الفلسفة.. خمس فترات كبرى

الفلسفة.. خمس فترات كبرى

"الفلسفة.. خمس فترات كبرى"؛ إنَّه كتاب للفيلسوف الفرنسي، والوزير السابق في عهد الرئيس جاك شيراك، "لوك فيري"؛ فيلسوف فرنسا الأوّل في هذا العصر، كما يسميه المتابعون للشأن الفكري، والخبير بالفلسفة وتاريخها، والمثقّف السياسي الكبير...

إنَّ الحديث عن الشأن الفلسفي، هو حديث عن كيفيّة إعادة الاعتبار والمكانة للفلسفة في العالمين الفكري والثقافي، والإفادة من طروحاتها في تحفيز النّتاج المعرفي البشري، في زمن التحدّيات والضّغوطات، والكلام على صراع الحضارات.

نبدأ باستعراض المؤلّف لتاريخ الفلسفة، وتقسيمه إيّاه إلى خمس فترات أساسيّة، حيث انطلقت الفترة الأولى في العصور اليونانية ـ الرومانية القديمة، الممتدّة من القرن السابع قبل الميلاد، إلى القرن الخامس الميلادي. وكانت النّظرة إلى العالم في هذه المرحلة، تنطلق من اعتبار الكون مؤلَّفاً من نظام متناسق ومنسجم مع بعضه البعض، وأنَّ المرء في حياته، وحتى بعد موته، جزء من هذا النظام. أمّا المرحلة الثانية، فتتّصل بالعصور المسيحيّة، وهي ممتدّة على مساحة عشرة قرون، بدءاً من القدّيس أغسطينوس، وحتى توما الأكويني، إضافةً إلى "ابن رشد" و"ابن ميمون"، حيث التنظير الفلسفي الدّيني.

بعدها، يأتي عصر النّهضة، كانتصار للفلسفة على التفسيرات الدينية وتصوّراتها، والتي سيطرت لفترات طويلة على الحياة الفكريّة والمعرفيّة بوجه عام. أمّا الفترة الرابعة من تاريخ الفلسفة، فيدعوها المؤلّف "زمن التفكيك". ومن المساهمين فيها: "هيدغر" و"نيتشه" و"شوبنهاور". أما الفترة الخامسة، فهي فترة بلورة الخطوط العامة للفلسفة الشاملة.

ويرى "لوك فيري" في كتابه، أنَّ هذه المراحل الخمس من تاريخ الفلسفة، كانت عبارة عن محاولات للإجابة عن مجموعة من التساؤلات حول الحياة وطبيعتها، ومعنى الوجود، وتفسير العالم والكون، وكيفية الانتصار على القلق والخوف من الموت والفناء، ومحاولة تصوّر حياة الآخرة. ومن الواضح، في رأيه، أنَّ لكلّ مرحلة إجاباتها الخاصّة عن هذه التساؤلات.

ومن جهة الحياة الآخرة، فإنَّ الإسلام قدّم التصوّر الأكمل والأجمل عن حياة ما بعد الموت، والنعيم الأبدي، حيث كانت الصّورة واضحة وتامّة. وفي مرحلة من المراحل التي مرّت بها الفلسفة، كانت مرحلة الحداثة، صاحبة النزعة الإنسانيّة التي وثقت بالإنسان ومقدرته على تغيير الواقع، بواسطة العقل لا النقل، وأن المرء قادر على إعادة تشكيل حياته، والإفادة من كلّ طاقاته وإبداعاته في سبيل سيادته للطبيعة.

إنَّ الكتاب غني بمباحثه التي سلّطت الضوء على ما قدّمته الفلسفة للفكر الإنساني في كل مراحله، وما أسهم به الفلاسفة في مسيرة المعرفة وتكاملها.

وما يلفت، هو أسلوب "فيري" الواضح والمرن في تحليله ونقله للأفكار وعرضها، بشكل سهل ومبسّط، وخالٍ من التعقيد اللفظي والمعنوي، بما يعين أكثر على فهم المجتمع والعالم والقضايا الكبرى التي تهمّ الإنسان ومصيره.

وبذلك، شكّل "فيري" بأسلوبه وتناوله للموضوعات، مدرسة قائمة ذاتها، تسترعي انتباه الباحثين والمفكّرين العرب، في إعادة تحريك الجو الفكري والمعرفي، والإفادة من خبرات الفلاسفة في استنهاض الفلسفة العربية، وإعادة ديناميكيّتها المعهودة في تنشيط المشهد العام.

إنَّه كتاب مهمّ للباحثين والمختصّين في الشّأن المعرفي، الّذي يعيش أزمة انحطاط في مستويات كثيرة.

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .


"الفلسفة.. خمس فترات كبرى"؛ إنَّه كتاب للفيلسوف الفرنسي، والوزير السابق في عهد الرئيس جاك شيراك، "لوك فيري"؛ فيلسوف فرنسا الأوّل في هذا العصر، كما يسميه المتابعون للشأن الفكري، والخبير بالفلسفة وتاريخها، والمثقّف السياسي الكبير...

إنَّ الحديث عن الشأن الفلسفي، هو حديث عن كيفيّة إعادة الاعتبار والمكانة للفلسفة في العالمين الفكري والثقافي، والإفادة من طروحاتها في تحفيز النّتاج المعرفي البشري، في زمن التحدّيات والضّغوطات، والكلام على صراع الحضارات.

نبدأ باستعراض المؤلّف لتاريخ الفلسفة، وتقسيمه إيّاه إلى خمس فترات أساسيّة، حيث انطلقت الفترة الأولى في العصور اليونانية ـ الرومانية القديمة، الممتدّة من القرن السابع قبل الميلاد، إلى القرن الخامس الميلادي. وكانت النّظرة إلى العالم في هذه المرحلة، تنطلق من اعتبار الكون مؤلَّفاً من نظام متناسق ومنسجم مع بعضه البعض، وأنَّ المرء في حياته، وحتى بعد موته، جزء من هذا النظام. أمّا المرحلة الثانية، فتتّصل بالعصور المسيحيّة، وهي ممتدّة على مساحة عشرة قرون، بدءاً من القدّيس أغسطينوس، وحتى توما الأكويني، إضافةً إلى "ابن رشد" و"ابن ميمون"، حيث التنظير الفلسفي الدّيني.

بعدها، يأتي عصر النّهضة، كانتصار للفلسفة على التفسيرات الدينية وتصوّراتها، والتي سيطرت لفترات طويلة على الحياة الفكريّة والمعرفيّة بوجه عام. أمّا الفترة الرابعة من تاريخ الفلسفة، فيدعوها المؤلّف "زمن التفكيك". ومن المساهمين فيها: "هيدغر" و"نيتشه" و"شوبنهاور". أما الفترة الخامسة، فهي فترة بلورة الخطوط العامة للفلسفة الشاملة.

ويرى "لوك فيري" في كتابه، أنَّ هذه المراحل الخمس من تاريخ الفلسفة، كانت عبارة عن محاولات للإجابة عن مجموعة من التساؤلات حول الحياة وطبيعتها، ومعنى الوجود، وتفسير العالم والكون، وكيفية الانتصار على القلق والخوف من الموت والفناء، ومحاولة تصوّر حياة الآخرة. ومن الواضح، في رأيه، أنَّ لكلّ مرحلة إجاباتها الخاصّة عن هذه التساؤلات.

ومن جهة الحياة الآخرة، فإنَّ الإسلام قدّم التصوّر الأكمل والأجمل عن حياة ما بعد الموت، والنعيم الأبدي، حيث كانت الصّورة واضحة وتامّة. وفي مرحلة من المراحل التي مرّت بها الفلسفة، كانت مرحلة الحداثة، صاحبة النزعة الإنسانيّة التي وثقت بالإنسان ومقدرته على تغيير الواقع، بواسطة العقل لا النقل، وأن المرء قادر على إعادة تشكيل حياته، والإفادة من كلّ طاقاته وإبداعاته في سبيل سيادته للطبيعة.

إنَّ الكتاب غني بمباحثه التي سلّطت الضوء على ما قدّمته الفلسفة للفكر الإنساني في كل مراحله، وما أسهم به الفلاسفة في مسيرة المعرفة وتكاملها.

وما يلفت، هو أسلوب "فيري" الواضح والمرن في تحليله ونقله للأفكار وعرضها، بشكل سهل ومبسّط، وخالٍ من التعقيد اللفظي والمعنوي، بما يعين أكثر على فهم المجتمع والعالم والقضايا الكبرى التي تهمّ الإنسان ومصيره.

وبذلك، شكّل "فيري" بأسلوبه وتناوله للموضوعات، مدرسة قائمة ذاتها، تسترعي انتباه الباحثين والمفكّرين العرب، في إعادة تحريك الجو الفكري والمعرفي، والإفادة من خبرات الفلاسفة في استنهاض الفلسفة العربية، وإعادة ديناميكيّتها المعهودة في تنشيط المشهد العام.

إنَّه كتاب مهمّ للباحثين والمختصّين في الشّأن المعرفي، الّذي يعيش أزمة انحطاط في مستويات كثيرة.

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية