وصايا الإمام الصادق (ع) إلى شيعته

وصايا  الإمام الصادق (ع) إلى شيعته

عندما نقف مع ذكرى الإمام الصادق، فلا بد أن نستمع إلى بعض وصاياه إلى شيعته، ونحن شيعته السائرون في خط الإسلام الأصيل في خط أهل البيت(ع).

 قال لبعض أصحابه: "اقرأ على من ترى أنّه يطيعني منهم ويأخذ بقولي السلام. وأوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم ـ الورع عن الحرام ـ والاجتهاد لله ـ أن تبذلوا جهدكم في طاعة الله ـ وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وطول السجود، وحُسن الجوار، فبهذا جاء محمد(ص). أدّوا الأمانة إلى من ائتمنكم عليها براً كان أو فاجراً، فإن رسول الله(ص) كان يأمر بأداء الخيط والمخيط. صِلوا عشائركم ـ الذين تختلفون معهم في المذهب ـ واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأدوا حقوقهم، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق الحديث، وأدّى الأمانة، وحسن خلقه مع الناس، قيل: هذا جعفري، فيسرّني ذلك، ويدخل عليَّ منه السرور، وقيل: هذا أدب جعفر، وإذا كان على غير ذلك دخل عليّ بلاؤه وعاره".

وكان أحد أصحابه قد عاد من بلاد أخرى فسأله الإمام(ع): "كيف مَن خلّفت من إخوانك؟" فأجاب الرجل وأحسن الثناء، فسأله الإمام(ع): "كيف عيادة أغنيائهم على فقرائهم؟" فقال: قليلة، قال: "وكيف مشاهدة أغنيائهم لفقرائهم؟" قال: قليلة، قال: "فكيف صلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم؟" فقال الرجل: إنك لتذكر أخلاقاً قلّما هي فيمن عندنا، فقال(ع): "فكيف تزعم هؤلاء أنهم شيعة".

وورد في خطاب الإمام الصادق(ع)، وكان الناس يجتمعون في بيته، والبيت غاصٌ بأهله من جميع البلدان، فقال: "يا شيعة آل محمد، أنه ليس منا من لم يملك نفسه عند غضبه، ومن لم يُحسن صحبة من صحبه، ومخالقة من خالقه، ومرافقة من رافقه... يا شيعة آل محمد، اتقوا الله ما استطعتم، ولا حول ولا قوة إلا بالله". وكان(ع) يقول لأصحابه: "اجعلوا أمركم لله، ولا تجعلوه للناس، فإنه ما كان لله فهو لله، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله". ويحدد(ع) شخصية المؤمن فيقول: "المؤمن حسن المعونة، خفيف المؤونة، جيد التدبير لأمر معيشته، لا يُلدغ من جُحر مرتين".

وكان الإمام الصادق(ع) يؤكد مسألة الحرية؛ أن تكون حراً في ذاتك، أن يكون عقلك حراً فلا يخضع لعقول الآخرين إلا إذا اقتنع بها، وأن يكون قلبك حراً وإرادتك حرة وحياتك حرة. والحرية لا تنطلق من الآخرين، بل إنها تنبع من ذاتك، حتى لو أُدخلت في الزنزانة وبقيت إرادتك حراً فأنت حر، بينما إذا لم تكن إرادتك حرة، فأنت عبد حتى لو انطلقت في الفضاء. القضية هي حرية الإرادة لا حرية الموقع. يقول(ع): "إن الحر حرٌ على جميع أحواله، إن نابته نائبة صبر لها، وإن تداكّت عليه المصائب لم تكسره وإن أُسر وقهر". لقد أراد الإمام(ع) أن يربط بين الصبر والحرية، لأن الكثيرين من الظلمة يضغطون على الناس في طعامهم وشرابهم وأموالهم وأوضاعهم، حتى يتنازلوا عن مواقفهم ومبادئهم، فإذا كنت حراً، فلا تسقط مهما واجهك الظالمون بالحرمان، بل اصبر وصلّب إرادتك وقف مع مبادئك، ولا تجعل الحرمان يضغط عليك لتقدّم التنازلات للظالمين، وهذا ما أكده الله تعالى في قوله: {واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} (لقمان:17)، فالصبر لا يمثل ضعفاً، بل قوة.

وقد أكد الإمام الصادق(ع) في تفسيره قوله تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} (المنافقون:8)، قال: "إن الله فوّض إلى المؤمن أموره كلها، ولم يفوّض إليه أن يكون ذليلاً". كن عزيزاً في كل المواقع، كن عزيزاً أمام التحديات وأمام كل الظلمة. وفي حديث آخر عنه(ع) قال: "إن المؤمن أعز من الجبل. إنّ الجبل يُستقل منه بالمعاول، والمؤمن لا يُستقل من دينه شيء"، بل يبقى قوياً، ولا يستطيع أحد أن يهدّم دينه. وينطلق الإمام(ع) ليطلب من المؤمنين أن يعيشوا الخوف من الله في كل أمورهم، يقول(ع): "خف الله كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك، وإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت إليه بالمعصية، فقد جعلته من أهون الناظرين إليك".        

وننطلق مع الإمام الصادق(ع) لنستضيء بنور علمه، ولنعيش معه، ولنغتني به، ولنتحرك من خلال كل خطوطه الإسلامية الحضارية في كل مجالات الحياة، وتلك قضية أئمتنا(ع)، الذين هم خلفاء النبي(ص) وأوصياؤه، وحملة علمه، والسائرون على هديه، وقد ورد عن الإمام الصادق(ع) قوله إن كل ما لديهم من علم هو من رسول الله، فالأئمة ليسوا مجتهدين، بل هم المعصومون الذين يتحركون من خلال انفتاحهم على كل ما جاء عن الله وعن رسوله، وقد ورد عن الإمام الصادق(ع): "حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث عليّ، وحديث عليّ حديث رسول الله عن جبرائيل عن الله"، وقد قال الشاعر في ذلك:

ووالِ أناساً قولهـم وحديثهـم        روى جدنا عن جبرائيل عن الباري

نسأل الله تعالى أن يثبتنا على ولايتهم وإمامتهم، وأن يجعلنا من السائرين على خطهم ورسالتهم، وأن يرزقنا شفاعتهم {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم}.

عندما نقف مع ذكرى الإمام الصادق، فلا بد أن نستمع إلى بعض وصاياه إلى شيعته، ونحن شيعته السائرون في خط الإسلام الأصيل في خط أهل البيت(ع).

 قال لبعض أصحابه: "اقرأ على من ترى أنّه يطيعني منهم ويأخذ بقولي السلام. وأوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم ـ الورع عن الحرام ـ والاجتهاد لله ـ أن تبذلوا جهدكم في طاعة الله ـ وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وطول السجود، وحُسن الجوار، فبهذا جاء محمد(ص). أدّوا الأمانة إلى من ائتمنكم عليها براً كان أو فاجراً، فإن رسول الله(ص) كان يأمر بأداء الخيط والمخيط. صِلوا عشائركم ـ الذين تختلفون معهم في المذهب ـ واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأدوا حقوقهم، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق الحديث، وأدّى الأمانة، وحسن خلقه مع الناس، قيل: هذا جعفري، فيسرّني ذلك، ويدخل عليَّ منه السرور، وقيل: هذا أدب جعفر، وإذا كان على غير ذلك دخل عليّ بلاؤه وعاره".

وكان أحد أصحابه قد عاد من بلاد أخرى فسأله الإمام(ع): "كيف مَن خلّفت من إخوانك؟" فأجاب الرجل وأحسن الثناء، فسأله الإمام(ع): "كيف عيادة أغنيائهم على فقرائهم؟" فقال: قليلة، قال: "وكيف مشاهدة أغنيائهم لفقرائهم؟" قال: قليلة، قال: "فكيف صلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم؟" فقال الرجل: إنك لتذكر أخلاقاً قلّما هي فيمن عندنا، فقال(ع): "فكيف تزعم هؤلاء أنهم شيعة".

وورد في خطاب الإمام الصادق(ع)، وكان الناس يجتمعون في بيته، والبيت غاصٌ بأهله من جميع البلدان، فقال: "يا شيعة آل محمد، أنه ليس منا من لم يملك نفسه عند غضبه، ومن لم يُحسن صحبة من صحبه، ومخالقة من خالقه، ومرافقة من رافقه... يا شيعة آل محمد، اتقوا الله ما استطعتم، ولا حول ولا قوة إلا بالله". وكان(ع) يقول لأصحابه: "اجعلوا أمركم لله، ولا تجعلوه للناس، فإنه ما كان لله فهو لله، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله". ويحدد(ع) شخصية المؤمن فيقول: "المؤمن حسن المعونة، خفيف المؤونة، جيد التدبير لأمر معيشته، لا يُلدغ من جُحر مرتين".

وكان الإمام الصادق(ع) يؤكد مسألة الحرية؛ أن تكون حراً في ذاتك، أن يكون عقلك حراً فلا يخضع لعقول الآخرين إلا إذا اقتنع بها، وأن يكون قلبك حراً وإرادتك حرة وحياتك حرة. والحرية لا تنطلق من الآخرين، بل إنها تنبع من ذاتك، حتى لو أُدخلت في الزنزانة وبقيت إرادتك حراً فأنت حر، بينما إذا لم تكن إرادتك حرة، فأنت عبد حتى لو انطلقت في الفضاء. القضية هي حرية الإرادة لا حرية الموقع. يقول(ع): "إن الحر حرٌ على جميع أحواله، إن نابته نائبة صبر لها، وإن تداكّت عليه المصائب لم تكسره وإن أُسر وقهر". لقد أراد الإمام(ع) أن يربط بين الصبر والحرية، لأن الكثيرين من الظلمة يضغطون على الناس في طعامهم وشرابهم وأموالهم وأوضاعهم، حتى يتنازلوا عن مواقفهم ومبادئهم، فإذا كنت حراً، فلا تسقط مهما واجهك الظالمون بالحرمان، بل اصبر وصلّب إرادتك وقف مع مبادئك، ولا تجعل الحرمان يضغط عليك لتقدّم التنازلات للظالمين، وهذا ما أكده الله تعالى في قوله: {واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} (لقمان:17)، فالصبر لا يمثل ضعفاً، بل قوة.

وقد أكد الإمام الصادق(ع) في تفسيره قوله تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} (المنافقون:8)، قال: "إن الله فوّض إلى المؤمن أموره كلها، ولم يفوّض إليه أن يكون ذليلاً". كن عزيزاً في كل المواقع، كن عزيزاً أمام التحديات وأمام كل الظلمة. وفي حديث آخر عنه(ع) قال: "إن المؤمن أعز من الجبل. إنّ الجبل يُستقل منه بالمعاول، والمؤمن لا يُستقل من دينه شيء"، بل يبقى قوياً، ولا يستطيع أحد أن يهدّم دينه. وينطلق الإمام(ع) ليطلب من المؤمنين أن يعيشوا الخوف من الله في كل أمورهم، يقول(ع): "خف الله كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك، وإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت إليه بالمعصية، فقد جعلته من أهون الناظرين إليك".        

وننطلق مع الإمام الصادق(ع) لنستضيء بنور علمه، ولنعيش معه، ولنغتني به، ولنتحرك من خلال كل خطوطه الإسلامية الحضارية في كل مجالات الحياة، وتلك قضية أئمتنا(ع)، الذين هم خلفاء النبي(ص) وأوصياؤه، وحملة علمه، والسائرون على هديه، وقد ورد عن الإمام الصادق(ع) قوله إن كل ما لديهم من علم هو من رسول الله، فالأئمة ليسوا مجتهدين، بل هم المعصومون الذين يتحركون من خلال انفتاحهم على كل ما جاء عن الله وعن رسوله، وقد ورد عن الإمام الصادق(ع): "حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث عليّ، وحديث عليّ حديث رسول الله عن جبرائيل عن الله"، وقد قال الشاعر في ذلك:

ووالِ أناساً قولهـم وحديثهـم        روى جدنا عن جبرائيل عن الباري

نسأل الله تعالى أن يثبتنا على ولايتهم وإمامتهم، وأن يجعلنا من السائرين على خطهم ورسالتهم، وأن يرزقنا شفاعتهم {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم}.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية