كقيمة شعوريّة جماليّة، بل تحمل في داخلها جوع الغريزة واستهلاك الشّهوة، تماماً كأيّ طعام وشراب يستهلكه الإنسان، من دون أن يمثّل أيّ معنىً للقيمة الحياتيّة.
ولذلك، فإنَّ الزَّهو الأنثويّ الذي تعيشه الفتاة أو المرأة من خلال النظرات الشهويَّة، قد يثير فيها بعض الانفعال الذاتيّ بالفخر والرّضا، ولكنّها عندما تتحرّك في خطر التّجربة التي تلاحقها فيها الكلمات اللاهبة، والمشاعر الجائعة، وتحاصرها فيها الأوضاع الشاذَّة، فإنّها تجد في نفسها أكثر من مشكلةٍ تشعر معها بالحرج والخجل، فتدفعها إلى الهروب، أو تخلق لها أكثر من عقدةٍ نفسيّةً متأزّمةٍ.
وهكذا، نرى أنّ الإسلام لم يخنق في المرأة أنوثتها، ولم يسجن لها غريزتها، ولم يقيّد حرّيتها، بل جعلها في الدّائرة التي تتوازن فيها المسألة الذاتيّة والمسألة الأخلاقيّة والاجتماعيّة، في نطاق الحالة الخاصّة والعامّة للإنسان الفرد والمجتمع، في نطاق الإيمان بالله، والوقوف عند حدوده الّتي هي حدود المصلحة العليا للإنسان.
*من كتاب "تأمّلات إسلاميّة حول المرأة".