كتابات
23/12/2020

كيف يتجنّب المؤمن طريق الذّلّ؟!

كيف يتجنّب المؤمن طريق الذّلّ؟!

في أكثر من حديث، نلاحظ تركيز الإسلام على اعتبار القاعدة النفسيّة أساساً للحكم على شخصيّة الإنسان بالذلّة أو العزّة، فلكي يكون الإنسان عزيزاً في نفسه، لا بدَّ له من أن يملك حريّة التصرُّف أمام رغباته وشهواته، فلا تستعبده رغبة، ولا تسيطر عليه شهوة، لأنَّ ذلك هو السّبيل الوحيد الذي يجنّبه الانزلاق في مزالق الانحراف أمام عوامل الإغراء التي تدعوه لأن يعطيَ من نفسه ومن مواقفه في الحياة الكثير للآخرين، على حساب عقيدته ووطنه، من أجل أن يحقّق رغبة أو يستسلم لشهوة.

وقد نجد ملامح ذلك في حديث الإمام الباقر (ع): "بئس العبد عبد له طمع يقوده، وبئس العبد عبد له رغبة تذلّه". وحديث الإمام جعفر الصادق (ع): "ما أقبح المؤمن أن تكون له رغبة تذلّه".

ففي هاتين الكلمتين، نلمح الفكرة التي قدّمناها، فالإنسان الذي تتحكَّم فيه رغباته، يفقد السيطرة على نفسه، وبالتّالي، يفقد القدرة على التحكُّم في تصرُّفاته، لأنّه يكون مسوقاً في ذلك كلّه بوحي الرغبة التي لا تخضع للعقيدة، ولا تسير على خطى الحقّ.

وعلى أساس ذلك، يستطيع الآخرون من الكافرين والمنحرفين والطامعين أن يسيطروا عليه، ويتحكَّموا فيه، ليستغلُّوه ويستثمروه، من خلال إشباع رغباته وإرواء شهواته. وقد عشنا واقع هذه الفكرة في الأساليب التي يتبعها الاستعمار في السيطرة على الشعوب المتخلّفة، من خلال تحقيق الرغبات الشخصية لقادة هذه الشّعوب من ملوك ورؤساء وغيرهم.

فقد تتحكَّم في بعضهم رغبة الجنس، حتّى لا يملك لنفسه أيّ زمام أمام سعارها، فيحاول المستعمرون أن يحقّقوا له ذلك بأكثر ممّا يبلغه خياله، أو تتطلَّبه رغبته، فيتحوّل إلى عبد ذليل لهم، يحقِّق لهم من خلال النساء اللاتي يرسلونهنَّ إليه كلّ ما يريدونه من سيطرة على الحكم أو الاقتصاد أو الثقافة وغير ذلك.

وقد تتحكَّم في البعض الآخر رغبة المال أو رغبة الملك، فيغدقون على الأوّل ما يشاء من أموال، وعلى الثّاني ما يريد من ملك، فيجعلون البلد الواحد دولاً عديدة، ليحقِّقوا لهذا رغبة الملك، ولذلك رغبة الرئاسة، ويحصلون من خلال ذلك على كلّ ما يريدون، ما دام هذا الإنسان أو ذاك لا يستطيع أن يملك الخيار أمام رغبته، وما دامت الرغبة ملك أيديهم وطوع أمرهم.

وقد شاهدنا في أحداث الحرب العالمية الأولى والثانية، كيف لعبت رغبة الجنس وغيرها دوراً كبيراً في إذلال الكثيرين من القادة أمام النّساء اللاتي كنَّ صنيعة هذا المعسكر أو ذاك من أجل التعرُّف إلى الأسرار العسكرية وغيرها، ولا تزال قصص استخدام الفاتنات في قضايا التجسُّس تلعب دورها الكبير في عالمنا المعاصر.

ولهذا كلّه يعتبر الإسلام أنّ السيطرة على الرّغبة والتحكُّم في الشّهوة، هي الأساس للعزّة الإنسانيّة التي لا تتنازل، ولا تعطي من نفسها أيّ شيء، مهما كانت الظّروف، ومهما كانت الضّغوط، ومهما كانت درجة الحرمان وقسوة العذاب.

وهذا ما تعبّر عنه ـــ أصدق تعبير ـــ كلمة الإمام الحسين (ع): "ألاَ وإنَّ الدّعيَّ ابنَ الدّعيِّ قد رَكَزَ بين اثنتين؛ بين السِّلَّة والذلّة، وهيهات منّا الذِلّة! يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجورٌ طابَتْ، ونفوس طهرت، من أن نؤثر طاعة اللّئام على مصارع الكرام".

وقوله الآخر: "لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذّليل، ولا أُقِرُّ إقرار العبيد".

وكلمة الإمام الصادق (ع): "إنَّ المؤمن أعزّ من الجبل؛ إنَّ الجبل يستفلّ منه بالمعاول، والمؤمن لا يستفلّ من دينه شيء".

ومن البديهيّ أنّ هذه المواقف لا يمكن أنْ تتحقَّق إذا كان الإنسان ينهار أمام رغبة الحياة أو ضغط الشّهوات.

ولعلَّ الفكرة تبلغ الذّروة في الكلمة التي قالها الإمام عليّ (ع) في وصيّته لولده الإمام الحسن (ع): "أكرم نفسك عن كلّ دنيئة وإنْ ساقتك إلى الرّغائب، فإنّك لن تعتاض بما تبذله من نفسك عوضاً".

فكلّ موقف منحرف دنيء تقفه ضدّ مبادئك من أجل أن تحقّق رغباتك، يقابله خزيٌ من نفسك ومن كرامتك، فأنتَ لن تحصل على رغباتك مجاناً، لأنّك تعطي العوض من نفسك.

*من كتاب "مفاهيم إسلاميّة عامّة".

في أكثر من حديث، نلاحظ تركيز الإسلام على اعتبار القاعدة النفسيّة أساساً للحكم على شخصيّة الإنسان بالذلّة أو العزّة، فلكي يكون الإنسان عزيزاً في نفسه، لا بدَّ له من أن يملك حريّة التصرُّف أمام رغباته وشهواته، فلا تستعبده رغبة، ولا تسيطر عليه شهوة، لأنَّ ذلك هو السّبيل الوحيد الذي يجنّبه الانزلاق في مزالق الانحراف أمام عوامل الإغراء التي تدعوه لأن يعطيَ من نفسه ومن مواقفه في الحياة الكثير للآخرين، على حساب عقيدته ووطنه، من أجل أن يحقّق رغبة أو يستسلم لشهوة.

وقد نجد ملامح ذلك في حديث الإمام الباقر (ع): "بئس العبد عبد له طمع يقوده، وبئس العبد عبد له رغبة تذلّه". وحديث الإمام جعفر الصادق (ع): "ما أقبح المؤمن أن تكون له رغبة تذلّه".

ففي هاتين الكلمتين، نلمح الفكرة التي قدّمناها، فالإنسان الذي تتحكَّم فيه رغباته، يفقد السيطرة على نفسه، وبالتّالي، يفقد القدرة على التحكُّم في تصرُّفاته، لأنّه يكون مسوقاً في ذلك كلّه بوحي الرغبة التي لا تخضع للعقيدة، ولا تسير على خطى الحقّ.

وعلى أساس ذلك، يستطيع الآخرون من الكافرين والمنحرفين والطامعين أن يسيطروا عليه، ويتحكَّموا فيه، ليستغلُّوه ويستثمروه، من خلال إشباع رغباته وإرواء شهواته. وقد عشنا واقع هذه الفكرة في الأساليب التي يتبعها الاستعمار في السيطرة على الشعوب المتخلّفة، من خلال تحقيق الرغبات الشخصية لقادة هذه الشّعوب من ملوك ورؤساء وغيرهم.

فقد تتحكَّم في بعضهم رغبة الجنس، حتّى لا يملك لنفسه أيّ زمام أمام سعارها، فيحاول المستعمرون أن يحقّقوا له ذلك بأكثر ممّا يبلغه خياله، أو تتطلَّبه رغبته، فيتحوّل إلى عبد ذليل لهم، يحقِّق لهم من خلال النساء اللاتي يرسلونهنَّ إليه كلّ ما يريدونه من سيطرة على الحكم أو الاقتصاد أو الثقافة وغير ذلك.

وقد تتحكَّم في البعض الآخر رغبة المال أو رغبة الملك، فيغدقون على الأوّل ما يشاء من أموال، وعلى الثّاني ما يريد من ملك، فيجعلون البلد الواحد دولاً عديدة، ليحقِّقوا لهذا رغبة الملك، ولذلك رغبة الرئاسة، ويحصلون من خلال ذلك على كلّ ما يريدون، ما دام هذا الإنسان أو ذاك لا يستطيع أن يملك الخيار أمام رغبته، وما دامت الرغبة ملك أيديهم وطوع أمرهم.

وقد شاهدنا في أحداث الحرب العالمية الأولى والثانية، كيف لعبت رغبة الجنس وغيرها دوراً كبيراً في إذلال الكثيرين من القادة أمام النّساء اللاتي كنَّ صنيعة هذا المعسكر أو ذاك من أجل التعرُّف إلى الأسرار العسكرية وغيرها، ولا تزال قصص استخدام الفاتنات في قضايا التجسُّس تلعب دورها الكبير في عالمنا المعاصر.

ولهذا كلّه يعتبر الإسلام أنّ السيطرة على الرّغبة والتحكُّم في الشّهوة، هي الأساس للعزّة الإنسانيّة التي لا تتنازل، ولا تعطي من نفسها أيّ شيء، مهما كانت الظّروف، ومهما كانت الضّغوط، ومهما كانت درجة الحرمان وقسوة العذاب.

وهذا ما تعبّر عنه ـــ أصدق تعبير ـــ كلمة الإمام الحسين (ع): "ألاَ وإنَّ الدّعيَّ ابنَ الدّعيِّ قد رَكَزَ بين اثنتين؛ بين السِّلَّة والذلّة، وهيهات منّا الذِلّة! يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجورٌ طابَتْ، ونفوس طهرت، من أن نؤثر طاعة اللّئام على مصارع الكرام".

وقوله الآخر: "لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذّليل، ولا أُقِرُّ إقرار العبيد".

وكلمة الإمام الصادق (ع): "إنَّ المؤمن أعزّ من الجبل؛ إنَّ الجبل يستفلّ منه بالمعاول، والمؤمن لا يستفلّ من دينه شيء".

ومن البديهيّ أنّ هذه المواقف لا يمكن أنْ تتحقَّق إذا كان الإنسان ينهار أمام رغبة الحياة أو ضغط الشّهوات.

ولعلَّ الفكرة تبلغ الذّروة في الكلمة التي قالها الإمام عليّ (ع) في وصيّته لولده الإمام الحسن (ع): "أكرم نفسك عن كلّ دنيئة وإنْ ساقتك إلى الرّغائب، فإنّك لن تعتاض بما تبذله من نفسك عوضاً".

فكلّ موقف منحرف دنيء تقفه ضدّ مبادئك من أجل أن تحقّق رغباتك، يقابله خزيٌ من نفسك ومن كرامتك، فأنتَ لن تحصل على رغباتك مجاناً، لأنّك تعطي العوض من نفسك.

*من كتاب "مفاهيم إسلاميّة عامّة".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية