إنسانية المرأة
ـ ما هو موقفك من المرأة، وأين هي في كتاباتك؟
ـ ربما تحدَّثت في تجاربي الشِّعريَّة فيما يتحدَّث فيه الشّعراء في هذا الجانب الّذي قلت إنَّه جانب ضبابيّ لا يقترب من حركة الواقع، ولكنّني في امتدادات حياتي أتحسّس المرأة كإنسان، وأفكِّر في أنَّها لا بدَّ من أن تعيش إنسانيَّتها، وأن لا تبرز إلى الحياة بأنوثتها.
أنا لا أتحدَّث عن الأنوثة كحالةٍ سلبيّةٍ في المرأة، فهي جزء من ذاتها، تماماً كما هي الذّكورة في معناها الإحساسي حالة ذاتيَّة للرّجل، ولكنَّني لا أتصوَّر أنَّ مسألة الأنوثة يمكن أن تتحرَّك بهذا الشَّكل الاستعراضيّ الغرائزيّ الّذي يجتذب عناصر الإثارة بطريقةٍ أو بأخرى، من دون أن يحقّق أيّ شيء فيما هي الإنسانيّة.
إنَّ الأنوثة اليوم لم تعد حالةً روحيّةً فيما هي الحنان والعاطفة والمحبَّة، بل أصبحت في أغلب تجاربها العالميَّة حالةً جسديّةً غريزيّةً تحاول فيها المرأة أن تجتذب الآخر بشكل شعوريّ أو بشكل لا شعوريّ.. وهذا هو الّذي جعل النّظرة الاجتماعيَّة إلى المرأة في الأوضاع الّتي نعيشها في عالمنا اليوم نظرةً لا تملك الكثير من الاحترام للمرأة، فنحن لا نجد إلا القلائل من النّاس الّذين يتحدّثون مع المرأة الجميلة من خلال فكرها أو من خلال إنسانيّتها، بل إنّهم يتحدّثون معها من خلال جمالها، لا على أساس أنَّ الجمال يمثِّل حالةً فنيّةً أو إبداعيَّة أو إيحائيَّة، ولكن من خلال ما يمثِّله الجمال من حالة إثارةٍ للغرائز على الأقلّ، هذا هو الطَّابع العام في الواقع الّذي نعيشه، ولذلك نجد أنَّ أكثر حركة الإعلام تتَّجه في هذا الاتجاه.
أنا أتحسّس المرأة كإنسان، وأفكِّر في أنَّها لا بدَّ من أن تعيش إنسانيَّتها، وأن لا تبرز إلى الحياة بأنوثتها
استغلال المرأة في الإعلان
ـ لماذا يعد جسد المرأة المادَّة الإعلانيَّة لأيِّ شيء؟
ـ ليس ذلك إلا لأنَّ النَّاس يستحضرون دور المرأة "الأمة"، ودور المرأة الّتي تقوم بدور إغراء أو تنفيسٍ للرَّجل وما إلى ذلك من إثارات.
إنَّنا نفكِّر في أنَّ للمرأة حقَّها في أن تعيش أنوثتها، ولكن في نطاق الحياة الزوجيّة الّتي تستطيع أن تطلق فيها أنوثتها بشكلٍ لا حدود له مع زوجها، وهكذا بالنِّسبة إلى الرَّجل، إذ يمكنه أن يطلق ذكورته في داخل الحياة الزّوجيّة بشكلٍ لا حدود له في هذا المجال، ونعتقد أنّ الرّجل والمرأة يجب أن يتكاملا في إنسانيّتهما.
وفي هذا المجال، نعرف أنّ المرأة والرّجل لا بدّ من أن يتكاملا في إنسانيّتهما الّتي تبني الحياة، وأن لا يعيشا مجرّد غريزة تجتذب غريزةً أو مجرّد صورة تجتذب صورة.
لا بدّ من أن يتكامل المرأة والرّجل في إنسانيّتهما الّتي تبني الحياة، وأن لا يعيشا مجرّد غريزة تجتذب غريزةً
الشَّعر عنصر إثارة!
ـ مع بداية الثَّورة الإيرانيَّة، نصح أحد الكتَّاب المرأة بالامتناع عن إظهار خصلة شعر من شعر رأسها، والسَّبب هو وجود جاذبيَّة في شعرها تشدّ الرّجل وتغريه. هل تمتلك خصلة الشَّعر بالفعل جاذبيّةً أكثر من جاذبيَّة العينين أو الفم أو الصّوت عند المرأة؟
ـ عندما نريد أن نتحدَّث عن الحالة الجماليَّة الّتي تجتذب عناصر الإثارة الّتي يراد من خلالها أن تكون هادئةً متوازية في علاقة المرأة بالرَّجل، فإنّنا قد نتصوَّر أنَّ الوجه هو الّذي يجتذب بحسب طبيعته، باعتبار أنَّه هو مظهر الجمال لدى المرأة أو لدى الرَّجل، ولكن طبيعة الوظيفة الّتي يؤدّيها الوجه في حياة النّاس، يجعل مسألة العناصر الجماليّة الموجودة في الوجه أشبه بالمسألة الروتينيّة الّتي تخفّف من عنصر الإثارة.
لا أقول ذلك بشكلٍ مطلق، ولكنَّني أقول إنَّ هذا ربَّما يلتقي مع فكرة أخرى، وهي أنَّنا قد نضطرّ إلى أن نبقي هذا العنصر الّذي لا يخلو من الإثارة، لأنَّ طبيعة حركة المرأة في الحياة كإنسانٍ، تفرض عدم التقيّد بغطاء وجه، لأنَّ ذلك يسقط حركتها حتَّى على طريقة التَّقاليد الّتي هي موجودة، والتي ربما حوّلها بعض الناس إلى فتاوى من خلال قناعاته الفقهيّة.
لذلك، عندما نتحدَّث عن الشَّعر من النَّاحية الجماليَّة، فلا شكَّ في أنَّه يعطي الجسد جماليّةً تختلف عن الجماليَّة الّتي يعطيها الوجه أو الصَّوت، لأنَّه قد يشبه أوراق الأغصان الّتي تعطي الشَّجر جماليّة، ولذلك، فإنَّنا نلاحظ تأثير الشَّعر بحسب شكله أو وضعه، في كثير من إيحاءات الجمال فيما يراه النّاس من صفات الجمال، ولا سيّما عند الشّعراء.
ولذلك، قد تكون المسألة أنّ الإسلام قد يرى أنّ كلّ هذه المفاتن تمثّل عنصراً جنسيّاً يثير بطريقة أو بأخرى، باعتبار أنَّه قد يكمل المنطقة الإيحائيّة الّتي قد تتحوَّل إلى عنصر إثارة في هذا المجال.. أمّا الوجه، فقد يخلق مثل هذا العنصر، ولكنّنا عندما نحيطه بستار بقيّة الأعضاء، فإنّه يتحوّل إلى حالة قريبة من الحالة الروتينيّة أو الإنسانيّة.
الحجاب وحرية المرأة
ـ
وما تأثير اللّباس المحتشم في العلاقة الزَّوجيَّة، إذ إنَّ بعض الرّجال يجبرون زوجاتهم على خلع الحجاب وإلا يكون الطّلاق، فمعنى ذلك أنّ الحجاب له تأثيره في تأزيم الحياة الزّوجيّة؟
ـ أتصوَّر أنَّ الرَّجل الّذي يفكّر بهذه الطريقة، لم ينطلق من وجود تأثير سلبيّ للحجاب في انفعاله بالمرأة، ولكنّه انطلق من حالة اجتماعيّة لكون مجتمعه يحمل فكرةً معيّنةً عن مسألة السّفور والحجاب، فيحاول أن يطبّق فكرته في دائرة حياته الخاصّة.
إنّنا نتصوّر هذا الإنسان إنساناً عدوانيّاً، لماذا؟ لأنّ مسألة الحجاب تتّصل بحريّة المرأة وإرادتها في حياتها الاجتماعيّة؛ وهي لا تترك أيّ تأثير سلبيّ في علاقتها الزّوجيّة، لأنّ علاقتها الزّوجيّة هي علاقة منفتحة على كلّ جمالاتها وغرائزها، وعلى كلّ الواقع الّذي يملك فيه الزّوجان الحريّة في مخدعهما الخاصّ، أو في حياتهما الخاصّة. إذاً هذا تدخّلٌ في حياة الزّوجة الخاصّة، تماماً كما يقول الزَّوج للمرأة إنَّ عليك أن تدخّني أو لا تدخّني، إنّ عليك أن تشربي الخمر أو لا تشربي الخمر.
مسألة الحجاب تتّصل بحريّة المرأة وإرادتها في حياتها الاجتماعيّة؛ وهي لا تترك أيّ تأثير سلبيّ في علاقتها الزّوجيّة
الحكم الشّرعيّ في بعض الفنون
ـ
ما رأيك بالغناء؟
ـ الغناء الّذي يثير الغرائز ويدعو إلى الميوعة والانحلال، هو أمر مرفوض، أمَّا الموسيقى الغنائيَّة الّتي ترتفع بالرّوح وتوحي بالفرح الهادئ وبالسّكينة والطّمأنينة والسموّ والإبداع، كما في الموسيقى الكلاسيكيّة وما إلى ذلك، فإنّني لا أرفضها.
ـ
والتّمثيل؟
ـ التمثيل هو أسلوب من أساليب التّعبير الفنّيّ الأدبيّ، ويختلف باختلاف طبيعة الرواية وما إلى ذلك.
ـ
والمسرح؟
ـ يختلف المسرح حسب اختلاف طبيعة الأجواء والأوضاع الّتي تحيط به.
ـ
والتلفزيون، رغم أنّ البعض يسمّيه بالشّيطان؟
ـ هو جهاز ينقل الصّورة، ويختلف حسب اختلاف الصّورة الّتي ينقلها.
ـ
أحد رجال الدّين يقول إنّه لا يدخل إلى بيت وفيه تلفزيون، قائلاً: لا أدخل وهناك شيطان في البيت؟
ـ ربما يتحدّث عن الصّور الخليعة، أو ربما كان انطباعه عنه أنّ الغالب فيه ذلك، ولكن التلفزيون جهاز ينقل الصّورة، كما ينقل الراديو الصّوت.
الغناء الّذي يثير الغرائز ويدعو إلى الانحلال هو أمر مرفوض، أمَّا الموسيقى الّتي تسمو بالرّوح فلا أرفضها