استشارة..
السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
أخي لا يصلي ولا يصوم ويسمع الأغاني. حاولت معه بكلِّ الوسائل ليؤدي هذه الفرائض ويبتعد عن معصية الله، ولكن من دون جدوى، ما أدى إلى تفاقم الخلافات بيننا، فأنا لا أرغب في معصية الله.
كما أنه يدخن، وقد سبب لي أزمات صحية بسبب هذه العادة. كيف أصلح سوء حاله؟ وكيف أردعه عن المعاصي؟
وجواب..
لا شكَّ في أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من الواجبات العظيمة التي تؤكد حرص الإسلام على تناصح المؤمنين، وتواصيهم بالحق، وقيامهم بالدعوة إلى الخير والفضيلة. وإذا كان الأمر بالمعروف جيداً مع غير الأرحام والأقارب من الناس، فهو جيد أكثر حين يكون مع الأرحام والأقارب، وذلك تجسيداً لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}[التحريم: 6]، فمن الواجب، إظهار الإشفاق عليهم، والرغبة في إنقاذهم من الضلال وهدايتهم إلى طريق الإيمان والرشاد.
والمؤسف أنَّ كثيراً ممن نواجههم بالنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نجدهم غير مبالين بدعوتنا، ومنصرفين عن سماع قول الحق، ومصرين على الاستمرار على ما هم عليه، بحيث يذكرنا حالهم بقوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[المطففين: 14]، وقوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}[البقرة: 74]، الأمر الذي يدعونا إلى الأسف على حالهم والحزن عليهم.
وفي هذا المجال، علينا الالتفات إلى ما يلي:
أولاً: علينا أن ندرس حالة الشخص الذي نريد نصحه وتوجيهه، وذلك لجهة الظروف التي يعيش فيها، والأسباب التي قد تكون زيَّنت له الانحراف وشجَّعته عليه، كي نحاول تقديم نصائح نافعة له قولاً وعملاً، وخصوصاً إن كان من أرحامنا المباشرين الذين يمكننا الاطلاع على دقائق حياتهم، والذين يفترض بنا تقديم العون العملي والمباشر لهم.
ثانياً: على الآمر بالمعروف أن يستخدم الأسلوب الحكيم في نصح الآخرين وتوجيههم، فيحاول جهده كسب صداقة الآخر وثقته ومودته، وليكن كلامه لطيفاً معه، ولتكن لهجته عامة وخالية من السخرية والانتقاص والاتهام المباشر، ومليئة بالأمل والتشجيع والتقدير لما عنده من إيجابيات، وغير ذلك مما يدخل تحت عنوان ما أمر به النبي(ص) قائلاً: "إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق، ولا تكرهوا عبادة الله إلى عباد الله"، والذي ينطلق من قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران: 159].
ثالثاً: علينا عدم الإلحاح في توجيه النصائح، فإن شعور المخطئ أو المذنب بأنه مطارد ومراقب سيزعجه، وقد يجره الانزعاج إلى التمرد والإصرار على الخطأ، لذا علينا أن نختار الوقت المناسب، وأن نقول له نصيحتنا ونعطيه فرصة استيعابها، وأن لا نكرر نصيحتنا إلا في ظرف مختلف، حيث نحتمل أن يتأثر بالنصح ويتقبَّله، فإنَّ الكثير من الناس يصعب عليهم تغيير أنفسهم.
رابعاً: مهما كان المذنب قريباً منا، فإن علينا أن نحزن وأن لا نبالغ في الحزن، بل علينا أخذ الأمر برويّة وبرودة أعصاب، وأن نتعاطى معه بواقعية وحكمة، وهو ما أمر به الله تعالى نبيه(ص) فقال: {وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ}[المائدة: 41]، وقوله تعالى: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}[فاطر: 8].
فإننا حين نقوم بواجبنا، ستقع المسؤولية على المذنب وهو أولى أن يحزن ويشفق على نفسه.
***
مرسلة الاستشارة: فاطمة جعفر.
المجيب عن الاستشارة: الشّيخ محسن عطوي، عالم دين وباحث ومؤلف، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيّد محمَّد حسين فضل الله(رض).
التاريخ: 7 آب 2013م.
نوع الاستشارة: دينية.
استشارة..
السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
أخي لا يصلي ولا يصوم ويسمع الأغاني. حاولت معه بكلِّ الوسائل ليؤدي هذه الفرائض ويبتعد عن معصية الله، ولكن من دون جدوى، ما أدى إلى تفاقم الخلافات بيننا، فأنا لا أرغب في معصية الله.
كما أنه يدخن، وقد سبب لي أزمات صحية بسبب هذه العادة. كيف أصلح سوء حاله؟ وكيف أردعه عن المعاصي؟
وجواب..
لا شكَّ في أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من الواجبات العظيمة التي تؤكد حرص الإسلام على تناصح المؤمنين، وتواصيهم بالحق، وقيامهم بالدعوة إلى الخير والفضيلة. وإذا كان الأمر بالمعروف جيداً مع غير الأرحام والأقارب من الناس، فهو جيد أكثر حين يكون مع الأرحام والأقارب، وذلك تجسيداً لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}[التحريم: 6]، فمن الواجب، إظهار الإشفاق عليهم، والرغبة في إنقاذهم من الضلال وهدايتهم إلى طريق الإيمان والرشاد.
والمؤسف أنَّ كثيراً ممن نواجههم بالنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نجدهم غير مبالين بدعوتنا، ومنصرفين عن سماع قول الحق، ومصرين على الاستمرار على ما هم عليه، بحيث يذكرنا حالهم بقوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[المطففين: 14]، وقوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}[البقرة: 74]، الأمر الذي يدعونا إلى الأسف على حالهم والحزن عليهم.
وفي هذا المجال، علينا الالتفات إلى ما يلي:
أولاً: علينا أن ندرس حالة الشخص الذي نريد نصحه وتوجيهه، وذلك لجهة الظروف التي يعيش فيها، والأسباب التي قد تكون زيَّنت له الانحراف وشجَّعته عليه، كي نحاول تقديم نصائح نافعة له قولاً وعملاً، وخصوصاً إن كان من أرحامنا المباشرين الذين يمكننا الاطلاع على دقائق حياتهم، والذين يفترض بنا تقديم العون العملي والمباشر لهم.
ثانياً: على الآمر بالمعروف أن يستخدم الأسلوب الحكيم في نصح الآخرين وتوجيههم، فيحاول جهده كسب صداقة الآخر وثقته ومودته، وليكن كلامه لطيفاً معه، ولتكن لهجته عامة وخالية من السخرية والانتقاص والاتهام المباشر، ومليئة بالأمل والتشجيع والتقدير لما عنده من إيجابيات، وغير ذلك مما يدخل تحت عنوان ما أمر به النبي(ص) قائلاً: "إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق، ولا تكرهوا عبادة الله إلى عباد الله"، والذي ينطلق من قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران: 159].
ثالثاً: علينا عدم الإلحاح في توجيه النصائح، فإن شعور المخطئ أو المذنب بأنه مطارد ومراقب سيزعجه، وقد يجره الانزعاج إلى التمرد والإصرار على الخطأ، لذا علينا أن نختار الوقت المناسب، وأن نقول له نصيحتنا ونعطيه فرصة استيعابها، وأن لا نكرر نصيحتنا إلا في ظرف مختلف، حيث نحتمل أن يتأثر بالنصح ويتقبَّله، فإنَّ الكثير من الناس يصعب عليهم تغيير أنفسهم.
رابعاً: مهما كان المذنب قريباً منا، فإن علينا أن نحزن وأن لا نبالغ في الحزن، بل علينا أخذ الأمر برويّة وبرودة أعصاب، وأن نتعاطى معه بواقعية وحكمة، وهو ما أمر به الله تعالى نبيه(ص) فقال: {وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ}[المائدة: 41]، وقوله تعالى: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}[فاطر: 8].
فإننا حين نقوم بواجبنا، ستقع المسؤولية على المذنب وهو أولى أن يحزن ويشفق على نفسه.
***
مرسلة الاستشارة: فاطمة جعفر.
المجيب عن الاستشارة: الشّيخ محسن عطوي، عالم دين وباحث ومؤلف، عضو المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيّد محمَّد حسين فضل الله(رض).
التاريخ: 7 آب 2013م.
نوع الاستشارة: دينية.