كتاب "القطيعة بين المثقّف والفقيه"، للباحث يحي محمد، وإصدار مؤسّسة الانتشار العربي بيروت 2005.
فيه يحاول الباحث تقديم دراسة معرفيّة لإظهار جوانب القطيعة بين البنيتيْن العقليّتين للمثقّف الدّيني والفقيه، وتسليط الضّوء على قضيّة الجانب المنهجي والبنيوي للمعرفة لدى عقل المثقّف، بعيداً من الاعتبارات المذهبيّة الّتي تشكّل في فضائها، مع التّركيز على المثقّف الدّيني، وما جرى من قطيعة معرفيّة بينه وبين الفقيه، ولأجل ذلك، ركّز الباحث على تحديد الخلاف الحاصل بين التوجّهات المعرفيّة للمثقّف والفقيه، عبر ذكر نماذج بارزة لفئة المثقّفين، ومقارنتها بمسالك الفقهاء معرفيّاً، كما وإجراء مقارنة بينهما، باعتبارهما عقليْن منتجيْن للمعرفة، وهو ما يتطلّب التعرّف عن قرب إلى هويّتهما تبعاً للوظيفة المعرفيّة الّتي يقومان بها.
والكتاب على قسمين؛ في الأوّل منه محاولة لتحديد هويّة المثقّف وأصنافه المتعدّدة، ومنها المثقّف الدّيني، وفي القسم الثّاني، تبيان طبيعة المرتكزات المعرفيّة الّتي يتأسّس عليها العقل الفقهيّ والعقل الثّقافيّ، فهما يختلفان في المصدر والآليّة والأصول المولّدة للمعرفة، فلكلّ واحد خصائصه المعرفيّة، وهو ما يظهر عمق التّباين والخلاف النّاشئ بينهما، وهذا معنى القطيعة العقليّة بينهما.. فلدى الفقيه المصدر المعرفيّ هو النّص وعالمه، لكن لدى المثقّف هو الواقع وعوالمه، أي أنّ الأوّل لديه كتاب الله التّدويني، في حين يتمسّك الآخر بالكتاب التكويني.
وتمهيداً لهذا البحث، كان هناك مدخل تعرّض فيه الباحث للأدلّة الّتي تثبت وجود تكافؤ معرفيّ للأحكام بين المثقّف والفقيه، وذلك لتبرير عمل المثقّف المعرفيّ قبال الفقيه، ومنافسته له في الحجج المعرفيّة بحسب المؤلّف.
يتطرّق الباحث في كتابه إلى توضيح مفهوم المثقّف، وما يتّصل بذلك من بنى عقليّة منتجة لديه، وعلاقتها بالعقل الجمعيّ، وتوجّهات هذا المثقّف، والنّماذج الّتي يتحرّك في دوائرها، وما ينتج من ذلك. بعدها يتحدَّث الباحث عن طبيعة المرتكزات المعرفيَّة للمثقّف والفقيه، وما يدور في فلكها من تساؤلات وشبهات، ومصدر التَّعارض والقطيعة بين المثقَّف والفقيه، وغيرها من العناوين المتفرّعة.
ولما كان موضوع بحثه الأساس هو المثقّف الدّيني، فإنَّه يسعى إلى توضيح طبيعة هذا المثقَّف الملتزم وصاحب الإسلام الخالص والصَّادق، كمبدأ عقائديّ حضاريّ، ليس في ذلك اختلاف بينه وبين الفقيه من جهة المرجعيّة، وإنما الفارق هو بالفهم والأسلوب، ليبقى في المحصِّلة ثلاث عقليّات منتجة تتشكّل ضمن ثلاث دوائر للمعرفة، وهي: دائرة الفقيه ومن على شاكلته من النّصوصيّين، ودائرة المثقّف العلمائيّ، وأخيراً دائرة المثقّف الدّيني. وفي المحصّلة المعرفيّة، فإنّ نتائج الفقيه ظنيّة بيانيّة عادةً، بينما لدى المثقّف هي عبارة عن نتائج ظنيَّة عقلائيَّة مستمدّة من الواقع في الغالب.
كتاب غنيّ بعناوينه وأبحاثه المعرفيَّة الّتي تطرَّقت إلى إشكاليَّات متنوّعة، حاول الباحث الإضاءة عليها...
إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .
كتاب "القطيعة بين المثقّف والفقيه"، للباحث يحي محمد، وإصدار مؤسّسة الانتشار العربي بيروت 2005.
فيه يحاول الباحث تقديم دراسة معرفيّة لإظهار جوانب القطيعة بين البنيتيْن العقليّتين للمثقّف الدّيني والفقيه، وتسليط الضّوء على قضيّة الجانب المنهجي والبنيوي للمعرفة لدى عقل المثقّف، بعيداً من الاعتبارات المذهبيّة الّتي تشكّل في فضائها، مع التّركيز على المثقّف الدّيني، وما جرى من قطيعة معرفيّة بينه وبين الفقيه، ولأجل ذلك، ركّز الباحث على تحديد الخلاف الحاصل بين التوجّهات المعرفيّة للمثقّف والفقيه، عبر ذكر نماذج بارزة لفئة المثقّفين، ومقارنتها بمسالك الفقهاء معرفيّاً، كما وإجراء مقارنة بينهما، باعتبارهما عقليْن منتجيْن للمعرفة، وهو ما يتطلّب التعرّف عن قرب إلى هويّتهما تبعاً للوظيفة المعرفيّة الّتي يقومان بها.
والكتاب على قسمين؛ في الأوّل منه محاولة لتحديد هويّة المثقّف وأصنافه المتعدّدة، ومنها المثقّف الدّيني، وفي القسم الثّاني، تبيان طبيعة المرتكزات المعرفيّة الّتي يتأسّس عليها العقل الفقهيّ والعقل الثّقافيّ، فهما يختلفان في المصدر والآليّة والأصول المولّدة للمعرفة، فلكلّ واحد خصائصه المعرفيّة، وهو ما يظهر عمق التّباين والخلاف النّاشئ بينهما، وهذا معنى القطيعة العقليّة بينهما.. فلدى الفقيه المصدر المعرفيّ هو النّص وعالمه، لكن لدى المثقّف هو الواقع وعوالمه، أي أنّ الأوّل لديه كتاب الله التّدويني، في حين يتمسّك الآخر بالكتاب التكويني.
وتمهيداً لهذا البحث، كان هناك مدخل تعرّض فيه الباحث للأدلّة الّتي تثبت وجود تكافؤ معرفيّ للأحكام بين المثقّف والفقيه، وذلك لتبرير عمل المثقّف المعرفيّ قبال الفقيه، ومنافسته له في الحجج المعرفيّة بحسب المؤلّف.
يتطرّق الباحث في كتابه إلى توضيح مفهوم المثقّف، وما يتّصل بذلك من بنى عقليّة منتجة لديه، وعلاقتها بالعقل الجمعيّ، وتوجّهات هذا المثقّف، والنّماذج الّتي يتحرّك في دوائرها، وما ينتج من ذلك. بعدها يتحدَّث الباحث عن طبيعة المرتكزات المعرفيَّة للمثقّف والفقيه، وما يدور في فلكها من تساؤلات وشبهات، ومصدر التَّعارض والقطيعة بين المثقَّف والفقيه، وغيرها من العناوين المتفرّعة.
ولما كان موضوع بحثه الأساس هو المثقّف الدّيني، فإنَّه يسعى إلى توضيح طبيعة هذا المثقَّف الملتزم وصاحب الإسلام الخالص والصَّادق، كمبدأ عقائديّ حضاريّ، ليس في ذلك اختلاف بينه وبين الفقيه من جهة المرجعيّة، وإنما الفارق هو بالفهم والأسلوب، ليبقى في المحصِّلة ثلاث عقليّات منتجة تتشكّل ضمن ثلاث دوائر للمعرفة، وهي: دائرة الفقيه ومن على شاكلته من النّصوصيّين، ودائرة المثقّف العلمائيّ، وأخيراً دائرة المثقّف الدّيني. وفي المحصّلة المعرفيّة، فإنّ نتائج الفقيه ظنيّة بيانيّة عادةً، بينما لدى المثقّف هي عبارة عن نتائج ظنيَّة عقلائيَّة مستمدّة من الواقع في الغالب.
كتاب غنيّ بعناوينه وأبحاثه المعرفيَّة الّتي تطرَّقت إلى إشكاليَّات متنوّعة، حاول الباحث الإضاءة عليها...
إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .