إننا لا نستطيع التحدث عن نظريّة إسلاميّة بالمعنى النصّي في هذه المسائل، ولكنّنا نستطيع استقراء الموضوع في الخطّ العامّ.
لا شكّ أنّ الإسلام يؤكّد قيام العلاقة بين الأب والأمّ، أو بين الزّوج والزّوجة، على المودّة والرّحمة، باعتبار الأصل الذي وضعه القرآن في حديثه عن طبيعة العلاقة الزوجيّة، بحيث إنّ الله تعالى نسب المودّة والرحمة في قلب الزوجين إلى نفسه {وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الروم:21]، ما يوحي بأنّه تعالى يريد للزّوجين أن يؤكّدا هذا البعد في علاقة بعضهما ببعض بشكل طبيعيّ، إضافةً إلى البعد الحسّيّ الذي تفرضه العلاقة الزوجيّة.
ومن الطبيعيّ أنّ مردود جوّ الودّ والرحمة لا يقتصر على علاقة الزوجين بعضهما ببعض، بل يتعدّاها إلى الأولاد الذين تخصّهم تلك العلاقة، باعتبار أنّ المودّة والرّحمة التي تُنتج الاحترام والحبّ، تترك تأثيرات إيجابية على حياة الزّوجين وعلى حياة الأولاد، باعتبار أنّ المودّة والرّحمة اللّتين يعيشهما الأبوان، تؤمّنان مناخاً صحّياً بين الزوجين، ينفتح بهما على كلّ المشاعر والممارسات الإيجابيّة فيما بينهما، وتنتقل منهما تلقائياً إلى الأولاد، وتخلق لديهم إحساساً بالأمان، وميلاً إلى التعاون، وما إلى ذلك من النّزعات الإيجابيّة.
أمّا إذا فرضنا أنَّ علاقة الزوجين كانت علاقة فاترة، تفتقد الإحساس الصّادق والمحبّة الخالصة، وخصوصًا بعد أن تتحوَّل الحياة الزوجيّة إلى روتين بفعل اعتياد الطرفين بعضهما على بعض، فمن الطبيعيّ أن ينعكس هذا الجمود العاطفيّ سلباً على الأولاد، لأنّ الزّوجين عندما يفقدان مشاعرهما الحميمة أحدهما تجاه الآخر، فإنّ الأولاد سوف يعيشون مناخاً جامداً لا يتحسّسون فيه أيّ معنى للعاطفة أو الحميميّة، ولا شكّ أنّ الوالدين اللّذين يعيشان الرّوتين في علاقتهما بعضهما ببعض، سوف يعيشان الروتين نفسهفي علاقتهما مع الأولاد، لأنّ الحالات النفسيّة لا تتجزّأ. ذلك أنّ عيش الزوجين حياتهما المشتركة بشكل عاديّ خالٍ من الحرارة والحميميّة واللّهفة والحنان والاحتضان الرّوحيّ وما إلى ذلك، يدلّ على جمود في شخصيّتيهما، ومن الطبيعيّ أنّ الشخصيّة الجامدة تجاه شريك الحياة، هي شخصية جامدة تجاه الأولاد كما تجاه النّاس كلّهم. إنّ هذا الجمود سوف ينعكس سلباً على شخصيّة الأولاد الّذين يألفونه، وربما يتمثّلونه في عمق شخصيّاتهم.
في مثل هذه الحالة، يفترض بالزّوجين، كما يفترض بأيّ إنسان، أن يعيش إنسانيّته بإحساسه بشريكه، فيعتبر جموده العاطفيّ حالة مَرَضِيّة لا بدّ أن يعالجها، فيتبادل الزوج عاطفة الودّ مع زوجته، وكذلك تفعل الزوجة، الأمر الّذي ينعكس إيجاباً على الأولاد، سواء من خلال المناخ الذي يشيعه ذلك، أو من خلال ترجمة تلك الحركيّة الخارجيّة إلى حركيّة عاطفيّة تجاه الأولاد.
أمّا الزّوجان اللّذان يعيشان حالة التّنافر والنزاع، بحيث تكون حياتهما مملوءة بالمشاكل والخلافات، فمن الطبيعيّ أن ينعكس ذلك سلباً بشكل كبير جداً على الأولاد. ونحن نعرف من الدّراسات الاجتماعيّة، أن أكثر المشاكل التي يعيشها الأولاد، لا تتأتّى من انفصال الوالدين، بل من الخلافات الزوجيّة داخل البيت، بحيث يبدو أنّ الطلاق، بما فيه من سلبيّات، قد يكون أكثر رحمةً بالأولاد من حياة عائلية في كنف أبوين متنافرين متنازعين لا يحترم أحدهما الآخر، ويكره كلّ منهما الآخر.
إنّ علاقة الاحترام المتبادل هي أفضل العلاقات، حتى لو عاش الزّوجان الرّتابة أو الملل... ولهذه العلاقة تأثير كبير ومهمّفي الأولاد وفي نظرتهم إلى الوالدين، وإلى الزواج والمؤسّسة الزوجيّة.
* جوابا على تساؤل : كيف ينظر الإسلام إلى تأثير العلاقة بين الأمّ والأب في الأولاد؟
*من كتاب "دنيا الطّفل".
إننا لا نستطيع التحدث عن نظريّة إسلاميّة بالمعنى النصّي في هذه المسائل، ولكنّنا نستطيع استقراء الموضوع في الخطّ العامّ.
لا شكّ أنّ الإسلام يؤكّد قيام العلاقة بين الأب والأمّ، أو بين الزّوج والزّوجة، على المودّة والرّحمة، باعتبار الأصل الذي وضعه القرآن في حديثه عن طبيعة العلاقة الزوجيّة، بحيث إنّ الله تعالى نسب المودّة والرحمة في قلب الزوجين إلى نفسه {وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الروم:21]، ما يوحي بأنّه تعالى يريد للزّوجين أن يؤكّدا هذا البعد في علاقة بعضهما ببعض بشكل طبيعيّ، إضافةً إلى البعد الحسّيّ الذي تفرضه العلاقة الزوجيّة.
ومن الطبيعيّ أنّ مردود جوّ الودّ والرحمة لا يقتصر على علاقة الزوجين بعضهما ببعض، بل يتعدّاها إلى الأولاد الذين تخصّهم تلك العلاقة، باعتبار أنّ المودّة والرّحمة التي تُنتج الاحترام والحبّ، تترك تأثيرات إيجابية على حياة الزّوجين وعلى حياة الأولاد، باعتبار أنّ المودّة والرّحمة اللّتين يعيشهما الأبوان، تؤمّنان مناخاً صحّياً بين الزوجين، ينفتح بهما على كلّ المشاعر والممارسات الإيجابيّة فيما بينهما، وتنتقل منهما تلقائياً إلى الأولاد، وتخلق لديهم إحساساً بالأمان، وميلاً إلى التعاون، وما إلى ذلك من النّزعات الإيجابيّة.
أمّا إذا فرضنا أنَّ علاقة الزوجين كانت علاقة فاترة، تفتقد الإحساس الصّادق والمحبّة الخالصة، وخصوصًا بعد أن تتحوَّل الحياة الزوجيّة إلى روتين بفعل اعتياد الطرفين بعضهما على بعض، فمن الطبيعيّ أن ينعكس هذا الجمود العاطفيّ سلباً على الأولاد، لأنّ الزّوجين عندما يفقدان مشاعرهما الحميمة أحدهما تجاه الآخر، فإنّ الأولاد سوف يعيشون مناخاً جامداً لا يتحسّسون فيه أيّ معنى للعاطفة أو الحميميّة، ولا شكّ أنّ الوالدين اللّذين يعيشان الرّوتين في علاقتهما بعضهما ببعض، سوف يعيشان الروتين نفسهفي علاقتهما مع الأولاد، لأنّ الحالات النفسيّة لا تتجزّأ. ذلك أنّ عيش الزوجين حياتهما المشتركة بشكل عاديّ خالٍ من الحرارة والحميميّة واللّهفة والحنان والاحتضان الرّوحيّ وما إلى ذلك، يدلّ على جمود في شخصيّتيهما، ومن الطبيعيّ أنّ الشخصيّة الجامدة تجاه شريك الحياة، هي شخصية جامدة تجاه الأولاد كما تجاه النّاس كلّهم. إنّ هذا الجمود سوف ينعكس سلباً على شخصيّة الأولاد الّذين يألفونه، وربما يتمثّلونه في عمق شخصيّاتهم.
في مثل هذه الحالة، يفترض بالزّوجين، كما يفترض بأيّ إنسان، أن يعيش إنسانيّته بإحساسه بشريكه، فيعتبر جموده العاطفيّ حالة مَرَضِيّة لا بدّ أن يعالجها، فيتبادل الزوج عاطفة الودّ مع زوجته، وكذلك تفعل الزوجة، الأمر الّذي ينعكس إيجاباً على الأولاد، سواء من خلال المناخ الذي يشيعه ذلك، أو من خلال ترجمة تلك الحركيّة الخارجيّة إلى حركيّة عاطفيّة تجاه الأولاد.
أمّا الزّوجان اللّذان يعيشان حالة التّنافر والنزاع، بحيث تكون حياتهما مملوءة بالمشاكل والخلافات، فمن الطبيعيّ أن ينعكس ذلك سلباً بشكل كبير جداً على الأولاد. ونحن نعرف من الدّراسات الاجتماعيّة، أن أكثر المشاكل التي يعيشها الأولاد، لا تتأتّى من انفصال الوالدين، بل من الخلافات الزوجيّة داخل البيت، بحيث يبدو أنّ الطلاق، بما فيه من سلبيّات، قد يكون أكثر رحمةً بالأولاد من حياة عائلية في كنف أبوين متنافرين متنازعين لا يحترم أحدهما الآخر، ويكره كلّ منهما الآخر.
إنّ علاقة الاحترام المتبادل هي أفضل العلاقات، حتى لو عاش الزّوجان الرّتابة أو الملل... ولهذه العلاقة تأثير كبير ومهمّفي الأولاد وفي نظرتهم إلى الوالدين، وإلى الزواج والمؤسّسة الزوجيّة.
* جوابا على تساؤل : كيف ينظر الإسلام إلى تأثير العلاقة بين الأمّ والأب في الأولاد؟
*من كتاب "دنيا الطّفل".