كتابات
13/12/2020

خطّ التّقوى مكلفٌ.. فما الجزاء؟!

خطّ التّقوى مكلفٌ.. فما الجزاء؟!

{قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزّمر: 10].

فجزاء التقوى {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى} [آل عمران: 195]، ستنالون الجزاء الأوفى من الله إذا سرتم في خطِّ التّقوى التي تفرض عليكم أن تقفوا موقفاً أو تعملوا عملاً فيه رضىً لله، أو تبنوا علاقة يحبُّها الله، أو رفضتم حالة أو علاقة يريدكم الله أن ترفضوها وتبتعدوا عنها، أو عملاً تتركونه، لأنَّ الله يأمركم بتركه، وسيعطيكم الله حسنةً على ذلك...

وهذه التقوى تفرض على الإنسان إذا ما صدّه النّاس عن طاعة الله، أن يبتعد إلى مكانٍ آخر ليحفظ دينه {وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ}. إذا لم تستطع أنْ تعبد الله في مكانٍ، فانتقل إلى مكان تستطيع أن تعبد الله فيه، وإذا حاصرك النّاس في موقع، فهناك ألف موقع تستطيع أن تطيع الله فيه. لذلك، لست معذوراً أن تبقى في مكان تُضطّر فيه أن تعصي اللهَ وتترك طاعته سبحانه، وإلَّا كنت مثلَ أولئك {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} ظلموا أنفسهم بالكفر الذي فرضه عليهم الأقوياء {قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً *إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوّاً غَفُوراً}[النساء: 97 ــ 99].

ضريبة التقوى

ومن هنا، علينا أن نعرف أنَّ التقوى تكلِّفنا شيئاً من مزاجنا ومَالِنا وجهدنا ومصالحنا، قد تُضطرّنا التقوى أن نترك المال الحرام ونحن أحوج النّاس إليه، وقد تفرض علينا التقوى أن نرفض الجاه الحرام وهو بين أيدينا، والشّهوةَ الحرام وأنفسنا تهوى إليها، أو نترك أرضاً ونحن بحاجة إلى العيش فيها... هناك آلامٌ في هذا الطّريق يجب أن نتحمّلها، لأنَّ الإصرار على حقِّ الإيمان يُلزمنا بذلك.

وهذا ما توضحه بعض الآيات المباركة: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}[آل عمران: 186].

ويقول سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}[محمد: 31]، وقال تعالى أيضاً: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}[البقرة: 155]. وهنا تشعر ـــ أيُّها الإنسان ـــ أنَّ التقوى تكلّفك كثيراً، لأنَّك تتحرّك بها ضدَّ تيّار المجتمع الذي تعيش فيه، وضدَّ الواقع الاجتماعي والسياسيّ والاقتصادي الذي تواجهه. ولذلك، فإنَّ موقف التقوى يحاصرُك بكثيرٍ من الآلام، ويحرمك الكثير من اللّذّات، ويفوِّت عليك الكثير من الحاجات.. وهنا، ماذا تصنع؟ {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}[لقمان: 17].

وما جزاءُ الصّبر؟ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}. الذي يقرِّر ذلك، هو ربُّك الذي خلقك وأنعم عليك، ورعاك في نومك ويقظتك، في طفولتك وشبابك وكهولتك، ربُّك يقول لك، لقد وعدتك بالأجر العظيم، وها أنتَ تجد ربَّك أصدقَ مَنْ وعد، وأنا أعدُك إذا صبرت، سأعطيك أجرَك بغير حساب {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ}[فصّلت: 31]. تَمَنَّ على الله كلَّ ما تريد، اضبط أعصابَك، انتصر على غرائزك، ثَبِّتْ نفسَك في حالات الاهتزاز، ولذلك اطلب ما تشاء، لأنَّك صبرتَ {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}[الرّعد: 24].

*من كتاب "من عرفان القرآن".

{قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزّمر: 10].

فجزاء التقوى {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى} [آل عمران: 195]، ستنالون الجزاء الأوفى من الله إذا سرتم في خطِّ التّقوى التي تفرض عليكم أن تقفوا موقفاً أو تعملوا عملاً فيه رضىً لله، أو تبنوا علاقة يحبُّها الله، أو رفضتم حالة أو علاقة يريدكم الله أن ترفضوها وتبتعدوا عنها، أو عملاً تتركونه، لأنَّ الله يأمركم بتركه، وسيعطيكم الله حسنةً على ذلك...

وهذه التقوى تفرض على الإنسان إذا ما صدّه النّاس عن طاعة الله، أن يبتعد إلى مكانٍ آخر ليحفظ دينه {وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ}. إذا لم تستطع أنْ تعبد الله في مكانٍ، فانتقل إلى مكان تستطيع أن تعبد الله فيه، وإذا حاصرك النّاس في موقع، فهناك ألف موقع تستطيع أن تطيع الله فيه. لذلك، لست معذوراً أن تبقى في مكان تُضطّر فيه أن تعصي اللهَ وتترك طاعته سبحانه، وإلَّا كنت مثلَ أولئك {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} ظلموا أنفسهم بالكفر الذي فرضه عليهم الأقوياء {قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً *إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوّاً غَفُوراً}[النساء: 97 ــ 99].

ضريبة التقوى

ومن هنا، علينا أن نعرف أنَّ التقوى تكلِّفنا شيئاً من مزاجنا ومَالِنا وجهدنا ومصالحنا، قد تُضطرّنا التقوى أن نترك المال الحرام ونحن أحوج النّاس إليه، وقد تفرض علينا التقوى أن نرفض الجاه الحرام وهو بين أيدينا، والشّهوةَ الحرام وأنفسنا تهوى إليها، أو نترك أرضاً ونحن بحاجة إلى العيش فيها... هناك آلامٌ في هذا الطّريق يجب أن نتحمّلها، لأنَّ الإصرار على حقِّ الإيمان يُلزمنا بذلك.

وهذا ما توضحه بعض الآيات المباركة: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}[آل عمران: 186].

ويقول سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}[محمد: 31]، وقال تعالى أيضاً: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}[البقرة: 155]. وهنا تشعر ـــ أيُّها الإنسان ـــ أنَّ التقوى تكلّفك كثيراً، لأنَّك تتحرّك بها ضدَّ تيّار المجتمع الذي تعيش فيه، وضدَّ الواقع الاجتماعي والسياسيّ والاقتصادي الذي تواجهه. ولذلك، فإنَّ موقف التقوى يحاصرُك بكثيرٍ من الآلام، ويحرمك الكثير من اللّذّات، ويفوِّت عليك الكثير من الحاجات.. وهنا، ماذا تصنع؟ {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}[لقمان: 17].

وما جزاءُ الصّبر؟ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}. الذي يقرِّر ذلك، هو ربُّك الذي خلقك وأنعم عليك، ورعاك في نومك ويقظتك، في طفولتك وشبابك وكهولتك، ربُّك يقول لك، لقد وعدتك بالأجر العظيم، وها أنتَ تجد ربَّك أصدقَ مَنْ وعد، وأنا أعدُك إذا صبرت، سأعطيك أجرَك بغير حساب {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ}[فصّلت: 31]. تَمَنَّ على الله كلَّ ما تريد، اضبط أعصابَك، انتصر على غرائزك، ثَبِّتْ نفسَك في حالات الاهتزاز، ولذلك اطلب ما تشاء، لأنَّك صبرتَ {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}[الرّعد: 24].

*من كتاب "من عرفان القرآن".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية