كتابات
05/03/2019

بين الحزبيَّة للنّاس والحزبيَّة لله

بين الحزبيَّة للنّاس والحزبيَّة لله

{مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً}، فكان كلّ فريق شيعة لشخص، وملتزماً بدين، ومتحرّكاً في نطاق دائرة خاصّة تختلف عن الدّوائر التي يتحرّك فيها الأفرقاء الآخرون، وانطلق كلّ واحد منهم يتحزّب لصاحبه ودينه ودائرته ويتعصّب لمواقعه الخاصّة.

{كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}، فهم مستغرقون في داخل ذواتهم وأوضاعهم وانتماءاتهم، لا يلتفتون إلى ما لدى الآخرين، ولا ينطلقون إلى معرفة الحقيقة في آفاقها الواسعة، ولا يدخلون في حوارٍ حول ما يفكّرون به أو يتحرّكون فيه أو يتوجّهون إليه، ليتعرفوا وجه الخطأ والصّواب في ذلك كلّه، بل يظلّون في استغراقهم الغافل الذّاهل الذي يفرح بما لديهم، كاستغراق الطّفل في فرحه الطفوليّ بما يملكه من ألعاب العبث الذي يشغله عن كلّ شيء.

ولعلّ هذا التعبير القرآني في هذه الفقرة من الآية، هو أبلغ تعبير عمّا تمثّله العقلية الحزبية المتعصّبة عندما يستغرق أصحابها في ذواتهم وأصنامهم وأطماعهم وحدودهم الضيّقة في خط الأنانية الفردية والجماعية المحدودة، ما يجعل الناس منغلقين عن بعضهم البعض، مشغولين بالفرح الأناني بما عندهم، وهذا هو الذي توحي به حزبيّة الأشخاص والأطماع والمصالح الخاصّة. أمّا الانتماء إلى الله وإلى دينه الّذي يمثّل الانفتاح على المسؤوليّة في الحياة وعلى الناس، فإنّه لا يغلق حياة الإنسان عن الآخرين، بل يفسح له المجال للانفتاح على كلّ المواقع الإنسانيّة.

وبذلك يعيش الفرح الروحي بالله وبرسله وبكتبه، وبالمسؤوليّة المتحركة في مواقع الحياة كلها.

ولكن، لا بدّ من الحذر من النوازع الذاتية التي قد تطغى وتسيطر على الأفكار الرساليّة، فتنحرف بها عن شمول الحياة وامتدادها.

إنّ المسألة المطروحة في المنهج القرآني، هي أن يرجع الإنسان إلى صفاء الفطرة ونقائها، ولا يستغرق في وحول الأطماع ونوازع الذّات، حتى يعيش مع إنسانيّته، ولا يسقط أمام بهيميته، ليفكّر في الرسالة قبل أن يفكّر في الشهوة والذات.

*من كتاب "تفسير من وحي القرآن"، ج 18.

{مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً}، فكان كلّ فريق شيعة لشخص، وملتزماً بدين، ومتحرّكاً في نطاق دائرة خاصّة تختلف عن الدّوائر التي يتحرّك فيها الأفرقاء الآخرون، وانطلق كلّ واحد منهم يتحزّب لصاحبه ودينه ودائرته ويتعصّب لمواقعه الخاصّة.

{كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}، فهم مستغرقون في داخل ذواتهم وأوضاعهم وانتماءاتهم، لا يلتفتون إلى ما لدى الآخرين، ولا ينطلقون إلى معرفة الحقيقة في آفاقها الواسعة، ولا يدخلون في حوارٍ حول ما يفكّرون به أو يتحرّكون فيه أو يتوجّهون إليه، ليتعرفوا وجه الخطأ والصّواب في ذلك كلّه، بل يظلّون في استغراقهم الغافل الذّاهل الذي يفرح بما لديهم، كاستغراق الطّفل في فرحه الطفوليّ بما يملكه من ألعاب العبث الذي يشغله عن كلّ شيء.

ولعلّ هذا التعبير القرآني في هذه الفقرة من الآية، هو أبلغ تعبير عمّا تمثّله العقلية الحزبية المتعصّبة عندما يستغرق أصحابها في ذواتهم وأصنامهم وأطماعهم وحدودهم الضيّقة في خط الأنانية الفردية والجماعية المحدودة، ما يجعل الناس منغلقين عن بعضهم البعض، مشغولين بالفرح الأناني بما عندهم، وهذا هو الذي توحي به حزبيّة الأشخاص والأطماع والمصالح الخاصّة. أمّا الانتماء إلى الله وإلى دينه الّذي يمثّل الانفتاح على المسؤوليّة في الحياة وعلى الناس، فإنّه لا يغلق حياة الإنسان عن الآخرين، بل يفسح له المجال للانفتاح على كلّ المواقع الإنسانيّة.

وبذلك يعيش الفرح الروحي بالله وبرسله وبكتبه، وبالمسؤوليّة المتحركة في مواقع الحياة كلها.

ولكن، لا بدّ من الحذر من النوازع الذاتية التي قد تطغى وتسيطر على الأفكار الرساليّة، فتنحرف بها عن شمول الحياة وامتدادها.

إنّ المسألة المطروحة في المنهج القرآني، هي أن يرجع الإنسان إلى صفاء الفطرة ونقائها، ولا يستغرق في وحول الأطماع ونوازع الذّات، حتى يعيش مع إنسانيّته، ولا يسقط أمام بهيميته، ليفكّر في الرسالة قبل أن يفكّر في الشهوة والذات.

*من كتاب "تفسير من وحي القرآن"، ج 18.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية