حين ندرس العولمة في خلفياتها السياسية، نجد أنَّها تمثّل مشروعاً أميركياً يعمل على تذويب كلّ عناصر الممانعة لدى الشعوب، بحيث يجعل العالـم كلّه ساحة مشرّعة أمام القوى السياسية والاقتصادية والثقافية التي تملك الثّقل الأكبر في موازين القوى. لذلك، حين ننظر إلى العولمة في خلفياتها السياسية الأميركية أوّلاً، والغربية ثانياً، وهذا ما نعبّر عنه بـ "الاستكبار العالمي"، نجد أنَّه لا بُدَّ أن ندخل في صراع معها، لأنَّها تريد تذويب هويتنا وشخصيتنا.
ونحن هنا لا نفكر في الهوية باعتبارها حالة انفصال تحجبنا عن الآخر، ولا نفكّر في عناصر الشخصية على أنَّها تمثّل حالة اختناق في ذاتيتنا، لكنّنا نعتقد أنَّ هذه عناصر شخصيّتنا وهويتنا، تملك الكثير من الغنى الذي يمكننا أن نقدّمه إلى العالـم على مستوى الوحدة في التنوع.
أمّا إذا كنّا ننظر إلى العولمة بعيداً من هذه الخلفيات السياسية، فإنَّنا نعتقد أنَّ الإسلام يرحّب بهذا الانفتاح الكوني الذي يعطي الفرصة الواسعة لأي فكر، سواء كان دينياً أو علمانياً منفتحاً على الآخر، ليبلغ أبعد مكان في العالـم، ولأن يتفاعل مع الثقافات الأخرى، لأنَّ الإسلام لا يمنع التفاعل الحضاري، بما لا يسيء إلى قواعده الأساسيّة.
فنحن لسنا مناطقيّين، لأنَّنا نعتبر أنَّ الثقافة لا وطن لها، وكذلك المبادئ لا وطن لها. لذلك كنّا نسجل ملاحظة على عبارة "الأفكار المستوردة" التي كانت توجّه ضدّ الماركسية أو غيرها، فالمبادئ لا تخضع لحركة التّصدير والاستيراد لأنَّها هي الإنسان، ولا وطن معين لها، كي نقول هناك مبادئ في المنطقة العربية وهناك مبادئ في المنطقة الفارسية، المبادئ هي الإنسان وهي حركة الإنسان الفكريّة.
لذلك، لسنا ضدّ العولمة بالمعنى الإنساني المنفتح على الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ويمكن لنا في هذا المجال أن نستوحي من الآية الكريمة: {يا أيُّها النّاسُ إنّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلْناكم شعوباً وقبائلَ لتعارفوا إنَّ أكرمَكم عندَ الله أتقاكم} (الحجرات؛ 13).
إنَّ الإسلام في الوقت نفسه الذي أكّد فيه الإنسانية التي تجمع كلّ بني الإنسان، أكّد الخصوصيات، واعتبر هذه الخصوصيات والتنوّعات أساساً للتعارف بين النّاس، حيث يعطي كلّ واحد خصائصه للآخر فيما يحتاج إليه، وبذلك يكون التعارف مبنياً على تبادل الخصائص والتنوعات.
لهذا، نعتقد أنَّ الإسلام يستطيع أن يعطي العولمة الكثير، كما سبق له أن أعطاها الكثير، لقد استطاع الإسلام أن يعطي العالـم، وهو في أوج حقيقته، التجربة كأساس للمعرفة، فنحن نعرف أنَّ الغرب أخذ التجربة كمصدر من علماء المسلمين، ولذلك نجد أنَّ الإسلام يتحرّك في امتداداته ليعطي فكره وتجربته لكلّ النّاس كأيّ فكر حضاريّ بلا حدود.
*من أرشيف حورارات العام 1998- جريدة السّفير.
حين ندرس العولمة في خلفياتها السياسية، نجد أنَّها تمثّل مشروعاً أميركياً يعمل على تذويب كلّ عناصر الممانعة لدى الشعوب، بحيث يجعل العالـم كلّه ساحة مشرّعة أمام القوى السياسية والاقتصادية والثقافية التي تملك الثّقل الأكبر في موازين القوى. لذلك، حين ننظر إلى العولمة في خلفياتها السياسية الأميركية أوّلاً، والغربية ثانياً، وهذا ما نعبّر عنه بـ "الاستكبار العالمي"، نجد أنَّه لا بُدَّ أن ندخل في صراع معها، لأنَّها تريد تذويب هويتنا وشخصيتنا.
ونحن هنا لا نفكر في الهوية باعتبارها حالة انفصال تحجبنا عن الآخر، ولا نفكّر في عناصر الشخصية على أنَّها تمثّل حالة اختناق في ذاتيتنا، لكنّنا نعتقد أنَّ هذه عناصر شخصيّتنا وهويتنا، تملك الكثير من الغنى الذي يمكننا أن نقدّمه إلى العالـم على مستوى الوحدة في التنوع.
أمّا إذا كنّا ننظر إلى العولمة بعيداً من هذه الخلفيات السياسية، فإنَّنا نعتقد أنَّ الإسلام يرحّب بهذا الانفتاح الكوني الذي يعطي الفرصة الواسعة لأي فكر، سواء كان دينياً أو علمانياً منفتحاً على الآخر، ليبلغ أبعد مكان في العالـم، ولأن يتفاعل مع الثقافات الأخرى، لأنَّ الإسلام لا يمنع التفاعل الحضاري، بما لا يسيء إلى قواعده الأساسيّة.
فنحن لسنا مناطقيّين، لأنَّنا نعتبر أنَّ الثقافة لا وطن لها، وكذلك المبادئ لا وطن لها. لذلك كنّا نسجل ملاحظة على عبارة "الأفكار المستوردة" التي كانت توجّه ضدّ الماركسية أو غيرها، فالمبادئ لا تخضع لحركة التّصدير والاستيراد لأنَّها هي الإنسان، ولا وطن معين لها، كي نقول هناك مبادئ في المنطقة العربية وهناك مبادئ في المنطقة الفارسية، المبادئ هي الإنسان وهي حركة الإنسان الفكريّة.
لذلك، لسنا ضدّ العولمة بالمعنى الإنساني المنفتح على الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ويمكن لنا في هذا المجال أن نستوحي من الآية الكريمة: {يا أيُّها النّاسُ إنّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلْناكم شعوباً وقبائلَ لتعارفوا إنَّ أكرمَكم عندَ الله أتقاكم} (الحجرات؛ 13).
إنَّ الإسلام في الوقت نفسه الذي أكّد فيه الإنسانية التي تجمع كلّ بني الإنسان، أكّد الخصوصيات، واعتبر هذه الخصوصيات والتنوّعات أساساً للتعارف بين النّاس، حيث يعطي كلّ واحد خصائصه للآخر فيما يحتاج إليه، وبذلك يكون التعارف مبنياً على تبادل الخصائص والتنوعات.
لهذا، نعتقد أنَّ الإسلام يستطيع أن يعطي العولمة الكثير، كما سبق له أن أعطاها الكثير، لقد استطاع الإسلام أن يعطي العالـم، وهو في أوج حقيقته، التجربة كأساس للمعرفة، فنحن نعرف أنَّ الغرب أخذ التجربة كمصدر من علماء المسلمين، ولذلك نجد أنَّ الإسلام يتحرّك في امتداداته ليعطي فكره وتجربته لكلّ النّاس كأيّ فكر حضاريّ بلا حدود.
*من أرشيف حورارات العام 1998- جريدة السّفير.