ربما لا يزال البعض يعيش عقدة التَّقاليد والعادات، ويجعل المرأة في قفص الاتهام، وبخاصَّة إذا أرادت السَّفر للتّعلّم أو للتّجارة وغير ذلك، وتبدأ الكلمات من الأهل والجيران من هنا وهناك معاتبةً المرأة على تبنّي خيار السَّفر، فلماذا تسافرين؟ وهل تسافرين وحدك؟ إلى غير ذلك من الأسئلة.
والحقّ أنَّ المرأة كما الرَّجل، تحاول تطوير نفسها وعالمها، وإن كان في سفرها مصلحة وتأمن على نفسها من الشرّ والأذى، فما المانع من سفرها إذا كان يحقِّق لها التقدّم؟ فعندما تتطوَّر المرأة في علمها وثقافتها، فإنَّ المجتمع يتطوَّر إذ ذاك، فما دامت تحافظ على جوّها الأخلاقيّ، وما دامت تحافظ على نفسها، فلها الحقّ في السَّفر، بعيداً عمّا قد يثيره البعض من كلام.
إنَّ المرأة المستقيمة الَّتي تعيش الأخلاقيّات والاستقامة في شخصيَّتها، لا يمكن، مهما كانت التّحدّيات والضّغوطات، أن تتنازل عن كرامتها وعزّتها، ولا يمكن لها أن تسقط أمام كلِّ المغريات، فإذا كانت تخاف الله تعالى وتلتزم طاعته في الكبيرة والصّغيرة، فليس من مشكلة، لكن تبقى النَّظرة الاجتماعيّة إلى المرأة التي تنوي السّفر وحدها، مشكلةً بحدّ ذاتها، إذ تعيش بسبب ذلك حالةً من القلق والترقُّب، نظراً إلى ما سيقوله النّاس ويتلفّظون به، مع أنها تملك الثّقافة الواسعة المنفتحة على روحيّة العصر، وقد تمتلك الثّقافة الإسلاميّة التي تؤهِّلها لأن تعرف ما عليها فعله.
فلا بدَّ لنا من أن نخرج من عقدة ضعف المرأة، وأن لا نزيد من هذا الضّعف جرّاء الخوف اللامعقول عليها، فهناك نساء أقوى من الرّجال، فلماذا الخوف على المرأة أكثر من الرّجل؟! ولماذا كلّ هذا التّأثير في رأيها وإرادتها وعقلها؟ من الجميل أن يغار المرء على ابنته أو أخته، ولكن لا يجب أن يصل ذلك إلى حدِّ العقدة والمرض النّفسي الذي يخرج صاحبه عن رشده، بحيث يؤثّر سلباً في حاضر المرأة ومستقبلها ومصيرها الاجتماعيّ والعلميّ.
وهذا المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رض) يشير إلى عدم الفرق بين الشابّ والفتاة في مسألة السّفر، بقوله: "الواقع أنَّ مسألة سفر الفتاة كسفر الشّاب. نحن نشجّع الشَّباب على السَّفر لطلب العلم والتّجارة، مما يرفع من مستواهم، وذلك عندما يأمنون على أنفسهم من الانحراف، وعندما يحصّنون عقولهم وأخلاقهم ودينهم.. فلذلك الفتاة والشابّ في هذا على حدٍّ سواء، ونحن عندما نريد للفتاة أن تتعلَّم في جوٍّ أخلاقيّ يحمي لها دينها وأخلاقها وشخصيّتها، فإنّنا كذلك نريد للشّابّ أن يكون بهذه المثابة، وفي الجانب الأخلاقيّ، لا تمييز بين رجل وامرأة، بل هناك إنسان؛ إنسان منحرف أو إنسان مستقيم.
لذلك نقول، عندما تريد الفتاة أن تسافر إلى فرنسا أو بريطانيا، وعندما يتوفَّر لها الجوّ الّذي يمكن أن تعيش فيه وتتعلَّم، وتأمن على نفسها، فليس هناك مانعٌ شرعي.
أمّا التركيز على أنَّ المرأة لا يمكن لها السّفر من أجل هذه الغاية، باعتبار أنّها، وبحسب واقع المجتمع، هي العنصر الأضعف، وهي الّتي يُعتدى عليها.. ويوجد هناك استضعاف عالميّ للمرأة حتى مع التطوّر الذي وصلت إليه، وأصبحت مسؤولة وحاكمة ورئيسة وزراء، ومع ذلك، بقي المجتمع يختزن في شخصيّته حالة استضعافها، لهذا صارت المرأة تعيش القلق الدّائم والخوف من الرّجل، ثم إنَّ الرّجل يحاول أن يستقوي على المرأة.
ونحن نتساءل: لماذا الخوف على المرأة أكثر من الرّجل؟! الشّابّ إذا خرج من البيت وسهر حتى منتصف اللّيل، فليس هناك من مشكلة، أمّا الفتاة إذا خرجت فإنّ (الفأر يلعب في عبّهم)، لماذا ذهبت؟ وأين ذهبت؟ ومتى تعود؟ فإلى جانب وجود ما يسمَّى بالتّقاليد، هناك واقع موجود يضطهد المرأة كشيءٍ طبيعيّ، لأنَّ المجتمع الآن هو مجتمع الرّجال. لذلك، وفي نظر هذا المجتمع، فإنَّ سفر الفتاة إلى الخارج وحدها ولا أحد معها يحميها ويرعاها، يشكِّل خوفاً عليها ويوجب القلق، ولكن لو أخذنا المسألة بعقلٍ باردٍ بأنها قادرة على أن تحمي نفسها من خلال ظروف موضوعيَّة، فإنها تستطيع أن تسافر، ولا من مشكلة"..["للإنسان والحياة"، ص 127].
ما تقدَّم من كلام سماحته(رض)، يوضح لنا أنّه لا فرق جوهريّاً بين الفتاة والشّاب، فالفتاة لها ظروفها ومستقبلها، وقد تحتّم عليها الظّروف أن تسافر، فإذا كانت قادرةً وتيسَّرت لها الظّروف، فلا إشكال في ذلك، ولا مانع، وعلينا أن ندعم المرأة في حقِّها في السّفر وإدارة أوضاعها، كي يتطوَّر المجتمع الّذي يقوم في أساسه على أكتاف المرأة كما الرّجل، وعلينا أن نغيِّر النّظرة اللامسؤولة إلى المرأة، وأن يجري نشر الوعي حول ذلك، بالأسلوب الأنسب الّذي يحفظ المصلحة ويحفظ الدِّين والأخلاق...
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

ربما لا يزال البعض يعيش عقدة التَّقاليد والعادات، ويجعل المرأة في قفص الاتهام، وبخاصَّة إذا أرادت السَّفر للتّعلّم أو للتّجارة وغير ذلك، وتبدأ الكلمات من الأهل والجيران من هنا وهناك معاتبةً المرأة على تبنّي خيار السَّفر، فلماذا تسافرين؟ وهل تسافرين وحدك؟ إلى غير ذلك من الأسئلة.
والحقّ أنَّ المرأة كما الرَّجل، تحاول تطوير نفسها وعالمها، وإن كان في سفرها مصلحة وتأمن على نفسها من الشرّ والأذى، فما المانع من سفرها إذا كان يحقِّق لها التقدّم؟ فعندما تتطوَّر المرأة في علمها وثقافتها، فإنَّ المجتمع يتطوَّر إذ ذاك، فما دامت تحافظ على جوّها الأخلاقيّ، وما دامت تحافظ على نفسها، فلها الحقّ في السَّفر، بعيداً عمّا قد يثيره البعض من كلام.
إنَّ المرأة المستقيمة الَّتي تعيش الأخلاقيّات والاستقامة في شخصيَّتها، لا يمكن، مهما كانت التّحدّيات والضّغوطات، أن تتنازل عن كرامتها وعزّتها، ولا يمكن لها أن تسقط أمام كلِّ المغريات، فإذا كانت تخاف الله تعالى وتلتزم طاعته في الكبيرة والصّغيرة، فليس من مشكلة، لكن تبقى النَّظرة الاجتماعيّة إلى المرأة التي تنوي السّفر وحدها، مشكلةً بحدّ ذاتها، إذ تعيش بسبب ذلك حالةً من القلق والترقُّب، نظراً إلى ما سيقوله النّاس ويتلفّظون به، مع أنها تملك الثّقافة الواسعة المنفتحة على روحيّة العصر، وقد تمتلك الثّقافة الإسلاميّة التي تؤهِّلها لأن تعرف ما عليها فعله.
فلا بدَّ لنا من أن نخرج من عقدة ضعف المرأة، وأن لا نزيد من هذا الضّعف جرّاء الخوف اللامعقول عليها، فهناك نساء أقوى من الرّجال، فلماذا الخوف على المرأة أكثر من الرّجل؟! ولماذا كلّ هذا التّأثير في رأيها وإرادتها وعقلها؟ من الجميل أن يغار المرء على ابنته أو أخته، ولكن لا يجب أن يصل ذلك إلى حدِّ العقدة والمرض النّفسي الذي يخرج صاحبه عن رشده، بحيث يؤثّر سلباً في حاضر المرأة ومستقبلها ومصيرها الاجتماعيّ والعلميّ.
وهذا المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رض) يشير إلى عدم الفرق بين الشابّ والفتاة في مسألة السّفر، بقوله: "الواقع أنَّ مسألة سفر الفتاة كسفر الشّاب. نحن نشجّع الشَّباب على السَّفر لطلب العلم والتّجارة، مما يرفع من مستواهم، وذلك عندما يأمنون على أنفسهم من الانحراف، وعندما يحصّنون عقولهم وأخلاقهم ودينهم.. فلذلك الفتاة والشابّ في هذا على حدٍّ سواء، ونحن عندما نريد للفتاة أن تتعلَّم في جوٍّ أخلاقيّ يحمي لها دينها وأخلاقها وشخصيّتها، فإنّنا كذلك نريد للشّابّ أن يكون بهذه المثابة، وفي الجانب الأخلاقيّ، لا تمييز بين رجل وامرأة، بل هناك إنسان؛ إنسان منحرف أو إنسان مستقيم.
لذلك نقول، عندما تريد الفتاة أن تسافر إلى فرنسا أو بريطانيا، وعندما يتوفَّر لها الجوّ الّذي يمكن أن تعيش فيه وتتعلَّم، وتأمن على نفسها، فليس هناك مانعٌ شرعي.
أمّا التركيز على أنَّ المرأة لا يمكن لها السّفر من أجل هذه الغاية، باعتبار أنّها، وبحسب واقع المجتمع، هي العنصر الأضعف، وهي الّتي يُعتدى عليها.. ويوجد هناك استضعاف عالميّ للمرأة حتى مع التطوّر الذي وصلت إليه، وأصبحت مسؤولة وحاكمة ورئيسة وزراء، ومع ذلك، بقي المجتمع يختزن في شخصيّته حالة استضعافها، لهذا صارت المرأة تعيش القلق الدّائم والخوف من الرّجل، ثم إنَّ الرّجل يحاول أن يستقوي على المرأة.
ونحن نتساءل: لماذا الخوف على المرأة أكثر من الرّجل؟! الشّابّ إذا خرج من البيت وسهر حتى منتصف اللّيل، فليس هناك من مشكلة، أمّا الفتاة إذا خرجت فإنّ (الفأر يلعب في عبّهم)، لماذا ذهبت؟ وأين ذهبت؟ ومتى تعود؟ فإلى جانب وجود ما يسمَّى بالتّقاليد، هناك واقع موجود يضطهد المرأة كشيءٍ طبيعيّ، لأنَّ المجتمع الآن هو مجتمع الرّجال. لذلك، وفي نظر هذا المجتمع، فإنَّ سفر الفتاة إلى الخارج وحدها ولا أحد معها يحميها ويرعاها، يشكِّل خوفاً عليها ويوجب القلق، ولكن لو أخذنا المسألة بعقلٍ باردٍ بأنها قادرة على أن تحمي نفسها من خلال ظروف موضوعيَّة، فإنها تستطيع أن تسافر، ولا من مشكلة"..["للإنسان والحياة"، ص 127].
ما تقدَّم من كلام سماحته(رض)، يوضح لنا أنّه لا فرق جوهريّاً بين الفتاة والشّاب، فالفتاة لها ظروفها ومستقبلها، وقد تحتّم عليها الظّروف أن تسافر، فإذا كانت قادرةً وتيسَّرت لها الظّروف، فلا إشكال في ذلك، ولا مانع، وعلينا أن ندعم المرأة في حقِّها في السّفر وإدارة أوضاعها، كي يتطوَّر المجتمع الّذي يقوم في أساسه على أكتاف المرأة كما الرّجل، وعلينا أن نغيِّر النّظرة اللامسؤولة إلى المرأة، وأن يجري نشر الوعي حول ذلك، بالأسلوب الأنسب الّذي يحفظ المصلحة ويحفظ الدِّين والأخلاق...
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.