نبقى في أجواء الصَّحيفة السَّجاديَّة للإمام عليّ بن الحسين زين العابدين(ع)، حيث يسمو الإنسان بروحه وقلبه وعقله إلى الخالق، ويعيش أجواء السّكينة والطّمأنينة في جنب الله تعالى، عندما يدعوه ولا يدعو أحداً سواه، وعندما يشهد على نفسه بالتَّوحيد الفعليّ لخالقه، ويحيا هذا التّوحيد بشكلٍ مستمرّ وفاعلٍ في الحياة.
يقول الإمام زين العابدين(ع): "اللّهُمّ إنّي أصبحت أشهدك وكفى بك شهيداً، وأشهد جميع ملائكتك وحملة عرشك وسكّان سمواتك وأرضك وأنبيائك ورسلك الصّالحين من عبادك وجميع خلقك، فاشهد لي وكفى بك شهيداً، إنّي أشهد أنك أنت الله وحدك لا شريك لك، وأنّ محمّداً صلّى الله عليه وآله عبدك ورسولك، وأنّ كلّ معبودٍ مما دون عرشك إلى قرار أرضك السَّابعة السّفلى باطلٌ مضمحلّ، ما عدا وجهك الكريم، فإنّه أعزّ وأجلّ وأعظم من أن يصف الواصفون كُنْهه وجلاله، أو تهتدي القلوب إلى كُنه عظمته. يا من فاق مدح المادحين فخر مدحه، وعلا وصفُ الواصفين مآثر حمده، وجلّ عن مقالة النّاطقين تعظيم شأنه، صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد، وافعل بنا ما أنت أهله، يا أهل التّقوى وأهل المغفرة".
إنَّه دعاء الإنسان الّذي يشهد بالوحدانيّة لربّه في كلّ زمن، ويؤكّد الشّهادة بالوحدانيّة في كلّ اللّحظات، حتى يكون أكثر ارتباطاً وقرباً من الله، مهما اشتدَّت علينا الضّغوطات.
وأن تعلن شهادتك لله بالوحدانيّة، معناه أنّك إنسان مسؤول أمام الله تعالى، تجدّد له العهد كلّ يوم على سلوك طريقه، والسّير في سبيله، وطلب معونته ورحمته ومغفرته وتوفيقه، فالشّهادة لله بالوحدانيّة مخُّ الدّين، وأساس العقيدة والهوية والانتماء إلى الإسلام الأصيل في كلّ أبعاده.
والشّهادة الثّانية في الإسلام هي الإيمان والإقرار برسوليّة الرسول الأكرم محمّد(ص)، الذي أخلص العبوديّة لربّه، وكان ولا يزال معلّماً للبشريّة في توحيده ومسيرته.
ويتابع الإمام زين العابدين(ع) دعاءه، ويشير إلى أشكال عبادة غير الله تعالى، معتبراً أنها عبادة باطلة فاسدة، فيها كلّ الضّرر على روحيّة الإنسان وعقيدته ووجوده وكيانه. فالله تعالى فوق وصف الواصفين، ولا يبلغ حقيقته النّاس، مهما علا شأنهم، وتبقى الحاجة إليه قائمةً ومستمرّة، فهو أهل التقوى وأهل المغفرة.
وحول مفاهيم هذا الدّعاء، يقول العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "... الدّعاء الّذي يعلن فيه الإنسان المؤمن أمام ربّه أنّه يبدأ صباحه بالشّهادة لله بالوحدانيّة، في عمليّة إيحاءٍ نفسيّ عميق متكرّر في كلّ صباح، ليؤكّد دائماً أنّ كلّ بدايات أية لحظة زمنيّة لا بدّ من أن تكون مغسولة بالشّهادة الكيانية لله بالوحدانيّة، ليبقى التوجّه إليه ـ وحده ـ ... هذا الجوّ الإيماني الرائع الذي يؤكّد فيه الإنسان أمام ربّه شهادة إسلامه، وتوحيده لخالقه، وإيمانه برسالته في رسوليّة الرسول، ليبقى هذا الوعي الإسلامي متجدّداً في الوعي والوجدان في صباح كلّ يوم، لتتعمّق في النفس كما لو كانت انتماءً جديداً في يوم جديد.. ثم هذا الحبّ الصّادق لله، وهذه هي الحقيقة العقيديّة الثّابتة في النفس، فكلّ شيءٍ عداه باطل مضمحلّ من كلّ ما يعبده النّاس في أيّ أفق وفي أيّ مكان.. وهو أهل التّقوى وأهل المغفرة، وهو الّذي يضمّ بحنانه ولطفه الأتقياء والتّائبين.
وهكذا نلاحظ في هذه الأدعية المنهج التربويّ الإيحائيّ الَّذي ينطلق فيه الدّاعي في دعائه، ليدخل في أجواء يومه وليلته، واعياً لمقام ربّه في مسؤوليَّته ومسؤوليّة يومه في قضيّة حياته، وحركة دنياه في مصير آخرته، فلا يهمل لحظةً من الزّمن.
وهذا الدّعاء الّذي كان يدعو به الإمام زين العابدين(ع) في الصّباح والمساء ـ كما ورد في الصّحيفة ـ يمثّل وثيقةً حيّة للمنهج التربوي الإسلاميّ في نظرة الإنسان إلى حركة الزّمن في عمره، في ما يستقبله من الصّباح والمساء، ليكون يومه يوماً إسلاميّاً في تفاصيله ومفرداته..".[كتاب آفاق الروح، ج 1، ص 142 ـ 144].
ندعو الله تعالى أن يجعل لحظاتنا وأيّامنا في توحيده حقّ التّوحيد، وفي الطّاعة والإخلاص والتوجُّه، وأن نشهد على أنفسنا بالوحدانيَّة التي تفترض منّا أن نكون في غاية الوعي والمسؤوليّة والالتزام بمفاهيم إسلامنا الأصيل وقيمه، كي نؤصِّل حياتنا الدّنيا كساحة عمل لبلوغ آخرتنا...
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.
نبقى في أجواء الصَّحيفة السَّجاديَّة للإمام عليّ بن الحسين زين العابدين(ع)، حيث يسمو الإنسان بروحه وقلبه وعقله إلى الخالق، ويعيش أجواء السّكينة والطّمأنينة في جنب الله تعالى، عندما يدعوه ولا يدعو أحداً سواه، وعندما يشهد على نفسه بالتَّوحيد الفعليّ لخالقه، ويحيا هذا التّوحيد بشكلٍ مستمرّ وفاعلٍ في الحياة.
يقول الإمام زين العابدين(ع): "اللّهُمّ إنّي أصبحت أشهدك وكفى بك شهيداً، وأشهد جميع ملائكتك وحملة عرشك وسكّان سمواتك وأرضك وأنبيائك ورسلك الصّالحين من عبادك وجميع خلقك، فاشهد لي وكفى بك شهيداً، إنّي أشهد أنك أنت الله وحدك لا شريك لك، وأنّ محمّداً صلّى الله عليه وآله عبدك ورسولك، وأنّ كلّ معبودٍ مما دون عرشك إلى قرار أرضك السَّابعة السّفلى باطلٌ مضمحلّ، ما عدا وجهك الكريم، فإنّه أعزّ وأجلّ وأعظم من أن يصف الواصفون كُنْهه وجلاله، أو تهتدي القلوب إلى كُنه عظمته. يا من فاق مدح المادحين فخر مدحه، وعلا وصفُ الواصفين مآثر حمده، وجلّ عن مقالة النّاطقين تعظيم شأنه، صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد، وافعل بنا ما أنت أهله، يا أهل التّقوى وأهل المغفرة".
إنَّه دعاء الإنسان الّذي يشهد بالوحدانيّة لربّه في كلّ زمن، ويؤكّد الشّهادة بالوحدانيّة في كلّ اللّحظات، حتى يكون أكثر ارتباطاً وقرباً من الله، مهما اشتدَّت علينا الضّغوطات.
وأن تعلن شهادتك لله بالوحدانيّة، معناه أنّك إنسان مسؤول أمام الله تعالى، تجدّد له العهد كلّ يوم على سلوك طريقه، والسّير في سبيله، وطلب معونته ورحمته ومغفرته وتوفيقه، فالشّهادة لله بالوحدانيّة مخُّ الدّين، وأساس العقيدة والهوية والانتماء إلى الإسلام الأصيل في كلّ أبعاده.
والشّهادة الثّانية في الإسلام هي الإيمان والإقرار برسوليّة الرسول الأكرم محمّد(ص)، الذي أخلص العبوديّة لربّه، وكان ولا يزال معلّماً للبشريّة في توحيده ومسيرته.
ويتابع الإمام زين العابدين(ع) دعاءه، ويشير إلى أشكال عبادة غير الله تعالى، معتبراً أنها عبادة باطلة فاسدة، فيها كلّ الضّرر على روحيّة الإنسان وعقيدته ووجوده وكيانه. فالله تعالى فوق وصف الواصفين، ولا يبلغ حقيقته النّاس، مهما علا شأنهم، وتبقى الحاجة إليه قائمةً ومستمرّة، فهو أهل التقوى وأهل المغفرة.
وحول مفاهيم هذا الدّعاء، يقول العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "... الدّعاء الّذي يعلن فيه الإنسان المؤمن أمام ربّه أنّه يبدأ صباحه بالشّهادة لله بالوحدانيّة، في عمليّة إيحاءٍ نفسيّ عميق متكرّر في كلّ صباح، ليؤكّد دائماً أنّ كلّ بدايات أية لحظة زمنيّة لا بدّ من أن تكون مغسولة بالشّهادة الكيانية لله بالوحدانيّة، ليبقى التوجّه إليه ـ وحده ـ ... هذا الجوّ الإيماني الرائع الذي يؤكّد فيه الإنسان أمام ربّه شهادة إسلامه، وتوحيده لخالقه، وإيمانه برسالته في رسوليّة الرسول، ليبقى هذا الوعي الإسلامي متجدّداً في الوعي والوجدان في صباح كلّ يوم، لتتعمّق في النفس كما لو كانت انتماءً جديداً في يوم جديد.. ثم هذا الحبّ الصّادق لله، وهذه هي الحقيقة العقيديّة الثّابتة في النفس، فكلّ شيءٍ عداه باطل مضمحلّ من كلّ ما يعبده النّاس في أيّ أفق وفي أيّ مكان.. وهو أهل التّقوى وأهل المغفرة، وهو الّذي يضمّ بحنانه ولطفه الأتقياء والتّائبين.
وهكذا نلاحظ في هذه الأدعية المنهج التربويّ الإيحائيّ الَّذي ينطلق فيه الدّاعي في دعائه، ليدخل في أجواء يومه وليلته، واعياً لمقام ربّه في مسؤوليَّته ومسؤوليّة يومه في قضيّة حياته، وحركة دنياه في مصير آخرته، فلا يهمل لحظةً من الزّمن.
وهذا الدّعاء الّذي كان يدعو به الإمام زين العابدين(ع) في الصّباح والمساء ـ كما ورد في الصّحيفة ـ يمثّل وثيقةً حيّة للمنهج التربوي الإسلاميّ في نظرة الإنسان إلى حركة الزّمن في عمره، في ما يستقبله من الصّباح والمساء، ليكون يومه يوماً إسلاميّاً في تفاصيله ومفرداته..".[كتاب آفاق الروح، ج 1، ص 142 ـ 144].
ندعو الله تعالى أن يجعل لحظاتنا وأيّامنا في توحيده حقّ التّوحيد، وفي الطّاعة والإخلاص والتوجُّه، وأن نشهد على أنفسنا بالوحدانيَّة التي تفترض منّا أن نكون في غاية الوعي والمسؤوليّة والالتزام بمفاهيم إسلامنا الأصيل وقيمه، كي نؤصِّل حياتنا الدّنيا كساحة عمل لبلوغ آخرتنا...
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.