الحجّ هو عبادة من العبادات الَّتي أراد الله تعالى للإنسان فيها أن يطهِّر روحه، وأن يطهّر قلبه وعقله، وأن ينفتح على الله وعلى النَّاس جميعاً، بعيداً عن كلِّ الفروقات، وأن يشعر في هذا المؤتمر الإسلاميّ العالميّ بوحدته الإسلاميَّة والإنسانيَّة، وبطاعته لله الواحد القهّار، وهنا تلبية لدعوة الله كي يجدِّد الإنسان علاقته بربّه، ويفكِّر فيما مضى من عمره، هل كان على تواصلٍ مع ربِّه أم لا؟!
فالإنسان في هذا الموسم العباديّ يعيد التّفكير في كلّ شيء، وبخاصَّة العلاقة التي تربطه بربّه، فيحاسب نفسه، ويعمل على إصلاح نقاط الضَّعف فيه، ويشهد لربّه بالربوبيّة، فلا يتّخذ شريكاً له في تقديس شخصٍ أو منصبٍ أو جاهٍ أو مال. ففي هذا الموسم، يحيا التّوحيد على حقيقته، ويشعر مع النّاس من حوله في هذا الاجتماع الإنسانيّ، بوحدة الشّعور وبالقوّة، وبأواصر التَّكافل والتَّعاون المفترض أن تتعمَّق وتتأكَّد في الحجّ وبعد الرّجوع منه..
فمع الرّجوع من الحجّ، تبقى المسؤوليّة كبيرة، فالجميع ينتظر أن يجني ثمار هذه العبادة مسؤوليّةً وشعوراً وممارسةً إيجابيَّة تخدم مسيرة المجتمع.. والعودة من ممارسة هذه الطّقوس تعني فيما تعنيه الارتباط أكثر بدين الإسلام، وتجديد فهمه والعلاقة معه بالشَّكل الّذي يبرز الوعي والأصالة والهويّة الحركيّة، فيعيش الإنسان روح الإسلام في شرائعه وعقائده، ويعيش نكران الذات والأنانيّات والحسابات الشّخصيَّة والمصالح الفئويّة والجهويّة، ويتخلّص من الخصوصيّات والحسابات الضيِّقة، وينفتح على رحابة الإسلام وآفاقه الواسعة.
وعن أجواء الحجّ وإيحاءاته، يقول سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "هذه الأيّام هي أيّام الحجّ المبارك؛ الأيّام الّتي ينتظر فيها الحجّاج الوقوف على جبل عرفات، يقفون عليه جميعاً، عربيّهم وعجميّهم، أسودهم وأبيضهم، فقيرهم وغنيّهم.. يقفون في تلك الصّحراء الواسعة، تلبيةً لدعوة الله سبحانه، وامتثالاً لأمره.. يقفون ليشهدوا له بأنّه واحدٌ أحد، فردٌ صمد، لا شريك له ولا مثيل.. يقفون وهم يوحِّدونه ولا يشركون به أحداً، سواء كان من الدّول الصّغرى أو العظمى، سواء كان ملكاً أو رئيساً. يقفون ليُشهدوه أنهم في خطّ رسوله يسيرون، الإسلام دينهم وعقيدتهم وشريعتهم ومنهجهم في الحياة، الإسلام سياستهم عندما يتحركون في ميدان السّياسة، واجتماعهم في ميدان الاجتماع، واقتصادهم في ميدان الاقتصاد..
تلك هي الرّوح الّتي يريد الله لها أن تعيش أجواء الحجّ؛ الرّوح الّتي جاءت مهاجرةً عن كلّ خصوصيّتها ومواقعها، وعن كلّ السّاحات الحميمة الّتي كانت تعيش بها.. الجميع ينطلقون، كلّ بحسب الوسيلة التي يملكها، ينطلقون ليرفعوا رؤوسهم إلى الله سبحانه من كلّ قلوبهم وأعماقهم ومواقفهم وتطلّعاتهم.. المسلمون والمستضعفون يعيشون في ساحةٍ تكثر فيها الأصوات والدّعايات والاتجاهات، ويكثر فيها النّاس الّذين يريدون الانحراف بهم عن دينهم، ليتّخذوا لهم ديناً هنا وديناً هناك، وحزباً هنا وحزباً هناك، ولكنّ الله يقول لإبراهيم: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}[الحجّ: 27]، الله تعالى يقول لنبيّه إبراهيم(ع): اطلب من النّاس أن يأتوا إلى هذا البيت، البيت الذي أقمته للقائمين والطّائفين والركّع السجود.. ادعُ النّاس إلى بيتي، إلى ديني، إلى أن يجتمعوا حول البيت ليطوفوا به". ["من أجل الإسلام"، ص 241، 242].
من هنا، لا بدَّ من أن نكون فعلاً من أهل تلبية دعوة الله تعالى إلى هذا الموسم العباديّ والمؤتمر الإسلاميّ العالميّ، وأن نغتنم هذه الفرصة، ونعمل على تنقية قلوبنا وتطهير مشاعرنا من الحساسيّات والأهواء، وأن نلتقي على اسم الله ودينه وتوحيده، وأن نفكِّر كيف نقيم جسور التّواصل بين بعضنا البعض، وأن نعمِّر قلوبنا بالمحبَّة والبرّ، وأن نعزِّز أخوّتنا الإيمانيَّة في وجه المغالاة والتطرّف والتَّكفير، فالحجّ فرصة للتّنوير؛ تنوير العقل، وتنوير المشاعر، وتنوير النّفوس.
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

الحجّ هو عبادة من العبادات الَّتي أراد الله تعالى للإنسان فيها أن يطهِّر روحه، وأن يطهّر قلبه وعقله، وأن ينفتح على الله وعلى النَّاس جميعاً، بعيداً عن كلِّ الفروقات، وأن يشعر في هذا المؤتمر الإسلاميّ العالميّ بوحدته الإسلاميَّة والإنسانيَّة، وبطاعته لله الواحد القهّار، وهنا تلبية لدعوة الله كي يجدِّد الإنسان علاقته بربّه، ويفكِّر فيما مضى من عمره، هل كان على تواصلٍ مع ربِّه أم لا؟!
فالإنسان في هذا الموسم العباديّ يعيد التّفكير في كلّ شيء، وبخاصَّة العلاقة التي تربطه بربّه، فيحاسب نفسه، ويعمل على إصلاح نقاط الضَّعف فيه، ويشهد لربّه بالربوبيّة، فلا يتّخذ شريكاً له في تقديس شخصٍ أو منصبٍ أو جاهٍ أو مال. ففي هذا الموسم، يحيا التّوحيد على حقيقته، ويشعر مع النّاس من حوله في هذا الاجتماع الإنسانيّ، بوحدة الشّعور وبالقوّة، وبأواصر التَّكافل والتَّعاون المفترض أن تتعمَّق وتتأكَّد في الحجّ وبعد الرّجوع منه..
فمع الرّجوع من الحجّ، تبقى المسؤوليّة كبيرة، فالجميع ينتظر أن يجني ثمار هذه العبادة مسؤوليّةً وشعوراً وممارسةً إيجابيَّة تخدم مسيرة المجتمع.. والعودة من ممارسة هذه الطّقوس تعني فيما تعنيه الارتباط أكثر بدين الإسلام، وتجديد فهمه والعلاقة معه بالشَّكل الّذي يبرز الوعي والأصالة والهويّة الحركيّة، فيعيش الإنسان روح الإسلام في شرائعه وعقائده، ويعيش نكران الذات والأنانيّات والحسابات الشّخصيَّة والمصالح الفئويّة والجهويّة، ويتخلّص من الخصوصيّات والحسابات الضيِّقة، وينفتح على رحابة الإسلام وآفاقه الواسعة.
وعن أجواء الحجّ وإيحاءاته، يقول سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "هذه الأيّام هي أيّام الحجّ المبارك؛ الأيّام الّتي ينتظر فيها الحجّاج الوقوف على جبل عرفات، يقفون عليه جميعاً، عربيّهم وعجميّهم، أسودهم وأبيضهم، فقيرهم وغنيّهم.. يقفون في تلك الصّحراء الواسعة، تلبيةً لدعوة الله سبحانه، وامتثالاً لأمره.. يقفون ليشهدوا له بأنّه واحدٌ أحد، فردٌ صمد، لا شريك له ولا مثيل.. يقفون وهم يوحِّدونه ولا يشركون به أحداً، سواء كان من الدّول الصّغرى أو العظمى، سواء كان ملكاً أو رئيساً. يقفون ليُشهدوه أنهم في خطّ رسوله يسيرون، الإسلام دينهم وعقيدتهم وشريعتهم ومنهجهم في الحياة، الإسلام سياستهم عندما يتحركون في ميدان السّياسة، واجتماعهم في ميدان الاجتماع، واقتصادهم في ميدان الاقتصاد..
تلك هي الرّوح الّتي يريد الله لها أن تعيش أجواء الحجّ؛ الرّوح الّتي جاءت مهاجرةً عن كلّ خصوصيّتها ومواقعها، وعن كلّ السّاحات الحميمة الّتي كانت تعيش بها.. الجميع ينطلقون، كلّ بحسب الوسيلة التي يملكها، ينطلقون ليرفعوا رؤوسهم إلى الله سبحانه من كلّ قلوبهم وأعماقهم ومواقفهم وتطلّعاتهم.. المسلمون والمستضعفون يعيشون في ساحةٍ تكثر فيها الأصوات والدّعايات والاتجاهات، ويكثر فيها النّاس الّذين يريدون الانحراف بهم عن دينهم، ليتّخذوا لهم ديناً هنا وديناً هناك، وحزباً هنا وحزباً هناك، ولكنّ الله يقول لإبراهيم: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}[الحجّ: 27]، الله تعالى يقول لنبيّه إبراهيم(ع): اطلب من النّاس أن يأتوا إلى هذا البيت، البيت الذي أقمته للقائمين والطّائفين والركّع السجود.. ادعُ النّاس إلى بيتي، إلى ديني، إلى أن يجتمعوا حول البيت ليطوفوا به". ["من أجل الإسلام"، ص 241، 242].
من هنا، لا بدَّ من أن نكون فعلاً من أهل تلبية دعوة الله تعالى إلى هذا الموسم العباديّ والمؤتمر الإسلاميّ العالميّ، وأن نغتنم هذه الفرصة، ونعمل على تنقية قلوبنا وتطهير مشاعرنا من الحساسيّات والأهواء، وأن نلتقي على اسم الله ودينه وتوحيده، وأن نفكِّر كيف نقيم جسور التّواصل بين بعضنا البعض، وأن نعمِّر قلوبنا بالمحبَّة والبرّ، وأن نعزِّز أخوّتنا الإيمانيَّة في وجه المغالاة والتطرّف والتَّكفير، فالحجّ فرصة للتّنوير؛ تنوير العقل، وتنوير المشاعر، وتنوير النّفوس.
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.