كتابات
24/09/2019

الدين مشكلة مع التخلّف وحلّ مع الوعي

الدين مشكلة مع التخلّف وحلّ مع الوعي

عندما ندرس الواقع العربي، فقد نجد عالماً عربياً بالمعنى الشعوري على السطح، فالعرب يحسون بعروبتهم في بعض الأمور التي تحرّك رواسبهم العميقة لتوقظ فيها شيئًا من الكرامة أمام القهر الصهيوني، أمّا خارج هذا السطح، فليس هناك عالـم عربي، لأنَّ الإقليمية التي فرضتها (سايكس ـ بيكو)، تجذّرت في ذهنيّة الإنسان العربي، بحيث أصبحت في نفسه ديناً يدين به، كما جعل العقد الإقليميّة تتحرّك في نفسه، وتتعمّق بالمستوى الذي جعله لا يفكّر في الوحدة عندما تتحرّك على الأرض كفاعل واقعيّ.

لذا، ليس هناك عالـم عربي بالمعنى الثقافي السياسي، بحيث يشعر القوي بأنَّ هناك قضايا عربيّة لا بُدَّ أن يلتزمها وأن يتعاون مع الآخرين فيها. ولعلّ خطورة ذلك، تكمن في أنَّ الإقليميّة لـم تعد مسألة تحكم ذهنيّة الحاكمين العرب فقط، بل أصبحت تحكم المزاج الشعبي أيضاً، واستطاعت أن تقتحم تفكير النخبة المثقّفة بمن يفكر فيها تفكيراً قومياً، ولكن بطريقة تجريدية بعيداً من الواقع.

لذلك، فمن الصعب جداً أن ينطلق هذا الواقع المسمَّى عربياً إلى القرن المقبل ليقفز قفزة يستطيع بها أن يؤكّد عروبته وخصائصه، أو يقترب فيه من بعضه البعض، لأنَّنا نلاحظ أنَّ عنصري المجاملة والمزايدات في المؤتمرات التي تعقد على هذا المستوى، سواء أكانت شعبيّة أم حكوميّة، هما اللّذان يحكمان، دون أن نجد فيها واقعيّة تدفع هذا الإنسان القويّ كي يقدّم شيئاً من نفسه، من موقفه أو من مصالحه للمصلحة العامّة.

قد تكون هذه الصورة قاتمة، لكنَّها واقعيّة تحمل بعض نقاط الضّوء هنا وهناك. لكن من الصعب أن تتجمّع كي تكون الفجر العربي الجديد. لذلك، قد نستطيع تقديم ثقافة عربيّة، لكنَّنا لا نستطيع تقديم واقع عربي.

إنَّ الإحساس الديني لازال، بالرغم من بعض السلبيّات الموجودة فيه، أكثر عمقاً من أيّة حالة أخرى. وهنا قد يتحوّل الدين في الواقع إلى مشكلة أو إلى حلّ، لأنَّ هذا العمق عندما يختزن التخلّف، فإنَّه يخلق المشكلة، ولكنَّه عندما يختزن الوعي، يمكن أن يكون الحلّ.

لذلك، نحن بحاجة إلى إعطاء الحالة العربيّة بُعداً إسلامياً يحمل الكثير من الوعي والانفتاح، بحيث تستطيع مواجهة المشروع الذي يريد تجريد العروبة من الإسلام، ويريد إبعاد الإسلام عن العروبة.

أعتقد أنّنا عندما نصل إلى الجدليّة التي تفتح كلاً من العروبة والإسلام على بعضهما البعض، فإنَّنا نستطيع أن نجعل تلك الشخصيّة تتكامل مع عناصرها التاريخيّة، لتتعمّق في الجذور بالمستوى الذي يشعر فيه العربي بأنَّه يرتبط بغيره بشيء أكثر من لغة أو عادة، أو غيرهما.

*من أرشيف حوارات – جريدة السفير، العام 1998.

عندما ندرس الواقع العربي، فقد نجد عالماً عربياً بالمعنى الشعوري على السطح، فالعرب يحسون بعروبتهم في بعض الأمور التي تحرّك رواسبهم العميقة لتوقظ فيها شيئًا من الكرامة أمام القهر الصهيوني، أمّا خارج هذا السطح، فليس هناك عالـم عربي، لأنَّ الإقليمية التي فرضتها (سايكس ـ بيكو)، تجذّرت في ذهنيّة الإنسان العربي، بحيث أصبحت في نفسه ديناً يدين به، كما جعل العقد الإقليميّة تتحرّك في نفسه، وتتعمّق بالمستوى الذي جعله لا يفكّر في الوحدة عندما تتحرّك على الأرض كفاعل واقعيّ.

لذا، ليس هناك عالـم عربي بالمعنى الثقافي السياسي، بحيث يشعر القوي بأنَّ هناك قضايا عربيّة لا بُدَّ أن يلتزمها وأن يتعاون مع الآخرين فيها. ولعلّ خطورة ذلك، تكمن في أنَّ الإقليميّة لـم تعد مسألة تحكم ذهنيّة الحاكمين العرب فقط، بل أصبحت تحكم المزاج الشعبي أيضاً، واستطاعت أن تقتحم تفكير النخبة المثقّفة بمن يفكر فيها تفكيراً قومياً، ولكن بطريقة تجريدية بعيداً من الواقع.

لذلك، فمن الصعب جداً أن ينطلق هذا الواقع المسمَّى عربياً إلى القرن المقبل ليقفز قفزة يستطيع بها أن يؤكّد عروبته وخصائصه، أو يقترب فيه من بعضه البعض، لأنَّنا نلاحظ أنَّ عنصري المجاملة والمزايدات في المؤتمرات التي تعقد على هذا المستوى، سواء أكانت شعبيّة أم حكوميّة، هما اللّذان يحكمان، دون أن نجد فيها واقعيّة تدفع هذا الإنسان القويّ كي يقدّم شيئاً من نفسه، من موقفه أو من مصالحه للمصلحة العامّة.

قد تكون هذه الصورة قاتمة، لكنَّها واقعيّة تحمل بعض نقاط الضّوء هنا وهناك. لكن من الصعب أن تتجمّع كي تكون الفجر العربي الجديد. لذلك، قد نستطيع تقديم ثقافة عربيّة، لكنَّنا لا نستطيع تقديم واقع عربي.

إنَّ الإحساس الديني لازال، بالرغم من بعض السلبيّات الموجودة فيه، أكثر عمقاً من أيّة حالة أخرى. وهنا قد يتحوّل الدين في الواقع إلى مشكلة أو إلى حلّ، لأنَّ هذا العمق عندما يختزن التخلّف، فإنَّه يخلق المشكلة، ولكنَّه عندما يختزن الوعي، يمكن أن يكون الحلّ.

لذلك، نحن بحاجة إلى إعطاء الحالة العربيّة بُعداً إسلامياً يحمل الكثير من الوعي والانفتاح، بحيث تستطيع مواجهة المشروع الذي يريد تجريد العروبة من الإسلام، ويريد إبعاد الإسلام عن العروبة.

أعتقد أنّنا عندما نصل إلى الجدليّة التي تفتح كلاً من العروبة والإسلام على بعضهما البعض، فإنَّنا نستطيع أن نجعل تلك الشخصيّة تتكامل مع عناصرها التاريخيّة، لتتعمّق في الجذور بالمستوى الذي يشعر فيه العربي بأنَّه يرتبط بغيره بشيء أكثر من لغة أو عادة، أو غيرهما.

*من أرشيف حوارات – جريدة السفير، العام 1998.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية