قصَّةُ الغدير ومصيرُ الإسلام

قصَّةُ الغدير ومصيرُ الإسلام

قال الله تعالى، وهو يخاطب رسوله (ص): {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة: 67]، حيث نعتقد أنها نزلت في عليّ (ع)، وهذا ما يؤكِّده جوّ الآية وسياقها، إضافةً إلى أسباب النـزول...

إنَّ جوّ الآية يوحي بأن هناك أمراً مهمَّاً يتعلَّق بسلامة الرسالة، بحيث يعادل الامتناع عن تبيلغه الامتناع عن تبليغ الرسالة من الأساس... ولم تكن مسألة الغدير تعيش على هامش الواقع الإسلاميّ، بل كانت تمثِّل مصير الإسلام: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ}. وكان الرّسول (ص) قد بلّغ كلّ ما جاء إليه من ربّه، ولكنَّ الولاية تمثِّل العمق في سلامة كلِّ ما أنزل إليه من ربّه في الامتداد والاستمرار، {وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}، ولا تخف ـ يا رسول الله ـ أن يتحدَّث النّاس عنك بسلبيَّة، فالله {يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} في هذا كما عصمك منهم في غيره.

وقد جمع رسول الله (ص) المسلمين بعد حجّة الوداع في مكان يقال له (غدير خمّ)، ورفع يد عليّ (ع) حتّى بان بياض إبطيهما، وقال: "مَنْ كنتُ مولاه فهذا عليّ مولاه، اللَّهُمَّ والِ مَنْ والاه، وعادِ مَن عاداه، وأَدِر الحقّ معهُ حيثما دار"1.

وبعد أن قالها الرسول (ص)، نزلت الآية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}[المائدة: 3].

وكانت الكلمة الّتي أعطت عليّاً (ع) معنى الحكم في معنى الرِّسالة، عندما انطلق النبيّ (ص) ليؤكِّد القاعدة في شرعيَّة ما يفرضه على المسلمين، فالله تعالى يقول: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}[الأحزاب: 6]، وهذا هو دليل الحاكميّة، كما كان قوله عزّ وجلّ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا َرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً}[الأحزاب: 45]، دليل النبوّة والرّسالة.

ولذلك، فحينما قال الرَّسول (ص): "ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟!"، فإنّه أراد أن يقول لهم بأنّه يملك من أنفسهم ما لا يملكون منها، وهذا يعني أنَّ الدّولة تملك من الناس ـ بحسب القانون، وهو هنا إلهيّ ـ ما لا يملكونه من أنفسهم. ولمّا أقرّوا بذلك، قال: "من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه"2. وبهذا أعطى رسول الله (ص) دوره في حاكميَّة المسلمين لعليّ (ع) في النّظرية والتّطبيق والأسلوب والغاية، لأنّها ليست مجرّد حاكميّة إداريّة، بل كانت الرّسالة تعيش في قلب الإدارة، وكانت الإدارة تتحرَّك في خطِّ الرّسالة...

* المصدر: كتاب "علي ميزان الحق"، كتاب "نظرة إسلاميّة حول الغدير"، و"فكر وثقافة، 22 ذو الحجّة 1422ه‍/ 17 آذار 2001م.

[1]بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج37، ص 159.

[2]بحار الأنوار، ج 37، ص 122.

قال الله تعالى، وهو يخاطب رسوله (ص): {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة: 67]، حيث نعتقد أنها نزلت في عليّ (ع)، وهذا ما يؤكِّده جوّ الآية وسياقها، إضافةً إلى أسباب النـزول...

إنَّ جوّ الآية يوحي بأن هناك أمراً مهمَّاً يتعلَّق بسلامة الرسالة، بحيث يعادل الامتناع عن تبيلغه الامتناع عن تبليغ الرسالة من الأساس... ولم تكن مسألة الغدير تعيش على هامش الواقع الإسلاميّ، بل كانت تمثِّل مصير الإسلام: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ}. وكان الرّسول (ص) قد بلّغ كلّ ما جاء إليه من ربّه، ولكنَّ الولاية تمثِّل العمق في سلامة كلِّ ما أنزل إليه من ربّه في الامتداد والاستمرار، {وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}، ولا تخف ـ يا رسول الله ـ أن يتحدَّث النّاس عنك بسلبيَّة، فالله {يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} في هذا كما عصمك منهم في غيره.

وقد جمع رسول الله (ص) المسلمين بعد حجّة الوداع في مكان يقال له (غدير خمّ)، ورفع يد عليّ (ع) حتّى بان بياض إبطيهما، وقال: "مَنْ كنتُ مولاه فهذا عليّ مولاه، اللَّهُمَّ والِ مَنْ والاه، وعادِ مَن عاداه، وأَدِر الحقّ معهُ حيثما دار"1.

وبعد أن قالها الرسول (ص)، نزلت الآية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}[المائدة: 3].

وكانت الكلمة الّتي أعطت عليّاً (ع) معنى الحكم في معنى الرِّسالة، عندما انطلق النبيّ (ص) ليؤكِّد القاعدة في شرعيَّة ما يفرضه على المسلمين، فالله تعالى يقول: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}[الأحزاب: 6]، وهذا هو دليل الحاكميّة، كما كان قوله عزّ وجلّ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا َرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً}[الأحزاب: 45]، دليل النبوّة والرّسالة.

ولذلك، فحينما قال الرَّسول (ص): "ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟!"، فإنّه أراد أن يقول لهم بأنّه يملك من أنفسهم ما لا يملكون منها، وهذا يعني أنَّ الدّولة تملك من الناس ـ بحسب القانون، وهو هنا إلهيّ ـ ما لا يملكونه من أنفسهم. ولمّا أقرّوا بذلك، قال: "من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه"2. وبهذا أعطى رسول الله (ص) دوره في حاكميَّة المسلمين لعليّ (ع) في النّظرية والتّطبيق والأسلوب والغاية، لأنّها ليست مجرّد حاكميّة إداريّة، بل كانت الرّسالة تعيش في قلب الإدارة، وكانت الإدارة تتحرَّك في خطِّ الرّسالة...

* المصدر: كتاب "علي ميزان الحق"، كتاب "نظرة إسلاميّة حول الغدير"، و"فكر وثقافة، 22 ذو الحجّة 1422ه‍/ 17 آذار 2001م.

[1]بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج37، ص 159.

[2]بحار الأنوار، ج 37، ص 122.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية