لأن الإحسان يرتقي بالمؤمن في الدنيا والآخرة

لأن الإحسان يرتقي بالمؤمن في الدنيا والآخرة

لأن الإحسان يرتقي بالمؤمن في الدنيا والآخرة
خير العباد من جسّد قيم الإسلام


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين، ومما جاء في خطبته الأولى:

من هو الإنسان الذي يتميّز بالدرجة العليا في ميزان الإسلام، كما يرضاه الله تعالى ورسوله(ص)؟ ما هي الصفات الفضلى التي يتميّز بها الإنسان ليكون قريباً إلى الله ورسوله، وليكون النموذج الجيد للإنسان المسلم؟ هذا ما تحدّث عنه النبي(ص) والأئمة من أهل البيت(ع).
خير العباد
ففي الحديث عن الإمام محمد الباقر(ع) أنه قال: "سئل النبي (ص) عن خيار العباد ـ من هم خير العباد الذين يتميّزون بهذه الدرجة الرفيعة ـ قال: "الذين إذا أحسنوا استبشروا ـ إذا قاموا بالأعمال الحسنة التي تمثّل إحسانهم إلى أنفسهم وموقعهم من الله تعالى، مما يحبه سبحانه، والى الناس في ما يقدّمونه إليهم من الإحسان، فإنهم يشعرون بالفرح والسرور، لأنهم استطاعوا أن يعبّروا عن القيمة الروحية والأخلاقية التي يتميّزون بها، حتى لو أن هذا الإحسان كلّفهم بعض الجهد والتضحية والألم، لأنهم لا ينظرون إلى الإحسان من خلال طبيعته الذاتية، بل من خلال نتائجه الطيبة على مستوى الدنيا والآخرة ـ وإذا أساءوا استغفروا ـ إذا صدر منهم أيّ ذنب فإنهم يبادرون إلى الاستغفار، لأن الذنب يمثل بالنسبة إلى الإنسان المؤمن العمل الذي يبعده عن الله، ويجعله في موقع سخط الله سبحانه، ولذلك فإنهم يشعرون بأنهم يواجهون مشكلة كبيرة، لأن الإنسان المؤمن هو الذي يفكر دائماً أن يرضى الله عنه قبل أن يفكر برضى الناس عنه، لأن رضى الله هو الذي يجعله يرتفع إلى النجاة في الدنيا والآخرة، وهذا ما يجعل الإنسان مراقباً لنفسه دائماً، في كل ما يصدر منه يومياً من خطايا، بالكلمات أو الأفعال، وهذا ما يمنع الإنسان من أن يصرّ على ذنبه، لأن الإنسان إذا أساء ثم استغفر، فإن الذنب في هذه الحالة يمثل حالة طارئة في حياته، بينما إذا لم يستغفر الله وتابع الذنب بالذنب، فإن الذنب عند ذلك سوف يتجذّر في شخصيته، ويتحوّل إلى عقدة في نفسه ـ وإذا أُعطوا شكروا ـ إذا حصلوا على العطاء من الآخرين فإنهم يشكرون المعطي، لأن الله تعالى يريد منا أن نشكر المخلوق كما نشكر الخالق، "من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق" ـ وإذا ابتلوا صبروا ـ إذا عرض عليهم ألوان البلاء فإنهم لا يسقطون أمامه ولا يجزعون ولا يستعظمونه، بحيث يخرجهم البلاء عن ثباتهم وإيمانهم، بل يصبرون، لأن الله بشّر الصابرين وجعل أجرهم بغير حساب ـ وإذا غضبوا عفوا"، إذا غضبوا من أي شيء يغضبهم من الناس الذين يسيئون إليهم، فإنهم لا يبادرون الإساءة بالانتقام، بل بالعفو، فقد جعل الله لك أن تردّ الإساءة بمثلها، ولكنه قال: {وأن تعفوا أقرب للتقوى}.
أولو الأخلاق الحسنة
وفي حديث الإمام الباقر (ع) أيضاً قال: "قال النبي (ص): إن خياركم أولو النهى" ـ والمراد بالنهى العقل، وقيمة العقل إنما هو أنه يأمر الإنسان بالحسن وينهاه عن القبيح ـ قيل: يا رسول الله، ومن هم أولو النهى؟ قال: "هم أولو الأخلاق الحسنة ـ هم الذين يربون أنفسهم على القيم الأخلاقية الطيبة، فيعيشون مع الناس بأخلاقهم التي تفتح لهم قلوب الناس، وتجعلهم يتحركون في حياتهم بما يرضيهم من دون أن يتنازلوا عن مبادئهم ـ والأحلام الرزينة ـ والرزانة في التصرفات في ما تتحرك به خططهم وعقولهم ـ وصلة الأرحام ـ الذين يصلون أرحامهم، لأن صلة الأرحام تقرّب الإنسان إلى أهله وأقاربه، وتفتح لهم قلوبهم وعقولهم، وبالتالي يرتبط بهم ارتباطاً وثيقا ـ والبررة بالأمهات والآباء ـ فالله تعالى أمر بالبر والإحسان إلى الوالدين على أساس {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} ـ والمتعاهدون للفقراء والجيران واليتامى ـ الذين يشعرون بمسؤولياتهم تجاه الفقراء، فيعطونهم مما أعطاهم الله، ويرعون الأيتام بما يخفف عنهم ثقل اليتم، ويحسنون إلى الجيران، لأن الإسلام يريد أن يربط بين الجيران برباط إسلامي روحي، وقد ورد عن النبي(ص): "ما زال جبرائيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه"، وقد جاء عن عليّ (ع): "ما زال رسول الله يوصينا بالجيران حتى ظننا أنه سيورّثهم" ـ ويُطعمون الطعام ـ كما حدّثنا الله تعالى عن أهل البيت(ع): {ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً* إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً} ـ ويفشون السلام ـ يملأون الجو الاجتماعي بالسلام، فيبادرون إليه، لأن كلمة السلام هي الكلمة التي توحي بهذا الرباط الإنساني بين الإنسان والإنسان الآخر، فكأن من يسلّم يعاهد الآخر على أن تكون علاقته به علاقة سلام لا حرب، وهكذا عندما يردُّ عليه الآخر سلامه، فإنه يستجيب له في ذلك ويقبل هذا العهد، فيدخلان في عهد على أن تكون علاقتهما ببعضهما البعض علاقة سلام يوحي بالتقارب والمحبة، وقد اهتم الإسلام بالسلام فجعله تحية أهل الجنة، حتى أن الملائكة عندما يقومون بزيارة أهل الجنة فإنهم يحيّونهم بالسلام: {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب* سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار}، وقد ورد في الحديث: "للسلام سبعون حسنة، تسع وستون للمبتدئ وواحدة للراد، وإن أحسن عشر"، ولذلك ينبغي لنا أن لا نستبدل بتحية السلام غيرها مما استحدثه الناس، لأن هذه التحية هي شعار الإسلام أولاً، ولأن مدلولها الإنساني يفوق مدلول أية كلمة أخرى في مقام التحية، فضلاً عما يحصل عليه المسلم من خلال هذه التحية من حسنات كثيرة ـ ويصلّون والناس نيام غافلون"، {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً}.
الائتمان على الأنفس والأموال
وعن الإمام الباقر (ع) قال: "قال رسول الله (ص): ألا أنبئكم بالمؤمن؟ من ائتمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم ـ لا يكون الإنسان مؤمناً حتى يعيش في مجتمع فلا يشار فيه إليه إلا بأنه المؤمن الأمين على أموال الناس، فلا يأكلها بالباطل ولا يغشهم في معاملاته التجارية، هو الأمين على أموال الناس وأنفسهم، فلا يعتدي على أموالهم ولا على أعراضهم ـ ألا أنبئكم بالمسلم؟ من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر السيئات وترك ما حرّم الله ـ لأن قيمة المهاجرين الذين هاجروا مع رسول الله(ص)، أنهم تركوا كل الشرك حتى لو كانت فيه مصالحهم وأموالهم، فهم تركوا مواقع الشيطان إلى مواقع الرحمن ـ والمؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه ـ سواء كان ذلك في بيته أو في موقع عمله أو في مواقع الحياة ـ أو يخذله أو يغتابه أو يدفعه دفعة"، بحيث يعنف معه.
مواصفات المؤمن
وعن الصادق (ع) قال: "قال النبي (ص): ألا أخبركم بأشبهكم بي"؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "أحسنكم خلقاً، وألينكم كنفاً ـ وهو كناية عن التواضع ـ وأبركم بقرابته، وأشدكم حباً لإخوانه في دينه وأصبركم على الحق، وأكظمكم للغيظ، وأحسنكم عفواً، وأشدكم من نفسه إنصافاً". ويقول الإمام الباقر (ع) وهو يوحي بأن المؤمن ليس ضعيفاً أو مهزوزاً: "المؤمن أصلب من الجبل، الجبل يُستقل منه ـ ينتقص منه بالمعاول ـ والمؤمن لا يستقل من دينه"، لا يمكن أن ينتقص من دينه مهما أصابته المصائب وأطبقت عليه الضغوط وواجهته المشاكل.
ويصوّر لنا الإمام الصادق (ع) كيف هي صفة المؤمن في الحياة، فيقول: "المؤمن حسن المعونة ـ يعين غيره بالطريقة الطيبة الحسنة التي تقضي حوائجهم ما أمكنه ذلك ـ خفيف المؤونة ـ لا يثقل نفسه وحياته على الآخرين ـ جيد التدبير لمعيشته ـ المؤمن هو الذي يملك ثقافة المعيشة وكيف يدبّر أمر معيشته، في تجارته وعمله وتقديره لموارده ومصارفه ـ لا يُلسع من جحر مرتين"، بمعنى أن يستفيد من تجربته الأولى لتجربته الثانية.
هذه كلمات رسول الله (ص) والأئمة من أهل بيته (ع)، التي تحدّثنا عن الإنسان المؤمن النموذج، الذي يعيش في المجتمع ليكون إنسان العقل لا الغريزة، إنسان الحق لا إنسان الباطل، وعلينا أن نتربى بهذه الكلمات التي هي نور في القلب والعقل والحياة، لنصنع المجتمع المسلم الذي إذا رآه الآخرون دخلوا في الإسلام عندما يرونه مجسّداً بالمسلمين، كما كان المشركون يدخلون في الإسلام عندما كانوا يرون الإسلام مجسّداً برسول الله (ص) والذين أخلصوا معه.



الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم


عباد الله.. اتقوا الله وراقبوه في كل أموركم، واعملوا على أساس أن يكون رسول الله (ص) والأئمة من أهل بيته (ع) القدوة في أفعالكم وأقوالكم وكل ما تخططون له في حياتكم، لأنهم جسّدوا الإسلام كله، وهم الذين أراد الله لنا أن نقتدي بهم لنعيش الإسلام عملاً وقولاً ومنهجاً، لأن على المسلمين أن يتحملوا مسؤولية حركية الإسلام في العالم أمام كل الذين يريدون أن يضعفوه الإسلام في مواقعه الاقتصادية والسياسية والأمنية والفكرية، لأن الكفر والاستكبار العالمي قرر أن يتوحّد أمام المسلمين الذين تفرقوا في مذاهبهم وعصبياتهم، فانطلق من أجل أن يضرب أحدنا بالآخر، ويحطم الوحدة الإسلامية عندما يوحي للمسلمين أن يقاتلوا ويكفّروا بعضهم بعضاً ليقتلوا قضاياهم الكبيرة بالمنازعات الصغيرة.
لذلك، لا بد أن نخرج أمام التحديات العالمية الكبرى التي لا تفرق بين مسلم ومسلم، من كل هذا التخلّف والجهل، وكل زنزانات العصبية التي حبسنا أنفسنا فيها، حتى يمكن لنا أن نواجه العدو من موقع واحد، لأنه يواجهنا من موقع واحد، ولا سيما في هذه المرحلة التي نواجه فيها تحديات كبرى، فماذا هناك:
الاستشهاديون يخترقون احتياطات العدوّ
الانتفاضة مستمرة، والعمليات الاستشهادية تخترق كل حواجز العدو واحتياطاته في الجو والأرض، فالشعب الفلسطيني المجاهد هو صاحب الأرض الشرعي، وهو الخبير بكل جوانبها، والمسألة ـ عنده ـ مسألة تحرير يجتاح كل خطط الاحتلال.. ويتحرك العدو بشكل هستيري في اجتياحه للمدن والمخيمات الفلسطينية، واعتقال المئات بطريقة عشوائية، وقتل المدنيين بحقد قاتل..
أما الرئيس الأمريكي، فإنه يتفهّم ويشجّع ويدعم كل ما يقوم به الجيش الصهيوني، ويعتبره دفاعاً عن النفس، من دون أي اعتبار للاحتلال ولمعاناة المدنيين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت ضغط الأسلحة الأمريكية المتطوّرة التي يستخدمها، ما يمنعهم من مواصلة حياتهم اليومية بسلام، ويجعلهم يعيشون في حصار متنوّع دائم تحت تأثير عقوبات جماعية حاقدة..
كل ذلك في سبيل تنفيس الاحتقان الذي يعيشه الشارع اليهودي، الذي بات يشكك في قدرة كل هذه الأعمال العسكرية الإسرائيلية على وضع حدّ للعمليات الاستشهادية، في الوقت الذي تشجب فيه أمريكا حركة التحرر من الاحتلال، وتتخذ المواقف المؤيدة والمتعاطفة مع اليهود، فيمتنع الرئيس الأمريكي عن إلقاء خطابه الذي سيقدّم فيه رؤيته للتسوية التي لن تكون ـ على أيّ حال ـ لمصلحة الشعب الفلسطيني، لأن الإدارة الأمريكية ملتزمة أمن إسرائيل وسياستها بالمطلق، ما يجعلها تلعب حتى على شعار الدولة الفلسطينية بالكلمات الضبابية التي تفرض على السلطة الفلسطينية الكثير من القيود الأمنية والسياسية، والتنازلات الاستسلامية عن القضية وعن الأرض.
إن الشعب الفلسطيني سوف يواصل انتفاضته، بالرغم من كل الدعوات المطالبة بإيقافها، ولن يسقط تحت تأثير الوحشية الإسرائيلية، والضغط الأمريكي، واللامبالاة الدولية، والمبادرات العربية، ولن يتراجع عن وحدته الجهادية، ولن يتأثّر بكل عناصر الفرقة.. وعلى الشعوب العربية والإسلامية أن تبقى في الساحة من أجل المزيد من الدعم السياسي والمادي والإعلامي، لأن المعركة هي معركة الأمة كلها، وليست معركة الفلسطينيين وحدهم، ولأن مشكلتنا ـ جميعاً ـ هي السياسة الاستكبارية المتحالفة مع إسرائيل ضد كل قضايا العرب والمسلمين، في الحرب المعلنة على كل قوى التحرر باسم الحرب على الإرهاب.
حرب إعلامية ضد سوريا وإيران
وفي هذا الاتجاه، تنطلق الحرب الإعلامية الإسرائيلية ضد سوريا وإيران ولبنان، بحجة استعداد المقاومة الإسلامية للهجوم على العدو من خلال ما تمتلكه من الأسلحة المتقدّمة التي قُدّمت كمساعدات عسكرية من إيران، على حدّ الزعم الصهيوني.. إننا نعتقد أن هذه الحرب الإعلامية القديمة ـ الجديدة هي أساليب تهويلية وقائية، حذراً من خطط المقاومة التي لن تكشف أوراقها، كما أن المقصود منها إيجاد حالة من الضغوط الدولية على هذه الدول من أجل حماية الأمن الإسرائيلي من تحديات المقاومة المستقبلية..
ثم، قد تكون هذه الحرب الإعلامية من أجل إيجاد حالة طوارئ داخلية لدى الكيان الصهيوني، الذي يُراد إشغاله بخطر الجبهة الشمالية عن هزائم العدو أمام العمليات الاستشهادية التي لم يستطع جيشه وكل قوى أمنه من منعها ومواجهتها..
إن الحرب مفتوحة على كل الاحتمالات، وعلى الجميع ـ ولا سيما اللبنانيين ـ أن يكونوا في مستوى التحدي الكبير، بعيداً عن كل القضايا الصغيرة، لأن المأزق الذي نعيشه لا يختص بنا أو بالشعب الفلسطيني، بل إنه يمتد ليتحوّل إلى مأزق كبير للعدو على مستوى الأمن والاقتصاد والسياسة.. وعلينا أن لا نسمح بإخراجه من مأزقه تحت تأثير كل اللعبة الدولية ـ ولا سيما الأمريكية ـ التي تتحرك باسم السلام، ولكنها تخطط للحرب على المنطقة العربية والإسلامية، من خلال تجميد الواقع الفلسطيني بالتسوية الاستسلامية.
إننا نملك الكثير من عناصر القوة التي يمكننا من خلالها أن نحقق النصر، شرط أن نحسن تنظيمها وتوحيدها، وعلينا أن لا نسمح للذين ينتجون الضعف والعجز والهزيمة في الواقع العربي والإسلامي أن يقودوا الأمة ـ من جديد ـ نحو الهزيمة.
تشريع الجريمة ومحاربتها
ويبقى للدولة في لبنان أن تستمع إلى أصوات الشعب المحروم، الذي لا يخرج من أزمة إلا ليدخل في أزمة أخرى، بفعل الكثيرين من سماسرة الشركات التي تدفع بمنتجاتها الفاسدة لتشرّع استيرادها وإنتاجها بقوانين مدفوعة الثمن لحساب هذا أو ذاك، من خلال الفضائح التي تزكم الأنوف، ثم تتغيّر المنتجات من جديد، ويسقط الهيكل على رؤوس الفقراء والمحرومين الذين يصرخون ولا من يسمع..
إن البعض يشرّع الجريمة في تلويث البيئة، ثم يحاول أن يحاربها لحساب جريمة أخرى، فإلى أين تسيرون بالبلد أيها المسؤولون غير المسؤولين!!

لأن الإحسان يرتقي بالمؤمن في الدنيا والآخرة
خير العباد من جسّد قيم الإسلام


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين، ومما جاء في خطبته الأولى:

من هو الإنسان الذي يتميّز بالدرجة العليا في ميزان الإسلام، كما يرضاه الله تعالى ورسوله(ص)؟ ما هي الصفات الفضلى التي يتميّز بها الإنسان ليكون قريباً إلى الله ورسوله، وليكون النموذج الجيد للإنسان المسلم؟ هذا ما تحدّث عنه النبي(ص) والأئمة من أهل البيت(ع).
خير العباد
ففي الحديث عن الإمام محمد الباقر(ع) أنه قال: "سئل النبي (ص) عن خيار العباد ـ من هم خير العباد الذين يتميّزون بهذه الدرجة الرفيعة ـ قال: "الذين إذا أحسنوا استبشروا ـ إذا قاموا بالأعمال الحسنة التي تمثّل إحسانهم إلى أنفسهم وموقعهم من الله تعالى، مما يحبه سبحانه، والى الناس في ما يقدّمونه إليهم من الإحسان، فإنهم يشعرون بالفرح والسرور، لأنهم استطاعوا أن يعبّروا عن القيمة الروحية والأخلاقية التي يتميّزون بها، حتى لو أن هذا الإحسان كلّفهم بعض الجهد والتضحية والألم، لأنهم لا ينظرون إلى الإحسان من خلال طبيعته الذاتية، بل من خلال نتائجه الطيبة على مستوى الدنيا والآخرة ـ وإذا أساءوا استغفروا ـ إذا صدر منهم أيّ ذنب فإنهم يبادرون إلى الاستغفار، لأن الذنب يمثل بالنسبة إلى الإنسان المؤمن العمل الذي يبعده عن الله، ويجعله في موقع سخط الله سبحانه، ولذلك فإنهم يشعرون بأنهم يواجهون مشكلة كبيرة، لأن الإنسان المؤمن هو الذي يفكر دائماً أن يرضى الله عنه قبل أن يفكر برضى الناس عنه، لأن رضى الله هو الذي يجعله يرتفع إلى النجاة في الدنيا والآخرة، وهذا ما يجعل الإنسان مراقباً لنفسه دائماً، في كل ما يصدر منه يومياً من خطايا، بالكلمات أو الأفعال، وهذا ما يمنع الإنسان من أن يصرّ على ذنبه، لأن الإنسان إذا أساء ثم استغفر، فإن الذنب في هذه الحالة يمثل حالة طارئة في حياته، بينما إذا لم يستغفر الله وتابع الذنب بالذنب، فإن الذنب عند ذلك سوف يتجذّر في شخصيته، ويتحوّل إلى عقدة في نفسه ـ وإذا أُعطوا شكروا ـ إذا حصلوا على العطاء من الآخرين فإنهم يشكرون المعطي، لأن الله تعالى يريد منا أن نشكر المخلوق كما نشكر الخالق، "من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق" ـ وإذا ابتلوا صبروا ـ إذا عرض عليهم ألوان البلاء فإنهم لا يسقطون أمامه ولا يجزعون ولا يستعظمونه، بحيث يخرجهم البلاء عن ثباتهم وإيمانهم، بل يصبرون، لأن الله بشّر الصابرين وجعل أجرهم بغير حساب ـ وإذا غضبوا عفوا"، إذا غضبوا من أي شيء يغضبهم من الناس الذين يسيئون إليهم، فإنهم لا يبادرون الإساءة بالانتقام، بل بالعفو، فقد جعل الله لك أن تردّ الإساءة بمثلها، ولكنه قال: {وأن تعفوا أقرب للتقوى}.
أولو الأخلاق الحسنة
وفي حديث الإمام الباقر (ع) أيضاً قال: "قال النبي (ص): إن خياركم أولو النهى" ـ والمراد بالنهى العقل، وقيمة العقل إنما هو أنه يأمر الإنسان بالحسن وينهاه عن القبيح ـ قيل: يا رسول الله، ومن هم أولو النهى؟ قال: "هم أولو الأخلاق الحسنة ـ هم الذين يربون أنفسهم على القيم الأخلاقية الطيبة، فيعيشون مع الناس بأخلاقهم التي تفتح لهم قلوب الناس، وتجعلهم يتحركون في حياتهم بما يرضيهم من دون أن يتنازلوا عن مبادئهم ـ والأحلام الرزينة ـ والرزانة في التصرفات في ما تتحرك به خططهم وعقولهم ـ وصلة الأرحام ـ الذين يصلون أرحامهم، لأن صلة الأرحام تقرّب الإنسان إلى أهله وأقاربه، وتفتح لهم قلوبهم وعقولهم، وبالتالي يرتبط بهم ارتباطاً وثيقا ـ والبررة بالأمهات والآباء ـ فالله تعالى أمر بالبر والإحسان إلى الوالدين على أساس {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} ـ والمتعاهدون للفقراء والجيران واليتامى ـ الذين يشعرون بمسؤولياتهم تجاه الفقراء، فيعطونهم مما أعطاهم الله، ويرعون الأيتام بما يخفف عنهم ثقل اليتم، ويحسنون إلى الجيران، لأن الإسلام يريد أن يربط بين الجيران برباط إسلامي روحي، وقد ورد عن النبي(ص): "ما زال جبرائيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه"، وقد جاء عن عليّ (ع): "ما زال رسول الله يوصينا بالجيران حتى ظننا أنه سيورّثهم" ـ ويُطعمون الطعام ـ كما حدّثنا الله تعالى عن أهل البيت(ع): {ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً* إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً} ـ ويفشون السلام ـ يملأون الجو الاجتماعي بالسلام، فيبادرون إليه، لأن كلمة السلام هي الكلمة التي توحي بهذا الرباط الإنساني بين الإنسان والإنسان الآخر، فكأن من يسلّم يعاهد الآخر على أن تكون علاقته به علاقة سلام لا حرب، وهكذا عندما يردُّ عليه الآخر سلامه، فإنه يستجيب له في ذلك ويقبل هذا العهد، فيدخلان في عهد على أن تكون علاقتهما ببعضهما البعض علاقة سلام يوحي بالتقارب والمحبة، وقد اهتم الإسلام بالسلام فجعله تحية أهل الجنة، حتى أن الملائكة عندما يقومون بزيارة أهل الجنة فإنهم يحيّونهم بالسلام: {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب* سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار}، وقد ورد في الحديث: "للسلام سبعون حسنة، تسع وستون للمبتدئ وواحدة للراد، وإن أحسن عشر"، ولذلك ينبغي لنا أن لا نستبدل بتحية السلام غيرها مما استحدثه الناس، لأن هذه التحية هي شعار الإسلام أولاً، ولأن مدلولها الإنساني يفوق مدلول أية كلمة أخرى في مقام التحية، فضلاً عما يحصل عليه المسلم من خلال هذه التحية من حسنات كثيرة ـ ويصلّون والناس نيام غافلون"، {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً}.
الائتمان على الأنفس والأموال
وعن الإمام الباقر (ع) قال: "قال رسول الله (ص): ألا أنبئكم بالمؤمن؟ من ائتمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم ـ لا يكون الإنسان مؤمناً حتى يعيش في مجتمع فلا يشار فيه إليه إلا بأنه المؤمن الأمين على أموال الناس، فلا يأكلها بالباطل ولا يغشهم في معاملاته التجارية، هو الأمين على أموال الناس وأنفسهم، فلا يعتدي على أموالهم ولا على أعراضهم ـ ألا أنبئكم بالمسلم؟ من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر السيئات وترك ما حرّم الله ـ لأن قيمة المهاجرين الذين هاجروا مع رسول الله(ص)، أنهم تركوا كل الشرك حتى لو كانت فيه مصالحهم وأموالهم، فهم تركوا مواقع الشيطان إلى مواقع الرحمن ـ والمؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه ـ سواء كان ذلك في بيته أو في موقع عمله أو في مواقع الحياة ـ أو يخذله أو يغتابه أو يدفعه دفعة"، بحيث يعنف معه.
مواصفات المؤمن
وعن الصادق (ع) قال: "قال النبي (ص): ألا أخبركم بأشبهكم بي"؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "أحسنكم خلقاً، وألينكم كنفاً ـ وهو كناية عن التواضع ـ وأبركم بقرابته، وأشدكم حباً لإخوانه في دينه وأصبركم على الحق، وأكظمكم للغيظ، وأحسنكم عفواً، وأشدكم من نفسه إنصافاً". ويقول الإمام الباقر (ع) وهو يوحي بأن المؤمن ليس ضعيفاً أو مهزوزاً: "المؤمن أصلب من الجبل، الجبل يُستقل منه ـ ينتقص منه بالمعاول ـ والمؤمن لا يستقل من دينه"، لا يمكن أن ينتقص من دينه مهما أصابته المصائب وأطبقت عليه الضغوط وواجهته المشاكل.
ويصوّر لنا الإمام الصادق (ع) كيف هي صفة المؤمن في الحياة، فيقول: "المؤمن حسن المعونة ـ يعين غيره بالطريقة الطيبة الحسنة التي تقضي حوائجهم ما أمكنه ذلك ـ خفيف المؤونة ـ لا يثقل نفسه وحياته على الآخرين ـ جيد التدبير لمعيشته ـ المؤمن هو الذي يملك ثقافة المعيشة وكيف يدبّر أمر معيشته، في تجارته وعمله وتقديره لموارده ومصارفه ـ لا يُلسع من جحر مرتين"، بمعنى أن يستفيد من تجربته الأولى لتجربته الثانية.
هذه كلمات رسول الله (ص) والأئمة من أهل بيته (ع)، التي تحدّثنا عن الإنسان المؤمن النموذج، الذي يعيش في المجتمع ليكون إنسان العقل لا الغريزة، إنسان الحق لا إنسان الباطل، وعلينا أن نتربى بهذه الكلمات التي هي نور في القلب والعقل والحياة، لنصنع المجتمع المسلم الذي إذا رآه الآخرون دخلوا في الإسلام عندما يرونه مجسّداً بالمسلمين، كما كان المشركون يدخلون في الإسلام عندما كانوا يرون الإسلام مجسّداً برسول الله (ص) والذين أخلصوا معه.



الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم


عباد الله.. اتقوا الله وراقبوه في كل أموركم، واعملوا على أساس أن يكون رسول الله (ص) والأئمة من أهل بيته (ع) القدوة في أفعالكم وأقوالكم وكل ما تخططون له في حياتكم، لأنهم جسّدوا الإسلام كله، وهم الذين أراد الله لنا أن نقتدي بهم لنعيش الإسلام عملاً وقولاً ومنهجاً، لأن على المسلمين أن يتحملوا مسؤولية حركية الإسلام في العالم أمام كل الذين يريدون أن يضعفوه الإسلام في مواقعه الاقتصادية والسياسية والأمنية والفكرية، لأن الكفر والاستكبار العالمي قرر أن يتوحّد أمام المسلمين الذين تفرقوا في مذاهبهم وعصبياتهم، فانطلق من أجل أن يضرب أحدنا بالآخر، ويحطم الوحدة الإسلامية عندما يوحي للمسلمين أن يقاتلوا ويكفّروا بعضهم بعضاً ليقتلوا قضاياهم الكبيرة بالمنازعات الصغيرة.
لذلك، لا بد أن نخرج أمام التحديات العالمية الكبرى التي لا تفرق بين مسلم ومسلم، من كل هذا التخلّف والجهل، وكل زنزانات العصبية التي حبسنا أنفسنا فيها، حتى يمكن لنا أن نواجه العدو من موقع واحد، لأنه يواجهنا من موقع واحد، ولا سيما في هذه المرحلة التي نواجه فيها تحديات كبرى، فماذا هناك:
الاستشهاديون يخترقون احتياطات العدوّ
الانتفاضة مستمرة، والعمليات الاستشهادية تخترق كل حواجز العدو واحتياطاته في الجو والأرض، فالشعب الفلسطيني المجاهد هو صاحب الأرض الشرعي، وهو الخبير بكل جوانبها، والمسألة ـ عنده ـ مسألة تحرير يجتاح كل خطط الاحتلال.. ويتحرك العدو بشكل هستيري في اجتياحه للمدن والمخيمات الفلسطينية، واعتقال المئات بطريقة عشوائية، وقتل المدنيين بحقد قاتل..
أما الرئيس الأمريكي، فإنه يتفهّم ويشجّع ويدعم كل ما يقوم به الجيش الصهيوني، ويعتبره دفاعاً عن النفس، من دون أي اعتبار للاحتلال ولمعاناة المدنيين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت ضغط الأسلحة الأمريكية المتطوّرة التي يستخدمها، ما يمنعهم من مواصلة حياتهم اليومية بسلام، ويجعلهم يعيشون في حصار متنوّع دائم تحت تأثير عقوبات جماعية حاقدة..
كل ذلك في سبيل تنفيس الاحتقان الذي يعيشه الشارع اليهودي، الذي بات يشكك في قدرة كل هذه الأعمال العسكرية الإسرائيلية على وضع حدّ للعمليات الاستشهادية، في الوقت الذي تشجب فيه أمريكا حركة التحرر من الاحتلال، وتتخذ المواقف المؤيدة والمتعاطفة مع اليهود، فيمتنع الرئيس الأمريكي عن إلقاء خطابه الذي سيقدّم فيه رؤيته للتسوية التي لن تكون ـ على أيّ حال ـ لمصلحة الشعب الفلسطيني، لأن الإدارة الأمريكية ملتزمة أمن إسرائيل وسياستها بالمطلق، ما يجعلها تلعب حتى على شعار الدولة الفلسطينية بالكلمات الضبابية التي تفرض على السلطة الفلسطينية الكثير من القيود الأمنية والسياسية، والتنازلات الاستسلامية عن القضية وعن الأرض.
إن الشعب الفلسطيني سوف يواصل انتفاضته، بالرغم من كل الدعوات المطالبة بإيقافها، ولن يسقط تحت تأثير الوحشية الإسرائيلية، والضغط الأمريكي، واللامبالاة الدولية، والمبادرات العربية، ولن يتراجع عن وحدته الجهادية، ولن يتأثّر بكل عناصر الفرقة.. وعلى الشعوب العربية والإسلامية أن تبقى في الساحة من أجل المزيد من الدعم السياسي والمادي والإعلامي، لأن المعركة هي معركة الأمة كلها، وليست معركة الفلسطينيين وحدهم، ولأن مشكلتنا ـ جميعاً ـ هي السياسة الاستكبارية المتحالفة مع إسرائيل ضد كل قضايا العرب والمسلمين، في الحرب المعلنة على كل قوى التحرر باسم الحرب على الإرهاب.
حرب إعلامية ضد سوريا وإيران
وفي هذا الاتجاه، تنطلق الحرب الإعلامية الإسرائيلية ضد سوريا وإيران ولبنان، بحجة استعداد المقاومة الإسلامية للهجوم على العدو من خلال ما تمتلكه من الأسلحة المتقدّمة التي قُدّمت كمساعدات عسكرية من إيران، على حدّ الزعم الصهيوني.. إننا نعتقد أن هذه الحرب الإعلامية القديمة ـ الجديدة هي أساليب تهويلية وقائية، حذراً من خطط المقاومة التي لن تكشف أوراقها، كما أن المقصود منها إيجاد حالة من الضغوط الدولية على هذه الدول من أجل حماية الأمن الإسرائيلي من تحديات المقاومة المستقبلية..
ثم، قد تكون هذه الحرب الإعلامية من أجل إيجاد حالة طوارئ داخلية لدى الكيان الصهيوني، الذي يُراد إشغاله بخطر الجبهة الشمالية عن هزائم العدو أمام العمليات الاستشهادية التي لم يستطع جيشه وكل قوى أمنه من منعها ومواجهتها..
إن الحرب مفتوحة على كل الاحتمالات، وعلى الجميع ـ ولا سيما اللبنانيين ـ أن يكونوا في مستوى التحدي الكبير، بعيداً عن كل القضايا الصغيرة، لأن المأزق الذي نعيشه لا يختص بنا أو بالشعب الفلسطيني، بل إنه يمتد ليتحوّل إلى مأزق كبير للعدو على مستوى الأمن والاقتصاد والسياسة.. وعلينا أن لا نسمح بإخراجه من مأزقه تحت تأثير كل اللعبة الدولية ـ ولا سيما الأمريكية ـ التي تتحرك باسم السلام، ولكنها تخطط للحرب على المنطقة العربية والإسلامية، من خلال تجميد الواقع الفلسطيني بالتسوية الاستسلامية.
إننا نملك الكثير من عناصر القوة التي يمكننا من خلالها أن نحقق النصر، شرط أن نحسن تنظيمها وتوحيدها، وعلينا أن لا نسمح للذين ينتجون الضعف والعجز والهزيمة في الواقع العربي والإسلامي أن يقودوا الأمة ـ من جديد ـ نحو الهزيمة.
تشريع الجريمة ومحاربتها
ويبقى للدولة في لبنان أن تستمع إلى أصوات الشعب المحروم، الذي لا يخرج من أزمة إلا ليدخل في أزمة أخرى، بفعل الكثيرين من سماسرة الشركات التي تدفع بمنتجاتها الفاسدة لتشرّع استيرادها وإنتاجها بقوانين مدفوعة الثمن لحساب هذا أو ذاك، من خلال الفضائح التي تزكم الأنوف، ثم تتغيّر المنتجات من جديد، ويسقط الهيكل على رؤوس الفقراء والمحرومين الذين يصرخون ولا من يسمع..
إن البعض يشرّع الجريمة في تلويث البيئة، ثم يحاول أن يحاربها لحساب جريمة أخرى، فإلى أين تسيرون بالبلد أيها المسؤولون غير المسؤولين!!

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية