من ملامحِ المنهجِ السياسيِّ للإمامِ الصَّادقِ (ع)

من ملامحِ المنهجِ السياسيِّ للإمامِ الصَّادقِ (ع)

تحدَّث الإمام الصَّادق (ع) عن الخطوط السياسيَّة بالطريقة الَّتي نستطيع من خلال دراسة تراثه أن نستلّ منه منهجاً سياسياً في الخطوط العريضة متكاملاً.

أمَّا في الواقع السياسي، فينقل في تأريخ الإمام الصَّادق (ع)، أن أحد الثائرين على بني أميّة، وهو (أبو سلمة الخلال)، هذا الذي انطلق مع (أبو مسلم الخراساني) والمجموعة الّتي ثارت بوجه بني أميّة، قد أرسل كتاباً إلى الإمام الصادق (ع) يطلب فيه أن يستلم الحكم، وقال للرسول: إذا لم يقبل الإمام، فاذهب إلى (عبدالله بن الحسن)، وإذا لم يقبل فإلى شخص آخر.

وجاء الرسول إلى الإمام الصادق (ع) وأعطاه الكتاب، فلم يعلّق الإمام، فقال له أريد الجواب، فقال له انتظرني حتى أعطيك الجواب، فقرّب السراج، ووضع الكتاب عليه فأحرقه، وقال له هذا هو الجواب، فلم يفهم الرَّسول المغزى، وذهب إلى عبدالله بن الحسن وأعطاه الكتاب، فجاء عبدالله إلى الصَّادق يستشيره، فقال له الإمام: لقد جاءني قبلك، وإني لأعرف أنَّ هؤلاء ليسوا بمخلصين، بل يريدون أن يستغلوا الأمر، فقال عبدالله: إنَّه يكتب أن شيعتك في خراسان كثير، فقال له: من أين كان لنا شيعة في خراسان لا نعرفهم ولا يعرفوننا؟! فالإنسان عندما يريد استلام الحكم، لا بدَّ له من أن يملك أمره ويملك مفاصله، وأن يستطيع أن يدير كل حركته، أما أن تكون الحركة بيد هؤلاء، وليس لهم في العمق أيّ علاقة، بل قالوا إذا ذهب بنو أميّة فإنا نأتي إلى بني عليّ الَّذين يمكن أن يكونوا أكثر تسامحاً من بني العباس، وهذه هي المسألة.. ولذلك قال له عليك أن ترفض، لكنّ الرجل لم يحمل الإمام الصادق (ع) على محمل حسن.

فالإمام الصادق (ع) كان قد عرض عليه الحكم، ولكنَّه ـ كان من خلال معرفته بالواقع ـ يرى أنَّ الحكم عرض ليكون مجرَّد عنوان، من دون أن يملك إدارة الحكم بالطريقة الَّتي يستطيع فيها أن يحقِّق ما يريده من تنفيذ حكم الله سبحانه وتعالى، وهذا ما ينبغي لنا أن نستوحيه، في أنّ الكثير من الذين يعارضون الحكم قد تقدِّمه إليهم بعض الأجهزة وبعض المواقع السياسيَّة المسؤولة على طبق من ذهب، وقد يغرّهم ذلك، ولكن عليهم أن يدرسوا عمق ذلك، حتى لا يكونوا مجرّد ورقة يلعب بها الكبار، حيث يجعلون منهم واجهة عما يريدون، بحيث يختفون وراءها ليطبّقوا كلَّ ما يريدون من دون أن تكون لهم يد، كما في الكثيرين الَّذين لا يمثلون أنفسهم ولا شعوبهم، بل إنهم مجرَّد واجهة...

* من كتاب "النّدوة"، ج 4.

تحدَّث الإمام الصَّادق (ع) عن الخطوط السياسيَّة بالطريقة الَّتي نستطيع من خلال دراسة تراثه أن نستلّ منه منهجاً سياسياً في الخطوط العريضة متكاملاً.

أمَّا في الواقع السياسي، فينقل في تأريخ الإمام الصَّادق (ع)، أن أحد الثائرين على بني أميّة، وهو (أبو سلمة الخلال)، هذا الذي انطلق مع (أبو مسلم الخراساني) والمجموعة الّتي ثارت بوجه بني أميّة، قد أرسل كتاباً إلى الإمام الصادق (ع) يطلب فيه أن يستلم الحكم، وقال للرسول: إذا لم يقبل الإمام، فاذهب إلى (عبدالله بن الحسن)، وإذا لم يقبل فإلى شخص آخر.

وجاء الرسول إلى الإمام الصادق (ع) وأعطاه الكتاب، فلم يعلّق الإمام، فقال له أريد الجواب، فقال له انتظرني حتى أعطيك الجواب، فقرّب السراج، ووضع الكتاب عليه فأحرقه، وقال له هذا هو الجواب، فلم يفهم الرَّسول المغزى، وذهب إلى عبدالله بن الحسن وأعطاه الكتاب، فجاء عبدالله إلى الصَّادق يستشيره، فقال له الإمام: لقد جاءني قبلك، وإني لأعرف أنَّ هؤلاء ليسوا بمخلصين، بل يريدون أن يستغلوا الأمر، فقال عبدالله: إنَّه يكتب أن شيعتك في خراسان كثير، فقال له: من أين كان لنا شيعة في خراسان لا نعرفهم ولا يعرفوننا؟! فالإنسان عندما يريد استلام الحكم، لا بدَّ له من أن يملك أمره ويملك مفاصله، وأن يستطيع أن يدير كل حركته، أما أن تكون الحركة بيد هؤلاء، وليس لهم في العمق أيّ علاقة، بل قالوا إذا ذهب بنو أميّة فإنا نأتي إلى بني عليّ الَّذين يمكن أن يكونوا أكثر تسامحاً من بني العباس، وهذه هي المسألة.. ولذلك قال له عليك أن ترفض، لكنّ الرجل لم يحمل الإمام الصادق (ع) على محمل حسن.

فالإمام الصادق (ع) كان قد عرض عليه الحكم، ولكنَّه ـ كان من خلال معرفته بالواقع ـ يرى أنَّ الحكم عرض ليكون مجرَّد عنوان، من دون أن يملك إدارة الحكم بالطريقة الَّتي يستطيع فيها أن يحقِّق ما يريده من تنفيذ حكم الله سبحانه وتعالى، وهذا ما ينبغي لنا أن نستوحيه، في أنّ الكثير من الذين يعارضون الحكم قد تقدِّمه إليهم بعض الأجهزة وبعض المواقع السياسيَّة المسؤولة على طبق من ذهب، وقد يغرّهم ذلك، ولكن عليهم أن يدرسوا عمق ذلك، حتى لا يكونوا مجرّد ورقة يلعب بها الكبار، حيث يجعلون منهم واجهة عما يريدون، بحيث يختفون وراءها ليطبّقوا كلَّ ما يريدون من دون أن تكون لهم يد، كما في الكثيرين الَّذين لا يمثلون أنفسهم ولا شعوبهم، بل إنهم مجرَّد واجهة...

* من كتاب "النّدوة"، ج 4.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية