كتابات
30/11/2020

أين المتسابقون للفوز بالآخرة؟!

أين المتسابقون للفوز بالآخرة؟!

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}[آل عمران: 133].

هذا النِّداء الإلهيّ هو للمؤمنين وللنَّاس كافّةً، نداء للّذين يتسابقون في الحياة من أجل أن يكون لهم مال وجاه ومواقع، إنَّ الله يريد أن يقول لكم: أيُّها الناس، إنّ المال مضمون، فلن تستطيع أن تحصل على غير ما قدَّره الله لك، مضمون بعملك، لا تعتبر أنّ مضاعفة الجهد أو استنزافه سيعطيك أكثر ممّا قدَّره الله لك. اعمل فإنَّ العمل عبادة، والله قد كلَّفك أن تعمل من أجل أن تقوم بمسؤوليّتك، ولكنَّ المال الذي تريد الحصول عليه، ليس هو الهدف الذي يمكن أن تجعل كلّ حركة الحياة من أجله، لأنَّ المال يزول كما تزول الحياة، والجاه الّذي تتسابق أنتَ والآخرون من أجل أن تحصل عليه لترتفع درجةً في السّلّم الاجتماعيّ، أو ليفيدك في السلّم السياسي أو الاقتصادي، إنَّ هذا الجاه سوف يذهب قبل أن تذهب أنت من الحياة، وعندما تذهب من الحياة، لن يفيدك بعد موتك أن يهتف النّاس باسمك، أو أن يخلِّد الناس ذكرك، إلا إذا أبقيت لما بعدك شيئاً ممّا قدَّمته من أعمال صالحة في الحياة. ولهذا لا تسارع ولا تعتبر ذلك كلّ همّك.

{وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} سارع إلى العمل كفرد أو كجماعة، سارعوا إلى أن تحصلوا على مغفرة الله في ما تعملون من أعمال صالحة، وفي ما تدخلون من مشاريع خيِّرة، وفي ما تنشئونه من علاقات خالصة مخلصة في رضى الله، إذا كان هناك مشروع خير، فلا تتريَّث، بل سارع إليه حتّى لا يأخذه غيرك، وإذا كان هناك مشروع جهاد، فسارع إليه قبل أن يفوتك، وإذا كان هناك مشروع موقف صدق، فسارع إليه قبل أن يسبقك الآخرون إليه، لأنّك عندما تحصل على مغفرةٍ من ربّك، فقد حصلت على الخير كلّه والسعادة كلّها، لأنَّ مغفرة الله ومحبّته هي التي تضمن لك الدّنيا والآخرة، ولأنَّ الإنسان الذي يعيش في الدنيا في محبّة الله وفي رضاه وفي مغفرته، ويعيش في الآخرة في تلك الأجواء، هو الإنسان الذي  يمسك بالسّعادة من كلّ أطرافها. ومن هنا، فإذا كنت من الناس الذين أخطأوا، سارِع إلى التّوبة، لأنَّ التوبة هي التي تهيّئ لك المغفرة.

هذه هي الروحية التي يريدنا الله سبحانه وتعالى أن نعيشها عندما نريد أن نحرِّك طموحاتنا في الحياة، ليكون طموحنا في الحياة كلّها أن نحصل على رضى الله ومحبّته، وأن نحصل على مغفرة الله وعدله. هذا هو الطّموح الكبير الذي يجعل منك إنساناً تعيش في رحاب الله وفي آفاقه، بدلاً من أن تكون إنساناً يعيش في زوايا زيد ليرضى عنك، أو في زوايا عمرو ليرضى عنك هو الآخر. اليوم يرضى عنك فلان، وغداً يغضب منك وتعيش القلق والذلّة والسقوط والانهيار، ولكنّك إذا حصلت على رضى الله، وعرفت الطّريق الذي يؤدّي إلى الله، واستطعت أن تُثَبِّت أقدامك في المواقع التي يرضاها، فذلك هو النجاح كلّ النجاح، وذلك هو الفوز العظيم.

{وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ}. هذه الجنّة التي يملّكك الله إيّاها، جعل لك فيها أن تذهب حيث تشاء، وتأكل ممّا تشاء، وتشرب ممّا تشاء، وتتنعَّم بما تشاء، لأنَّ الله سبحانه وتعالى جعل فيها للمؤمنين ما تشتهي أنفسهم وما يدّعون.

سارع، أنتَ في الدّنيا تقطع آلاف الأميال لتحصل على قطعة أرض تسكن فيها، ولا مانع من أن تفعل ذلك، أو تستنبت أرضاً تعيش عليها، لكن إذا كنت تفكّر أن تكون لك دار في الدنيا، وتعتبر أنّ كلّ جهدك ينبغي أن تبذله في هذا السّبيل، فلماذا لا تسارع إلى أن تحصل على الدار الخالدة في الجنّة التي عرضها السماء والأرض؟ لماذا يعيش كثيرٌ منّا الزّهد بالجنّة؟ لو قلت لإنسانٍ افعل ذلك والجنّة مضمونة لك عند الله، فهل تجد في نفسك الاندفاع الكبير في هذا الاتجاه، بحيث تترك أشغالك وأعمالك وأفعالك وتتحمَّل المتاعب والمشاكل في سبيل الحصول على الجنّة؟

نحن المسارعون إلى مغفرة الناس، ولكنّنا المتثاقلون في السير إلى مغفرة الله، الله يقول: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}، لا بدّ للجنّة من تقوى، أن تكون تقيّاً. والإمام عليّ (ع)، في ما كان يتحدّث به مع أصحابه الذين كانوا لا يختلفون عنّا في مشاغباتهم ومشاكلهم ولغوهم وضوضائهم وخلافاتهم ومواقفهم وما إلى ذلك، ويبدو أنَّ الإمام كان مبتلياً بجماعته الذين كانوا معه، الإمام عليّ (ع) كان يقول لهم: "لقد ملأتم قلبي قيحاً..."لوددت والله أنَّ معاوية صارفني بكم صرف الدّينار بالدّرهم"، يعني أنا مستعدّ لأنْ أُبادل الدّرهم بالدّينار. كان يقول لهم في بعض الحالات: "أَبِمِثْلِ هذه الأعمال تريدون أن تجاوروا الله في دار قدسه؟! هيهات! لا يخدع الله عن جنَّته"(1)، قد يخدع بعضكم بعضاً، وقد يغشّ بعضكم بعضاً، وقد يتستَّر بعضكم على بعض، لكن أمام الله، ليس هناك مجال للتستُّر {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}[الطارق: 9].

*من كتاب "الجمعة منبر ومحراب" 


(1) نهج البلاغة، ج:8، باب:129، ص:244.

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}[آل عمران: 133].

هذا النِّداء الإلهيّ هو للمؤمنين وللنَّاس كافّةً، نداء للّذين يتسابقون في الحياة من أجل أن يكون لهم مال وجاه ومواقع، إنَّ الله يريد أن يقول لكم: أيُّها الناس، إنّ المال مضمون، فلن تستطيع أن تحصل على غير ما قدَّره الله لك، مضمون بعملك، لا تعتبر أنّ مضاعفة الجهد أو استنزافه سيعطيك أكثر ممّا قدَّره الله لك. اعمل فإنَّ العمل عبادة، والله قد كلَّفك أن تعمل من أجل أن تقوم بمسؤوليّتك، ولكنَّ المال الذي تريد الحصول عليه، ليس هو الهدف الذي يمكن أن تجعل كلّ حركة الحياة من أجله، لأنَّ المال يزول كما تزول الحياة، والجاه الّذي تتسابق أنتَ والآخرون من أجل أن تحصل عليه لترتفع درجةً في السّلّم الاجتماعيّ، أو ليفيدك في السلّم السياسي أو الاقتصادي، إنَّ هذا الجاه سوف يذهب قبل أن تذهب أنت من الحياة، وعندما تذهب من الحياة، لن يفيدك بعد موتك أن يهتف النّاس باسمك، أو أن يخلِّد الناس ذكرك، إلا إذا أبقيت لما بعدك شيئاً ممّا قدَّمته من أعمال صالحة في الحياة. ولهذا لا تسارع ولا تعتبر ذلك كلّ همّك.

{وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} سارع إلى العمل كفرد أو كجماعة، سارعوا إلى أن تحصلوا على مغفرة الله في ما تعملون من أعمال صالحة، وفي ما تدخلون من مشاريع خيِّرة، وفي ما تنشئونه من علاقات خالصة مخلصة في رضى الله، إذا كان هناك مشروع خير، فلا تتريَّث، بل سارع إليه حتّى لا يأخذه غيرك، وإذا كان هناك مشروع جهاد، فسارع إليه قبل أن يفوتك، وإذا كان هناك مشروع موقف صدق، فسارع إليه قبل أن يسبقك الآخرون إليه، لأنّك عندما تحصل على مغفرةٍ من ربّك، فقد حصلت على الخير كلّه والسعادة كلّها، لأنَّ مغفرة الله ومحبّته هي التي تضمن لك الدّنيا والآخرة، ولأنَّ الإنسان الذي يعيش في الدنيا في محبّة الله وفي رضاه وفي مغفرته، ويعيش في الآخرة في تلك الأجواء، هو الإنسان الذي  يمسك بالسّعادة من كلّ أطرافها. ومن هنا، فإذا كنت من الناس الذين أخطأوا، سارِع إلى التّوبة، لأنَّ التوبة هي التي تهيّئ لك المغفرة.

هذه هي الروحية التي يريدنا الله سبحانه وتعالى أن نعيشها عندما نريد أن نحرِّك طموحاتنا في الحياة، ليكون طموحنا في الحياة كلّها أن نحصل على رضى الله ومحبّته، وأن نحصل على مغفرة الله وعدله. هذا هو الطّموح الكبير الذي يجعل منك إنساناً تعيش في رحاب الله وفي آفاقه، بدلاً من أن تكون إنساناً يعيش في زوايا زيد ليرضى عنك، أو في زوايا عمرو ليرضى عنك هو الآخر. اليوم يرضى عنك فلان، وغداً يغضب منك وتعيش القلق والذلّة والسقوط والانهيار، ولكنّك إذا حصلت على رضى الله، وعرفت الطّريق الذي يؤدّي إلى الله، واستطعت أن تُثَبِّت أقدامك في المواقع التي يرضاها، فذلك هو النجاح كلّ النجاح، وذلك هو الفوز العظيم.

{وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ}. هذه الجنّة التي يملّكك الله إيّاها، جعل لك فيها أن تذهب حيث تشاء، وتأكل ممّا تشاء، وتشرب ممّا تشاء، وتتنعَّم بما تشاء، لأنَّ الله سبحانه وتعالى جعل فيها للمؤمنين ما تشتهي أنفسهم وما يدّعون.

سارع، أنتَ في الدّنيا تقطع آلاف الأميال لتحصل على قطعة أرض تسكن فيها، ولا مانع من أن تفعل ذلك، أو تستنبت أرضاً تعيش عليها، لكن إذا كنت تفكّر أن تكون لك دار في الدنيا، وتعتبر أنّ كلّ جهدك ينبغي أن تبذله في هذا السّبيل، فلماذا لا تسارع إلى أن تحصل على الدار الخالدة في الجنّة التي عرضها السماء والأرض؟ لماذا يعيش كثيرٌ منّا الزّهد بالجنّة؟ لو قلت لإنسانٍ افعل ذلك والجنّة مضمونة لك عند الله، فهل تجد في نفسك الاندفاع الكبير في هذا الاتجاه، بحيث تترك أشغالك وأعمالك وأفعالك وتتحمَّل المتاعب والمشاكل في سبيل الحصول على الجنّة؟

نحن المسارعون إلى مغفرة الناس، ولكنّنا المتثاقلون في السير إلى مغفرة الله، الله يقول: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}، لا بدّ للجنّة من تقوى، أن تكون تقيّاً. والإمام عليّ (ع)، في ما كان يتحدّث به مع أصحابه الذين كانوا لا يختلفون عنّا في مشاغباتهم ومشاكلهم ولغوهم وضوضائهم وخلافاتهم ومواقفهم وما إلى ذلك، ويبدو أنَّ الإمام كان مبتلياً بجماعته الذين كانوا معه، الإمام عليّ (ع) كان يقول لهم: "لقد ملأتم قلبي قيحاً..."لوددت والله أنَّ معاوية صارفني بكم صرف الدّينار بالدّرهم"، يعني أنا مستعدّ لأنْ أُبادل الدّرهم بالدّينار. كان يقول لهم في بعض الحالات: "أَبِمِثْلِ هذه الأعمال تريدون أن تجاوروا الله في دار قدسه؟! هيهات! لا يخدع الله عن جنَّته"(1)، قد يخدع بعضكم بعضاً، وقد يغشّ بعضكم بعضاً، وقد يتستَّر بعضكم على بعض، لكن أمام الله، ليس هناك مجال للتستُّر {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}[الطارق: 9].

*من كتاب "الجمعة منبر ومحراب" 


(1) نهج البلاغة، ج:8، باب:129، ص:244.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية