طريقة الإمام زين العابدين (ع) في إثارة الحزن

طريقة الإمام زين العابدين (ع) في إثارة الحزن

نفسّر حزن زين العابدين (ع) على أبيه الحسين والصفوة الطيبة من أهل بيته وأصحابه على أنه كان حزناً إنسانياً، ليعبّر فيه عن إنسانيته وعن ذكرياته الأليمة لمشاهد الواقعة التي تقطّع نياط القلب: "ما نظرت إلى عمّاتي وأخواتي إلا وذكرتُ فرارهنّ يوم كربلاء من خيمة إلى خيمة"، أو "هل سمعت أذناك أو رأت عيناك هاشمية سبية لنا قبل يوم عاشوراء؟!".

فمن الطبيعي أن يحفر الحزن في قلبه، كأيّ إنسان يتمثل المأساة بكلّ أعصابه وبكلّ مشاعره، ولا بد أن يعيشها في نفسه، لأن الله يريد للإنسان أن يعيش عاطفته اتباعاً لسنّة رسول الله (ص) عندما مات ولده إبراهيم: "تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما لا يرضي الله، وإنّا لفقدك يا إبراهيم لمحزونون"، هكذا كانت عاطفة زين العابدين (ع) هادئة حزينة، الحزن الذي يتمثل في بعض دموعه وفي بعض كلماته، بحيث إن الذي يقف أمامه يخشع في هذا المشهد.

وكان أيضاً يحرك الحزن من أجل أن يثير الذكرى في نفوس الناس، فيقف في سوق القصابين ليسأل القصّاب وهو يريد أن يذبح الكبش: "هل سقيته الماء؟"، فيقول إنا معاشر القصّابين لا نذبح كبشاً إلا بعد أن نسقيه الماء، ويلفت الإمام نظر الناس في السوق إلى كربلاء ليحدّث أباه الحسين: "ولكنّك ذُبحتَ ظمآن يا أبا عبدالله"، لينبّه الناس وليثيرهم في السوق وهم مشغولون بالبيع والشراء والمماكسة، وإذا بالسوق يمتلئ بكربلاء من خلال هذه اللّفتة السجادية الحزينة.

لكن المؤرخين ظلموا زين العابدين (ع)، عندما تحدثوا عن أنه ما وضع بين يديه طعام أو شراب إلا وملأه بدموع عينيه، وعندما كانوا يتحدّثون عن أنه كان يقضي وقته باكياً، حتى إن بعض قريباته يأتين لبعض أصحابه ليطلبن منهم أن يأتوا لينصحوا زين العابدين في الكفّ عن ذلك. فأي إهانة للإمام تلك، وهو الذي يعلّم الناس كيف يصبرون وكيف يواجهون المصيبة بكلّ صبرهم وبكلّ احتسابهم لله؟!

إنني لا أستطيع أن أتصوّر زين العابدين (ع) بهذه الصورة، فنحن نعرف أنّه (ع) بكى من خلال هذه العاطفة الإنسانية، وبكى من خلال أن يثير في بكائه الذّكرى لتمتدّ في خطّ العاطفة من خلال البكاء، ولكنّه لم يخرج عن التوازن إلى درجة أن يُقال له إنك تريد أن تقتل نفسك حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين، وربما عاتبه بعض الناس وتحدّث معه، فذكر لهم يعقوب، ولكن يبقى الإمام إماماً في حزنه، كما هو إمام في كل خطوط إمامته، لأنّ الإمام يمثل القدوة في الحزن في توازن الحزن، كما يمثل القدوة في الصبر في عمق الصبر في داخل حياته.

*من كتاب "النّدوة"، ج 4.

نفسّر حزن زين العابدين (ع) على أبيه الحسين والصفوة الطيبة من أهل بيته وأصحابه على أنه كان حزناً إنسانياً، ليعبّر فيه عن إنسانيته وعن ذكرياته الأليمة لمشاهد الواقعة التي تقطّع نياط القلب: "ما نظرت إلى عمّاتي وأخواتي إلا وذكرتُ فرارهنّ يوم كربلاء من خيمة إلى خيمة"، أو "هل سمعت أذناك أو رأت عيناك هاشمية سبية لنا قبل يوم عاشوراء؟!".

فمن الطبيعي أن يحفر الحزن في قلبه، كأيّ إنسان يتمثل المأساة بكلّ أعصابه وبكلّ مشاعره، ولا بد أن يعيشها في نفسه، لأن الله يريد للإنسان أن يعيش عاطفته اتباعاً لسنّة رسول الله (ص) عندما مات ولده إبراهيم: "تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما لا يرضي الله، وإنّا لفقدك يا إبراهيم لمحزونون"، هكذا كانت عاطفة زين العابدين (ع) هادئة حزينة، الحزن الذي يتمثل في بعض دموعه وفي بعض كلماته، بحيث إن الذي يقف أمامه يخشع في هذا المشهد.

وكان أيضاً يحرك الحزن من أجل أن يثير الذكرى في نفوس الناس، فيقف في سوق القصابين ليسأل القصّاب وهو يريد أن يذبح الكبش: "هل سقيته الماء؟"، فيقول إنا معاشر القصّابين لا نذبح كبشاً إلا بعد أن نسقيه الماء، ويلفت الإمام نظر الناس في السوق إلى كربلاء ليحدّث أباه الحسين: "ولكنّك ذُبحتَ ظمآن يا أبا عبدالله"، لينبّه الناس وليثيرهم في السوق وهم مشغولون بالبيع والشراء والمماكسة، وإذا بالسوق يمتلئ بكربلاء من خلال هذه اللّفتة السجادية الحزينة.

لكن المؤرخين ظلموا زين العابدين (ع)، عندما تحدثوا عن أنه ما وضع بين يديه طعام أو شراب إلا وملأه بدموع عينيه، وعندما كانوا يتحدّثون عن أنه كان يقضي وقته باكياً، حتى إن بعض قريباته يأتين لبعض أصحابه ليطلبن منهم أن يأتوا لينصحوا زين العابدين في الكفّ عن ذلك. فأي إهانة للإمام تلك، وهو الذي يعلّم الناس كيف يصبرون وكيف يواجهون المصيبة بكلّ صبرهم وبكلّ احتسابهم لله؟!

إنني لا أستطيع أن أتصوّر زين العابدين (ع) بهذه الصورة، فنحن نعرف أنّه (ع) بكى من خلال هذه العاطفة الإنسانية، وبكى من خلال أن يثير في بكائه الذّكرى لتمتدّ في خطّ العاطفة من خلال البكاء، ولكنّه لم يخرج عن التوازن إلى درجة أن يُقال له إنك تريد أن تقتل نفسك حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين، وربما عاتبه بعض الناس وتحدّث معه، فذكر لهم يعقوب، ولكن يبقى الإمام إماماً في حزنه، كما هو إمام في كل خطوط إمامته، لأنّ الإمام يمثل القدوة في الحزن في توازن الحزن، كما يمثل القدوة في الصبر في عمق الصبر في داخل حياته.

*من كتاب "النّدوة"، ج 4.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية