هناك نقطة أحببت أن أنبّه إليها في تعبيرنا بأنّ الله يريدنا أن نكون موحّدين
عمليّاً، كما أننا موحدون في العقيدة، وذلك أن لا ننطلق بكلمة ظاهرها شرك، وإن لم
نقصد الشرك فيها، فهناك بعض الناس عندما يطلب منك خدمةً، تقول له سأسعى لإنجازها إن
شاء الله، فيردّ عليك: "إنّني أتّكل على الله وعليك". فمن المؤكّد أنّ هذا الشخص لا
يقصد أن يجعلك في حساب الله، بل يعتبرك وسيلةً من وسائل قضاء حاجاته، ولكن عليك أن
لا تتحدّث بهذه الطريقة، بأن تجعل إنساناً سواءً مع الله {فلا تدعوا مع الله أحداً}.
فنحن نعتقد كمسلمين أنّ رسول الله(ص) سيّد ولد آدم، ولكنَّنا نقول: نشهد أنّ
محمّداً(ص) عبده ورسوله، فلا يجوز أن تذكر أحداً مع الله تعالى، ذلك أنّ الله وحده
والكلّ عباده، الأنبياء عباده المقرّبون، والملائكة عباده المقرّبون، والأولياء
عباده المقرّبون، ولكن يبقى الله وحده لا شريك له.
وقد ذكرت لكم في حديثٍ سابق، أنَّ شخصاً سأل الإمام جعفر الصَّادق(ع) عن قوله تعالى:
{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ}، فقال الإمام(ع):
"هو قول الرّجل: لولا فلان لهلكت، ولولا فلان ما أصبت كذا وكذا، ولولا فلان لضاع
عيالي. ألا ترى أنّه قد جعل لله شريكاً في ملكه يرزقه ويدفع عنه؟". يعني أنَّ أغلب
الناس قد يدخلون في الشِّرك من حيث لا يشعرون. كيف؟ أن تقول مثلاً للطَّبيب الذي
عمل لك عمليَّة جراحيَّة، وكنت في حال خطرة: "لولا فلان لهلكت"، فلان عافاني
ونجّاني من خطر محدق، فلولا فلان لما عوفيت... "قلت: فيقول: ماذا يقول: لولا أن منّ
الله عليّ بفلان لهلكت؟"، إذ لا بدّ من أن نقول للمحسنين بما يعبّر عن إحساسنا. قال:
"نعم، لا بأس بهذا أو نحوه"، بحيث تعتبر الإنسان الذي خدمك هو آلة بيد الله تعالى،
وقد سخرّها لخدمتك، وأنّه سبحانه هو الذي منّ عليك به، وعند ذلك، تكون قد حفظت حقّ
هذا الإنسان، وعبّرت له عن الجميل الذي تحسّ به، وقد رأيت أنّ ذلك هو من الله،
وهكذا تقول للطبيب: لولا أن منّ الله سبحانه وتعالى عليّ بك، بأن ألهمك معرفة المرض،
لما كُتبت لي النجاة.
بعبارة أخرى، أن لا نجعل شيئاً للمخلوق، حتى لو كان من أقرب الناس إلى الله تعالى،
بل نجعل كلّ ما يصدر عن المخلوقين هو بسببٍ من لطف الله تعالى، لأنّه أعطاهم، ولأنه
هداهم، ولأنه أقدرهم على فعل ذلك.
فلنحاول إذاً أن تكون تعبيراتنا توحيديّة {وأنَّ المساجدَ للهِ فلا تدعوا مع الله
أحداً}، ذلك أنَّ الكلَّ وراء الله، وليسوا مع الله سواءً بسواء، فمن الصّعب إذاً
أن يصبح الإنسان مؤمناً، وأن يصف نفسه بالإيمان وهو يشرك بالله هذا الشِّرك العمليّ.
*من كتاب "النَّدوة"، ج 4.
هناك نقطة أحببت أن أنبّه إليها في تعبيرنا بأنّ الله يريدنا أن نكون موحّدين
عمليّاً، كما أننا موحدون في العقيدة، وذلك أن لا ننطلق بكلمة ظاهرها شرك، وإن لم
نقصد الشرك فيها، فهناك بعض الناس عندما يطلب منك خدمةً، تقول له سأسعى لإنجازها إن
شاء الله، فيردّ عليك: "إنّني أتّكل على الله وعليك". فمن المؤكّد أنّ هذا الشخص لا
يقصد أن يجعلك في حساب الله، بل يعتبرك وسيلةً من وسائل قضاء حاجاته، ولكن عليك أن
لا تتحدّث بهذه الطريقة، بأن تجعل إنساناً سواءً مع الله {فلا تدعوا مع الله أحداً}.
فنحن نعتقد كمسلمين أنّ رسول الله(ص) سيّد ولد آدم، ولكنَّنا نقول: نشهد أنّ
محمّداً(ص) عبده ورسوله، فلا يجوز أن تذكر أحداً مع الله تعالى، ذلك أنّ الله وحده
والكلّ عباده، الأنبياء عباده المقرّبون، والملائكة عباده المقرّبون، والأولياء
عباده المقرّبون، ولكن يبقى الله وحده لا شريك له.
وقد ذكرت لكم في حديثٍ سابق، أنَّ شخصاً سأل الإمام جعفر الصَّادق(ع) عن قوله تعالى:
{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ}، فقال الإمام(ع):
"هو قول الرّجل: لولا فلان لهلكت، ولولا فلان ما أصبت كذا وكذا، ولولا فلان لضاع
عيالي. ألا ترى أنّه قد جعل لله شريكاً في ملكه يرزقه ويدفع عنه؟". يعني أنَّ أغلب
الناس قد يدخلون في الشِّرك من حيث لا يشعرون. كيف؟ أن تقول مثلاً للطَّبيب الذي
عمل لك عمليَّة جراحيَّة، وكنت في حال خطرة: "لولا فلان لهلكت"، فلان عافاني
ونجّاني من خطر محدق، فلولا فلان لما عوفيت... "قلت: فيقول: ماذا يقول: لولا أن منّ
الله عليّ بفلان لهلكت؟"، إذ لا بدّ من أن نقول للمحسنين بما يعبّر عن إحساسنا. قال:
"نعم، لا بأس بهذا أو نحوه"، بحيث تعتبر الإنسان الذي خدمك هو آلة بيد الله تعالى،
وقد سخرّها لخدمتك، وأنّه سبحانه هو الذي منّ عليك به، وعند ذلك، تكون قد حفظت حقّ
هذا الإنسان، وعبّرت له عن الجميل الذي تحسّ به، وقد رأيت أنّ ذلك هو من الله،
وهكذا تقول للطبيب: لولا أن منّ الله سبحانه وتعالى عليّ بك، بأن ألهمك معرفة المرض،
لما كُتبت لي النجاة.
بعبارة أخرى، أن لا نجعل شيئاً للمخلوق، حتى لو كان من أقرب الناس إلى الله تعالى،
بل نجعل كلّ ما يصدر عن المخلوقين هو بسببٍ من لطف الله تعالى، لأنّه أعطاهم، ولأنه
هداهم، ولأنه أقدرهم على فعل ذلك.
فلنحاول إذاً أن تكون تعبيراتنا توحيديّة {وأنَّ المساجدَ للهِ فلا تدعوا مع الله
أحداً}، ذلك أنَّ الكلَّ وراء الله، وليسوا مع الله سواءً بسواء، فمن الصّعب إذاً
أن يصبح الإنسان مؤمناً، وأن يصف نفسه بالإيمان وهو يشرك بالله هذا الشِّرك العمليّ.
*من كتاب "النَّدوة"، ج 4.