كتابات
15/09/2019

الإسلام الحركي لايزال في سنّ المراهقة

الإسلام الحركي لايزال في سنّ المراهقة

إنّ كلّ حالة إنسانيّة تحاصر في فكرها وفي أحاسيسها ومشاعرها وفي اقتصادها وسياساتها، وتشعر بأنها ليست قادرة على الفعل، في هذه الحالة، قد نحتاج إلى أن نبقي حالة التوتر، في الحالة الفلسطينيّة أو غيرها، لأنك بمجرّد أن تسقط التوتر، فمعنى ذلك الموت.

التوتر هو عبارة عن الحالة التي يمكن أن تحوّلك إلى طاقة حيويّة متحركة. نعم، مضمون التوتر قد يكون خطأً. نحن نمرّ في عالمنا العربي والإسلامي في فترة انتقاليّة، لأنّ عندنا الكثير من الطاقات التي تملك فكراً وثقافةً وواقعيّة، ولكنّك لا تجد المناخ الذي يستطيع أن يجعلها تتكامل.

فالقضيّة الفلسطينيّة، مثلاً، دخلت العالم ولا يمكن التفريط بها. إسرائيل لا تريد أن تتحوّل إلى دولة من دول المنطقة إلا بعد أن تحصل على أكبر قدر من المكاسب في داخل فلسطين وخارجها. وهذا ما يجعلها المعنية بالحل والتسوية، لأن اللاتسوية لا تفيدها في شيء في المستقبل، لكن يفيدها أنها تأخذ من المتغيرات الدولية والظروف لعلّها تكسب ما يمكن أن تكسبه.

المشكلة في القضية الفلسطينية، مع كل هذه الروح التي تكاد تكون أسطورية في عالم الصبر والصمود والثبات والجهاد، هي مشكلة التّنسيق. المشكلة أنّ العنف يتحرّك في اتجاه ضبابي. أيّ عمليّة عسكرية، حتى في حالة الثّورة، يجب أن تجري لها الحسابات السياسية. المشكلة التي قد تكون موجودة هناك، أنّ الجهات التي تملك السيطرة على الواقع الفلسطيني، بعضها يعيش ذهنية الثورة، وبعضها يعيش ذهنية تقليدية.

المشكلة هي الجمع بين ذهنية تقليدية في السياسة وذهنية ثورية. ثم لا تنس أن الحصار الدولي في هذه المرحلة، في هذه الحرب العالمية، وأنا سميتها حرب أميركا الثانية... أن أميركا الآن تعمل على أن تقتل كل الحركات التي تملك قوّة، وخصوصاً إذا كانت هذه القوة تنطلق من حالة مقدَّسة إسلامية.

وهذا ما يجعلها تتحدّث بالصّوت العالي، لأنّ هناك استراتيجية أميركية إسرائيلية تعمل على أن لا يكون هناك مكان للأقوياء في العالم العربي، حتى لا تصاب المصالح الأميركية بالضّرر...

ليس عندي تشاؤم، فأنا أقول إنّ كلّ هذا العالم يشبه حالات الولادة القيصرية. تحدّثنا عن سلبيات ما حدث، ولكن في المقابل، فقد الأميركي شعوره بالأمن، وأعتقد أن كلّ هذه الحرب الأميركية ضدّ ما يسمى بالإرهاب في العالم، قد تستطيع أن تصل إلى بعض النتائج في محاصرة كثير من «الإرهاب»، ولكنّها سوف تنتج ردود فعل من أشرس ما يمكن، لأنها سوف تزيد الواقع قهراً، ونحن نعرف أنّ المنظمات التي يسمونها إرهابيّة ومنظمات العنف، تولد في مثل هذا المناخ.

كان يعوَّل على الإسلام الحركي في أن يحدّث المواجهة الإسلامية ويجعلها أقرب الى العقل، وثانياً أن يبرهن على أنه يملك حلولاً للمستقبل، وإذا بهذا الإسلام الحركي يتحوّل إلى أحزاب «ستالينية» نظاماً وعقيدة، ليس فيها أيّ تجديد بل جمود عقائدي وتحجّر فكري. وقد تحوّل هذا الإسلام الحركي إلى أنظمة أيديولوجية على غرار الأنظمة العقائدية التي سقطت ربما بسبب هذا الجمود...

لا أعتقد أن الإسلام الحركي هو إسلام الأحزاب الإسلامية. الإسلام الحركي قد تمثله شخصيات إسلامية تعيش حركية الإسلام في طريقة تفكيرها وفي أسلوب عملها، وأعتقد أنّ عندنا في العالم الإسلامي شخصيات طليعيّة حركية، حتى على مستوى الأحزاب والأنظمة هناك جوانب إيجابيّة.

علينا أن لا نهمل حقيقة أنّ الإسلام الحركي لايزال في سن المراهقة، ولم ينضج بعد. وأنا أعتقد أنه يحتاج إلى وقت طويل وتجارب تولّد الإيجابيات بفعل الصدمات والمتغيرات، وبفعل الوعي العميق للواقع والدخول في ساحات الصّراع.

*حوارات فكرية العام 2001- جريدة السفير اللّبنانيّة.

إنّ كلّ حالة إنسانيّة تحاصر في فكرها وفي أحاسيسها ومشاعرها وفي اقتصادها وسياساتها، وتشعر بأنها ليست قادرة على الفعل، في هذه الحالة، قد نحتاج إلى أن نبقي حالة التوتر، في الحالة الفلسطينيّة أو غيرها، لأنك بمجرّد أن تسقط التوتر، فمعنى ذلك الموت.

التوتر هو عبارة عن الحالة التي يمكن أن تحوّلك إلى طاقة حيويّة متحركة. نعم، مضمون التوتر قد يكون خطأً. نحن نمرّ في عالمنا العربي والإسلامي في فترة انتقاليّة، لأنّ عندنا الكثير من الطاقات التي تملك فكراً وثقافةً وواقعيّة، ولكنّك لا تجد المناخ الذي يستطيع أن يجعلها تتكامل.

فالقضيّة الفلسطينيّة، مثلاً، دخلت العالم ولا يمكن التفريط بها. إسرائيل لا تريد أن تتحوّل إلى دولة من دول المنطقة إلا بعد أن تحصل على أكبر قدر من المكاسب في داخل فلسطين وخارجها. وهذا ما يجعلها المعنية بالحل والتسوية، لأن اللاتسوية لا تفيدها في شيء في المستقبل، لكن يفيدها أنها تأخذ من المتغيرات الدولية والظروف لعلّها تكسب ما يمكن أن تكسبه.

المشكلة في القضية الفلسطينية، مع كل هذه الروح التي تكاد تكون أسطورية في عالم الصبر والصمود والثبات والجهاد، هي مشكلة التّنسيق. المشكلة أنّ العنف يتحرّك في اتجاه ضبابي. أيّ عمليّة عسكرية، حتى في حالة الثّورة، يجب أن تجري لها الحسابات السياسية. المشكلة التي قد تكون موجودة هناك، أنّ الجهات التي تملك السيطرة على الواقع الفلسطيني، بعضها يعيش ذهنية الثورة، وبعضها يعيش ذهنية تقليدية.

المشكلة هي الجمع بين ذهنية تقليدية في السياسة وذهنية ثورية. ثم لا تنس أن الحصار الدولي في هذه المرحلة، في هذه الحرب العالمية، وأنا سميتها حرب أميركا الثانية... أن أميركا الآن تعمل على أن تقتل كل الحركات التي تملك قوّة، وخصوصاً إذا كانت هذه القوة تنطلق من حالة مقدَّسة إسلامية.

وهذا ما يجعلها تتحدّث بالصّوت العالي، لأنّ هناك استراتيجية أميركية إسرائيلية تعمل على أن لا يكون هناك مكان للأقوياء في العالم العربي، حتى لا تصاب المصالح الأميركية بالضّرر...

ليس عندي تشاؤم، فأنا أقول إنّ كلّ هذا العالم يشبه حالات الولادة القيصرية. تحدّثنا عن سلبيات ما حدث، ولكن في المقابل، فقد الأميركي شعوره بالأمن، وأعتقد أن كلّ هذه الحرب الأميركية ضدّ ما يسمى بالإرهاب في العالم، قد تستطيع أن تصل إلى بعض النتائج في محاصرة كثير من «الإرهاب»، ولكنّها سوف تنتج ردود فعل من أشرس ما يمكن، لأنها سوف تزيد الواقع قهراً، ونحن نعرف أنّ المنظمات التي يسمونها إرهابيّة ومنظمات العنف، تولد في مثل هذا المناخ.

كان يعوَّل على الإسلام الحركي في أن يحدّث المواجهة الإسلامية ويجعلها أقرب الى العقل، وثانياً أن يبرهن على أنه يملك حلولاً للمستقبل، وإذا بهذا الإسلام الحركي يتحوّل إلى أحزاب «ستالينية» نظاماً وعقيدة، ليس فيها أيّ تجديد بل جمود عقائدي وتحجّر فكري. وقد تحوّل هذا الإسلام الحركي إلى أنظمة أيديولوجية على غرار الأنظمة العقائدية التي سقطت ربما بسبب هذا الجمود...

لا أعتقد أن الإسلام الحركي هو إسلام الأحزاب الإسلامية. الإسلام الحركي قد تمثله شخصيات إسلامية تعيش حركية الإسلام في طريقة تفكيرها وفي أسلوب عملها، وأعتقد أنّ عندنا في العالم الإسلامي شخصيات طليعيّة حركية، حتى على مستوى الأحزاب والأنظمة هناك جوانب إيجابيّة.

علينا أن لا نهمل حقيقة أنّ الإسلام الحركي لايزال في سن المراهقة، ولم ينضج بعد. وأنا أعتقد أنه يحتاج إلى وقت طويل وتجارب تولّد الإيجابيات بفعل الصدمات والمتغيرات، وبفعل الوعي العميق للواقع والدخول في ساحات الصّراع.

*حوارات فكرية العام 2001- جريدة السفير اللّبنانيّة.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية