ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبة سماحته الأولى :
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {يا ايها الذين آمنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم}، ويقول تعالى: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من دونه وعلى الله فليتوكل المؤمنون}، ويقول تعالى: {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز، الذين إن مكنّاهم في الارض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور}.
ـ نصرة دين الله:
إن الله تعالى يريد من عباده أن ينصروه، والله هو القوي العزيز الذي لا يحتاج إلى نصرة، لأن من يحتاج إلى النصرة هو الذي يعيش الضعف، والله تعالى له القوة جميعاً والعزة جميعاً، ولكن الله تعالى أجرى الحياة في عباده على سنن وقوانين، بحيث إنه تعالى أراد للأنبياء وللأئمة وللأولياء أن يتحركوا في تنفيذ أوامر الله تعالى بقواهم الذاتية، فالله قادر على أن يفرض النصر لأنبيائه وأوليائه وعباده الصالحين من دون قتال أو جهد، ولكنه يريد للناس في هذه الحياة أن يركزوا كل خطواتهم في الحرب وفي السلم، وفي كل ما يعيشه الناس بقوتهم وخبراتهم…
ـ حرية الإرادة والقرار:
ولهذا، فإن الله تعالى قال لنا: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}، يعني إن تنصروا دينه ورسالته وأولياءه وكل القضايا التي يحبها الله ويرضاها. ومن هذه القضايا أن يكون الإنسان عزيزاً في نفسه وأرضه، وأن تكون العزة للمؤمنين جميعاً، أن يكون الانسان حراً لا يستعبده أحد، فهو ليس عبداً إلا لله، ومن الطبيعي أن الله الذي أراد للإنسان أن يكون حراً في إرادته وقراره، أراد له أن يكون حراً في بلده وأرضه، بحيث لا يسمح لأحد أن يسيطر عليها ليحكمه بالباطل من خلال ذلك، ليفرض عليه قراراته ووسائل الذل، وقد قال عليّ (ع) وهو يخاطب كل واحد منا: "لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حراً".
الوقوف ضد الظلم:
والعبودية لا تتمثل بأن يملكك أحد ملكاً قانونياً، كما كان في معاملات العبيد والإماء، ولكن العبودية قد تتمثل في أن لا تكون سيد قرارك ومصيرك وإرادتك. لهذا، على الانسان – والمسلم هو الذي تتوجه اليه الدعوة – أن لا يكون حيادياً بين الظالم والمظلوم، بين المستكبر والمستضعف، بين المحتل وبين من هم تحت الاحتلال، لا يجوز لأي مسلم أن يخفق قلبه بحب ظالم، أو أن يعذره أو أن ينطلق لسانه بتأييده، سواء كان الظالم شخصاً في المجتمع أو في الواقع السياسي، أو كان الظالم حزباً أو منظمة أو حركة أو دولة أو محوراً دولياً، لأن الله لا يريد الظلم من كل أحد، وقد ورد في الحديث: "من عذر ظالماً بظلمه سلط الله عليه من يظلمه فإن دعا لم يُستجب له ولم يأجره على ظلامته"..
لذلك، لا بدّ أن نكون دائماً مع الإسلام ضد الكفر، ومع المظلوم ضد الظالم، ومع المستضعف ضد المستكبر، كل بحسب قوته، ويكون ذلك بأساليب متعددة، فمن الممكن أن يكون هناك من يحمل السلاح عندما تكون هناك معركة لينصر الله في القضايا التي يحبها، وهناك من يعين الذين يقاتلون، وهناك من يخطط سياسياً واجتماعياً وأمنياً لمن يقاتلون، لأن القتال لا ينحصر بحركة السلاح، ولكن لا بد أن يعيش معه ويتحرك معه كل الذين يجعلون من حركة السلاح حركة موصلة إلى الهدف والمطلوب.
وحدة الموقف:
لذلك، ما يريده الله منا هو أن نربي أنفسنا على أن ننصر الله، سواء بالمسألة الثقافية عندما يتحدى الكفار دين الله، أو في المسألة السياسية عندما يفرض علينا المستكبرون السياسات التي تسقط إرادتنا وكرامتنا، أو عندما يفرضون الاحتلال تارة والحاكمون أخرى من أجل أن يعيثوا في الأرض فساداً. لهذا فان الله يريد منا أن ننصره لكي يمدنا ببعض أسباب النصر، لأن الله يريد لكل واحد منا أن تكون له إرادة الحركة وقوة الموقف، وأن تكون لنا سلامة التخطيط، وأن نعيش وحدة الموقف، كما قال الله تعالى: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص}، أن لا نفسح المجال لأية حالة من حالات التفرق والتنازع والاختلاف، وكل أمة إنما تنهزم عندما تفسح المجال للذين يثيرون الفتن والفرقة والعصبية في المجتمع، حتى يقاتل المجتمع المسلم بعضه بعضاً، وهذا ما يستفيد منه العدو ويحقق من خلاله ما يعجز عن تحقيقه في المعركة.
وهناك جانب هام وهو الجانب الإعلامي، حيث يمثّل الإعلام سلاحاً من أسلحة النصر في جانب والهزيمة في جانب آخر، فنحن نرى أن الدول الكبرى التي تملك أجهزة إعلام مختلفة، قد تحرك إعلامها أثناء الحرب من أجل هزيمة عدوّها وتحقيق الانتصار بنسبة خمسة وسبعين بالمائة، ويكون دور السلاح خمسة وعشرين بالمائة، لأن الإعلام يستطيع أن يضعف معنويات الطرف المقابل ويثير الفتن والشكوك والشبهات في داخله، حتى ينشغل الناس بذلك فتضعف إرادتهم عن الموقف الصلب في مواجهة العدو.
عدم الإصغاء لأصوات الفتنة:
لذلك، لا بدّ لنا أن ننتبه في جميع الحالات، ولا سيما في الواقع الذي نعيشه الآن، إلى الكثيرين ممن يحاولون البحث عن نقاط الضعف في مواقف المجاهدين، ويثيرون الحساسيات والعصبيات بين فصيل سياسي وفصيل سياسي آخر، أو إثارة الهواجس والمخاوف، وهذا ما نسمعه من الكثير من المقامات الدينية وربما السياسية لبعض الطوائف، لتجعل الناس يعيشون الحذر في هذا الانتصار الكبير، في الوقت الذي لم نسمع - قبل التحرير - أية كلمة من هؤلاء تثير الحذر من العدو وعملاؤه، فهل كان العدو وعملائه هم الذين يعطون الأمن للناس، حتى إذا خرج العدو وعملاؤه أصبح الناس يخافون على أمنهم؟ هذه كلمات تتناولها أجهزة الإعلام المختلفة، وتنطلق في تصريحات مقامات عليا.
لذلك، نحن نقول لكل اللبنانيين: حذار من أن تصغوا إلى هذه الأصوات، لأنها أصوات كانت لا تجد في الاحتلال مشكلة، بل تجد المشكلة في دحره. إننا نحب أن نقول للجميع: لن يحصل لبناني على الأمن من الخارج، وإنما يحصل لكل اللبنانيين من مسلمين ومسيحيين، بالمحبة والاحترام المتبادل والعيش المشترك، ذلك هو شرط ان يبقى البلد آمناً سالماً، وقد رأينا كيف أن الواقع الذي عاشه الناس هو واقع فاجأ العالم في حضاريته وأخلاقيته، لأن الذين صنعوا النصر هم الذين انطلقوا لينصروا الله وليحفظوا عباد الله وليحرروا أرض الله من رجس الاحتلال.
الصبر على العصبيات:
إن الله يقول لنا: {واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور،} {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا}، إن علينا أن نصبر على عصبياتنا فلا نحركها في اتجاه أية فتنة، وأن نصبر على حساسياتنا فلا نسمح لها أن تثير المشاكل في الصف الواحد والوطن الواحد والأمة الواحدة، وأن نتقي الله في كلماتنا، نقولها للجميع: الكلمة قد تحرق بلداً وقد تجعله ربيعاً، قد تدمر مجتمعاً وقد تحفظ مجتمعاً، وتذكروا قول رسول الله (ص): "إنما يكب الناس على مناخرهم في النار حصائد ألسنتهم يوم القيامة"، لذلك اصبروا على كلماتكم، {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوّاً مبينا}، أن ندفع بالتي هي أحسن، أن ندرس المرحلة التي نقبل عليها على أساس من الوعي والحرية والتقوى.
الخطبة الثانيـة
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله.. اتقوا الله وانصروه وانصروا دينه وانصروا المستضعفين من عباده والمظلومين من أوليائه، فإن الله ينصر من ينصره، وعلينا أن نتقي الله في كل حركة للنصر وفي كل نتاج له، وأن لا نعتدي فإن الله لا يحب المعتدين. وقد حدثنا أمير المؤمنين(ع) كيف كان يأخذ المسلمون بأسباب النصر عندما كانوا مع رسول الله (ص) لأنهم ساروا في خط الاستقامة وهم في طريق النصر، فيقول (ع): "ولقد كنا مع رسول الله(ص) نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا، ما يزيدنا ذلك إلا إيماناً وتسليماً، ومضياً على اللّقم، وصبراً على مضض الألم، وجداً في جهاد العدو، ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين، يتخالسان انفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس المنون، فمرة لنا من عدونا ومرة لعدونا منا، فلما رأى الله صدقنا أنزل لعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر"..
المجاهدون ربيع الأمة
هؤلاء المجاهدون الذين كانوا يجاهدون وهم يبتهلون إلى الله ويثقون بنصره، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، ويعيشون في الليل معه، حتى وهم ينتقلون من موقع إلى موقع، لقد نصرهم الله تعالى لأنه رأى فيهم الصدق؛ صدق النية والعزيمة وصلابة الإرادة والموقف. لأن الكثيرين منهم كانوا ممن لا يعوزهم مال، فالمال كان بين ايديهم، ولا يعوزهم مركز أو جاه، ولكنهم انطلقوا عندما رأوا العدو يحتل أرضهم ويذل أمتهم، فتحركوا في مواجهته.
خوّفوهم بأمريكا وإسرائيل وبـ"الجيش الذي لا يُقهر"، فزادهم الله إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، هؤلاء الذين كانوا يمثلون ربيع الأمة الذين تطفح وجوههم بكل جمال ومحبة، هؤلاء كلهم – وهم من شبابنا المؤمن الطيب، من الفتية الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى – هم أنصار رسول الله وعليّ والحسن والحسين(ع)، هؤلاء هم الأصحاب بعد الأصحاب، وهم الأنصار بعد الأنصار، وهم الشهداء في كل مسيرة الشهادة.. هؤلاء هم الذين نصروا الله فنصرهم، وصدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا.. هؤلاء هم الذين صنعوا النصر والحرية..
إننا ونحن نعيش كل هذه الفرحة الغامرة من خلال خروج العدو مهزوماً من أرضنا شر هزيمة لم يعرفها في تاريخه، حيث خرج من هذا البلد في حالة من الإرباك والفوضى التي أسقطت كل مخططاته. ولذلك أمام هذا الإنجاز التاريخي نقول لهؤلاء الشباب الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون: يا أحبتنا وأبناءنا، أيها الذين عاشوا الإيمان روحاً وفكراً وجهاداً وحركة، يا من أعطوا كل شبابهم لأمتهم فتحركت الأمة في شباب الحرية، يا من أعطوا كل دمائهم لأمتهم ودينهم، فازدهرت أمتهم بكل هذا الدم الطاهر.. إنكم أديتم واجبكم وأصبحتم مثلاً وقدوة وقد صنعتم تاريخاً فجزاكم الله عن أمتكم خير الجزاء، وحشركم الله مع النبيين والصدّيقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً، فنعم المجاهدون الصابرون السائرون في درب الاستقامة أنتم، فرحمكم الله برحمته، وجزاكم خير الجزاء.
علينا تحصين الإنجاز التاريخي وعلى الدولة إنماء المنطقة سريعاً
ـ مشهد هزيمة العدو المذل:
لقد كان الجميع يعرف بأن العدوّ قد اتخذ قراراً بالهروب، وبات لا يستطيع الاحتفاظ بأرضنا كثيراً بعد أن جرّب كل وسائل القتل والدمار والتهديد، ولكن حرب الاستنـزاف التي شنّتها المقاومة ضده أنهكته وجعلته يستعجل الانسحاب.. ومع ذلك، فليس هناك من كان يعتقد بأن الذي سيبلغ به هذا المبلغ، وهو يترك عشرات الآليات وراءه، وكل همه أن يصل جنوده إلى ما وراء الشريط الشائك، ولو مات أو قُتل أو اعتقل كل العملاء..
إن صورة الهروب الكبير الذي نفذه العدو بهذه السرعة، تشير إلى أن الهزيمة التي مُني بها هي أعظم وأضخم من هزيمة أمريكا في "فيتنام"، لأن مشهد هذه الهزيمة هو مشهد فريد من نوعه، حيث إن زحف الجموع من أهلنا إلى مواقعه وإلى أرضهم جعله يضاعف من هرولته، فأصبح الانسحاب رهن الساعات بعد أن كانت الخطة تقتضي أياماً وأسابيع..
ـ مشهد الذل... دروس وعبر:
إن هذا المشهد المذل ينبغي أن يظل محفوراً في ذاكرة العدو، ليتذكّر دائماً بأن هناك فئة قارعته فلم تكن الند له فحسب، بل انتصرت عليه، وفي ذلك درس للجندي الصهيوني الذي ينبغي أن يتعلّم أنه هو الذي يُقهر مع كل آلياته وعتاده.. كما أن في هذا المشهد درساً لكل العرب المتهالكين وراء الصلح مع العدو، والمتحركين على هذا المسار، وذلك بهدف إعادة وصل ما انقطع، أو حث هذا الموقع العربي وذاك على التسليم له تحت عنوان "اغتنام الفرصة قبل ضياع الوقت"..
إننا نقول لهؤلاء: إن الفرصة هي فرصة التحرر من ذهنية التبعية والضعف، خاصة وأن النموذج اللبناني قد أعطى الدرس للعالم، فلا بأس أن يتعلم بعض العرب.. ونحن ندرك ان هذا الصوت الذي انطلق من لبنان سيلقى الصدى داخل فلسطين المحتلة، حيث أن بواكير الانتفاضة الجديدة تبشّر بأن فجراً جديداً سينطلق داخل فلسطين المحتلة، بعيداً عن مسارات التفاوض السرية والعلنية.
ـ إنتصاران للمقاومة:
إننا مع كل ذلك نقول بأنه لا بد أن نشكر الله تعالى، وأن نتواضع أمامه على نعمة الانتصار هذه، ونحن في الوقت الذي نُكبر فيه هذه الروح السمحة المتواضعة من مجاهدينا الذين نصروا الله فنصرهم، حيث لم ينطلقوا إلى العملاء بروح ثأرية، نطلب من الدولة أن تخلّد هؤلاء في سجل البطولات، لأنهم انتصروا مرتين: في الأولى على العدو، وفي الثانية على هوى النفس وما قد تثيره من حب الثأر والاقتصاص السريع.. وذلك يرتّب على الدولة أعباء كبرى لكي تكون حركتها بحجم حركة المجاهدين، وأن تحفظ لهؤلاء حقهم ليكونوا مفخرة لبنان، ليس في الحاضر فقط بل في المستقبل.
ـ الانتصار للبنانيين جميعاً:
لقد قدّم المجاهدون للدولة جنوباً محرراً، ومن حقهم أن يطالبوا برعاية هذا التحرير، ولا بدّ للدولة من رعاية هذا التحرير وحمايته وتحصينه على عدة مستويات، ولا سيما على مستوى تعزيز الوحدة الداخلية.. لقد كنا نقول سابقاً: لا بدّ من الوحدة الداخلية كضرورة أساسية من ضرورات مواجهة المحتل، واليوم نقول: لا بدّ من ترسيخ هذه الوحدة لمنع العدو من التسلل مجدداً إلى النسيج اللبناني في الداخل.. ويكون ذلك من خلال معرفة الجميع بأن هذا الانتصار الذي حصل ليس لفئة معينة من اللبنانيين بل هو للبنانيين جميعاً، وقد أعطى العدو الدرس لكل الذين تعاملوا معه – وهم من كل الطوائف – بأنه لا يقيم لهم وزناً، حيث منعهم من الدخول إلى فلسطين المحتلة، وتركهم يواجهون مصيرهم المحتوم، الأمر الذي يمكن أن يكون درساً لكل من تسوّل له نفسه في المستقبل أن يمد يده إلى هذا العدو.
على الدولة الوفاء بالتزاماتها:
ثم، لا بدّ من تحصين هذا الإنجاز التاريخي بخطوات إنمائية سريعة تفتقد لها المنطقة التي تحررت، لا سيما على صعيد البنى التحتية الأساسية.. إننا نطلب من الدولة أن تزحف إلى هذه المنطقة إنمائياً، إن لم تزحف أمنياً لدواعٍ وأسباب يحترمها الجميع، وان يكون زحفها بنفس الوتيرة التي اندفع بها أهل هذه المناطق في مسيرتهم التحريرية المباشرة.. إننا نقول: لقد سمعنا كلاماً جميلاً عن دعم هذه المناطق، ونريد لهذا الكلام أن يتحوّل إلى أفعال، وأن لا يسقط تحت عناوين الظروف السياسية والأوضاع الاقتصادية الصعبة.
ـ أين الوعود العربية؟!
وعلى الدولة أن تسأل الجامعة العربية وكل الدول العربية: أين الوعود،أين العهود بالتعويض على لبنان ومساعدته، وأين مقررات مجلس الجامعة الذي عُقد في لبنان؟! خاصة وأننا لا نريد لـ"سكرة" التحرير أن تُذهب "فكرة" الأعباء الكبرى المترتبة على البلد في أعقابه.. إن على الدولة أن تطلق ورشة البناء والإنماء في الجنوب والبقاع الغربي بأسرع وقت ممكن، حيث إن هناك قرى وبلدات قد سُوّيت بالأرض مثل "ميدون"، و"سجد" و"حانين" وغيرها، وعلى الدولة أن تبذل كل طاقاتها لتأمين عودة سريعة لأهل هذه البلدات إلى أرضهم.
ـ سوريا وإيران دعمتا مسيرة التحرير:
إن علينا في هذه الأيام أن لا ننسى الدول التي دعمت مسيرة التحرير وخاصة سوريا وإيران، لنقف مع سوريا لتحرير أرضها في الجولان، ولنكون مع إيران سنداً لها ضد كل مشاريع الحصار الاقتصادي والسياسي والإعلامي الذي تتعرض له انطلاقاً من الضغوط الأمريكية المتواصلة عليها..
ـ ضرورة الحفاظ على النصر:
وفي نهاية المطاف، إن علينا أن لا نسمح للصوص والسرّاق الدوليين والإقليميين أن يسرقوا منا نصرنا الذي دفعنا لأجله أثماناً غالية، والذي سالت الدماء انهاراً لتحقيقه، وذلك بان لا نسمح بأن يكون لبنان ممراً ولا مقراً لهؤلاء المستكبرين الذين كانوا دائماً مع العدو وضد لبنان، وأن لا نسمح لأحد بتضخيم شخصياتنا، لأننا نعرف حجم قوتنا ومدى التزامنا.. إن اللبنانيين يفتحون قلوبهم لكل من يريد أن يتعاطى معهم بالاحترام المتبادل، ولكنهم لن يُلدغوا من الجحر الأمريكي والدولي مجدداً، حتى يبقى لهم نصرهم وتحريرهم وقرارهم..
وأخيراً، إن علينا أن نقف ضد كل هؤلاء اللصوص الذين يدخلون البيوت في القرى المحررة من أجل أن يسرقوا ويخوّفوا الناس، ويثيروا الفوضى، إن علينا أن نقف ضد كل هؤلاء الذين يستغلون هذه الأجواء التي قد تنعدم فيها سلطة الدولة، ليخلقوا هواجس في هذه المنطقة أو تلك، وليسيئوا إلى صورة هذا النصر، إن على الجميع ان يقفوا ضدهم وينكروا فعلهم، ويمسكوا أيديهم، حتى لا يشوّهوا صورة هذا النصر العظيم. |