كتابات
29/09/2020

لنكن الأقوياء في الحياة

لنكن الأقوياء في الحياة

لماذا القوّة؟هل هي قيمة كبيرة من القِيَم الحياتية الضخمة التي يطلبها الإنسان لذاتها، تماماً كما يطلب أيّ عنصر من عناصر زهو الذات بنفسها، أو هي إحدى الوسائل العملية التي تصل الذات ـــ من خلالها ـــ إلى صنع القِيَم في الحياة؟

إنّها هذا وذاك معاً، فهي قيمة للداخل تُشعر الإنسان بالاكتفاء والامتلاء في عملية صنع الشخصية وبنائها، وهي وسيلة كبرى من وسائل صنع الحياة، وتحقيق المبادئ الحقّة فيها.

تلك هي الصورة فيما نرى، وفيما نفكّر.

أنْ تملك القوّة في الحياة، معناه أن تكون نفسك لا غيرك، وأن تمسك بزمام الحياة في عمليّة إدارة وقيادة. أن تعطيك الحياة طاقاتها وثرواتها لتُسخّرها كما تريد، وتفجِّرها كما تشاء، وتصنعها كما يروق لك.

أمّا أن تفقد القوّة، فتكون ضعيفاً، تفقد القدرة على الصّراع وعلى الحركة، فمعناه أن تكون صورة غيرك وظلّه، كمثل الشّبح الذي يبدو ويزول، ليعود في بعض اللّمحات باهت اللون، ضائع الملامح، وأنّك لا تشارك في الحياة إلّا من بعيد تماماً، كاللّمحة الخاطفة من الضياء الخافت الآتي من مسافات شاسعة، على خجل واستحياء، من أجل أن يخترق سواد اللّيل، فلا يخدش إلا بعض حواشي الظلام، بكلّ هدوء.

ذلك هو منطق الحياة المتحرّك، عندما يقدّم القوّة كإحدى القِيَم الكبيرة الفاعلة، في شمول المعنى الذي تمثّله الكلمة، ليتّسع للحياة كلّها، بما فيه من فكر وسلاح ومواقف.

وذلك هو واقع الأشياء الذي يفرض نفسه. ففي كلّ حالة من حالات تعاظم القوّة، كانت الحياة تتقدّم وتنمو وتفسح المجال لولادة طاقات جديدة، ومواقف مبدعة، وتُحرّك المبادئ لتفرض نفسها على الواقع، والعكس هو الصحيح.

أمّا في حالات الضعف، فإنّ الحياة تبدأ بالانهيار والتراجع إلى الخلف. أمّا الطاقات، فإنّها تتضاءل وتنكمش وتتجمّد في النطاق الضيّق داخل الذّات، فيما يشبه الاختناق والشلل.

حتى التاريخ، تاريخ الحرب والسِّلم، في العلم والمال وفي غير ذلك، إنّه تاريخ الأقوياء وخصومهم من أتباع الحقّ والباطل. أمّا الضعفاء والمستضعفون، فإنّهم لم يستطيعوا أن يربحوا الموقف لمبادئهم وأفكارهم ومصالحهم إلا بعد الأخذ بأسلوب القوّة، فلم يقفوا في بدايات الطّريق يراوحون أقدامهم ويبكون على المجد الغابر والقوّة الضائعة.

ولذا، فإنّ حاجتنا إلى القوّة، هي حاجتنا إلى بناء الشخصيّة التي تشعر بأنّ أقدامها ثابتة على الأرض الصّلبة في الحياة، لتملك زمام نفسها، وزمام الحياة، وحاجتنا إلى أنْ نحوّل الأهداف التي نؤمن بها، والقِيَم التي ندعو إليها، إلى واقع حيّ يحكم الحياة ويخطّط لها بالوسائل القويّة التي تواجه العقبات، وتتخطّى الصعوبات، وتزيل الحواجز عن الطريق، وتفسح المجال لنا للبناء والتخطيط والعمل.

ومن جهةٍ أخرى، نجد أنّ حاجتنا إلى صنع القوّة، هي حاجة الحياة التي تريد أنْ تستثمر الطاقات المودعة في الأرض، والسابحة في الفضاء، والكامنة في أعماق البحار، وتسخّرها للخير، ولخدمة الإنسان.

وإذا لم نملك قوّة العلم، وقوّة السيطرة على موارد القوّة المادية ومصادرها، فسنبقى ـــ حيث نحن ـــ نتطلّع إلى ذلك كما يتطلّع الحالمون إلى أحلامهم من بعيد، دون أن يملكوا السبل إلى تحقيقها وتحويلها إلى واقعٍ حيّ ثابت.

*من كتاب "الإسلام ومنطق القوّة".

لماذا القوّة؟هل هي قيمة كبيرة من القِيَم الحياتية الضخمة التي يطلبها الإنسان لذاتها، تماماً كما يطلب أيّ عنصر من عناصر زهو الذات بنفسها، أو هي إحدى الوسائل العملية التي تصل الذات ـــ من خلالها ـــ إلى صنع القِيَم في الحياة؟

إنّها هذا وذاك معاً، فهي قيمة للداخل تُشعر الإنسان بالاكتفاء والامتلاء في عملية صنع الشخصية وبنائها، وهي وسيلة كبرى من وسائل صنع الحياة، وتحقيق المبادئ الحقّة فيها.

تلك هي الصورة فيما نرى، وفيما نفكّر.

أنْ تملك القوّة في الحياة، معناه أن تكون نفسك لا غيرك، وأن تمسك بزمام الحياة في عمليّة إدارة وقيادة. أن تعطيك الحياة طاقاتها وثرواتها لتُسخّرها كما تريد، وتفجِّرها كما تشاء، وتصنعها كما يروق لك.

أمّا أن تفقد القوّة، فتكون ضعيفاً، تفقد القدرة على الصّراع وعلى الحركة، فمعناه أن تكون صورة غيرك وظلّه، كمثل الشّبح الذي يبدو ويزول، ليعود في بعض اللّمحات باهت اللون، ضائع الملامح، وأنّك لا تشارك في الحياة إلّا من بعيد تماماً، كاللّمحة الخاطفة من الضياء الخافت الآتي من مسافات شاسعة، على خجل واستحياء، من أجل أن يخترق سواد اللّيل، فلا يخدش إلا بعض حواشي الظلام، بكلّ هدوء.

ذلك هو منطق الحياة المتحرّك، عندما يقدّم القوّة كإحدى القِيَم الكبيرة الفاعلة، في شمول المعنى الذي تمثّله الكلمة، ليتّسع للحياة كلّها، بما فيه من فكر وسلاح ومواقف.

وذلك هو واقع الأشياء الذي يفرض نفسه. ففي كلّ حالة من حالات تعاظم القوّة، كانت الحياة تتقدّم وتنمو وتفسح المجال لولادة طاقات جديدة، ومواقف مبدعة، وتُحرّك المبادئ لتفرض نفسها على الواقع، والعكس هو الصحيح.

أمّا في حالات الضعف، فإنّ الحياة تبدأ بالانهيار والتراجع إلى الخلف. أمّا الطاقات، فإنّها تتضاءل وتنكمش وتتجمّد في النطاق الضيّق داخل الذّات، فيما يشبه الاختناق والشلل.

حتى التاريخ، تاريخ الحرب والسِّلم، في العلم والمال وفي غير ذلك، إنّه تاريخ الأقوياء وخصومهم من أتباع الحقّ والباطل. أمّا الضعفاء والمستضعفون، فإنّهم لم يستطيعوا أن يربحوا الموقف لمبادئهم وأفكارهم ومصالحهم إلا بعد الأخذ بأسلوب القوّة، فلم يقفوا في بدايات الطّريق يراوحون أقدامهم ويبكون على المجد الغابر والقوّة الضائعة.

ولذا، فإنّ حاجتنا إلى القوّة، هي حاجتنا إلى بناء الشخصيّة التي تشعر بأنّ أقدامها ثابتة على الأرض الصّلبة في الحياة، لتملك زمام نفسها، وزمام الحياة، وحاجتنا إلى أنْ نحوّل الأهداف التي نؤمن بها، والقِيَم التي ندعو إليها، إلى واقع حيّ يحكم الحياة ويخطّط لها بالوسائل القويّة التي تواجه العقبات، وتتخطّى الصعوبات، وتزيل الحواجز عن الطريق، وتفسح المجال لنا للبناء والتخطيط والعمل.

ومن جهةٍ أخرى، نجد أنّ حاجتنا إلى صنع القوّة، هي حاجة الحياة التي تريد أنْ تستثمر الطاقات المودعة في الأرض، والسابحة في الفضاء، والكامنة في أعماق البحار، وتسخّرها للخير، ولخدمة الإنسان.

وإذا لم نملك قوّة العلم، وقوّة السيطرة على موارد القوّة المادية ومصادرها، فسنبقى ـــ حيث نحن ـــ نتطلّع إلى ذلك كما يتطلّع الحالمون إلى أحلامهم من بعيد، دون أن يملكوا السبل إلى تحقيقها وتحويلها إلى واقعٍ حيّ ثابت.

*من كتاب "الإسلام ومنطق القوّة".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية