فضل الله استقبل وفداً طلابياً من عشرة جنسيات: الإدارة الأمريكية التي تصادق على قتل الفلسطينيين ليست مؤهّلة للانخراط في حوار حقيقي في المنطقة نؤمن بتفاعل الحضارات لا بتصادمها لقيام حضارة إنسانية عالمية |
استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً طلابياً أجنبياً برئاسة الإعلامي والباحث الأمريكي "نيكولاس نو"، وضمّ الوفد شخصيات جامعية وطلابية من جنسيات أمريكية، وكورية جنوبية، وإيطالية، وألمانية، وبريطانية، ومكسيكية، ويونانية، ودانماركية، وبلغارية، وألقى سماحته كلمة جاء فيها:
أرحّب بكم باعتباركم طلاّب المعرفة التي تحصلون من خلالها على الحقيقة في القضايا السياسية والاجتماعية والأكاديمية... والمعرفة الإنسانية ليست تابعة لدين معيّن أو لسياسة معيّنة أو لجغرافيا الشرق أو الغرب، بل هي سرّ الإنسان فيما يملك من عقل يفكّر، ومن تجربة تعمل على إغناء فكره.
ولذلك أعتقد أن المعرفة يمكن أن توحّد الإنسان كله، حتى لو اختلفت خطوطها، لأن اختلاف وجهات النظر يفترض أن يقودنا إلى الحوار لا إلى التصادم، فيقدّم كل فريق وجهة نظره إلى الآخر، فيدرسوا مواقع اللقاء، وإذا لم يوصلنا الحوار إلى وحدة الفكر، فقد يقودنا إلى التفاهم على كيفية إدارة الخلاف...
ونحن نعتقد أن من الخطأ أن يدور الحديث عن تصادم الحضارات، لأنّ هذه الفكرة أُريد لها أن تتأصل في الواقع من خلال الوقائع التي صنعتها الإدارة الأمريكية في أكثر من مكان في المنطقة والعالم. فنحن نؤمن بحوار الحضارات وتلاقحها، وانفتاحها على بعضها بما يؤدي إلى إنتاج حضارة عالمية تخدم قضايا الإنسان في العالم، وبأنّ الصدام هو حالة عنف ولا دور للعنف في حركة الفكر المنتج، لأن الفكر يمثّل انفتاح العقل على العقل، والإنسان على الإنسان، ليفهم واحدنا الآخر... ولذلك فنحن ندعو إلى حوار دائم بين الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية، لأنهما تلتقيان في مواقع كثيرة فيما يتصل بالقيم الإنسانية، وإن اختلفت إحداهما عن الأخرى في قاعدتها الفكرية والفلسفية.
نحن نعتقد أنه لا مشكلة لدينا مع الغرب الإنسان، بل مع الغرب الإدارات الذي يضطهد إنساننا، فيما يضطهده في حركته الأمنية والسياسة والاقتصادية، ولا نعتقد أن المشكلة هي مشكلة الإنسان في الشرق، فالإنسان في الشرق تسالمي، تصالحي ـ في شكل عام ـ ولكن المشكلة تتمثل في هؤلاء الذين يؤمنون بالعنف ضد الإنسان، سواء أكان مسلماً أو غير مسلم.
وأجاب سماحته عن أسئلة الوفد، وفي معرض ردّه عن سؤال عما إذا كان مستعداً للحوار مع الأمريكيين من دون أن يعتذروا عن محاولة اغتياله في مجزرة بئر العبد، قال سماحته: أنا أؤمن بالحوار مع كل الناس، حتى مع الذين لا يؤمنون بهذا الحوار، ومع الذين يمارسون أعمالاً سياسية وأمنية تواجه واقعنا، ولكن المشكلة في الإدارة الأمريكية الحالية، هي أنها لا تؤمن بإدارة الحوار، بل بإدارة العنف، كما أنها عملت ولا تزال تعمل على اختزال دور الأمم المتحدة لحساب مصالحها في العالم، وقد أرادت من العراق أن يكون الجسر للعبور إلى ساحة خدمة هذه المصالح، ولا يمكن رصد سعيها لإقامة معاهدة أمنية مع العراق إلا في هذا السياق...
إن إدارةً تصادق على قتل الفلسطينيين بالجملة، وعلى ذبح أطفالهم، هي إدارة غير قادرة على الانخراط في أية عملية حوار حقيقية في المنطقة، وإن إدارة تمارس إرهاب الدول وتشجع عليه، وتتنكّر لمبادىء الرئيس الأمريكي الأسبق "ويلسون" هي معنية بنشر العداوات في العالم، وليست معنية بمدّ جسور الحوار للوصول إلى شواطىء السلام... ولذلك، فنحن منفتحون على الحوار مع الشعب الأمريكي في مراكزه العلمية والثقافية والتربوية وما إلى ذلك، ونأمل أن يحظى هذا الشعب بإدارة جديدة تعمل على تخفيف أعباء العداوة التي أكسبتها إدارة بوش (الإبن) لأمريكا مع مختلف شعوب العالم، وخصوصاً شعوب العالمين العربي والإسلامي
|