كتابات
24/06/2020

لا شيء أمام عظمة الله تعالى

لا شيء أمام عظمة الله تعالى

[ورد في دعاء كميل المرويّ عن أمير المؤمنين عليّ (ع): "وبعظمتك التي مَلَأت كلَّ شيء"].

من صفات الله (عزّ وجلّ) العليّ العظيم، ولذا يُسَبِّح العبد ربّه فيقول: سبحان ربّي العظيم.

والعظيم: هو الذي جاوز قدره وجلَّ عن حدود العقول، حتى لا تتصوّر الإحاطة بكنهه وحقيقته.

 قال النبيّ (ص): "فأمّا الركوع فعظِّموا فيه الربّ"، أي اجعلوه في أنفسكم ذا عظمة. وعظمة الله سبحانه وتعالى لا تكيّف، ولا تحدّ، ولا تمثّل بشيء، ويجب على العباد أن يعلموا أنّه عظيم كما وصف نفسه، وفوق ذلك، بلا كيفيّة ولا تحديد.

هذا في ما يخصّ عظمة الله، وأمّا عظمة العبد، فكبره المذموم وتجبّره. وفي الحديث: "مَن تعظّم في نفسه لقي الله، تبارك وتعالى، غضبان". التعظّم في النفس: هو الكبر والزّهوة والنّخوة.

الإمام عليّ (ع) يقرّر أنّ ما من شيء إلاّ هو مملوء بعظمة الله تعالى. وبالتّالي، ما من شيء إلاّ يكشف عن عظمة الله تعالى.

وهو بذلك يبصّرنا، ضمناً، بالطّريق الأنسب لاستشعار عظمة الله تعالى، وهو طريق التأمّل والتفكّر في مخلوقات الله تعالى، التي منها أنفسنا التي بين جنبينا، والتي لا شكّ، تفصح بذات وجودها عن عظمة الله أيضاً.

من هنا، فإنّ أيّ شخص إذا أراد أن يزيد في إيمانه بالله تعالى، وأنْ يؤكّد في وجدانه الشّعور بعظمة الله، فلا يكفي أن يقرأ الكتب الدينيّة فقط، بل إنّ القراءة الجيّدة لكتب علوم الفيزياء، والكيمياء، والحيوان، والطبيعيّات، تعطي لقارئها الشعور بعظمة الله.

فدراسة القوانين التي أودعت في الكون، تشعر الإنسان بأن لا شيء خلق صدفة أو يسير بالصّدفة، بل إنّ كلّ شيء خاضع لقانون ولترتيب خاصّين. فأجهزة الحيوانات التي تعيش في المنطقة القطبيّة مركّبة على أساس شروط تمنعها من العيش في المناطق الحارّة، وهكذا النبتة التي هيّئ لها أن تعيش في السّاحل، فمن غير الممكن أن تعيش في المناطق الجبليّة، وهكذا، إذا درست بعض أجهزة جسم الإنسان دراسة جيّدة، كالجهاز الهضمي مثلاً، فإنّك ترى أنّه يمثّل واحداً من المعامل المعقّدة التي تقوم بعملية تصنيع وتوزيع دقيقة، فكيف يعرف هذا الجهاز وظيفته ليبعث إلى الدّم العناصر التي يحتاجها؟ وهكذا بالنّسبة إلى العظام، إنّ الأغذية التي يحتاجها الإنسان تتحلَّل وتتحوّل إلى موادَّ يستفيد منها الجسم وأجهزته.. فلو تمعنَّا في كلّ أجهزة الجسم، وفكّرنا في كيفيّة عملها وطريقتها، ولو فتحنا أيَّ كتاب يخصّ هذا الموضوع، ككتب الصحّة مثلاً، ودرسناها جيّداً، مهما كان مستوى هذه الكتب، سنجد أنّنا سنمتلئ بالشّعور بعظمة الله سبحانه وتعالى، وسنجد أنَّ عظمة الله "ملأت كلّ شيء"، لأنّ هذا الجسم مجهَّز بالقوانين الدّقيقة التي تنظّمه من كلّ جهة، بالمستوى الذي تشعر فيه بأنّ العظمة تحيط بك من كلّ جوانبك.

 أي سيدرك الواحد منّا كم هو الله تعالى كائن متعال لا يُحدُّ بحدّ، ولا يوصف إلاّ بما وصف به نفسه، ولا يكيّف، ولا يؤيّن بأين، فهو الكبير، المتعال، الذي لا يبلغ مدحته الواصفون، ولا يدرك كنهه النّاعتون، الذي قصرت دونه الهمم، وحارت به أرباب العقول. والشّعور بالعظمة مدخل للشّعور بالجلال والاحترام والتّقديس والتّنزيه، وبالتالي، مدخل من مداخل التّوحيد السامية. فالله سبحانه وتعالى فوق أن يمسّ أو يدرك.

وهناك بعض الشّباب، بمجرّد حصوله على شهادة ثانية أو ثالثة، يبدأ يشكّك بوجود الله، ويشكّك بالعقليّة التي تؤمن بوجود الله، ويعتبر العقليّة المؤمنة بالله ورسوله عقليّة قديمة، باعتبار أنّه لا يؤمن إلاّ بالعلم، علماً أنّ دراسة بعض النظريات على طريقة الاستظهار، لا تجعل منه رجل علم.

أمّا عند الحديث عن العالم الحقيقي، فنتذكّر المرحوم حسن كامل الصبّاح، الذي يسمّونه "أديسون الصغير"، تشبيهاً بأديسون الذي اخترع الكهرباء، لأنَّ لحسن الصبّاح في أميركا اختراعات كثيرة، وكانت اختراعاته توازي اختراعات "أديسون" أو تقترب منها، ولقد بعث برسائل إلى الملوك العرب شارحاً مشروعه واختراعه لاستخراج الطّاقة من الشّمس، الأمر الذي يفيد بلاد الشّرق لأنّها مليئة بالصحارى، وبذلك يستطيع أن يستخرج الطّاقة من الشّمس بدون الحاجة إلى المياه أو غيرها، وقد فكّر اليهود بعد ذلك الوقت في هذا الإنسان، وأنّ من الممكن استفادة البلاد العربيّة منه، ولذلك قتلوه.

هذا الإنسان كان يصلّي وهو في مختبره في أميركا، وكان يكتب في بعض رسائله عن العلوم الطبيعيّة يقول: "إنّ العلوم الطبيعيّة إذا رشفت رشفاً أبعدت عن الله"، يعني إذا ذاقها شخص بشفتيه فقط ولم يهضمها جيّداً، أبعدته عن الله، "وإذا عُبّت عبّاً قربت من الله"، أي إذا تعلّم الشّخص هذه العلوم الطبيعيّة وهضمها جيّداً، فإنّها تعطيه دليلاً واضحاً على وجود الله وعظمته؛ إذ سيفهم الإنسان طبيعة هذا الكون، وأنّه قائم على أساس قوانين حكيمة مركّزة، ومن غير الممكن أن يكون قد وُجِدَ وحده صدفة.

*من كتاب "في رحاب دعاء كميل ".

[ورد في دعاء كميل المرويّ عن أمير المؤمنين عليّ (ع): "وبعظمتك التي مَلَأت كلَّ شيء"].

من صفات الله (عزّ وجلّ) العليّ العظيم، ولذا يُسَبِّح العبد ربّه فيقول: سبحان ربّي العظيم.

والعظيم: هو الذي جاوز قدره وجلَّ عن حدود العقول، حتى لا تتصوّر الإحاطة بكنهه وحقيقته.

 قال النبيّ (ص): "فأمّا الركوع فعظِّموا فيه الربّ"، أي اجعلوه في أنفسكم ذا عظمة. وعظمة الله سبحانه وتعالى لا تكيّف، ولا تحدّ، ولا تمثّل بشيء، ويجب على العباد أن يعلموا أنّه عظيم كما وصف نفسه، وفوق ذلك، بلا كيفيّة ولا تحديد.

هذا في ما يخصّ عظمة الله، وأمّا عظمة العبد، فكبره المذموم وتجبّره. وفي الحديث: "مَن تعظّم في نفسه لقي الله، تبارك وتعالى، غضبان". التعظّم في النفس: هو الكبر والزّهوة والنّخوة.

الإمام عليّ (ع) يقرّر أنّ ما من شيء إلاّ هو مملوء بعظمة الله تعالى. وبالتّالي، ما من شيء إلاّ يكشف عن عظمة الله تعالى.

وهو بذلك يبصّرنا، ضمناً، بالطّريق الأنسب لاستشعار عظمة الله تعالى، وهو طريق التأمّل والتفكّر في مخلوقات الله تعالى، التي منها أنفسنا التي بين جنبينا، والتي لا شكّ، تفصح بذات وجودها عن عظمة الله أيضاً.

من هنا، فإنّ أيّ شخص إذا أراد أن يزيد في إيمانه بالله تعالى، وأنْ يؤكّد في وجدانه الشّعور بعظمة الله، فلا يكفي أن يقرأ الكتب الدينيّة فقط، بل إنّ القراءة الجيّدة لكتب علوم الفيزياء، والكيمياء، والحيوان، والطبيعيّات، تعطي لقارئها الشعور بعظمة الله.

فدراسة القوانين التي أودعت في الكون، تشعر الإنسان بأن لا شيء خلق صدفة أو يسير بالصّدفة، بل إنّ كلّ شيء خاضع لقانون ولترتيب خاصّين. فأجهزة الحيوانات التي تعيش في المنطقة القطبيّة مركّبة على أساس شروط تمنعها من العيش في المناطق الحارّة، وهكذا النبتة التي هيّئ لها أن تعيش في السّاحل، فمن غير الممكن أن تعيش في المناطق الجبليّة، وهكذا، إذا درست بعض أجهزة جسم الإنسان دراسة جيّدة، كالجهاز الهضمي مثلاً، فإنّك ترى أنّه يمثّل واحداً من المعامل المعقّدة التي تقوم بعملية تصنيع وتوزيع دقيقة، فكيف يعرف هذا الجهاز وظيفته ليبعث إلى الدّم العناصر التي يحتاجها؟ وهكذا بالنّسبة إلى العظام، إنّ الأغذية التي يحتاجها الإنسان تتحلَّل وتتحوّل إلى موادَّ يستفيد منها الجسم وأجهزته.. فلو تمعنَّا في كلّ أجهزة الجسم، وفكّرنا في كيفيّة عملها وطريقتها، ولو فتحنا أيَّ كتاب يخصّ هذا الموضوع، ككتب الصحّة مثلاً، ودرسناها جيّداً، مهما كان مستوى هذه الكتب، سنجد أنّنا سنمتلئ بالشّعور بعظمة الله سبحانه وتعالى، وسنجد أنَّ عظمة الله "ملأت كلّ شيء"، لأنّ هذا الجسم مجهَّز بالقوانين الدّقيقة التي تنظّمه من كلّ جهة، بالمستوى الذي تشعر فيه بأنّ العظمة تحيط بك من كلّ جوانبك.

 أي سيدرك الواحد منّا كم هو الله تعالى كائن متعال لا يُحدُّ بحدّ، ولا يوصف إلاّ بما وصف به نفسه، ولا يكيّف، ولا يؤيّن بأين، فهو الكبير، المتعال، الذي لا يبلغ مدحته الواصفون، ولا يدرك كنهه النّاعتون، الذي قصرت دونه الهمم، وحارت به أرباب العقول. والشّعور بالعظمة مدخل للشّعور بالجلال والاحترام والتّقديس والتّنزيه، وبالتالي، مدخل من مداخل التّوحيد السامية. فالله سبحانه وتعالى فوق أن يمسّ أو يدرك.

وهناك بعض الشّباب، بمجرّد حصوله على شهادة ثانية أو ثالثة، يبدأ يشكّك بوجود الله، ويشكّك بالعقليّة التي تؤمن بوجود الله، ويعتبر العقليّة المؤمنة بالله ورسوله عقليّة قديمة، باعتبار أنّه لا يؤمن إلاّ بالعلم، علماً أنّ دراسة بعض النظريات على طريقة الاستظهار، لا تجعل منه رجل علم.

أمّا عند الحديث عن العالم الحقيقي، فنتذكّر المرحوم حسن كامل الصبّاح، الذي يسمّونه "أديسون الصغير"، تشبيهاً بأديسون الذي اخترع الكهرباء، لأنَّ لحسن الصبّاح في أميركا اختراعات كثيرة، وكانت اختراعاته توازي اختراعات "أديسون" أو تقترب منها، ولقد بعث برسائل إلى الملوك العرب شارحاً مشروعه واختراعه لاستخراج الطّاقة من الشّمس، الأمر الذي يفيد بلاد الشّرق لأنّها مليئة بالصحارى، وبذلك يستطيع أن يستخرج الطّاقة من الشّمس بدون الحاجة إلى المياه أو غيرها، وقد فكّر اليهود بعد ذلك الوقت في هذا الإنسان، وأنّ من الممكن استفادة البلاد العربيّة منه، ولذلك قتلوه.

هذا الإنسان كان يصلّي وهو في مختبره في أميركا، وكان يكتب في بعض رسائله عن العلوم الطبيعيّة يقول: "إنّ العلوم الطبيعيّة إذا رشفت رشفاً أبعدت عن الله"، يعني إذا ذاقها شخص بشفتيه فقط ولم يهضمها جيّداً، أبعدته عن الله، "وإذا عُبّت عبّاً قربت من الله"، أي إذا تعلّم الشّخص هذه العلوم الطبيعيّة وهضمها جيّداً، فإنّها تعطيه دليلاً واضحاً على وجود الله وعظمته؛ إذ سيفهم الإنسان طبيعة هذا الكون، وأنّه قائم على أساس قوانين حكيمة مركّزة، ومن غير الممكن أن يكون قد وُجِدَ وحده صدفة.

*من كتاب "في رحاب دعاء كميل ".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية