عندما ندرس حياة الإمام الصادق (ع)، نجد أنه كان في داره وفي مسجده مرجعاً للمسلمين الذين لا يأخذون بمذهبه، وعندما نرى كيف كان يتحدّث (أبو حنيفة) و(مالك بن أنس) وغيرهم عنه، نرى أنهم يتحدثون عنه كما لو كان المرجع الذي يرجعون إليه، بل كان بعض القضاة الحنفيّين يقول لا يمكن أن أغيّر أيّ فتوى إلا إذا كانت تلك الفتوى فتوى جعفر بن محمد الصادق(ع).
كان هناك انفتاح في الحياة الإسلامية، وكان المسلمون يصلّون في مساجد واحدة، ولم يعهد في زمان الأئمّة (ع) أنه كان هناك مسجد للشيعة وآخر للسنّة، وكان الجميع يصلّون في مساجد موحّدة، ومعنى ذلك أنّ النبيّ (ص) والأئمّة (ع) أسّسوا خطاً إسلامياً لا يريدون لشيعتهم أن ينحرفوا عنه أو يتساهلوا فيه، ولكنهم كانوا يرون أن قوة المسلمين الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، إنما تكون إذا اجتمعوا، بحيث إذا اختلفوا وهم مجتمعون، فسينقلب الاختلاف إلى اتفاق، ولكنك عندما تجلس وحدك والآخر وحده، فلا تستطيع أن تكلّمه ولا يستطيع أن يكلّمك، فسوف تتراكم ـ بسبب البعد ـ كلّ الصور الوهميّة التي يحملها كل فريق عن الآخر، وفي المثل الشعبي (البعد جفاء).
فأمام هذا الواقع الذي نعيشه، والّذي سوف ينتهي إلى مشكلة عميقة للإسلام والمسلمين على مستوى الحاضر والمستقبل، فإن التحديات التي تواجهنا أمام الصهيونية العالمية التي تحارب الإسلام في كل مكان، والتحديات التي تواجهنا أمام الاستكبار العالمي الذي يحاول أن يحاصر الإسلام في عقائده وشرائعه ومواقعه، والتحديات التي تواجهنا أمام الكفر العالمي الذي بدأ يخترق مواقع المسلمين الثقافية في جامعاته ومناطق التبشير والتضليل والتكذيب، لا بدّ أن نفكّر في هذا الواقع، وأن لا يجلس كل واحد منا في زاويته ليتصوّر أنّ زوايته تمثل العالم، وأن لا يجلس كل إنسان مختنفاً في داخل شخصيّته ليسجن نفسه في ذاته، ويعتبر أنّ ذاته تختصر الأمّة كلّها، فلكلّ موقعٌ ودورٌ، والآفاق أمامنا واسعة، فتعالوا لنتنفّس في الهواء الطلق، لأنّ كثيراً مما نعيشه مملوء بالهواء الفاسد.. تعالوا لننطلق في الصّحو المبدع حيث تشرق الشّمس فتعطينا الدفء والنّور، حتى نعيش في حياتنا كمسلمين نريد أن نحمل أمانة رسول الله (ص) على أكتافنا، ونعتبرها قضيّتنا على مستوى الخطّ والواقع.
أيّها الأحبّة، إنّ الإمام الصادق (ع) قال في بعض كلماته: "وهل الدّين إلا الحبّ؟"، وقد علّمنا الله سبحانه وتعالى كيف تكون محبّته متجذّرة في الواقع {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي} في كلّ خطوات الرسالة {يُحْبِبْكُمُ اللهُ}.
المحبّة لا الحقد.. والوحدة لا التمزّق.. الأخوّة لا العداوة، هي العناوين التي يريد الله للمسلمين أن يتحرّكوا فيها، وعلينا في مولد الرسول (ص) ومولد الإمام الصادق (ع)، أن نعطيهما من عقولنا ومن قلوبنا ومن طاقاتنا إسلاماً متحركاً منفتحاً محباً ودوداً، يجمع المسلمين في دائرة الحبّ ودائرة المسؤوليّة، فلقد كانت النبوَّة انطلاقة للوحي في وجدان الإنسان، وكانت الإمامة حركة في خطّ النبوّة، من أجل أن تعمّق وجدان الإنسان الإسلامي ليكون إسلاماً متجذراً في العقل والقلب والروح.
هذا هو درس المولد.. أعطوا المولد معناه في الرسالة ولا تعطوه معناه في الشكل الخارجي فقط {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ} ، {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيل}.
فهل ترانا نسير في هذا الخطّ لنكون معه حتى وإن فصلنا عنه الزّمن، معه في العقيدة والشريعة والمنهج والحركة، معه في الدّنيا لنكون معه في الآخرة {وفي ذلك فلتنافس المتنافسون}؟!
*من كتاب النّدوة، ج 5.
عندما ندرس حياة الإمام الصادق (ع)، نجد أنه كان في داره وفي مسجده مرجعاً للمسلمين الذين لا يأخذون بمذهبه، وعندما نرى كيف كان يتحدّث (أبو حنيفة) و(مالك بن أنس) وغيرهم عنه، نرى أنهم يتحدثون عنه كما لو كان المرجع الذي يرجعون إليه، بل كان بعض القضاة الحنفيّين يقول لا يمكن أن أغيّر أيّ فتوى إلا إذا كانت تلك الفتوى فتوى جعفر بن محمد الصادق(ع).
كان هناك انفتاح في الحياة الإسلامية، وكان المسلمون يصلّون في مساجد واحدة، ولم يعهد في زمان الأئمّة (ع) أنه كان هناك مسجد للشيعة وآخر للسنّة، وكان الجميع يصلّون في مساجد موحّدة، ومعنى ذلك أنّ النبيّ (ص) والأئمّة (ع) أسّسوا خطاً إسلامياً لا يريدون لشيعتهم أن ينحرفوا عنه أو يتساهلوا فيه، ولكنهم كانوا يرون أن قوة المسلمين الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، إنما تكون إذا اجتمعوا، بحيث إذا اختلفوا وهم مجتمعون، فسينقلب الاختلاف إلى اتفاق، ولكنك عندما تجلس وحدك والآخر وحده، فلا تستطيع أن تكلّمه ولا يستطيع أن يكلّمك، فسوف تتراكم ـ بسبب البعد ـ كلّ الصور الوهميّة التي يحملها كل فريق عن الآخر، وفي المثل الشعبي (البعد جفاء).
فأمام هذا الواقع الذي نعيشه، والّذي سوف ينتهي إلى مشكلة عميقة للإسلام والمسلمين على مستوى الحاضر والمستقبل، فإن التحديات التي تواجهنا أمام الصهيونية العالمية التي تحارب الإسلام في كل مكان، والتحديات التي تواجهنا أمام الاستكبار العالمي الذي يحاول أن يحاصر الإسلام في عقائده وشرائعه ومواقعه، والتحديات التي تواجهنا أمام الكفر العالمي الذي بدأ يخترق مواقع المسلمين الثقافية في جامعاته ومناطق التبشير والتضليل والتكذيب، لا بدّ أن نفكّر في هذا الواقع، وأن لا يجلس كل واحد منا في زاويته ليتصوّر أنّ زوايته تمثل العالم، وأن لا يجلس كل إنسان مختنفاً في داخل شخصيّته ليسجن نفسه في ذاته، ويعتبر أنّ ذاته تختصر الأمّة كلّها، فلكلّ موقعٌ ودورٌ، والآفاق أمامنا واسعة، فتعالوا لنتنفّس في الهواء الطلق، لأنّ كثيراً مما نعيشه مملوء بالهواء الفاسد.. تعالوا لننطلق في الصّحو المبدع حيث تشرق الشّمس فتعطينا الدفء والنّور، حتى نعيش في حياتنا كمسلمين نريد أن نحمل أمانة رسول الله (ص) على أكتافنا، ونعتبرها قضيّتنا على مستوى الخطّ والواقع.
أيّها الأحبّة، إنّ الإمام الصادق (ع) قال في بعض كلماته: "وهل الدّين إلا الحبّ؟"، وقد علّمنا الله سبحانه وتعالى كيف تكون محبّته متجذّرة في الواقع {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي} في كلّ خطوات الرسالة {يُحْبِبْكُمُ اللهُ}.
المحبّة لا الحقد.. والوحدة لا التمزّق.. الأخوّة لا العداوة، هي العناوين التي يريد الله للمسلمين أن يتحرّكوا فيها، وعلينا في مولد الرسول (ص) ومولد الإمام الصادق (ع)، أن نعطيهما من عقولنا ومن قلوبنا ومن طاقاتنا إسلاماً متحركاً منفتحاً محباً ودوداً، يجمع المسلمين في دائرة الحبّ ودائرة المسؤوليّة، فلقد كانت النبوَّة انطلاقة للوحي في وجدان الإنسان، وكانت الإمامة حركة في خطّ النبوّة، من أجل أن تعمّق وجدان الإنسان الإسلامي ليكون إسلاماً متجذراً في العقل والقلب والروح.
هذا هو درس المولد.. أعطوا المولد معناه في الرسالة ولا تعطوه معناه في الشكل الخارجي فقط {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ} ، {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيل}.
فهل ترانا نسير في هذا الخطّ لنكون معه حتى وإن فصلنا عنه الزّمن، معه في العقيدة والشريعة والمنهج والحركة، معه في الدّنيا لنكون معه في الآخرة {وفي ذلك فلتنافس المتنافسون}؟!
*من كتاب النّدوة، ج 5.