[من حديث رسول الله (ص) لأبي ذرّ]: "يا أبا ذرّ"، وكأنَّ رسول الله يخاطب كلّ واحدٍ منّا، "لا يكون العبد مؤمناً، حتّى يحاسب نفسه أشدّ من محاسبة الشّريك شريكه"[1].
إذا أردت أن تقسم مع شريكك، لتأخذ حصّتك وتعطيه حصّته، كيف تكون الدّقّة في الحساب؟ إنّك تعمل على أساس أن تراقب حتّى القرش الصّغير [في مشاركتك له]. وبهذه الدقّة، عليك أن تحاسب نفسك، لأنّك إذا خسرت في حسابك مع شريكك، فقد تعوّض خسارتك، ولكن إذا أسأت الحساب مع نفسك، فإنَّ إساءة الحساب تكلِّفك مصيرك أمام الله يوم القيامة.
قد يأتي وقت الغداء، ويقدَّم لنا الطّعام والشّراب، طعامٌ لذيذ وشراب بارد، يتغذَّى به الجسد ويلتذّ ويرتوي من الظّمأ. لكن فكِّر: هذا الأكل الّذي أمامي، من أين جاء، من حلال أم من حرام؟ هل سرقت المال الذي اشتريت به هذا الطّعام؟ هل أخذته من معاملة غششت بها النّاس؟ هل في الطّعام دموع للأيتام الذين سلبتهم مالهم؟ هل في الطّعام دموع للضّعفاء الذين سرقت منهم مالهم؟ من أين مطعمك؟ لا بدّ للإنسان أن يعلم من أين مطعمه، ومن أين مشربه، ومن أين ملبسه؟ أَمِن حلال أم من حرام؟ لاحظوا كيف يقودنا رسول الله، في ما يروى عنه، إلى أن نحدّق بالأكل لنعرف مصدره، لا من أيّ شركة، أو من أيّ مصنع، أو من أيّ بلاد، لكن هل هو ممّا حرَّم الله أم هو ممّا أحلَّ الله؟
"يا أبا ذرّ، مَن لم يبال من أين اكتسب المال، لم يبال الله من أين أدخله النّار"[2]. يعني إذا فكّرنا أنّ المهمّ أن نحصِّل المال، وليس المهمّ طريقة تحصيله، فالحلال، كما يقول بعض الناس، ما حلَّ باليد ولو أخذته من سرقة، وهناك كلمة مهذّبة أصبحت للسّرقة، "مصادرة"، صادرنا هذا المال. إنَّ هذا المصطلح أخذ يدخل في الميزان الثّوري أو السياسي. صادرت؟! هل لك حقّ أن تصادر؟ من أين لكَ الحقّ؟ مَن الذي أباح لك أن تُصادِر؟ فإذا لم تكن لك شرعيّة من الله فأنتَ لصّ، وأنتَ سارق، وأنتَ خائن تخون موقعك، عندما تجعل منه أساساً للاعتداء على أموال النّاس. لتكن لك سلطة سياسيّة، لكنّ الكلام أين شرعيّتك الإسلاميّة؟ لتكن لك سلطتك الأمنيّة لكن أين شرعيّتك الإيمانيّة؟
لا يحلّ مال إلا من حيث أحلَّه الله؛ فليحلّ النّاس الكبار والصّغار المال، إلا أنّه لن يكون حلالاً إلّا إذا أحلّه الله. لهذا، إذا كنت لا تبالي كيف اكتسبت هذا المال؛ من سرقة تعطيها أيّ عنوان مهذَّب، أو من معاملة باطلة، أو من عمل اشتمل على رجس، أو كنت وليّاً للأيتام فأكلتَ أموالهم، وكنتَ أخاً للضّعفاء فأخذت إرثهم، وكنتَ حاكماً للمستضعفين فنهبت أموالهم، أو نهبت ميزانيّة الدّولة التي تحكمها؟ إذا لم تبالِ من أين اكتسبت المال، فلن يبالي الله يوم القيامة من أين يدخلك النار.
*من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".
[1] بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج:70، ص:72.
[2] البحار، ج:77، ص:88.
[3] بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج:70، ص:72.
[من حديث رسول الله (ص) لأبي ذرّ]: "يا أبا ذرّ"، وكأنَّ رسول الله يخاطب كلّ واحدٍ منّا، "لا يكون العبد مؤمناً، حتّى يحاسب نفسه أشدّ من محاسبة الشّريك شريكه"[1].
إذا أردت أن تقسم مع شريكك، لتأخذ حصّتك وتعطيه حصّته، كيف تكون الدّقّة في الحساب؟ إنّك تعمل على أساس أن تراقب حتّى القرش الصّغير [في مشاركتك له]. وبهذه الدقّة، عليك أن تحاسب نفسك، لأنّك إذا خسرت في حسابك مع شريكك، فقد تعوّض خسارتك، ولكن إذا أسأت الحساب مع نفسك، فإنَّ إساءة الحساب تكلِّفك مصيرك أمام الله يوم القيامة.
قد يأتي وقت الغداء، ويقدَّم لنا الطّعام والشّراب، طعامٌ لذيذ وشراب بارد، يتغذَّى به الجسد ويلتذّ ويرتوي من الظّمأ. لكن فكِّر: هذا الأكل الّذي أمامي، من أين جاء، من حلال أم من حرام؟ هل سرقت المال الذي اشتريت به هذا الطّعام؟ هل أخذته من معاملة غششت بها النّاس؟ هل في الطّعام دموع للأيتام الذين سلبتهم مالهم؟ هل في الطّعام دموع للضّعفاء الذين سرقت منهم مالهم؟ من أين مطعمك؟ لا بدّ للإنسان أن يعلم من أين مطعمه، ومن أين مشربه، ومن أين ملبسه؟ أَمِن حلال أم من حرام؟ لاحظوا كيف يقودنا رسول الله، في ما يروى عنه، إلى أن نحدّق بالأكل لنعرف مصدره، لا من أيّ شركة، أو من أيّ مصنع، أو من أيّ بلاد، لكن هل هو ممّا حرَّم الله أم هو ممّا أحلَّ الله؟
"يا أبا ذرّ، مَن لم يبال من أين اكتسب المال، لم يبال الله من أين أدخله النّار"[2]. يعني إذا فكّرنا أنّ المهمّ أن نحصِّل المال، وليس المهمّ طريقة تحصيله، فالحلال، كما يقول بعض الناس، ما حلَّ باليد ولو أخذته من سرقة، وهناك كلمة مهذّبة أصبحت للسّرقة، "مصادرة"، صادرنا هذا المال. إنَّ هذا المصطلح أخذ يدخل في الميزان الثّوري أو السياسي. صادرت؟! هل لك حقّ أن تصادر؟ من أين لكَ الحقّ؟ مَن الذي أباح لك أن تُصادِر؟ فإذا لم تكن لك شرعيّة من الله فأنتَ لصّ، وأنتَ سارق، وأنتَ خائن تخون موقعك، عندما تجعل منه أساساً للاعتداء على أموال النّاس. لتكن لك سلطة سياسيّة، لكنّ الكلام أين شرعيّتك الإسلاميّة؟ لتكن لك سلطتك الأمنيّة لكن أين شرعيّتك الإيمانيّة؟
لا يحلّ مال إلا من حيث أحلَّه الله؛ فليحلّ النّاس الكبار والصّغار المال، إلا أنّه لن يكون حلالاً إلّا إذا أحلّه الله. لهذا، إذا كنت لا تبالي كيف اكتسبت هذا المال؛ من سرقة تعطيها أيّ عنوان مهذَّب، أو من معاملة باطلة، أو من عمل اشتمل على رجس، أو كنت وليّاً للأيتام فأكلتَ أموالهم، وكنتَ أخاً للضّعفاء فأخذت إرثهم، وكنتَ حاكماً للمستضعفين فنهبت أموالهم، أو نهبت ميزانيّة الدّولة التي تحكمها؟ إذا لم تبالِ من أين اكتسبت المال، فلن يبالي الله يوم القيامة من أين يدخلك النار.
*من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".
[1] بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج:70، ص:72.
[2] البحار، ج:77، ص:88.
[3] بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج:70، ص:72.