كتاب "تأمّلات قرآنيَّة: الحريَّة الفكريَّة"، لسماحة السيّد جعفر فضل الله، في طبعته الأولى، الصّادرة العام 2015 عن المركز الإسلاميّ الثقافيّ، في مجمع الإمامين الحسنين(ع). هو عبارة عن بحث يقدّم فيه المؤلّف الإجابات عن التّحدّيات الفكريَّة الّتي تطاول العقيدة الإسلاميَّة، مؤكّداً أنّ القرآن كمصدر أوّل للمعرفة والتَّشريع، يعتبر خير معين لفتح العقول على عوالم التّفكير، وإيجاد الإجابات المناسبة لتلك التحدّيات.
من هنا، يركّز سماحته على المسؤوليَّة الواجب تحمّلها، لجهة خلق مرجعيّة ضابطة للفكر الإسلامي، والتحلّي بالوعي والمعاصرة والانفتاح في قراءة النصّ القرآنيّ أو الروائيّ (الأحاديث)، من أجل تأصيل المفاهيم القرآنيّة، لتخاطب الناس، وتحفّزهم على استلهامها والرجوع إليها كمعين لهم.
ويتناول البحث مدخليَّة أساسيَّة في الفكر عموماً، ألا وهي مسألة الحريَّة الفكريَّة وما يتعلّق بها من شؤون وشجون، حيث يلفت المؤلّف بعد عرضه اللغويّ لمعنى الحرية، إلى أنَّنا من خلال بحثنا عن مفهوم الحريَّة في القرآن، نهدف إلى إبراز رؤية الإسلام تجاه هذا المفهوم، ويُذكر في هذا السّياق، آيات من الكتاب العزيز تحدّثت عن الحريّة بشكل عام، من خلال الأصل التكوينيّ للإنسان، فالله تعالى جعل الإنسان حراً في إرادته واختياره وقراراته، انطلاقاً من حكمته، وانسجاماً مع دور المرء ومسؤوليّاته في استخلاف الأرض.
ويشير سماحته إلى أنَّ القرآن تحدَّث عن حريَّة الأبناء وأهميّتها في مواجهة عقائد الآباء المنحرفة، معتبراً أنَّ الأبناء بحكم مسؤوليّاتهم ودورهم، وتوافقاً مع إرادتهم وعقلهم وحريّتهم ووعيهم، غير ملزمين بهذه العقائد الضّالّة. ومن الخطأ الفادح الرضوخ للعقائد والعادات والممارسات الضالّة وتبريرها، ففي ذلك إسقاط لوجود الإنسان بكليّته، وحرمانه من الفعل الإيجابي المؤثّر...
ويحلّل السيّد جعفر فضل الله خلفيّات الاستسلام لعقائد الآباء، على هدي ما جاء في القرآن الكريم، ليصل إلى تأكيد أهمية الوعي والعقل في التعامل مع قضايا الحياة على أساس الحريَّة والتفكير، خدمةً لحاضر البشريَّة ومسيرتها وإنضاج تجاربها.
ويتابع متحدّثاً عن المسؤولية الفرديَّة كعنوان ضروريّ وواضح من عناوين الحريَّة، فالإنسان مسؤول عن أعماله أمام الله، ولا أحد غيره يتحمَّل مسؤولية أعماله وخياراته، لافتاً إلى أنّ المسؤولية الفرديّة تستوجب من الإنسان أن يكون صاحب إرادة واختيار، وقدرة على إثبات الذات ومواجهة كلّ أشكال الضغوطات، مهما كان نوعها، فالإنسان الحرّ هو من يؤكّد قيمة الحقّ في ذاته وعلاقته مع واقعه.
ويعرض السيّد جعفر فضل الله الإشكالات التي تواجه الحريَّة الفكريَّة، ومن بين ذلك، التربية والبيئة، فالمرء كائن اجتماعيّ متأثّر بمحيطه وما يفرضه عليه من توجيهات ربما تجعله مسلوب الحرية في نقدها ومواجهتها.. من هنا تأتي أهمية تحلّي المرء بالجرأة والشّجاعة والحكمة في نقد ما يتلقّاه، مشيراً في الوقت نفسه، إلى أنّ البيئة والتربية مجالان مهمّان ينطلق منهما الإنسان لتأصيل ذاته، وتأكيد القيم فيها، عبر تمسّكه بمنحى التدبّر والتفكّر والتعقّل، ليتحوّل إلى قوّة تعمل على التأثير، لا أن يكون المتأثر على الدوام.
كما يؤكّد سماحته ضرورة التزام الحقّ من أجل تحسُّس طعم الحريّة، وهو ما يقتضيه العقل وتنجذب إليه الفطرة.. ويطلّ على أهمية تكريس أسلوب الحوار كحاجة إنسانية مرتبطة بالحرية، تخدم الإبداع الفكريّ والتنوّع البشريّ والعلاقات الإنسانيّة، لجهة تحفيز المسيرة الفكرية وتقدّمها، مشدداً على أهمية تحرّك الحريّة الفكريَّة وفق منظومة يرعاها المجتمع، وقيام مراكز أبحاث ودراسات ومجامع علميَّة لتنظيم هذه الحرية، وفق معايير موضوعيَّة وعلميَّة هادفة.
وبحسب السيّد جعفر فضل الله، فإنَّ على المجتمعات مواكبة المتغيّرات الَّتي تطرأ على الإنسان وحركته، عبر الالتزام بمبدأ الحريّة الفكريَّة، الَّذي هو شرط حيويّ وأساسيّ للبناء الحضاريّ والإنسانيّ.
كتاب مميّز وحيويّ في عرض أفكاره وتسلسلها، وأهمية تناولها، وشرح خلفياتها وأبعادها ومداليلها وانعكاساتها..
كتاب "تأمّلات قرآنيَّة: الحريَّة الفكريَّة"، لسماحة السيّد جعفر فضل الله، في طبعته الأولى، الصّادرة العام 2015 عن المركز الإسلاميّ الثقافيّ، في مجمع الإمامين الحسنين(ع). هو عبارة عن بحث يقدّم فيه المؤلّف الإجابات عن التّحدّيات الفكريَّة الّتي تطاول العقيدة الإسلاميَّة، مؤكّداً أنّ القرآن كمصدر أوّل للمعرفة والتَّشريع، يعتبر خير معين لفتح العقول على عوالم التّفكير، وإيجاد الإجابات المناسبة لتلك التحدّيات.
من هنا، يركّز سماحته على المسؤوليَّة الواجب تحمّلها، لجهة خلق مرجعيّة ضابطة للفكر الإسلامي، والتحلّي بالوعي والمعاصرة والانفتاح في قراءة النصّ القرآنيّ أو الروائيّ (الأحاديث)، من أجل تأصيل المفاهيم القرآنيّة، لتخاطب الناس، وتحفّزهم على استلهامها والرجوع إليها كمعين لهم.
ويتناول البحث مدخليَّة أساسيَّة في الفكر عموماً، ألا وهي مسألة الحريَّة الفكريَّة وما يتعلّق بها من شؤون وشجون، حيث يلفت المؤلّف بعد عرضه اللغويّ لمعنى الحرية، إلى أنَّنا من خلال بحثنا عن مفهوم الحريَّة في القرآن، نهدف إلى إبراز رؤية الإسلام تجاه هذا المفهوم، ويُذكر في هذا السّياق، آيات من الكتاب العزيز تحدّثت عن الحريّة بشكل عام، من خلال الأصل التكوينيّ للإنسان، فالله تعالى جعل الإنسان حراً في إرادته واختياره وقراراته، انطلاقاً من حكمته، وانسجاماً مع دور المرء ومسؤوليّاته في استخلاف الأرض.
ويشير سماحته إلى أنَّ القرآن تحدَّث عن حريَّة الأبناء وأهميّتها في مواجهة عقائد الآباء المنحرفة، معتبراً أنَّ الأبناء بحكم مسؤوليّاتهم ودورهم، وتوافقاً مع إرادتهم وعقلهم وحريّتهم ووعيهم، غير ملزمين بهذه العقائد الضّالّة. ومن الخطأ الفادح الرضوخ للعقائد والعادات والممارسات الضالّة وتبريرها، ففي ذلك إسقاط لوجود الإنسان بكليّته، وحرمانه من الفعل الإيجابي المؤثّر...
ويحلّل السيّد جعفر فضل الله خلفيّات الاستسلام لعقائد الآباء، على هدي ما جاء في القرآن الكريم، ليصل إلى تأكيد أهمية الوعي والعقل في التعامل مع قضايا الحياة على أساس الحريَّة والتفكير، خدمةً لحاضر البشريَّة ومسيرتها وإنضاج تجاربها.
ويتابع متحدّثاً عن المسؤولية الفرديَّة كعنوان ضروريّ وواضح من عناوين الحريَّة، فالإنسان مسؤول عن أعماله أمام الله، ولا أحد غيره يتحمَّل مسؤولية أعماله وخياراته، لافتاً إلى أنّ المسؤولية الفرديّة تستوجب من الإنسان أن يكون صاحب إرادة واختيار، وقدرة على إثبات الذات ومواجهة كلّ أشكال الضغوطات، مهما كان نوعها، فالإنسان الحرّ هو من يؤكّد قيمة الحقّ في ذاته وعلاقته مع واقعه.
ويعرض السيّد جعفر فضل الله الإشكالات التي تواجه الحريَّة الفكريَّة، ومن بين ذلك، التربية والبيئة، فالمرء كائن اجتماعيّ متأثّر بمحيطه وما يفرضه عليه من توجيهات ربما تجعله مسلوب الحرية في نقدها ومواجهتها.. من هنا تأتي أهمية تحلّي المرء بالجرأة والشّجاعة والحكمة في نقد ما يتلقّاه، مشيراً في الوقت نفسه، إلى أنّ البيئة والتربية مجالان مهمّان ينطلق منهما الإنسان لتأصيل ذاته، وتأكيد القيم فيها، عبر تمسّكه بمنحى التدبّر والتفكّر والتعقّل، ليتحوّل إلى قوّة تعمل على التأثير، لا أن يكون المتأثر على الدوام.
كما يؤكّد سماحته ضرورة التزام الحقّ من أجل تحسُّس طعم الحريّة، وهو ما يقتضيه العقل وتنجذب إليه الفطرة.. ويطلّ على أهمية تكريس أسلوب الحوار كحاجة إنسانية مرتبطة بالحرية، تخدم الإبداع الفكريّ والتنوّع البشريّ والعلاقات الإنسانيّة، لجهة تحفيز المسيرة الفكرية وتقدّمها، مشدداً على أهمية تحرّك الحريّة الفكريَّة وفق منظومة يرعاها المجتمع، وقيام مراكز أبحاث ودراسات ومجامع علميَّة لتنظيم هذه الحرية، وفق معايير موضوعيَّة وعلميَّة هادفة.
وبحسب السيّد جعفر فضل الله، فإنَّ على المجتمعات مواكبة المتغيّرات الَّتي تطرأ على الإنسان وحركته، عبر الالتزام بمبدأ الحريّة الفكريَّة، الَّذي هو شرط حيويّ وأساسيّ للبناء الحضاريّ والإنسانيّ.
كتاب مميّز وحيويّ في عرض أفكاره وتسلسلها، وأهمية تناولها، وشرح خلفياتها وأبعادها ومداليلها وانعكاساتها..