كتابات
14/11/2019

الحركيّة الإسلاميّة والعمل السياسي

الحركيّة الإسلاميّة والعمل السياسي

لا بدّ من دراسة الواقع الذي يعيشه العمل الإسلامي السياسي فيما هي الحركة، وفيما هو الردّ، وفيما هي المرحلة، وذلك للتعرّف إلى المساحة الحرة التي يمتلك فيها الخط الإسلامي الحركي حرية الحركة فيها.. فقد تكون المساحة ضيّقة المستوى الذي لا مجال فيها إلا للثقافة والعبادة والتربية.. وفي هذه الحال، لا بد من توفير كل الوسائل الثقافية والروحية والتربوية والاستغراق فيها من أجل تكوين قاعدة إسلامية فكرية، من حيث الوعي الفكري والصفاء الروحي والتوازن التربوي، للبدء بعد ذلك بمرحلة جديدة للانطلاق في العمل السياسي، بعد استكمال شروطه الموضوعية، فيما يمكن أن يكون حقيقة في توسيع القاعدة وتحرير الساحة في حدودها الضيقة.

وقد تكون الساحة واسعة، باعتبار أنّ الأجواء العامة منفتحة على الأجواء الإسلاميّة، لأنّ المجتمع ينتمي إلى الإسلام على صعيد الانتماء الديني، ويمارس طقوسه على الصعيد العباديّ، ويعيش أخلاقيّاته في الجانب الفردي والاجتماعي، مع بعض الانحراف أو التخلّف في الوعي والممارسة وفي طريقة الانتماء، فليست هناك أية ضرورة للقيام بعملية البناء الفكري من جديد.. ولكن ربما يكون هناك حاجة إلى الوعي السياسي فيما هو المفهوم السياسي المعقَّد الذي يعيش فيه الناس منطلقاً لتحريك الوعي، فيما يثير من مشاعر وقضايا وأوضاع متنوعة، مما يوفّر الكثير من الجهد النظري على العاملين في إقناع الناس بضرورة التحرك، بحيث يكون التحرك السياسي العفوي، المنطلق في أجواء آيات الجهاد وعناوين العزة والحرية والعدالة، مدخلاً للتثقيف السياسي من خلال مفردات الواقع المتحرك، وللانتماء الإسلامي الحركي، من موقع الحاجة إلى الخروج من المشكلة، والابتعاد عن المأزق والاندفاع نحو الحلّ، على صعيد العمل الجهادي الذي تفرضه كلّ الأغلال التي تقيّد حرية الناس، وكل التحديات التي تسقط أصالتهم وقوتهم وحركتهم في الاتجاه السليم.

وفي ضوء ذلك، فقد تنطلق المرحلة لتحرّك العمل السياسي والجهادي، إلى جانب العمل الثقافي، وباعتبار أنّ حركيّة الواقع المتنوّعة تفرض ذلك كله، وتغني التجربة كلّها، وتضم الحركة في وحدة الشخصيّة للإنسان المسلم في ذهنيّته الثقافيّة والجهاديّة والسياسيّة، لأنّ الإسلام يضمّ ذلك كلّه في وحدته الفكريّة والشرعيّة، فلا يعيش انفصام الشخصيّة عندما يلتقي بالإنسان الثقافي في وقت، وبالإنسان السياسي في وقت آخر، لأنّه لم ينطلق في تكوينه الذاتي من تجربة واحدة، بل من تجربتين مختلفتين متباعدتين.

وقد نلاحظ في هذا الاتجاه، أن بعض الحركات الإسلامية التي عاشت تجربة المرحليّة في الجانب الثقافي المحض، وفي الجانب السياسي الذي يتحرك في البعد الثقافي، قد اصطدمت بالشخصية الثقافية الغارقة في ضبط المفاهيم المطلقة، فوجدت صعوبة كبيرة في التحول إلى المرحلة السياسية في العمل، لأن طبيعة التطبيق تختلف عن طبيعة النظرية، ولأن التربية الخاضعة للخطوط الفكرية العامة، لا تتفق مع الخطوط التفصيلية المتعرجة التي تتحرك يميناً وشمالاً، وتحتاج إلى ذهنية متحركة في أكثر من اتجاه، بحيث تستطيع احتواء كلّ المتغيرات، ومواجهة كلّ الالتواءات في حركة الواقع.. وبذلك بقيت الذهنية الثقافية حاجزاً كبيراً أمام الذهنية السياسية، الأمر الّذي أدّى إلى الكثير من الخلل في طريقة العمل، وفي طبيعة التفكير.

ولعلّنا نجد في التحرّك الإسلامي في العهد المدنيّ، ظاهرة حركيّة يمتزج فيها العمل الجهادي والسياسي، إلى جانب حركة الدّعوة في سبيل الله، بل رأينا أنّ الجهاد والسياسة قد استطاعا أن يقدّما للدّعوة الكثير من الانتصارات والفتوحات، والغنى الكبير في التجربة الواعية المتحركة، من خلال الآفاق الواسعة التي انفتحت على حياة الناس.

إننا نريد أن لا ننكر على المرحلية في العمل الإسلامي قيمتها الحركية، ولكننا نريد أن نؤكد حقيقة واقعية في هذا المجال، وهي أنّ المسألة لا تأخذ دور الحقيقة الموضوعية المطلقة التي تمثل القانون الطبيعي للخطة الإسلامية للعمل، لأن الأوضاع قد تختلف في طبيعتها وفي ظروفها، كما أنّ الساحات قد تختلف في نوعية ذلك كلّه قبل تحديد المراحل أو إلغائها، لأنّ لذلك أثراً كبيراً في جدية العمل وسلامته على كل صعيد.

*من كتاب "الحركة الإسلاميّة هموم وقضايا".

لا بدّ من دراسة الواقع الذي يعيشه العمل الإسلامي السياسي فيما هي الحركة، وفيما هو الردّ، وفيما هي المرحلة، وذلك للتعرّف إلى المساحة الحرة التي يمتلك فيها الخط الإسلامي الحركي حرية الحركة فيها.. فقد تكون المساحة ضيّقة المستوى الذي لا مجال فيها إلا للثقافة والعبادة والتربية.. وفي هذه الحال، لا بد من توفير كل الوسائل الثقافية والروحية والتربوية والاستغراق فيها من أجل تكوين قاعدة إسلامية فكرية، من حيث الوعي الفكري والصفاء الروحي والتوازن التربوي، للبدء بعد ذلك بمرحلة جديدة للانطلاق في العمل السياسي، بعد استكمال شروطه الموضوعية، فيما يمكن أن يكون حقيقة في توسيع القاعدة وتحرير الساحة في حدودها الضيقة.

وقد تكون الساحة واسعة، باعتبار أنّ الأجواء العامة منفتحة على الأجواء الإسلاميّة، لأنّ المجتمع ينتمي إلى الإسلام على صعيد الانتماء الديني، ويمارس طقوسه على الصعيد العباديّ، ويعيش أخلاقيّاته في الجانب الفردي والاجتماعي، مع بعض الانحراف أو التخلّف في الوعي والممارسة وفي طريقة الانتماء، فليست هناك أية ضرورة للقيام بعملية البناء الفكري من جديد.. ولكن ربما يكون هناك حاجة إلى الوعي السياسي فيما هو المفهوم السياسي المعقَّد الذي يعيش فيه الناس منطلقاً لتحريك الوعي، فيما يثير من مشاعر وقضايا وأوضاع متنوعة، مما يوفّر الكثير من الجهد النظري على العاملين في إقناع الناس بضرورة التحرك، بحيث يكون التحرك السياسي العفوي، المنطلق في أجواء آيات الجهاد وعناوين العزة والحرية والعدالة، مدخلاً للتثقيف السياسي من خلال مفردات الواقع المتحرك، وللانتماء الإسلامي الحركي، من موقع الحاجة إلى الخروج من المشكلة، والابتعاد عن المأزق والاندفاع نحو الحلّ، على صعيد العمل الجهادي الذي تفرضه كلّ الأغلال التي تقيّد حرية الناس، وكل التحديات التي تسقط أصالتهم وقوتهم وحركتهم في الاتجاه السليم.

وفي ضوء ذلك، فقد تنطلق المرحلة لتحرّك العمل السياسي والجهادي، إلى جانب العمل الثقافي، وباعتبار أنّ حركيّة الواقع المتنوّعة تفرض ذلك كله، وتغني التجربة كلّها، وتضم الحركة في وحدة الشخصيّة للإنسان المسلم في ذهنيّته الثقافيّة والجهاديّة والسياسيّة، لأنّ الإسلام يضمّ ذلك كلّه في وحدته الفكريّة والشرعيّة، فلا يعيش انفصام الشخصيّة عندما يلتقي بالإنسان الثقافي في وقت، وبالإنسان السياسي في وقت آخر، لأنّه لم ينطلق في تكوينه الذاتي من تجربة واحدة، بل من تجربتين مختلفتين متباعدتين.

وقد نلاحظ في هذا الاتجاه، أن بعض الحركات الإسلامية التي عاشت تجربة المرحليّة في الجانب الثقافي المحض، وفي الجانب السياسي الذي يتحرك في البعد الثقافي، قد اصطدمت بالشخصية الثقافية الغارقة في ضبط المفاهيم المطلقة، فوجدت صعوبة كبيرة في التحول إلى المرحلة السياسية في العمل، لأن طبيعة التطبيق تختلف عن طبيعة النظرية، ولأن التربية الخاضعة للخطوط الفكرية العامة، لا تتفق مع الخطوط التفصيلية المتعرجة التي تتحرك يميناً وشمالاً، وتحتاج إلى ذهنية متحركة في أكثر من اتجاه، بحيث تستطيع احتواء كلّ المتغيرات، ومواجهة كلّ الالتواءات في حركة الواقع.. وبذلك بقيت الذهنية الثقافية حاجزاً كبيراً أمام الذهنية السياسية، الأمر الّذي أدّى إلى الكثير من الخلل في طريقة العمل، وفي طبيعة التفكير.

ولعلّنا نجد في التحرّك الإسلامي في العهد المدنيّ، ظاهرة حركيّة يمتزج فيها العمل الجهادي والسياسي، إلى جانب حركة الدّعوة في سبيل الله، بل رأينا أنّ الجهاد والسياسة قد استطاعا أن يقدّما للدّعوة الكثير من الانتصارات والفتوحات، والغنى الكبير في التجربة الواعية المتحركة، من خلال الآفاق الواسعة التي انفتحت على حياة الناس.

إننا نريد أن لا ننكر على المرحلية في العمل الإسلامي قيمتها الحركية، ولكننا نريد أن نؤكد حقيقة واقعية في هذا المجال، وهي أنّ المسألة لا تأخذ دور الحقيقة الموضوعية المطلقة التي تمثل القانون الطبيعي للخطة الإسلامية للعمل، لأن الأوضاع قد تختلف في طبيعتها وفي ظروفها، كما أنّ الساحات قد تختلف في نوعية ذلك كلّه قبل تحديد المراحل أو إلغائها، لأنّ لذلك أثراً كبيراً في جدية العمل وسلامته على كل صعيد.

*من كتاب "الحركة الإسلاميّة هموم وقضايا".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية