في رحاب المناجاة الشَّعبانيَّة

في رحاب المناجاة الشَّعبانيَّة

المناجاة الشعبانيّة دعاء كان الامام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع) يناجي به الله عزّ وجلّ في شهر شعبان، وكان الأئمَّة من ولده(ع) كذلك يناجون الله بهذا الدّعاء، وقد اشتملت هذه المناجاة على آثار ومضامين روحانيّة وأخلاقيّة عالية، لو أقبل عليها المؤمنون وتفاعلوا معها بالشّكل المطلوب، لاستزادوا من السموّ والقرب من الله تعالى في دنياهم وآخرتهم.

وردت المناجاة الشّعبانيّة في كتاب "إقبال الأعمال" (الإقبال بالأعمال الحسنة): ج3 /ص 296 ، للسيّد رضي الدين بن طاووس، وهذا نصّها:

"اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاسْمَعْ دُعائِي إِذا دَعَوْتُكَ، وَاسْمَعْ‏ نِدائِي إِذا نادَيْتُكَ، وَأقْبِلْ عَلَيَّ إِذا ناجَيْتُكَ، فَقَدْ هَرَبْتُ إلَيْكَ وَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ، مُسْتَكِيناً لَكَ، مُتَضَرِّعاً إلَيْكَ، راجِياً لِما تَرانِي‏، وَتَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وتَخْبُرُ حاجَتِي وَتَعْرِفُ ضَمِيرِي، وَلا يَخْفى‏ عَلَيْكَ أمْرُ مُنْقَلَبِي وَمَثْوايَ، وَما أُرِيدُ انْ أُبْدِئَ بِهِ مِنْ مَنْطِقِي، وَأَتَفَوَّهَ بِهِ مِنْ طَلِبَتِي، وَأرْجُوهُ لِعافِيَتِي.

وَقَدْ جَرَتْ مَقادِيرُكَ عَلَيَّ يا سَيِّدِي، فِيما يَكُونُ مِنِّي الى‏ آخِرِ عُمْرِي، مِنْ سَرِيرَتِي وَعَلانِيَتِي، وَبِيَدِكَ لا بِيَدِ غَيْرِكَ زِيادَتِي وَنَقْصِي، وَنَفْعِي وَضَرِّي.

إلهي، انْ حَرَمْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْزُقُنِي، وَانْ خَذَلْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُنِي.

إلهي، أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَضَبِكَ وَحُلُولِ سَخَطِكَ.

إلهي، إنْ كُنْتُ غَيْرَ مُسْتَأْهِلٍ‏لِرَحْمَتِكَ، فَأنْتَ أهْلٌ أنْ تَجُودَ عَلَيَّ بِفَضْلِ سَعَتِكَ.

إلهي، كَأَنِّي بِنَفْسِي واقِفَةٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَقَدْ أَظَلَّها حُسْنُ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ، فَفَعَلْتَ‏ ما أنْتَ أهْلُهُ وَتَغَمَّدْتَنِي بِعَفْوِكَ.

إلهي، إنْ عَفَوْتَ فَمَنْ أَوْلى مِنْكَ بِذلِكَ، وَانْ كانَ قَدْ دَنا‏ أجَلِي وَلَمْ يُدْنِنِي مِنْكَ عَمَلِي، فَقَدْ جَعَلْتُ الإِقْرارَ بِالذَّنْبِ إلَيْكَ وسِيلَتِي.

إلهي، قَدْ جُرْتُ عَلى‏ نَفْسِي فِي النَّظَرِ لَها، فَلَها الْوَيْلُ إنْ لَمْ تَغْفِرْ لَها.

إلهي، لَمْ يَزَلْ بِرُّكَ عَلَيَّ أَيّامَ حَياتِي، فَلا تَقْطَعْ بِرَّكَ عَنِّي فِي مَماتِي.

إلهي، كَيْفَ آيَسُ مِنْ حُسْنِ نَظَرِكَ لِي بَعْدَ مَماتِي، وَأَنْتَ لَمْ تُوَلِّنِي إلَّا الْجَمِيلَ فِي حَياتِي.

إلهي، تَوَلَّ مِنْ أمْرِي ما أنْتَ أهْلُهُ، وَعُدْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ عَلى‏ مُذْنِبٍ قَدْ غَمَرَهُ‏ جَهْلُهُ.

إلهي، قَدْ سَتَرْتَ عَلَيَّ ذُنُوباً فِي الدُّنْيا، وَأنَا أحْوَجُ إلى‏ سَتْرِها عَلَيَّ مِنْكَ فِي الأُخْرى.

إلهي، قَدْ أحْسَنْتَ إلَيَّ إِذْ لَمْ تُظْهِرْها لأَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ الصَّالِحِينَ، فَلا تَفْضَحْنِي يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى‏ رُؤُوسِ الأَشْهادِ.

إلهي، جُودُكَ بَسَطَ أمَلِي، وَعَفْوُكَ أفْضَلُ مِنْ عَمَلِي.

إلهي، فَسُرَّنِي بِلِقائِكَ يَوْمَ تَقْضِي فِيهِ بَيْنَ عِبادِكَ.

إلهي، اعْتِذارِي إلَيْكَ اعْتِذارُ مَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ قَبُولِ عُذْرِهِ، فَاقْبَلْ عُذْرِي، يا أكْرَمَ‏ مَنِ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُسِيئُونَ.

إلهي، لا تَرُدَّ حاجَتِي، وَلا تُخَيِّبْ طَمَعِي، وَلا تَقْطَعْ مِنْكَ رَجائِي وَأمَلِي.

إلهي، لَوْ ارَدْتَ هَوانِي لَمْ تَهْدِنِي، وَلَوْ ارَدْتَ فَضِيحَتِي لَمْ تُعافِنِي.

إلهي، ما أَظُنُّكَ تَرُدُّنِي فِي حاجَةٍ قَدْ افْنَيْتُ عُمْرِي فِي طَلَبِها مِنْكَ.

إلهي، فَلَكَ الْحَمْدُ ابَداً ابَداً، دائِماً سَرْمَداً، يَزِيدُ وَلا يَبِيدُ كَما تُحِبُّ وَتَرْضى‏.

إلهي، انْ اخَذْتَنِي بِجُرْمِي اخَذْتُكَ بِعَفْوِكَ، وَانْ اخَذْتَنِي بِذُنُوبِي اخَذْتُكَ بِمَغْفِرَتِكَ، وَانْ‏ ادْخَلْتَنِي النَّارَ اعْلَمْتُ أَهْلَها إَنِّي أُحِبُّكَ.

إلهي، انْ كانَ صَغُرَ فِي جَنْبِ طاعَتِكَ عَمَلِي فَقَدْ كَبُرَ فِي جَنْبِ رَجائِكَ امَلِي.

إلهي، كَيْفَ انْقَلِبُ مِنْ عِنْدِكَ بِالْخَيْبَةِ مَحْرُوماً، وَقَدْ كانَ حُسْنُ ظَنِّي بِجُودِكَ انْ تَقْلِبَنِي بِالنَّجاةِ مَرْحُوماً.

إلهي، وَقَدْ افْنَيْتُ عُمْرِي فِي شَرَهِ‏السَّهْوِ عَنْكَ، وَأَبلَيْتُ شَبابِي فِي سَكْرَةِ التَّباعُدِ مِنْكَ.

إلهي، فَلَمْ أسْتَيْقِظْ أَيَّامَ اغْتِرارِي بِكَ وَرُكُونِي إلى‏ سَبِيلِ سَخَطِكَ.

إلهي، وَأنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ‏، قائِمٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، مُتَوَسِّلٌ بِكَرَمِكَ إلَيْكَ.

إلهي، أنَا عَبْدٌ أتَنَصَّلُ‏ إلَيْكَ مِمَّا كُنْتُ أُواجِهُكَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ اسْتِحْيائِي‏ مِنْ نَظَرِكَ، وَأطْلُبُ الْعَفْوَ مِنْكَ، إِذِ الْعَفْوُ نَعْتٌ لِكَرَمِكَ.

إلهي، لَمْ يَكُنْ لِي حَوْلٌ فَأنْتَقِلُ بِهِ عَنْ مَعْصِيَتِكَ إِلّا فِي وَقْتٍ أيْقَظْتَنِي لِمَحَبَّتِكَ، وَكَما أرَدْتَ انْ أَكُونَ كُنْتُ، فَشَكَرْتُكَ بإدْخالِي فِي كَرَمِكَ، وَلِتَطْهِيرِ قَلْبِي مِنْ أَوْساخِ الْغَفْلَةِ عَنْكَ.

إلهي، انْظُرْ إلَيَّ نَظَرَ مَنْ نادَيْتَهُ فَأجابَكَ، وَاسْتَعْمَلْتَهُ بِمَعُونَتِكَ فَأطاعَكَ، يا قَرِيباً لا يَبْعُدُ عَنِ الْمُغْتَرِّ بِهِ، وَيا جَواداً لا يَبْخَلُ عَمَّنْ رَجا ثَوابَهُ.

إلهي، هَبْ لِي قَلْباً يُدْنِيهِ مِنْكَ شَوْقُهُ، وَلِساناً يَرْفَعُهُ‏ إلَيْكَ صِدْقُهُ، وَنَظَراً يُقَرِّبُهُ مِنْكَ حَقُّهُ.

إلهي، إنَّ مَنْ تَعَرَّفَ بِكَ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَمَنْ لاذَ بِكَ غَيْرُ مَخْذُولٍ، وَمَنْ أقْبَلْتَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ‏.

إلهي، إِنَّ مَنِ انْتَهَجَ بِكَ لَمُسْتَنِيرٌ، وَإِنَّ مَنِ اعْتَصَمَ بِكَ لَمُسْتَجِيرٌ، وَقَدْ لُذْتُ بِكَ يا إلهي،‏ فَلا تُخَيِّبْ‏ ظَنِّي مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلا تَحْجُبْنِي عَنْ رَأْفَتِكَ.

إلهي، أقِمْنِي فِي أهْلِ وِلايَتِكَ مُقامَ مَنْ رَجَا الزِّيادَةَ مِنْ مَحَبَّتِكَ.

إلهي، وَألْهِمْنِي وَلَهاً بِذِكْرِكَ إلى‏ ذِكْرِكَ، وَاجْعَلْ هَمِّي‏ فِي رَوْحِ نَجاحِ أَسْمائِكَ وَمَحَلِّ قُدْسِكَ.

إلهي، بِكَ عَلَيْكَ إلّا الْحَقْتَنِي بِمَحَلِّ أهْلِ طاعَتِكَ، وَالْمَثْوَى‏ الصَّالِحِ مِنْ مَرْضاتِكَ، فَإنِّي لا أقْدِرُ لِنَفْسِي دَفْعاً، وَلا أمْلِكُ لَها نَفْعاً.

إلهي، أنَا عَبْدُكَ الضَّعِيفُ الْمُذْنِبُ وَمَمْلُوكُكَ الْمَعِيبُ، فَلا تَجْعَلْنِي مِمَّنْ صَرَفْتَ عَنْهُ وَجْهَكَ، وَحَجَبَهُ‏ سَهْوُهُ عَنْ عَفْوِكَ.

إلهي، هَبْ لِي كَمالَ الانْقِطاعِ إلَيْكَ، وَأنِرْ أَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها إلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ أَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ، فَتَصِلَ إلى‏ مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصِيرَ أَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ.

إلهي، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَأجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً، وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.

إلهي، لَمْ أُسَلِّطْ عَلى‏ حُسْنِ ظَنِّي قُنُوطَ الإِياسِ، وَلا انْقَطَعَ رَجائِي مِنْ جَمِيلِ كَرَمِكَ.

إلهي، انْ كانَتِ الْخَطايا قَدْ أسْقَطَتْنِي لَدَيْكَ، فَاصْفَحْ عَنِّي بِحُسْنِ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ. إلهي إنْ حَطَّتْنِي الذُّنُوبُ مِنْ مَكارِمِ لُطْفِكَ، فَقَدْ نَبَّهَنِي الْيَقِينُ إلى‏ كَرَمِ عَطْفِكَ.

إلهي، إنْ أَنامَتْنِي الْغَفْلَةُ عَنِ الاسْتِعْدادِ لِلِقائِكَ، فَقَدْ نَبَّهَتْنِي الْمَعْرِفَةُ بِكَرَمِ آلائِكَ.

إلهي، إنْ دَعانِي إِلَى النَّارِ عَظِيمُ عِقابِكَ، فَقَدْ دَعانِي إِلَى الْجَنَّةِ جَزِيلُ ثَوابِكَ.

إلهي، فَلَكَ أسْأَلُ وَإلَيْكَ أبْتَهِلُ‏ وَأرْغَبُ، أنْ‏ تُصَلِّيَ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ يُدِيمُ ذِكْرَكَ، وَلا يَنْقُضُ عَهْدَكَ، وَلا يَغْفُلُ عَنْ شُكْرِكَ، وَلا يَسْتَخِفُّ بِأَمْرِكَ.

إلهي، وَألْحِقْنِي بِنُورِ عِزِّكَ الأبْهَجِ، فَأَكُونَ لَكَ عارِفاً، وَعَنْ سِواكَ مُنْحَرِفاً، وَمِنْكَ خائِفاً مُراقِباً، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ. وَصَلَّى اللهُ عَلى‏ مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً

" .

افتتاح الدعاء بالصلاة على النبيّ وآله، لما يمثّلون من غاية الطّهر والرحمة والفضل والكمال الخلقي والروحي، والدعوة منه لقبول الدعاء في كلّ الأحوال، وهو الرؤوف بعباده، المطّلع على ضمائرهم ونيّاتهم، حيث لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السّماء. بيده الخير ورزق العباد وجميع المخلوقات، وبيده تقدير الآجال.

ولك يا الله التوجّه والطلب والابتهال والمناجاة، فأنت خير من ذكر، وخير من سمع، وخير من استجاب. فاعذرنا يا ربِّ على التَّقصير في حقِّك، وعدم الإخلاص لك كما يجب أن نخلص في حركاتنا ومواقفنا.

ربّنا أنت خير من يستجير به المستجيرون من الاستضعاف والظّلم والحرمان، وأنت خير من يقبل من عباده على تقصيرهم في جنبك، وأنت الرّحمن الرّحيم بعبادك، تجعل المحبّين المطيعين منهم في جوار أنبيائك وأوليائك، فاجعلنا من هؤلاء في حسن عاقبة وفي مقام محمود عندك.

ربّنا طهِّر قلوبنا من الغفلة، وأنر قلوبنا بالمغفرة والهداية من عندك، واصفح عمّا أجرمناه بحقّك وحقّ أنفسنا وحقّ عبادك.

والابتهال إليك أن تجعلنا من الذّاكرين لك، المؤدّين لحمدك وشكرك، وأن تجعل منقلبنا منقلب الطيّبين الصّالحين المهتدين بنورك في الدّنيا والآخرة.

المناجاة الشعبانيّة دعاء كان الامام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع) يناجي به الله عزّ وجلّ في شهر شعبان، وكان الأئمَّة من ولده(ع) كذلك يناجون الله بهذا الدّعاء، وقد اشتملت هذه المناجاة على آثار ومضامين روحانيّة وأخلاقيّة عالية، لو أقبل عليها المؤمنون وتفاعلوا معها بالشّكل المطلوب، لاستزادوا من السموّ والقرب من الله تعالى في دنياهم وآخرتهم.

وردت المناجاة الشّعبانيّة في كتاب "إقبال الأعمال" (الإقبال بالأعمال الحسنة): ج3 /ص 296 ، للسيّد رضي الدين بن طاووس، وهذا نصّها:

"اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاسْمَعْ دُعائِي إِذا دَعَوْتُكَ، وَاسْمَعْ‏ نِدائِي إِذا نادَيْتُكَ، وَأقْبِلْ عَلَيَّ إِذا ناجَيْتُكَ، فَقَدْ هَرَبْتُ إلَيْكَ وَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ، مُسْتَكِيناً لَكَ، مُتَضَرِّعاً إلَيْكَ، راجِياً لِما تَرانِي‏، وَتَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وتَخْبُرُ حاجَتِي وَتَعْرِفُ ضَمِيرِي، وَلا يَخْفى‏ عَلَيْكَ أمْرُ مُنْقَلَبِي وَمَثْوايَ، وَما أُرِيدُ انْ أُبْدِئَ بِهِ مِنْ مَنْطِقِي، وَأَتَفَوَّهَ بِهِ مِنْ طَلِبَتِي، وَأرْجُوهُ لِعافِيَتِي.

وَقَدْ جَرَتْ مَقادِيرُكَ عَلَيَّ يا سَيِّدِي، فِيما يَكُونُ مِنِّي الى‏ آخِرِ عُمْرِي، مِنْ سَرِيرَتِي وَعَلانِيَتِي، وَبِيَدِكَ لا بِيَدِ غَيْرِكَ زِيادَتِي وَنَقْصِي، وَنَفْعِي وَضَرِّي.

إلهي، انْ حَرَمْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْزُقُنِي، وَانْ خَذَلْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُنِي.

إلهي، أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَضَبِكَ وَحُلُولِ سَخَطِكَ.

إلهي، إنْ كُنْتُ غَيْرَ مُسْتَأْهِلٍ‏لِرَحْمَتِكَ، فَأنْتَ أهْلٌ أنْ تَجُودَ عَلَيَّ بِفَضْلِ سَعَتِكَ.

إلهي، كَأَنِّي بِنَفْسِي واقِفَةٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَقَدْ أَظَلَّها حُسْنُ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ، فَفَعَلْتَ‏ ما أنْتَ أهْلُهُ وَتَغَمَّدْتَنِي بِعَفْوِكَ.

إلهي، إنْ عَفَوْتَ فَمَنْ أَوْلى مِنْكَ بِذلِكَ، وَانْ كانَ قَدْ دَنا‏ أجَلِي وَلَمْ يُدْنِنِي مِنْكَ عَمَلِي، فَقَدْ جَعَلْتُ الإِقْرارَ بِالذَّنْبِ إلَيْكَ وسِيلَتِي.

إلهي، قَدْ جُرْتُ عَلى‏ نَفْسِي فِي النَّظَرِ لَها، فَلَها الْوَيْلُ إنْ لَمْ تَغْفِرْ لَها.

إلهي، لَمْ يَزَلْ بِرُّكَ عَلَيَّ أَيّامَ حَياتِي، فَلا تَقْطَعْ بِرَّكَ عَنِّي فِي مَماتِي.

إلهي، كَيْفَ آيَسُ مِنْ حُسْنِ نَظَرِكَ لِي بَعْدَ مَماتِي، وَأَنْتَ لَمْ تُوَلِّنِي إلَّا الْجَمِيلَ فِي حَياتِي.

إلهي، تَوَلَّ مِنْ أمْرِي ما أنْتَ أهْلُهُ، وَعُدْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ عَلى‏ مُذْنِبٍ قَدْ غَمَرَهُ‏ جَهْلُهُ.

إلهي، قَدْ سَتَرْتَ عَلَيَّ ذُنُوباً فِي الدُّنْيا، وَأنَا أحْوَجُ إلى‏ سَتْرِها عَلَيَّ مِنْكَ فِي الأُخْرى.

إلهي، قَدْ أحْسَنْتَ إلَيَّ إِذْ لَمْ تُظْهِرْها لأَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ الصَّالِحِينَ، فَلا تَفْضَحْنِي يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى‏ رُؤُوسِ الأَشْهادِ.

إلهي، جُودُكَ بَسَطَ أمَلِي، وَعَفْوُكَ أفْضَلُ مِنْ عَمَلِي.

إلهي، فَسُرَّنِي بِلِقائِكَ يَوْمَ تَقْضِي فِيهِ بَيْنَ عِبادِكَ.

إلهي، اعْتِذارِي إلَيْكَ اعْتِذارُ مَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ قَبُولِ عُذْرِهِ، فَاقْبَلْ عُذْرِي، يا أكْرَمَ‏ مَنِ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُسِيئُونَ.

إلهي، لا تَرُدَّ حاجَتِي، وَلا تُخَيِّبْ طَمَعِي، وَلا تَقْطَعْ مِنْكَ رَجائِي وَأمَلِي.

إلهي، لَوْ ارَدْتَ هَوانِي لَمْ تَهْدِنِي، وَلَوْ ارَدْتَ فَضِيحَتِي لَمْ تُعافِنِي.

إلهي، ما أَظُنُّكَ تَرُدُّنِي فِي حاجَةٍ قَدْ افْنَيْتُ عُمْرِي فِي طَلَبِها مِنْكَ.

إلهي، فَلَكَ الْحَمْدُ ابَداً ابَداً، دائِماً سَرْمَداً، يَزِيدُ وَلا يَبِيدُ كَما تُحِبُّ وَتَرْضى‏.

إلهي، انْ اخَذْتَنِي بِجُرْمِي اخَذْتُكَ بِعَفْوِكَ، وَانْ اخَذْتَنِي بِذُنُوبِي اخَذْتُكَ بِمَغْفِرَتِكَ، وَانْ‏ ادْخَلْتَنِي النَّارَ اعْلَمْتُ أَهْلَها إَنِّي أُحِبُّكَ.

إلهي، انْ كانَ صَغُرَ فِي جَنْبِ طاعَتِكَ عَمَلِي فَقَدْ كَبُرَ فِي جَنْبِ رَجائِكَ امَلِي.

إلهي، كَيْفَ انْقَلِبُ مِنْ عِنْدِكَ بِالْخَيْبَةِ مَحْرُوماً، وَقَدْ كانَ حُسْنُ ظَنِّي بِجُودِكَ انْ تَقْلِبَنِي بِالنَّجاةِ مَرْحُوماً.

إلهي، وَقَدْ افْنَيْتُ عُمْرِي فِي شَرَهِ‏السَّهْوِ عَنْكَ، وَأَبلَيْتُ شَبابِي فِي سَكْرَةِ التَّباعُدِ مِنْكَ.

إلهي، فَلَمْ أسْتَيْقِظْ أَيَّامَ اغْتِرارِي بِكَ وَرُكُونِي إلى‏ سَبِيلِ سَخَطِكَ.

إلهي، وَأنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ‏، قائِمٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، مُتَوَسِّلٌ بِكَرَمِكَ إلَيْكَ.

إلهي، أنَا عَبْدٌ أتَنَصَّلُ‏ إلَيْكَ مِمَّا كُنْتُ أُواجِهُكَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ اسْتِحْيائِي‏ مِنْ نَظَرِكَ، وَأطْلُبُ الْعَفْوَ مِنْكَ، إِذِ الْعَفْوُ نَعْتٌ لِكَرَمِكَ.

إلهي، لَمْ يَكُنْ لِي حَوْلٌ فَأنْتَقِلُ بِهِ عَنْ مَعْصِيَتِكَ إِلّا فِي وَقْتٍ أيْقَظْتَنِي لِمَحَبَّتِكَ، وَكَما أرَدْتَ انْ أَكُونَ كُنْتُ، فَشَكَرْتُكَ بإدْخالِي فِي كَرَمِكَ، وَلِتَطْهِيرِ قَلْبِي مِنْ أَوْساخِ الْغَفْلَةِ عَنْكَ.

إلهي، انْظُرْ إلَيَّ نَظَرَ مَنْ نادَيْتَهُ فَأجابَكَ، وَاسْتَعْمَلْتَهُ بِمَعُونَتِكَ فَأطاعَكَ، يا قَرِيباً لا يَبْعُدُ عَنِ الْمُغْتَرِّ بِهِ، وَيا جَواداً لا يَبْخَلُ عَمَّنْ رَجا ثَوابَهُ.

إلهي، هَبْ لِي قَلْباً يُدْنِيهِ مِنْكَ شَوْقُهُ، وَلِساناً يَرْفَعُهُ‏ إلَيْكَ صِدْقُهُ، وَنَظَراً يُقَرِّبُهُ مِنْكَ حَقُّهُ.

إلهي، إنَّ مَنْ تَعَرَّفَ بِكَ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَمَنْ لاذَ بِكَ غَيْرُ مَخْذُولٍ، وَمَنْ أقْبَلْتَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ‏.

إلهي، إِنَّ مَنِ انْتَهَجَ بِكَ لَمُسْتَنِيرٌ، وَإِنَّ مَنِ اعْتَصَمَ بِكَ لَمُسْتَجِيرٌ، وَقَدْ لُذْتُ بِكَ يا إلهي،‏ فَلا تُخَيِّبْ‏ ظَنِّي مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلا تَحْجُبْنِي عَنْ رَأْفَتِكَ.

إلهي، أقِمْنِي فِي أهْلِ وِلايَتِكَ مُقامَ مَنْ رَجَا الزِّيادَةَ مِنْ مَحَبَّتِكَ.

إلهي، وَألْهِمْنِي وَلَهاً بِذِكْرِكَ إلى‏ ذِكْرِكَ، وَاجْعَلْ هَمِّي‏ فِي رَوْحِ نَجاحِ أَسْمائِكَ وَمَحَلِّ قُدْسِكَ.

إلهي، بِكَ عَلَيْكَ إلّا الْحَقْتَنِي بِمَحَلِّ أهْلِ طاعَتِكَ، وَالْمَثْوَى‏ الصَّالِحِ مِنْ مَرْضاتِكَ، فَإنِّي لا أقْدِرُ لِنَفْسِي دَفْعاً، وَلا أمْلِكُ لَها نَفْعاً.

إلهي، أنَا عَبْدُكَ الضَّعِيفُ الْمُذْنِبُ وَمَمْلُوكُكَ الْمَعِيبُ، فَلا تَجْعَلْنِي مِمَّنْ صَرَفْتَ عَنْهُ وَجْهَكَ، وَحَجَبَهُ‏ سَهْوُهُ عَنْ عَفْوِكَ.

إلهي، هَبْ لِي كَمالَ الانْقِطاعِ إلَيْكَ، وَأنِرْ أَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها إلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ أَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ، فَتَصِلَ إلى‏ مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصِيرَ أَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ.

إلهي، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَأجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً، وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.

إلهي، لَمْ أُسَلِّطْ عَلى‏ حُسْنِ ظَنِّي قُنُوطَ الإِياسِ، وَلا انْقَطَعَ رَجائِي مِنْ جَمِيلِ كَرَمِكَ.

إلهي، انْ كانَتِ الْخَطايا قَدْ أسْقَطَتْنِي لَدَيْكَ، فَاصْفَحْ عَنِّي بِحُسْنِ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ. إلهي إنْ حَطَّتْنِي الذُّنُوبُ مِنْ مَكارِمِ لُطْفِكَ، فَقَدْ نَبَّهَنِي الْيَقِينُ إلى‏ كَرَمِ عَطْفِكَ.

إلهي، إنْ أَنامَتْنِي الْغَفْلَةُ عَنِ الاسْتِعْدادِ لِلِقائِكَ، فَقَدْ نَبَّهَتْنِي الْمَعْرِفَةُ بِكَرَمِ آلائِكَ.

إلهي، إنْ دَعانِي إِلَى النَّارِ عَظِيمُ عِقابِكَ، فَقَدْ دَعانِي إِلَى الْجَنَّةِ جَزِيلُ ثَوابِكَ.

إلهي، فَلَكَ أسْأَلُ وَإلَيْكَ أبْتَهِلُ‏ وَأرْغَبُ، أنْ‏ تُصَلِّيَ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ يُدِيمُ ذِكْرَكَ، وَلا يَنْقُضُ عَهْدَكَ، وَلا يَغْفُلُ عَنْ شُكْرِكَ، وَلا يَسْتَخِفُّ بِأَمْرِكَ.

إلهي، وَألْحِقْنِي بِنُورِ عِزِّكَ الأبْهَجِ، فَأَكُونَ لَكَ عارِفاً، وَعَنْ سِواكَ مُنْحَرِفاً، وَمِنْكَ خائِفاً مُراقِباً، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ. وَصَلَّى اللهُ عَلى‏ مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً

" .

افتتاح الدعاء بالصلاة على النبيّ وآله، لما يمثّلون من غاية الطّهر والرحمة والفضل والكمال الخلقي والروحي، والدعوة منه لقبول الدعاء في كلّ الأحوال، وهو الرؤوف بعباده، المطّلع على ضمائرهم ونيّاتهم، حيث لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السّماء. بيده الخير ورزق العباد وجميع المخلوقات، وبيده تقدير الآجال.

ولك يا الله التوجّه والطلب والابتهال والمناجاة، فأنت خير من ذكر، وخير من سمع، وخير من استجاب. فاعذرنا يا ربِّ على التَّقصير في حقِّك، وعدم الإخلاص لك كما يجب أن نخلص في حركاتنا ومواقفنا.

ربّنا أنت خير من يستجير به المستجيرون من الاستضعاف والظّلم والحرمان، وأنت خير من يقبل من عباده على تقصيرهم في جنبك، وأنت الرّحمن الرّحيم بعبادك، تجعل المحبّين المطيعين منهم في جوار أنبيائك وأوليائك، فاجعلنا من هؤلاء في حسن عاقبة وفي مقام محمود عندك.

ربّنا طهِّر قلوبنا من الغفلة، وأنر قلوبنا بالمغفرة والهداية من عندك، واصفح عمّا أجرمناه بحقّك وحقّ أنفسنا وحقّ عبادك.

والابتهال إليك أن تجعلنا من الذّاكرين لك، المؤدّين لحمدك وشكرك، وأن تجعل منقلبنا منقلب الطيّبين الصّالحين المهتدين بنورك في الدّنيا والآخرة.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية