ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :
الانفتاح على الفرح والمحبة
في هذا الشهر وفي غيره من الشهور، في كل حركة الإنسان في الحياة، في حياته الاجتماعية، في بيته، وفي كل المواقع، يريد الله للإنسان المسلم أن يعيش في مجتمعه روحية الإنسان الذي يكون كل همه أن يدخل الفرح إلى قلوب المؤمنين، وأن يفتح بكلامه قلوب الناس على الفرح، وأن يدخل بعمله السرور على المؤمنين وفي مواقفه وعلاقاته، في مقابل الإنسان الذي يتحرك من أجل إيذاء الناس في كلماته، وفي أفعاله، وفي كل أوضاعه، بحيث يعيش العقدة في هذا الجانب، فلا يطيق أن يرى إنساناً مبتسماً، ولا يحب أن يرى إنساناً فرحاً، ولا يحب أن يرى اثنين متفقين أو عائلة متآلفة.
لقد جعل الله لهذا أجراً، وجعل لذاك عقاباً، فتعالوا نتعرف ذلك مما جاء به الحديث عن رسول الله(ص) وعن الأئمة(ع) من أهل البيت. ففي حديث أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر(ع) وهو محمد الباقر، يقول: قال رسول الله(ص): "من سرّ مؤمناً فقد سرني _ يعني بالوسائل التي تدخل السرور عليه _ ومن سرّني فقد سر الله"، ومن الطبيعي أن الإنسان الذي يسرّ الله ورسوله، فلا بد أن يكون في الدرجة العليا عند الله وعند رسوله.
وعن أبي جعفر الباقر(ع) قال: "تبسم الرجل في وجه أخيه حسنة _ يعني إذا لقيت أخاك وتبسمت في وجهه، بحيث كانت بسمتك تسبق كلامك، فإن ذلك يكتب لك حسنة، ونحن نعرف أن من صفات رسول الله(ص) أنه كان دائم الابتسامة، ومن صفات الإمام زين العابدين(ع) ما قاله الفرزدق الشاعر في مدحه:
فلا يُكـلّم إلا حين يبتــسمُ |
يغضِي حياءً ويُغضى من مهابته |
_ وصرف القذى عنه حسنة _ القذى هو أن يرى في العين أو في الوجه شيئاً فتصرفه عنه _ وما عُبد الله بشيء أحب إلى الله من إدخال السرور على المؤمن"، يعني إذا أدخلت السرور على قلب المؤمن فتلك هي العبادة، وهي من أفضل أنواع العبادة.
الجنة لمن يفرح مؤمناً
وفي الحديث عن بعض أصحاب الإمام الباقر(ع) قال: سمعت أبا جعفر(ع) يقول: "إن في ما ناجى الله به عبده موسى ـ وموسى كليم الله، وكان الله يكلمه مباشرة ـ قال: إن لي عباداً أبيحهم جنتي وأحكمهم فيها، قال: يا رب ومن هؤلاء؟ قال: من أدخل على مؤمن سروراً"، ثم قال الإمام الباقر(ع): "إن مؤمناً كان في مملكة جبار ظالم فولع به ـ استخف به وصادر حقوقه وقهره وظلمه ـ فهرب منه إلى دار الشرك، فنـزل برجل من أهل الشرك فأظله ـ أي آواه بما يظلّه من الحر والبرد ـ وأرفق به ـ نفعه ـ وأضافه ـ دخل في ضيافته ـ فلما حضره الموت أوحى الله عز وجل إليه: وعزتي وجلالي، لو كان لك في جنتي مسكن لأسكنتك فيه، ولكنها محرمة على من مات بي مشركاً {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} ولكن يا نار هيديه ولا تؤذيه ـ بحيث يدخل النار ولا يتأذى منها ـ ويؤتى برزقه طرفي النار، قلت: من الجنة؟ قال: حيث شاء الله". لماذا ؟ لأنه أدخل السرور على مؤمن وهو مشرك، فالله أعطاه كرامة بما يمكن من الكرامة في الآخرة نتيجة إدخال السرور على هذا المؤمن.
أحب الأعمال إلى الله
وعن علي بن الحسين(ع) قال: قال رسول الله(ص): "إن أحب الأعمال إلى الله عز وجل إدخال السرور على المؤمنين"، وعن أبي عبد الله جعفر الصادق(ع)، قال: "أوحى الله عز وجل إلى داود(ع)، إن العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأبيحه جنتي، فقال داود يا ربي وما تلك الحسنة؟ قال: يدخل على عبدي المؤمن سروراً ولو بتمرة ـ يعني بأقل الممكن، وليس معنى ذلك كما يفعل بعض الناس بأن يشتري بعض التمر ويوزعه، أو بأن يأتي البعض بكيلو غرام من التمر إلى المسجد ليفطر به مائة مؤمن، بل معناه بذل الجهد وعدم الاكتفاء بهذه التمرة لكي يدخل المؤمن الجنة بها_ قال داود: يا رب، حق لمن عرفك أن لا يقطع رجاءه منك".
المؤنس في الوحشة
وهكذا ورد في الحديث عن أبان بن تغلب، قال: سألت أبا عبد الله الإمام الصادق(ع) عن حق المؤمن على المؤمن الآخر؟ قال: "حق المؤمن على المؤمن أعظم من ذلك، لو حدثتكم لكفرتم، إن المؤمن إذا خرج من قبره ـ يوم القيامة ـ خرج معه مثال من قبره، يقول له أبشر بالكرامة من الله والسرور، فيقول له بشرك الله بخير. قال ثم يمضي معه_ من مرحلة إلى مرحلة من مراحل القيامة ـ يبشره بمثل ما قال، وإذا مر بهول ـ بموقف من مواقف الرعب ـ قال ليس هذا لك، وإذا مر بخير قال هذا لك، فلا يزال معه يؤمنه مما يخاف ويبشره بما يحب حتى يقف معه بين يدي الله عز وجل، فإذا أمر به إلى الجنة قال له المثال أبشر فإن الله عز وجل قد أمر بك إلى الجنة، قال فيقول من أنت رحمك الله، تبشرني من حين خرجت من قبري وآنستني في طريقي وخبرتني عن ربي؟ قال: فيقول أنا السرور الذي كنت تدخله على إخوانك في الدنيا خلقت منه لأبشرك وأونس وحشتك".
فكم قيمة هذا السرور الذي يدخله الإنسان على المؤمن. وفي الحديث عن أبي عبد الله(ع)، قال: قال رسول الله(ص): "أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على المؤمن تطرد عنه جوعته ـ إذا كان جائعاً تشبع جوعته ـ أو تكشف عنه كربته"، إذا كان مكروباً تنفس عنه كربته.
البهتان عقاب المؤذين
وعن عبد الله بن سنان قال: كان رجل عند أبي عبد الله(ع) فقرأ هذه الآية: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً}، قال فقال أبو عبد الله: فما ثواب من أدخل عليه السرور ـ هذا إذا كان عقاب من أدخل الأذى على المؤمن والمؤمنة، فهو يجازى بالبهتان، والبهتان أعظم من الغيبة ، فقال أبو عبد الله، فما الثواب ـ فقلت: جعلت فداك عشر حسنات ـ لأن من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ـ فقال إي والله وألف ألف حسنة". وهكذا وردت: "أيما مسلم لقي مسلماً فسره، سرّه الله عز وجل".
إنتاج الفرح للأقارب والأيتام
وهكذا جاءت هذه الكلمات المضيئة المشرقة من رسول الله ومن أئمة أهل البيت(ع) تؤكد للمسلمين أن على الإنسان المسلم أن يعيش حياته بين الناس ويكون كل همه أن يكون قريباً إلى الله بإدخال السرور على المؤمنين، ولعل أولى الناس بالإنسان أهله أبويه وأخوانه وزوجته وأولاده، وأن تدخل الزوجة السرور على زوجها وعلى أولادها وعلى أهلها، وأن تدخلوا السرور على الأيتام الذين أوصى علي(ع) بهم في آخر أيام حياته: "الله الله في الأيتام، فلا تغبوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم"، وهكذا أن ندخل السرور على الفقراء والمساكين والغارمين وما إلى ذلك، فإن الإنسان بذلك يجد ثوابه عند الله {يوم لا ينفع مال ولا بنون* إلا من أتى الله بقلب سليم}، وكما قلت في مقابل ذلك، فإن من آذى المؤمنين بلسانه وبعمله فإنه يجد غضب الله ينتظره، وهذا ما لا تقوم له السموات والأرض.
أيها الأحبة، إن أمامكم هذا العيد المبارك الذي هو عيد من أطاع الله، وعلينا أن ننتج الفرح في العيد لكل من يحتاج إلى هذا الفرح.
هلال شوّال
لقد اتصلنا بالأجهزة العلمية الدقيقة في العالم وسألناهم عن الأساس العلمي في يوم العيد، فكان الجواب الدقيق الذي اتفق عليه أهل الخبرة في العالم أولاً: أنه من المستحيل أن يرى الهلال مساء الاثنين ـ ليلة الثلاثاء في أي مكان من العالم، حتى أن بعض كبار العلماء في السعودية أصدر بياناً ونشر في جريدة الوطن السعودية قبل أيام، أنه لو شهد لي شاهد بأنه رأى الهلال ليلة الثلاثاء مساء الاثنين لكذبته، لأن الهلال يولد بعد المغرب الساعة23،7 دقيقة.
فلذلك بحسب هذه الأجهزة الفلكية يستحيل رؤية الهلال ليلة الثلاثاء، وعليه يستحيل أن يكون العيد يوم الثلاثاء، أما ليلة الأربعاء فكان التقرير أنه يصعب رؤيته في أوروبا وآسيا، أما في منطقة الشرق الأوسط فإنه يرى بواسطة المنظار المكبّر بصعوبة، ويمكن أن يرى في أفريقيا وفي أمريكا الشمالية، وعلى هذا الأساس، لما كان أول شهر رمضان الاثنين من خلال الحسابات الفلكية الدقيقة أولاً، ومن خلال الشهادة بالرؤية ثانياً، حيث ادّعى رؤية الهلال في لبنان أكثر من سبعة أشخاص وفيهم متدينون.
وفي البحرين ادعى الرؤية أكثر من 18 شاهداً، قبل علماء البحرين شهادتهم، وفي الكويت ادعى رؤيته خمسة شهود، هذا بالإضافة إلى شهادة الخبراء في الفلك بإمكانية الرؤية ليلة الاثنين، وبذلك حكمنا بأن أول شهر رمضان هو يوم الاثنين، وعلى هذا الأساس فيكون يوم العيد هو يوم الأربعاء من جهة إكمال العدة، لأن يوم الثلاثاء هو اليوم المكمل للثلاثين من شهر رمضان، وسوف يكون العيد بعون الله يوم الأربعاء القادم أعاده الله عليكم وعلى المؤمنين بالعزة والنصر والكرامة، والحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله.. اتقوا الله، وافتحوا قلوبكم لكل مؤمن ومؤمنة بالخير والرحمة والمحبة، حتى يكون المؤمن للمؤمن بمنـزلة نفسه، يحب له ما يحب لها، ويكره له ما يكره لها، وعلينا أيها الأحبة، أن نتقي الله في كل واقع مجتمعنا، هذا المجتمع الذي يعيش فيه الفقراء والأيتام والمساكين الأزمة تلو الأزمة، والمشكلة تلو المشكلة، لأن الواقع الذي يعيشونه واقع يثير في قلوبهم الألم والحزن، ولذلك علينا كما نوزع الصدقات المالية، أن نوزع الصدقات السرورية، لأن على الإنسان أن يسرّ أخاه، فينفس عنه كربته ويكشف عنه همه وغمه.
ونحن نعرف أيها الأحبة، أن الإسلام علمنا أن نلتفت خلف كل صلاة إلى كل المشاكل الاجتماعية، وأن ندعو الله إلى أن يلطف بعباده، وليحل لهم مشاكلهم، عندما نقرأ: "اللهم أدخل على أهل القبور السرور، اللهم أغن كل فقير، اللهم أشبع كل جائع، اللهم اكسُ كل عريان، اللهم اقض دين كل مدين، اللهم فرج عن كل مكروب، اللهم رد كل غريب، الله فك كل أسير، اللهم أصلح كل فاسد من أمور المسلمين، اللهم اشف كل مريض، اللهم سد فقرنا بغناك، اللهم غيّر سوء حالنا بحسن حالك، اللهم اقض عنا الدين وأغننا من الفقر إنك على كل شيء قدير".
لاحظوا مفردات الدعاء، كلها تتصل بالقضايا التي تتعلق بحياة الناس، وكأن الله يريد أن يقول إنك عندما تجلس بين يدي ربك وتدعو الله، أن لا تفكر بنفسك فقط، بل عليك أن تفكر بكل الناس من حولك، بكل إنسان يعاني من مشكلة، حتى تطلب من الله أن يفرج عنك وأن تعمل أنت بجهدك في سبيل أن تفرج عنه، هذا هو موقع رضى الله، ونحن في آخر هذا الشهر، وهي العشرة الأواخر من هذا الشهر التي يغفر الله لعباده في كل ليلة بما غفر في الشهر كله ما قبل ذلك، لذلك يقتضي أن نستعد لنفرغ قلوبنا لله، وعقولنا لله، وحياتنا لله، ونقول دائماً: "إن كنت رضيت عني في هذا الشهر فازدد عني رضىً، وإن لم تكن رضيت عني فمن الآن فارض عني". وهكذا نقول: "اللهم أدِّ عنا حق ما مضى من شهر رمضان، واغفر لنا تقصيرنا فيه، وتسلمه منا مقبولاً، ولا تؤاخذنا بإسرافنا على أنفسنا، واجعلنا من المرحومين ولا تجعلنا من المحرومين"، لنخرج من هذا الشهر بالغفران. ومن مواقع رضى الله الاهتمام بأمور المسلمين في كل موقع في العالم، وهذا ما نريد أن نثيره مما يحدث في مواقعنا في هذه الأيام:
القدس: القداسة والرمز
هذا يوم القدس الذي أريد له أن يكون اليوم الذي تبقى فيه القدس في الوجدان الإسلامي كموقع يملك القداسة في المفهوم الديني، وكرمز للقضية الفلسطينية الواقعة تحت تأثير اللعبة الدولية من الاحتلال الصهيوني لفلسطين ومن حركة الاستكبار الأمريكي - ومعه أكثر من دولة - من أجل الضغط على الفلسطينيين لتقديم التنازلات لإسرائيل على حساب الحق العربي والإسلامي.
ولم تكن المسألة في هذا اليوم مجرد مسألة مظاهرات وشعارات واحتجاجات، بل هي مسألة تفكير وتخطيط للحل الإسلامي للمشكلة التي تختصر الواقع السياسي للمنطقة في النصف الأخير من القرن الماضي وما بعده، ولذلك فإننا نؤكد على أن يتجاوز الاهتمام بهذا اليوم الكلمات الحماسية إلى التخطيط الدقيق، ليكون هناك أفق سياسي يتطلع إليه المسلمون للمستقبل.
المقاومة والانتفاضة إلى التحرير
وحدها المقاومة الإسلامية في لبنان التي حررته من الاحتلال وانفتحت على مسؤوليتها في فلسطين بطريقة وبأخرى، والانتفاضة الجهادية في فلسطين التي تواجه آلة الحرب الصهيونية والأميركية بكل قوة وتضحية واستشهاد .. هاتان الحركتان الجهاديتان هما التطوران الكبيران لحركة القدس في انفتاحهما على المسؤولية بالوسيلة الوحيدة للتحرير في مواجهة الاحتلال، ويجب على العالمين العربي والإسلامي الوقوف معهما في هذه المرحلة وما بعدها من أجل تعبئة عربية وإسلامية سياسية ضاغطة على مصالح الاستكبار في المنطقة على صعيد الشعوب والأنظمة ، لأن ذلك وحده هو الذي يدفع الدول الداعمة للعدو لتغيير سياستها لمصلحة القدس موقعاً ورمزاً وقضية وشعباً.
وفي هذه المرحلة، تنطلق السياسة الأميركية في إدارتها التي تودع أيامها الأخيرة من أجل الضغط على الفلسطينيين لتقديم التنازلات على حساب قضيتهم في مشروع ضبابي لا يُعرف مداه ولا جديته وأبعاده حول القدس التي تراوح مكانها مع التزام بعدم عودة اللاجئين إلا للقليل منهم.
إننا نحذر الفلسطينيين من هذه اللعبة الامريكية الإسرائيلية الجديدة التي تريد إخراج باراك من مأزقه السياسي وإفساح المجال لنجاحه في الانتخابات بدعم عربي وفلسطيني لأكثر من اعتبار سياسي في المنطقة.. ونريد تذكيرهم بأن أي اتفاق سوف يوقّع - مهما كانت إغراءاته - لن يكتب له التنفيذ تماماً كما هو اتفاق أوسلو وما بعده مما لم تنفذه إسرائيل بل بقيت المماطلة هي الطابع العملي للعدو لاسيما أن اليمين الإسرائيلي أعلن أنه لن يلتزم بأي اتفاق في هذه المرحلة .. إن ما يخطط له الآن هو إيقاف الانتفاضة الفلسطينية التي استطاعت أن تهز الكيان الصهيوني من الداخل، وأن تقدمه إلى الرأي العام العالمي في صورته الوحشية في استخدام القوة المفرطة ضد الشعب الأعزل، وفي مصادرة كل موارده الحيوية لمصلحة اليهود وحرمانه من الاستفادة منها، وهذا ما عبر عنه في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة غير الملزم، ولكنه قد يوحي بموقف دولي ضد العدو يقترب من التلويح بالعزله السياسية. وعلى الانتفاضة إكمال مسيرتها، لأنها لن تحصل على التحرير بدون ذلك.
رفض التوطين
وفي لبنان تتحرك مسألة التوطين التي يرفضها الشعب اللبناني بأجمعه .. والسؤال الكبير هو: ما هي الآلية التي يستعملها لبنان لحل هذه المشكلة التي بدأت المشاريع الدولية، ولاسيما الأمريكية في هذه المرحلة لتؤكدها في الواقع السياسي.
إن هناك حاجة ليتحول الرفض إلى رفض عربي ضاغط من كل الدول التي يتواجد فيها الفلسطينيون، وموقف إسلامي شامل في الحركة السياسية، بحيث تعود الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لتتحركا في هذا الاتجاه من أجل مواجهة هذا المشروع بالموقف القوي الضاغط، حتى لا يسقط الفلسطينيون تحت تأثير اللعبة الأمريكية - الإسرائيلية الجديدة ـ القديمة..
إن المطلوب في هذه المرحلة أن يكون الموقف حاسماً والكلمة واحدة في تجسيد الرفض بالتوافق مع الموقف الفلسطيني الاستراتيجي المطالب بالعودة إلى فلسطين، مع الرعاية للشعب الفلسطيني في قضاياه الحيوية -حتى العودة - وعدم تحميله مسؤولية المشروع الدولي المرتقب للتوطين، لتعود القضية سجالاً بينه وبين اللبنانيين، كما يريد البعض الذي يعمل على إشغال الواقع اللبناني بالسجالات التي تعقد قضاياه في مواجهة بقايا الاحتلال وفي استقراره الاقتصادي الذي يتوقف على الاستقرار السياسي وعلى الوحدة الوطنية المتحركة في خط المصالحة الواقعية الشعبية الواسعة.
التضامن والمحبة
وإننا نجدد الدعوة لخطاب تصالحي على المستوى الديني والسياسي، ولا سيما أننا على أبواب الأعياد التي لابد أن تحمل في مضمونها الروحي الفرح للجميع والأمل في المستقبل القوي الواعد لأجيالنا القادمة لنلتقي على المحبة والرحمة والوعي لكل التحديات، لنعمل للبلد كله وللامة كلها حتى تكون أعيادنا هي أعياد القضايا الكبرى ولنخرج من دائرة الشخصانية والطائفية إلى دائرة الأمة التي تعمل من أجل مستقبل حر قوي إلى جانب كل الشعوب الحرة في العالم. |