سيرة ذاخرة بالعلم والجهاد والمظلومية

سيرة ذاخرة بالعلم والجهاد والمظلومية

مع الإمام الحسن(ع) رسول علي(ع) للمهمات الصعبة
سيرة ذاخرة بالعلم والجهاد والمظلومية


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبة سماحته الأولى :

الإمام الحسن(ع) القدوة والأسوة

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {إنما يُريد الله ليُذهب عنكم الرجس أهل البيت ويُطهركم تطهيرا}، من أهل البيت (ع) الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب(ع) الذي التقينا بذكرى وفاته في السابع من صَفَر. ونحن في كل موقف من ذكريات أهل البيت(ع) لا بدّ لنا من أن نلتقي بسيرتهم وكلماتهم ووصاياهم حتى نعيش معهم في خط الرسالة، ويعيشوا معنا في هذا الخط، لأن معنى الالتزام بإمامتهم هو السير على خطهم في كل ما قالوه وفعلوه.

في كنف الرسالة:

والإمام الحسن(ع) هو أول وليد لعليّ وفاطمة (عليهما السلام)، وقد تربى مع أخيه الإمام الحسين(ع) في أحضان رسول الله(ص)، الذي لم يكن له ولد ذكر، فكان(ص) يقول عنهما: "إنهما ابناي"، وكان يُحدّث المسلمين عنهما إنهما "سيدا شباب أهل الجنة"، وإنهما "إمامان قاما أو قعدا"، ليبيّن للمسلمين قيمة هذين الطفلين آنذاك ومستقبلهما في الواقع الإسلامي وفي حياة المسلمين بشكل عام.

وقد عاش الإمام الحسن(ع) وفاة أمه(ع) وبقي برعاية أبيه عليّ(ع)، فنشأ عليه وعاش معه كل تجربته، واختزن كل همومه وآلامه، وانفتح على كل علمه وروحانيته وحركيته، ولهذا كان أمير المؤمنين (ع) يعتمده في القضايا الصعبة، فعندما بدأت المشاكل تواجه الإمام عليّ (ع) في خلافته، كان الإمام الحسن(ع) هو رسوله إلى الكوفة ليئد الفتنة وليواجه الموقف بالكثير من الوعي والصلابة.

في موقـع الخلافـة:

وبويع الإمام الحسن (ع) بعد أمير المؤمنين (ع) بالخلافة، ولكن الأحداث كانت تسير في اتجاه آخر، لأن المجتمع الذي عاش فيه كان مجتمعاً متناقضاً متعَباً استطاع معاوية أن يعبث فيه بالكثير من المال وما إلى ذلك، حتى اضطر(ع) إلى أن يهادن معاوية ويرجع إلى المدينة ليعيش فيها موجِهاً ومرشداً للمسلمين هناك بسيرته وخلقه وبكلماته. وقد كانت شهادته (ع) على يد زوجته "جعدة بنت الأشعث" التي أرسل إليها معاوية أنه يعطيها مائة ألف درهم ويُزوّجها من ولده "يزيد" إذا سقت الإمام الحسن(ع) السم، لأنه كان لا يرى هناك فرصة لتنصيب ولده خليفة على المسلمين مع وجود الإمام الحسن(ع)، لأنه أعطاه العهد أمام المسلمين بأن تكون الخلافة له من بعده، وهكذا كان، وأرسل إليها المال، ولكنه لم يزوّجها من ولده، لأنه خاف أن تصنع مع ولده ما صنعته مع الإمام الحسن(ع).

وحاول الأمويون أن يثيروا حرباً في مسألة دفن الإمام الحسن(ع)، لأن الحسين(ع) جاء بجنازته إلى قبر جده رسول الله(ص) ليجدد به عهداً، فخُيّل إليهم أنه يريد أن يدفنه هناك، وجاءوا بأمّ المؤمنين عائشة راكبة على بغل لتهدد، فقال الإمام الحسين(ع) ما مضمونه: "إن أخي الحسن أوصى أن لا نهرق في أمره محجمة دماً، ولذلك نحن لم نأتِ لندفنه عند رسول الله لتعترض عائشة على ذلك، ولكن جئنا نجدد به عهداً"، ودُفن في البقيع.

التعفـف عن محـارم الله:

في هذا الموقف، نحاول أن نلتقي ببعض كلمات الإمام الحسن(ع) في الموعظة وفي الأمور التي تتحرك في القضايا الاجتماعية في حياة الناس، فمن بين كلماته في الموعظة يقول (ع) فيما روي عنه: "يابن آدم، عفّ عن محارم الله تكن عابداً - كأن الإمام (ع) يريد أن يقول: ليست العبادة هي أن تكثر من الصلاة والصوم والحج والعمرة وترتكب الحرام، كالكثيرين من الناس الذين يصلّون ويغتابون الناس، ويصومون ويفتنون بين الناس، ويحجون ويأكلون أموال الناس بالباطل، فهل تريد أن تكون العابد لله؟ إن العبادة لله تعني الخضوع له، أن يخضع عقلك وقلبك ولسانك ويداك ورجلاك وكل جوارحك ومواقفك وعلاقاتك ومعاملاتك لله، بحيث لا تقدّم رجلاً ولا تؤخر أخرى حتى تعرف أن في ذلك لله رضى - وارضَ بما قسّم الله تكن غنياً - الغنى ليس أن يكثر مالك، ولكن الغنى أن تكون غنيّ النفس، أن تسعى وتعمل وتحصل على المال من خلال جهدك وسعيك، فإذا حصلت على المال مما قسمه الله لك فاقنع به وارضَ، ولا تتطلع إلى ما في أيدي الناس لتطمع فيه، أو لتحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله.

حسـن الجـوار:

وقد ورد "أن القناعة مال لا ينفد" - وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً - إن معنى أن تكون مسلماً هو أنك إذا جاورت أحداً من الناس، سواء كان جارك قريباً أو بعيداً، مسلماً أو كافراً، فمن علامات الإسلام أن تحسن جوار من جاورك، فإذا أسأت جوار من جاورك كنت بعيداً عن الإسلام، لأن الإسلام لا يتمثل في صلاتك وصومك وحجّك، بل يتمثل إلى جانب ذلك في أخلاقك واحترامك للآخرين، وقد ورد أن رسول الله(ص) أوصى بالجار حتى ظنّ المسلمون أنه سيشاركه بالإرث - وصاحب الناس بمثل ما تحب أن يصاحبوك به تكن عدلاً"، هل تريد أن تحصل على صفة العادل لتأخذ هذا الموقع؟ إن العدل يتلخّص بأنك عندما تعاشر الناس وتعاملهم فعاملهم بما تحب أن يعاملوك به، اجعل الناس في موقع نفسك، فاعمل معهم ما تحب أن يعملوه معك، فالعدالة هي أن تعطي الناس الحق الذي تريد للناس أن يعطوك إياه.

عـدم الإخـلاد للأرض:

ثم يقول الإمام الحسن (ع) وهو يوجه الناس إلى عدم الاستسلام للدنيا، وعدم الإخلاد إلى الأرض: "يابن آدم، إنه كان بين أيديكم قوم - عشتم معهم - يجمعون كثيراً - بحيث تقدّر ثروتهم بالملايين إلى جانب ما يملكون من عقارات - ويبنون مشيدا، ويأملون بعيداً - عندهم آمال وأحلام في جمع الثروة، فكيف انتهوا - أصبح جمعهم بورا - كالأرض غير المزروعة - وعملهم غرورا - يعيشون مع الأماني والأحلام الخادعة - ومساكنهم قبورا، يابن آدم لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك - كما لو أننا نحمل فأساً ونهدم عمرنا - فخذ مما في يديك لما بين يديك - فهذا المال والجاه والقوة والعلم والخبرة التي بيدك خذها لما تقبل عليه من مصيرك غداً أمام ربك - فإن المؤمن يتزوّد - يتزوّد مما بين يديه لطريقه، وخير الزاد التقوى - والكافر يتمتع"، لأنه لا يأمل أن يسير إلى آخرة.

الصبـر علـى البـلاء:

ويقول الإمام الحسن (ع) في بعض ما روي عنه، وهو يوجه الناس إلى شكر الله والصبر على البلاء: "الخير الذي لا شرّ فيه الشكر مع النعمة - إذا أنعم الله عليك بنعمة أن تشكرها، فإن الله يحفظ لك ذلك ويزيدك ويرفع درجتك، وشكر الله هو أن تسخّر ما رزقك الله في طاعته، وأن لا تصرف ما أعطاك في معصيته - والصبر على النازلة"، يعني على البلاء.

ثم يقول الإمام الحسن(ع) لمن يقول "النار ولا العار"، لا سيما في العصبية: "العار أهون من النار". ويقول الإمام علي(ع): "تقولون النار ولا العار، أتريدون أن تكفئوا الإسلام على وجهه"، فالعار يكلّفك كلام بعض الناس عنك ونظرتهم السلبية إليك، لكن لو قارنت بين العار وبين نار جهنم، فهل هناك مجال للمقارنة بين الأمرين؟.. وقيل للإمام الحسن(ع): فيك عظمة، فقال(ع): "بل فيّ عزة الله تعالى"، لذلك ينبغي على الإنسان أن يكون عزيزاً ومتواضعاً، ولا يكون متكبّراً يشعر بعظمة نفسه وانتفاخ شخصيته، وقد يخلط الناس بين العزة والكبر.

هذه تعاليم أهل البيت(ع) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، فكانت العصمة سرّ شخصيتهم، وهم يريدون لنا أن نعصم أنفسنا عن معصية الله وعن الحرام وعن الانحراف، فتعالوا إلى أهل البيت(ع) الذين هم سرّ الإسلام، والذين عاشوا مع رسول الله وساروا في خطه، تعالوا لتكون الولاية موقفاً معهم، ولا تكون مجرد كلمة أو دمعة أو نبضة قلب، هذا هو ما يريده أهل البيت(ع) وهم الذين قالوا: "من كان وليّاً لله فهو لنا وليّ، ومن كان عدوّاً لله فهو لنا عدوّ"، وسلام الله على الإمامين الحسن والحسين(ع) وعلى أمهما وأبيهما وجدّهما، وعلى أولاد الحسين.. نسأل الله تعالى أن يرزقنا السير على منهجهم في الدنيا، وأن يرزقنا شفاعتهم في الآخرة.

الخطبة السياسية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله.. اتقوا الله في أنفسكم وفي أهلكم وفي الناس من حولكم، فإن تقوى الله هي التي ترتفع بالإنسان عند الله حتى يكون قريباً منه، وحتى يحصل على رضاه، وإن تقوى الله مفتاح كل خير في الدنيا، لأنها تقف بالإنسان عند ما يُصلحه وتبتعد به عما يُفسده.. لنكن الأتقياء في الكلمة والموقف وفيما نأكل ونشرب وفيما نتلذذ به، ولنكن الأتقياء في بيوتنا فلا نتعدى حدود الله مع أزواجنا وأولادنا، وفي كل مواقعنا في الحياة..

ولننطلق في الحياة مع الأتقياء الذين إذا وقفوا موقفاً في خط سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو أمني حسبوا حساب الله في كل شيء ولم يحسبوا حساب العصبية.. ومن التقوى أن يتحسس الإنسان مسؤوليته في كل ما يواجهه من القضايا التي تتصل به وبأمته، فماذا هناك؟

اعتـراف دولي بالكيان الصهيوني

يحتفل العدوّ في هذه الأيام بالذكرى الثانية والخمسين لإقامة كيانه، في ظل اعتراف العالم به حتى من أكثر من دولة عربية وإسلامية، واستعداد مستقبلي لاستكمال هذا الاعتراف من العرب الباقين – بمن فيهم الفلسطينيون – بفعل أكثر من تواطؤ، وذلك من خلال سياسة الأمر الواقع التي فرضتها القوة الدولية، وفي مقدمتها أمريكا، التي اعتبرت إسرائيل الدولة الأكثر رعاية وامتيازاً في العالم في الاستراتيجية الأمريكية، في الأمن والسياسة والاقتصاد، بحيث أصبح أمن إسرائيل جزءاً من أمن أمريكا..

المقاومـة تسقط عنفوان العـدو

هذا إلى جانب الضعف العربي من خلال العناصر الذاتية للواقع، والضغوط السياسية والأمنية من الخارج.. وحدهم المجاهدون الذين رفضوا شرعية إسرائيل، وقاوموا احتلالها، وأسقطوا عنفوانها، وهزموا جنودها. لذلك، فإن على المنطقة العربية والإسلامية الاحتفال بالنصر على هذا الكيان الغاصب بانسحابه من لبنان، تحت تأثير ضربات المقاومة، التي حوّلت احتلاله إلى مأساة لجنوده، وطاعون لسياسته، وإسقاط لعنفوانه.. وليكن هذا الانتصار فاتحة عهد جديد لقرنٍ مستقبلي، من أجل عودة الأرض إلى أهلها، باستعادة الحركة الرافضة لدولة العدو بالمقاومة والانتفاضة، وذلك بتهيئة الظروف السياسية والجهادية لذلك، وليس ذلك مستحيلاً على الأمة في المستقبل إذا كان متعذراً في ظل ظروف الحاضر..

إن المطلوب هو رفض الاعتراف بهذا الكيان على مستوى الشرعية في الوجدان العربي والإسلامي في ضمير الأمة، حتى لو اعترفت به الأنظمة العربية والإسلامية، لأن للأمة موقفها وقرارها الذي يتجاوز كل الواقع الرسمي الخاضع لأكثر من ضغط دولي.

إيران ترفـض الاعتـراف بالعدوّ

وإننا بهذه المناسبة، نسجّل تقديرنا للجمهورية الإسلامية في إيران، التي رفضت الاعتراف بشرعية دولة العدو، بالرغم من الضغوط الدولية الهائلة عليها، ولا سيما من أمريكا التي أعلنت الحرب عليها لأنها تقف ضد التسوية سياسياً، وقدّمت إليها الإغراءات الاقتصادية والسياسية للموافقة على التسوية، فرفضت إيران ذلك من موقع استراتيجيتها الإسلامية الرافضة للظلم والعدوان، والمطالبة دائماً بحقوق الشعب الفلسطيني المظلوم.

على العرب أن يؤكدوا استراتيجية المستقبـل

وإذا كان العدو يواصل عدوانه على لبنان بالقصف والتدمير، في الوقت الذي يستعد فيه للانسحاب منه، تحت تأثير هزيمته على يد المجاهدين، فإن علينا الاستمرار في خط المواجهة سياسياً ودبلوماسياً وجهادياً، لا سيما مع وجود بعض التعقيدات في مجلس الأمن الخاضع لأمريكا في مسألة "مزارع شبعا"، وفي أكثر من خطة للالتفاف على الموقف اللبناني، بفرض شروط جديدة تمثل مشروع ترتيبات أمنية بطريقة وبأخرى.. وعلى العالم العربي والإسلامي أن يؤكد استراتيجية المستقبل، في الوقوف الحاسم في هذه المرحلة الصعبة، ليدلل على احترامه للأمة في الحفاظ على عنفوانها السياسي في قضايا العزة والكرامة.

إننا نقول للعرب: إن عليهم أن لا يلعبوا اللعبة الأمريكية في الالتفاف على الموقف السوري واللبناني، في استغلال لبعض نقاط الضعف في ذلك، لأن مثل هذه اللعبة قد تنقلب عليهم في مواقعهم السياسية في المستقبل، وعليهم أن يتجاوزوا خلافاتهم الإقليمية، لأن القضية في ساحة التحدي الكبير أكبر من كل هذه الخلافات، لأن المعادلة الجديدة هي أن يكونوا أو لا يكونوا أمام الصهيونية العالمية والاستكبار العالمي.

ونقول للـعملاء الـذين يـتـحدث فـريـقـهـم عن الجانب الإنساني: إذا كنتم صادقين في إعلانكم بالرغبة في العودة إلى أحضان الوطن من خلال حديثكم عن العفو، فالقوا – من الآن لا بعد الانسحاب – سلاحكم، وتمردوا على العدو وواجهوه بالسلاح، لتثبتوا للشعب وللأمة أن سلاحكم لن يوجَّه للبنانيين بل إلى العدو، وذلك بأن تنضموا إلى المقاومة لملاحقة فلول العدو عند انسحابه. إن من السخرية أن تطلبوا العفو من الدولة في الوقت الذي تقصفون فيه الدولة والشعب اللبناني – حتى الآن – بسلاح العدو من أجل حمايته. ومن السخرية أن يتباكى البعض في الوسط السياسي والديني على العملاء، في الوقت الذي لا يزالون يطلقون فيه الرصاص على المدنيين من أهلهم!!

إننا نؤكد أن أهلنا الصامدين في المنطقة الحدودية – من مسلمين ومسيحيين – الذين يحتفلون بالاستقلال الجديد للبلد، من خلال انسحاب العدو من أرضهم، لن يقعوا في قبضة الفتنة، لأنهم تجاوزوها مع كل الشرفاء من اللبنانيين، بل سيقفون بعد التحرير ضد العدو وعملائه من كل الطوائف..

السودان: الاحتكام الى الحوار

وفي هذا الجو، فإننا نتابع ما يجري في السودان من خلاف على مستوى القمة، ونرجو أن لا يصل إلى القاعدة، أو أن يتحوّل إلى عنف يجهض التجربة الإسلامية هناك، بعد أن كانت هذه التجربة محل رصد وترصّد من قِبَل الاستكبار العالمي، ولا سيما الأمريكي.

إننا نريد للأخوة في السودان أن يحتكموا إلى الحوار، وأن يجعلوا مصلحة الإسلام ومصلحة بلادهم هي الغالبة على المصالح الشخصية، وأن لا يخضعوا للمحاور الدولية والإقليمية التي كانت السبب في هذه الفتنة الجديدة. إننا ندعو الجميع إلى أن يتحمّلوا مسؤولياتهم الإسلامية من أول الطريق، ليرفضوا كل مواقع الفتنة من الداخل والخارج، وليقفوا ضد كل تخطيط للعنف الداخلي في السجال السياسي الجديد.

لبنان: مشكلته في الفساد الإداري

وفي الختام، إننا نؤكد على الدولة أن تواجه المسألة المعيشية بالموقف الجاد المرتكز على التخطيط الاقتصادي، لأن المشكلة ليست في العناوين والشعارات الكبيرة التي تُطرح، أو في إرادة التغيير المتوافرة في أكثر من موقع، بل في اعتماد آلية واضحة للتخلّص من الفساد الإداري، وتحقيق الإصلاح الذي يُعيد للبلد موقعه، وللإدارات توازنها، لا سيما في ظل المرحلة الصعبة التي نعيشها في لبنان والمنطقة.

مع الإمام الحسن(ع) رسول علي(ع) للمهمات الصعبة
سيرة ذاخرة بالعلم والجهاد والمظلومية


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبة سماحته الأولى :

الإمام الحسن(ع) القدوة والأسوة

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {إنما يُريد الله ليُذهب عنكم الرجس أهل البيت ويُطهركم تطهيرا}، من أهل البيت (ع) الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب(ع) الذي التقينا بذكرى وفاته في السابع من صَفَر. ونحن في كل موقف من ذكريات أهل البيت(ع) لا بدّ لنا من أن نلتقي بسيرتهم وكلماتهم ووصاياهم حتى نعيش معهم في خط الرسالة، ويعيشوا معنا في هذا الخط، لأن معنى الالتزام بإمامتهم هو السير على خطهم في كل ما قالوه وفعلوه.

في كنف الرسالة:

والإمام الحسن(ع) هو أول وليد لعليّ وفاطمة (عليهما السلام)، وقد تربى مع أخيه الإمام الحسين(ع) في أحضان رسول الله(ص)، الذي لم يكن له ولد ذكر، فكان(ص) يقول عنهما: "إنهما ابناي"، وكان يُحدّث المسلمين عنهما إنهما "سيدا شباب أهل الجنة"، وإنهما "إمامان قاما أو قعدا"، ليبيّن للمسلمين قيمة هذين الطفلين آنذاك ومستقبلهما في الواقع الإسلامي وفي حياة المسلمين بشكل عام.

وقد عاش الإمام الحسن(ع) وفاة أمه(ع) وبقي برعاية أبيه عليّ(ع)، فنشأ عليه وعاش معه كل تجربته، واختزن كل همومه وآلامه، وانفتح على كل علمه وروحانيته وحركيته، ولهذا كان أمير المؤمنين (ع) يعتمده في القضايا الصعبة، فعندما بدأت المشاكل تواجه الإمام عليّ (ع) في خلافته، كان الإمام الحسن(ع) هو رسوله إلى الكوفة ليئد الفتنة وليواجه الموقف بالكثير من الوعي والصلابة.

في موقـع الخلافـة:

وبويع الإمام الحسن (ع) بعد أمير المؤمنين (ع) بالخلافة، ولكن الأحداث كانت تسير في اتجاه آخر، لأن المجتمع الذي عاش فيه كان مجتمعاً متناقضاً متعَباً استطاع معاوية أن يعبث فيه بالكثير من المال وما إلى ذلك، حتى اضطر(ع) إلى أن يهادن معاوية ويرجع إلى المدينة ليعيش فيها موجِهاً ومرشداً للمسلمين هناك بسيرته وخلقه وبكلماته. وقد كانت شهادته (ع) على يد زوجته "جعدة بنت الأشعث" التي أرسل إليها معاوية أنه يعطيها مائة ألف درهم ويُزوّجها من ولده "يزيد" إذا سقت الإمام الحسن(ع) السم، لأنه كان لا يرى هناك فرصة لتنصيب ولده خليفة على المسلمين مع وجود الإمام الحسن(ع)، لأنه أعطاه العهد أمام المسلمين بأن تكون الخلافة له من بعده، وهكذا كان، وأرسل إليها المال، ولكنه لم يزوّجها من ولده، لأنه خاف أن تصنع مع ولده ما صنعته مع الإمام الحسن(ع).

وحاول الأمويون أن يثيروا حرباً في مسألة دفن الإمام الحسن(ع)، لأن الحسين(ع) جاء بجنازته إلى قبر جده رسول الله(ص) ليجدد به عهداً، فخُيّل إليهم أنه يريد أن يدفنه هناك، وجاءوا بأمّ المؤمنين عائشة راكبة على بغل لتهدد، فقال الإمام الحسين(ع) ما مضمونه: "إن أخي الحسن أوصى أن لا نهرق في أمره محجمة دماً، ولذلك نحن لم نأتِ لندفنه عند رسول الله لتعترض عائشة على ذلك، ولكن جئنا نجدد به عهداً"، ودُفن في البقيع.

التعفـف عن محـارم الله:

في هذا الموقف، نحاول أن نلتقي ببعض كلمات الإمام الحسن(ع) في الموعظة وفي الأمور التي تتحرك في القضايا الاجتماعية في حياة الناس، فمن بين كلماته في الموعظة يقول (ع) فيما روي عنه: "يابن آدم، عفّ عن محارم الله تكن عابداً - كأن الإمام (ع) يريد أن يقول: ليست العبادة هي أن تكثر من الصلاة والصوم والحج والعمرة وترتكب الحرام، كالكثيرين من الناس الذين يصلّون ويغتابون الناس، ويصومون ويفتنون بين الناس، ويحجون ويأكلون أموال الناس بالباطل، فهل تريد أن تكون العابد لله؟ إن العبادة لله تعني الخضوع له، أن يخضع عقلك وقلبك ولسانك ويداك ورجلاك وكل جوارحك ومواقفك وعلاقاتك ومعاملاتك لله، بحيث لا تقدّم رجلاً ولا تؤخر أخرى حتى تعرف أن في ذلك لله رضى - وارضَ بما قسّم الله تكن غنياً - الغنى ليس أن يكثر مالك، ولكن الغنى أن تكون غنيّ النفس، أن تسعى وتعمل وتحصل على المال من خلال جهدك وسعيك، فإذا حصلت على المال مما قسمه الله لك فاقنع به وارضَ، ولا تتطلع إلى ما في أيدي الناس لتطمع فيه، أو لتحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله.

حسـن الجـوار:

وقد ورد "أن القناعة مال لا ينفد" - وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً - إن معنى أن تكون مسلماً هو أنك إذا جاورت أحداً من الناس، سواء كان جارك قريباً أو بعيداً، مسلماً أو كافراً، فمن علامات الإسلام أن تحسن جوار من جاورك، فإذا أسأت جوار من جاورك كنت بعيداً عن الإسلام، لأن الإسلام لا يتمثل في صلاتك وصومك وحجّك، بل يتمثل إلى جانب ذلك في أخلاقك واحترامك للآخرين، وقد ورد أن رسول الله(ص) أوصى بالجار حتى ظنّ المسلمون أنه سيشاركه بالإرث - وصاحب الناس بمثل ما تحب أن يصاحبوك به تكن عدلاً"، هل تريد أن تحصل على صفة العادل لتأخذ هذا الموقع؟ إن العدل يتلخّص بأنك عندما تعاشر الناس وتعاملهم فعاملهم بما تحب أن يعاملوك به، اجعل الناس في موقع نفسك، فاعمل معهم ما تحب أن يعملوه معك، فالعدالة هي أن تعطي الناس الحق الذي تريد للناس أن يعطوك إياه.

عـدم الإخـلاد للأرض:

ثم يقول الإمام الحسن (ع) وهو يوجه الناس إلى عدم الاستسلام للدنيا، وعدم الإخلاد إلى الأرض: "يابن آدم، إنه كان بين أيديكم قوم - عشتم معهم - يجمعون كثيراً - بحيث تقدّر ثروتهم بالملايين إلى جانب ما يملكون من عقارات - ويبنون مشيدا، ويأملون بعيداً - عندهم آمال وأحلام في جمع الثروة، فكيف انتهوا - أصبح جمعهم بورا - كالأرض غير المزروعة - وعملهم غرورا - يعيشون مع الأماني والأحلام الخادعة - ومساكنهم قبورا، يابن آدم لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك - كما لو أننا نحمل فأساً ونهدم عمرنا - فخذ مما في يديك لما بين يديك - فهذا المال والجاه والقوة والعلم والخبرة التي بيدك خذها لما تقبل عليه من مصيرك غداً أمام ربك - فإن المؤمن يتزوّد - يتزوّد مما بين يديه لطريقه، وخير الزاد التقوى - والكافر يتمتع"، لأنه لا يأمل أن يسير إلى آخرة.

الصبـر علـى البـلاء:

ويقول الإمام الحسن (ع) في بعض ما روي عنه، وهو يوجه الناس إلى شكر الله والصبر على البلاء: "الخير الذي لا شرّ فيه الشكر مع النعمة - إذا أنعم الله عليك بنعمة أن تشكرها، فإن الله يحفظ لك ذلك ويزيدك ويرفع درجتك، وشكر الله هو أن تسخّر ما رزقك الله في طاعته، وأن لا تصرف ما أعطاك في معصيته - والصبر على النازلة"، يعني على البلاء.

ثم يقول الإمام الحسن(ع) لمن يقول "النار ولا العار"، لا سيما في العصبية: "العار أهون من النار". ويقول الإمام علي(ع): "تقولون النار ولا العار، أتريدون أن تكفئوا الإسلام على وجهه"، فالعار يكلّفك كلام بعض الناس عنك ونظرتهم السلبية إليك، لكن لو قارنت بين العار وبين نار جهنم، فهل هناك مجال للمقارنة بين الأمرين؟.. وقيل للإمام الحسن(ع): فيك عظمة، فقال(ع): "بل فيّ عزة الله تعالى"، لذلك ينبغي على الإنسان أن يكون عزيزاً ومتواضعاً، ولا يكون متكبّراً يشعر بعظمة نفسه وانتفاخ شخصيته، وقد يخلط الناس بين العزة والكبر.

هذه تعاليم أهل البيت(ع) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، فكانت العصمة سرّ شخصيتهم، وهم يريدون لنا أن نعصم أنفسنا عن معصية الله وعن الحرام وعن الانحراف، فتعالوا إلى أهل البيت(ع) الذين هم سرّ الإسلام، والذين عاشوا مع رسول الله وساروا في خطه، تعالوا لتكون الولاية موقفاً معهم، ولا تكون مجرد كلمة أو دمعة أو نبضة قلب، هذا هو ما يريده أهل البيت(ع) وهم الذين قالوا: "من كان وليّاً لله فهو لنا وليّ، ومن كان عدوّاً لله فهو لنا عدوّ"، وسلام الله على الإمامين الحسن والحسين(ع) وعلى أمهما وأبيهما وجدّهما، وعلى أولاد الحسين.. نسأل الله تعالى أن يرزقنا السير على منهجهم في الدنيا، وأن يرزقنا شفاعتهم في الآخرة.

الخطبة السياسية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله.. اتقوا الله في أنفسكم وفي أهلكم وفي الناس من حولكم، فإن تقوى الله هي التي ترتفع بالإنسان عند الله حتى يكون قريباً منه، وحتى يحصل على رضاه، وإن تقوى الله مفتاح كل خير في الدنيا، لأنها تقف بالإنسان عند ما يُصلحه وتبتعد به عما يُفسده.. لنكن الأتقياء في الكلمة والموقف وفيما نأكل ونشرب وفيما نتلذذ به، ولنكن الأتقياء في بيوتنا فلا نتعدى حدود الله مع أزواجنا وأولادنا، وفي كل مواقعنا في الحياة..

ولننطلق في الحياة مع الأتقياء الذين إذا وقفوا موقفاً في خط سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو أمني حسبوا حساب الله في كل شيء ولم يحسبوا حساب العصبية.. ومن التقوى أن يتحسس الإنسان مسؤوليته في كل ما يواجهه من القضايا التي تتصل به وبأمته، فماذا هناك؟

اعتـراف دولي بالكيان الصهيوني

يحتفل العدوّ في هذه الأيام بالذكرى الثانية والخمسين لإقامة كيانه، في ظل اعتراف العالم به حتى من أكثر من دولة عربية وإسلامية، واستعداد مستقبلي لاستكمال هذا الاعتراف من العرب الباقين – بمن فيهم الفلسطينيون – بفعل أكثر من تواطؤ، وذلك من خلال سياسة الأمر الواقع التي فرضتها القوة الدولية، وفي مقدمتها أمريكا، التي اعتبرت إسرائيل الدولة الأكثر رعاية وامتيازاً في العالم في الاستراتيجية الأمريكية، في الأمن والسياسة والاقتصاد، بحيث أصبح أمن إسرائيل جزءاً من أمن أمريكا..

المقاومـة تسقط عنفوان العـدو

هذا إلى جانب الضعف العربي من خلال العناصر الذاتية للواقع، والضغوط السياسية والأمنية من الخارج.. وحدهم المجاهدون الذين رفضوا شرعية إسرائيل، وقاوموا احتلالها، وأسقطوا عنفوانها، وهزموا جنودها. لذلك، فإن على المنطقة العربية والإسلامية الاحتفال بالنصر على هذا الكيان الغاصب بانسحابه من لبنان، تحت تأثير ضربات المقاومة، التي حوّلت احتلاله إلى مأساة لجنوده، وطاعون لسياسته، وإسقاط لعنفوانه.. وليكن هذا الانتصار فاتحة عهد جديد لقرنٍ مستقبلي، من أجل عودة الأرض إلى أهلها، باستعادة الحركة الرافضة لدولة العدو بالمقاومة والانتفاضة، وذلك بتهيئة الظروف السياسية والجهادية لذلك، وليس ذلك مستحيلاً على الأمة في المستقبل إذا كان متعذراً في ظل ظروف الحاضر..

إن المطلوب هو رفض الاعتراف بهذا الكيان على مستوى الشرعية في الوجدان العربي والإسلامي في ضمير الأمة، حتى لو اعترفت به الأنظمة العربية والإسلامية، لأن للأمة موقفها وقرارها الذي يتجاوز كل الواقع الرسمي الخاضع لأكثر من ضغط دولي.

إيران ترفـض الاعتـراف بالعدوّ

وإننا بهذه المناسبة، نسجّل تقديرنا للجمهورية الإسلامية في إيران، التي رفضت الاعتراف بشرعية دولة العدو، بالرغم من الضغوط الدولية الهائلة عليها، ولا سيما من أمريكا التي أعلنت الحرب عليها لأنها تقف ضد التسوية سياسياً، وقدّمت إليها الإغراءات الاقتصادية والسياسية للموافقة على التسوية، فرفضت إيران ذلك من موقع استراتيجيتها الإسلامية الرافضة للظلم والعدوان، والمطالبة دائماً بحقوق الشعب الفلسطيني المظلوم.

على العرب أن يؤكدوا استراتيجية المستقبـل

وإذا كان العدو يواصل عدوانه على لبنان بالقصف والتدمير، في الوقت الذي يستعد فيه للانسحاب منه، تحت تأثير هزيمته على يد المجاهدين، فإن علينا الاستمرار في خط المواجهة سياسياً ودبلوماسياً وجهادياً، لا سيما مع وجود بعض التعقيدات في مجلس الأمن الخاضع لأمريكا في مسألة "مزارع شبعا"، وفي أكثر من خطة للالتفاف على الموقف اللبناني، بفرض شروط جديدة تمثل مشروع ترتيبات أمنية بطريقة وبأخرى.. وعلى العالم العربي والإسلامي أن يؤكد استراتيجية المستقبل، في الوقوف الحاسم في هذه المرحلة الصعبة، ليدلل على احترامه للأمة في الحفاظ على عنفوانها السياسي في قضايا العزة والكرامة.

إننا نقول للعرب: إن عليهم أن لا يلعبوا اللعبة الأمريكية في الالتفاف على الموقف السوري واللبناني، في استغلال لبعض نقاط الضعف في ذلك، لأن مثل هذه اللعبة قد تنقلب عليهم في مواقعهم السياسية في المستقبل، وعليهم أن يتجاوزوا خلافاتهم الإقليمية، لأن القضية في ساحة التحدي الكبير أكبر من كل هذه الخلافات، لأن المعادلة الجديدة هي أن يكونوا أو لا يكونوا أمام الصهيونية العالمية والاستكبار العالمي.

ونقول للـعملاء الـذين يـتـحدث فـريـقـهـم عن الجانب الإنساني: إذا كنتم صادقين في إعلانكم بالرغبة في العودة إلى أحضان الوطن من خلال حديثكم عن العفو، فالقوا – من الآن لا بعد الانسحاب – سلاحكم، وتمردوا على العدو وواجهوه بالسلاح، لتثبتوا للشعب وللأمة أن سلاحكم لن يوجَّه للبنانيين بل إلى العدو، وذلك بأن تنضموا إلى المقاومة لملاحقة فلول العدو عند انسحابه. إن من السخرية أن تطلبوا العفو من الدولة في الوقت الذي تقصفون فيه الدولة والشعب اللبناني – حتى الآن – بسلاح العدو من أجل حمايته. ومن السخرية أن يتباكى البعض في الوسط السياسي والديني على العملاء، في الوقت الذي لا يزالون يطلقون فيه الرصاص على المدنيين من أهلهم!!

إننا نؤكد أن أهلنا الصامدين في المنطقة الحدودية – من مسلمين ومسيحيين – الذين يحتفلون بالاستقلال الجديد للبلد، من خلال انسحاب العدو من أرضهم، لن يقعوا في قبضة الفتنة، لأنهم تجاوزوها مع كل الشرفاء من اللبنانيين، بل سيقفون بعد التحرير ضد العدو وعملائه من كل الطوائف..

السودان: الاحتكام الى الحوار

وفي هذا الجو، فإننا نتابع ما يجري في السودان من خلاف على مستوى القمة، ونرجو أن لا يصل إلى القاعدة، أو أن يتحوّل إلى عنف يجهض التجربة الإسلامية هناك، بعد أن كانت هذه التجربة محل رصد وترصّد من قِبَل الاستكبار العالمي، ولا سيما الأمريكي.

إننا نريد للأخوة في السودان أن يحتكموا إلى الحوار، وأن يجعلوا مصلحة الإسلام ومصلحة بلادهم هي الغالبة على المصالح الشخصية، وأن لا يخضعوا للمحاور الدولية والإقليمية التي كانت السبب في هذه الفتنة الجديدة. إننا ندعو الجميع إلى أن يتحمّلوا مسؤولياتهم الإسلامية من أول الطريق، ليرفضوا كل مواقع الفتنة من الداخل والخارج، وليقفوا ضد كل تخطيط للعنف الداخلي في السجال السياسي الجديد.

لبنان: مشكلته في الفساد الإداري

وفي الختام، إننا نؤكد على الدولة أن تواجه المسألة المعيشية بالموقف الجاد المرتكز على التخطيط الاقتصادي، لأن المشكلة ليست في العناوين والشعارات الكبيرة التي تُطرح، أو في إرادة التغيير المتوافرة في أكثر من موقع، بل في اعتماد آلية واضحة للتخلّص من الفساد الإداري، وتحقيق الإصلاح الذي يُعيد للبلد موقعه، وللإدارات توازنها، لا سيما في ظل المرحلة الصعبة التي نعيشها في لبنان والمنطقة.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية