في رحاب الوصية الخالدة: اخرجوا من زنازين أنفسكم لتلتقوا بعليّ (ع)

في رحاب الوصية الخالدة: اخرجوا من زنازين أنفسكم لتلتقوا بعليّ (ع)

في رحاب الوصية الخالدة: اخرجوا من زنازين أنفسكم لتلتقوا بعليّ (ع)


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، وقال في خطبته الأولى:

منهج علي (ع) في الحياة

كنا في الأسبوع الماضي مع عليّ(ع) في يوم الولاية، في مناسبة الغدير، وغدير عليّ (ع) هو غدير الحياة كلها، بكل روحانيتها وأخلاقيتها ورساليتها،لأنّ علياً(ع) هو الإنسان الذي عاش لله تعالى كل حياته، وفتح عقله للحياة في كل امتداداتها، وأراد للإنسان في كل زمان ومكان أن يعيش الصفاء والنقاء والعقل والتوازن والتواضع، وأن يكون إنسان الخير في كل علاقاته بالناس وبالحياة كلها.

ـ انسان الروح والرسالة

إن علياً(ع) لم يرد للإنسان أن يكون مجرد جسد يرتبط بلذاته، ولكنه أراد له أن يكون عقلاً وفكراً وروحاً ورسالة، بحيث يعيش لله وللإنسان وللحياة، لتغتني الحياة بعقله مما يعطيها من عقل، ومن قلبه مما يعطيها من محبة، ومن طاقاته من خلال ما يعطيها من خير. هكذا أراد الإمام عليّ(ع) للإنسان، أن يعيش في الأعالي ليسمو ليكون القريب من الله تعالى، لا أن يعيش في الأسفل ليكون القريب من الشيطان.

ـ الاخلاص لله ولرسوله:

لذلك، نحن نحتاج دائماً إلى أن نستمع إليه في كلماته القصار والطوال، ونستمع إليه وهو يبتهل إلى الله، وهو يوصي وينصح وينقد ويحاور ويعالج المشاكل في حياته. إن علياً (ع) كبير كبير لا تتّسع الدنيا له، لأنه أكبر منها، وعليّ (ع) العظيم العظيم الذي عاش عظمته في عبوديته لله وفي إخلاصه له، وفي إخلاصه لرسول الله (ص)، وفي جهاده للرسالة كلها. لذلك، إذا أردتم أن تكونوا مع عليّ (ع) فكونوا مع الله تعالى، وكونوا مع رسول الله (ص)، ومع الإسلام، لا تدخلوا في زنازين أنفسكم، لأن عليّاً لم يعش في زنزانة نفسه، وإن كانت نفسه تعيش كل الرحابة، كان عليّ يعيش الأفق الرحب، ويحبّ الناس كلهم، يحبّ الذي يلتقي معه ليتعاون معه، ويحب الذي يختلف معه ليتحاور معه وليهديه سواء السبيل.

ـ غنى العقل:

هكذا يجب أن نفهم شخصياتنا الإسلامية، أن لا نحبسهم في تعقيداتنا النفسية وفي أحقادنا الطائفية، لقد عاش عليّ (ع) الرحابة في الأفق وعلينا أن نعيش هذه الرحابة، فتعالوا لنستمع إلى وصيته لولده الإمام الحسن (ع): "يا بني، احفظ عني أربعاً وأربعاً، لا يضرك ما عملت معهن - إذا حفظت هذه الوصايا الثمان فانك تستطيع أن تغني كل حياتك، لأنها تملأ الحياة كلها، فلا يضرك شيء خارجها - إن أغنى الغنى العقل"، ليست المسألة أن تكون غنياً في مالك، هب أنك تملك الدنيا، ولكن هذا المال مهما كثر لا يمثل شيئاً يُغني ذاتك، هل يزيد عقلك وعلمك بزيادة مالك؟ هل يزيد حجم قلبك بزيادة مالك؟ المال شيء خارج عن كل ذاتك، تملكه قانونياً ويملكك من خلال طمعك.

لذلك، إذا كنت غنياً ولكنك غبي، أو بليد، أو لا عقل معك، أو كنت فقيراً بعقلك وقلبك، فأي غنى هو هذا؟! أن توقّع الشيكات هذا ليس غنى، هذا شيء خارج ذاتك، لكن أن تعطي فكراً جديداً، أن تعطي للحياة عقلاً جديداً، أن تعطي من قلبك للحياة حباً ونبضة خيّرة وأن تعطي من طاقاتك ما يرتفع مستوى الحياة معها، ذاك هو الغنى لأنك عشت الحياة وأعطيتها، أغنيت الإنسان بغنى عقلك، وأغنيت الحياة في تطورها في الحاضر والمستقبل بتطور عقلك، إن الذين ملكوا العقول وحرّكوها هم الذين أعطوا الحياة غناها وتطورها وتقدّمها، وقد قال عليّ (ع): "هلك خزّان الأموال وهم أحياء، والعلماء - الذين يعيشون العلم النافع - باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة - هم تحت التراب - وأمثالهم في القلوب موجودة"..

ـ التوازن في النظرة:

ويُكمل عليّ (ع) وصيته: "وأكبر الفقر الحمق - الأحمق هو الإنسان الذي لا يملك توازن العقل والنظرة الى الأشياء، بحيث ينظر إلى الحياة ويتخذ المواقف بطريقة غير متوازنة، ويعيش مع الناس بأسلوب غير متوازن، فهل هناك أشد من هذا الفقر، إنه لا يستطيع أن ينفع نفسه ولا غيره، بل قد يضر نفسه وغيره من حيث يريد أن ينفعهما - وأوحش الوحشة العُجب - ليست الوحشة هي أن لا يكون لك أنيس من الناس حولك، ولكن عندما تعيش العُجب لنفسك، أو عندما تتضخّم شخصيتك عند نفسك فترى أنك أعظم الناس وأعلم العلماء وأعقل العقلاء، فتحتقر الآخرين من حولك، وتعيش مع نفسك ولا تعيش مع الآخرين.

ـ التواضع وحسن الخلق:

أما المتواضع الذي يرى لنفسه علماً وعقلاً، فيحاول أن يضم علمه وعقله إلى علم الآخرين وعقلهم، فيشعر بحاجته إلى الناس فيما يملكون من علم وعقل يعترف به، وفيما يحتاج الناس إليه، هذا الإنسان الذي يعيش الأنس بالناس في ما يملكون من طاقات - وأكرم الحسب حسن الخلق" - إذا أردت حسباً يرفعك فليس الحسب هو ما تملك من نسب ممتد في التاريخ، لأن نسبك ليس أنت، أبوك كان عالماً كبيراً فما دخلك في علم أبيك، نسبك لا يعطيك قيمة، الذي يعطيك القيمة هو أن تمتلك القيم الأخلاقية، فالأخلاقية أن تكون الإنسان الذي يعيش حُسن الخلق مع أهله، فلا يكون أهله أشقى الناس به، وفي مجتمعه فيرتاح مجتمعه معه، ويعيش حسن الخلق مع الحياة، فلا تشكو الحياة من أخلاقه عندما يتعامل معها في القضايا، ونحن نقرأ في القرآن الكريم أن الله تعالى لم يتحدث عن نبيه إلا بأخلاقه، لم يتحدث عن عبادة رسول الله (ص) وهو الذي كان يعبد الله كأفضل ما تكون العبادة، ولم يتحدث عن علمه وقد كان سيد العلم، بل تحدث عن أخلاقه: {وإنك لعلى خلق عظيم}..

ـ الابتعاد عن الأحمق:

وينتقل الإمام عليّ (ع) ليوصي ولده ويوصينا من خلال ولده بمن نصادق، لأن قضية أن يعاشر الإنسان الناس هي أن يختار عشيره وصديقه، لأن قصة الصديق ليست قصة إنسان يكون معك وتكون معه، ولكن الصديق يدخل في حياتك ويترك تأثيره عليها سلباً أو إيجاباُ، إن الصداقة تعني أن هناك نوعاً من الاندماج بين الصديق وصديقه، ولذلك قيل: "قل لي من تعاشر أقل لك من أنت"، فيقول (ع): "يا بني، إياك ومصادقة الأحمق - هذا الذي لا يعيش التوازن في عقله وعاطفته ومواقفه - فإنه يريد إن ينفعك فيضرّك - لأنه لا يعيش التوازن في فهم الأشياء والحاجات والقضايا - وإياك ومصادقة البخيل، فإنه يقعد عنك أحوج ما تكون إليه - هو غير مستعد لمعاونتك في الوقت الذي تكون فيه بأشدّ الحاجة إليه - وإياك ومصادقة الفاجر - هذا الذي اتخذ الفجور أسلوباً له في الحياة، فإنه لا يعيش القيم الإنسانية والخوف من الله والتقوى - فإنه يبيعك بالتافه - فالمسألة عنده هي كيف يرضي شهواته - وإياك ومصادقة الكذّاب فانه كالسراب يقرّب إليك البعيد ويبعّد عليك القريب"، وقد حذّر الإمام الباقر (ع) من الكذّاب بقوله: "أيّ شيء أشد من الكذّاب، كلما أفنى أحدوثة مطّها بأخرى". ولذلك نجد أن الكذّابين عندما يتحركون في المجتمع، فإنهم يخرّبونه بالإشاعات والكلمات التي تغيّر صورة الأشياء للناس، وقد ورد عندنا في الحديث: "لا يكذب الإنسان وهو مؤمن"، لأن الإيمان يعني الالتزام بالحق، والكذب يعني الارتباط بالباطل.

ـ ذكر المعاد دوماً:

ومن كلمات عليّ (ع): "طوبى لمن ذكر المعاد - فإنه يذكر دائماً اليوم الآخر، عندما يعيش في بيته وقبل أن ينام أو يخرج إلى عمله، ومشكلتنا أننا لا نذكر اليوم الآخر، ولهذا فإننا لا نحسب حساب الوقوف بين يدي الله تعالى - وعمل للحساب، وقنع بالكفاف"، عندما يرزقه الله مالاً يكفيه في حياته فإنه يعيش القناعة، وليس معنى ذلك أن لا يعمل أكثر، بل أن لا يطمع بما لا يستطيع الحصول عليه من عمله..

وفي الختام، نستمع إلى كلمته (ع): "إذا رأيت الله سبحانه يتابع عليك نعمه - يعطيك الصحة والأمان والمال والأولاد - وأنت تعصيه فاحذره"، لا تتصوّر من خلال هذه النعم أن الله تعالى قد تركك، بل هو سبحانه يعطيك ليرى هل تشكر أم تكفر.. هذه كلمات عليّ(ع)، وهي النور الذي يُشرق في عقولنا وقلوبنا، فتعالوا إلى غديره نشرب من هذا الماء الصافي، حتى نشرب من صفاء ينبوعه في الدنيا، لنقف غداً عند الحوض حتى يسقينا شربة لا نظمأ بعدها أبداً.

إن الانتماء إلى عليّ (ع) مكلّف، عليّ يُتعب الناس بالخط الأصيل، كما قال عمر بن الخطاب عندما تحدث عن الشورى: "لو وليها عليّ لحملهم على المحجة البيضاء"، لأن علياً ليس لديه شيء من ظلمة العقل ولا القلب ولا الحياة، هو البياض كله لأنه النور كله.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

عباد الله.. اتقوا الله، فإن علياً (ع) قال: "لا يقلّ عمل مع التقوى، وكيف يقلّ ما يُتقبل"، إن التقوى تجعل كل أعمالك مقبولة، وتجعل القاعدة في نفسك منفتحة على الله، لتكون كل امتدادات حياتك في الخط الذي يحبه الله.. اتقوا الله في ما تقبلون عليه في كل حياتكم، فإن الله يريدنا أن نتقيه في ما أسلفنا من عمل لندرس أعمالنا الماضية، ولنخطط لأعمالنا المستقبلة، فنتقي الله في ما نأخذ وفي ما ندع، وللتقوى موقع كبير في الحياة، فإنها لا تختص بموقع دون موقع، في البيت.. في محل العمل والتجارة.. في السياسة والاقتصاد، وفي المواقف التي يقفها الإنسان رافضاً أو مؤيداً، والله أراد للإنسان أن يكون التقي في كل أموره..

ولا بدّ من التقوى في مواجهة القضايا، لأننا مسؤولون عن أمتنا وديننا وحاضرنا ومستقبلنا، في سياستنا وأمننا واقتصادنا وثقافتنا، لأن علينا أن نواجه المسؤولية في الموقف ضد الذين يريدون أن يسقطوا عزتنا وكرامتنا، ولذلك لا بدّ للمسلمين جميعاً أن يكون لهم الوعي السياسي الذي يفهمون من خلاله من هم الأعداء ومن هم الأصدقاء، فماذا هناك؟

فصول اللعبة الأمريكية

ـ تعويم حكومة باراك:

نقف في هذه الأيام على أبواب فصل جديد من فصول اللعبة الأمريكية السياسية، في إنقاذ الحكومة الصهيونية من السقوط تحت تأثير مواقفها الداخلية والخارجية، بعد انكشاف الوجه البشع لـ"باراك" الذي حاولت أمريكا إبرازه كوجه للسلام.. فها هو الرئيس الأمريكي – بعد فشله في قمة جنيف يمارس الضغط على سوريا لتقديم التنازلات لإسرائيل – و يحاول تحريك الضغط – إعلامياً – عليها بالإعلان بأن "الكرة في الملعب السوري"، للإيحاء بأن إسرائيل قد قدّمت مبادراتها الإيجابية في الموضوع، وعلى سوريا تقديم مبادرتها الواقعية، كما يلوّح بالاهتمام بالمسار الفلسطيني على حساب المسار السوري – اللبناني، في عملية إثارة التعقيدات في الصعيد العربي..

إن مشكلة الإدارة الأمريكية مع العرب والمسلمين، أنها كانت – ولا تزال – إسرائيليةً في سياستها في دائرة الصراع العربي – الإسرائيلي وفي الشرق الأوسط كله، وهي تعمل الآن للحفاظ على "باراك"، طالبة من العرب – ومن سوريا بالذات – مراعاة ظروفه الداخلية لتسهيل مهمته التفاوضية أمام التعقيدات مع حكومته ومع المعارضة الليكودية، فلا تريد للعرب أن يفاوضوا من موقع المتمسك بشيء من الحقوق والثوابت الوطنية والقومية.. ولكننا نتصور أن هذا الضغط الجديد سوف يفشل على صخرة الصمود، كما فشلت الضغوط السابقة.

إننا نعتقد أن الكرة الآن هي في الملعب العربي، ليجسّدوا الموقف الحاسم من هذه الحملة الأمريكية – الإسرائيلية الجديدة ضد سوريا بالذات التي تمثل موقف الصمود الثابت، ولتأكيد عنفوان الأمة أمام التحديات الكبرى في اللعبة الأمريكية – الإسرائيلية.. وعلى وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا في لبنان أن يحوّلوا قراراتهم التأييدية لسوريا ولبنان الى واقع في الحركة والموقف، ليثبتوا وحدة الموقف العربي، وأن أيّ ضغط جديد سوف يترك تأثيره على المصالح الأمريكية في المنطقة، لأن المسألة ليست مسألة سوريا ولبنان، بل مسألة قضية الواقع العربي كله.

ـ لهاث عربي نحو التطبيع

إننا نخشى أن العرب – على مستوى الكثير من الأنظمة – لا يزالون يتحركون في طريق الانحدار واللهاث لتطبيع العلاقات مع العدو في أكثر من جانب، ولا سيما من خلال استقبال وفود إسرائيلية – كما حدث في اليمن أخيراً – ونحن بحاجة الى الصوت الشعبي العربي الذي نريده أن يرتفع عالياً في وجه كل الذين يتحركون إسرائيلياً، بفعل الضغوط الأمريكية التي تريد استخدام بعض الرؤساء العرب لخدمة الحل الإسرائيلي، على حساب سوريا ولبنان وفلسطين.. إن الأمة لن ترحم الذين يقدّمون التنازلات للعدو على حساب بلادهم وشعوبهم، لأنهم لا يملكون أية صلاحية لذلك.

وفي هذا الجو، احتفل الفلسطينيون بيوم الأرض، وسقط عدد من المتظاهرين جرحى برصاص الإسرائيليين، ونريد – في هذه المناسبة – أن يقف كل الفلسطينيين للتخطيط لاستعادة الأرض كلها في حركة الأجيال.

لنرقب الخطة الإسرائيلية في الانسحاب

وليس بعيداً من ذلك، نشهد تواطؤاً أمريكياً مع إسرائيل، لا سيما في اعتداءاتها الأخيرة ضد لبنان، والتي طاولت المؤسسات الإنسانية الدولية، بالإضافة الى المدنيين اللبنانيين، كما نلاحظ أن هناك تغطية أمريكية لهذه الاعتداءات، في منع أية جهة دولية من إدانة العدو في عدوانه على الشعب اللبناني الآمن..

وعلينا – حكومة وشعباً ومقاومة – مراقبة الخطة الإسرائيلية في مسألة الانسحاب التي بدأت إسرائيل على طريقتها الخاصة تحشد التأييد العربي والدولي له، وتحويله الى إعادة انتشار لقواتها، لأنها لا توافق على ترسيم الحدود الدولية في أكثر من موقع. هذا من جهة، ومن جهة أخرى تعمل على حشد القوات الدولية، ولا سيما الأمريكية والفرنسية للحفاظ على أمنها، قد يؤدي إلى تعقيدات ضد اللبنانيين، وذلك من خلال السياسة الدولية الداعمة لإسرائيل..

ضرورة الوحدة أمام تحديات المرحلة

إن المرحلة دقيقة وصعبة، وعلى الدولة الاستعداد لمواجهة كل الخطط الإسرائيلية والأمريكية، وإننا في الوقت الذي نؤكد فيه ضرورة الوحدة في الموقف أمام تحديات المرحلة، لا نجد هناك مشكلة في تحصين الأداء الحكومي، بنقد التجاوزات والأخطاء المتراكمة، من خلال دراسة الأمور كلها بطريقة تحليل الاستجوابات من خلال النواب والحكومة.. مؤكدين أن ذلك يمثل دليل عافية، بشرط أن تكون المعالجة خاضعة للإخلاص في تصحيح الأخطاء وتقويم الانحرافات، على مستوى التكامل بين الحكومة والمعارضة، لا على مستوى تسجيل النقاط..

وفي هذا الإطار، لا بد من مواجهة المطالب الشعبية، في الحفاظ على حقوق الفئات المستضعفة من الموظفين، ولا سيما المعلّمين وغيرهم من القطاعات العمّالية الواقعة تحت ضغط المشاكل الاجتماعية، وفي التخفيف من الضرائب التي بدأت تُثقل كاهل المواطنين، وفي التخطيط لحل الأزمة الاقتصادية بالمزيد من سياسة التصنيع، ورعاية الإنتاج الزراعي، وتحريك السوق في سياسة التوازن الاقتصادي..

إن المرحلة المقبلة تحفل بالتطورات والمفاجآت، وعلينا أن نستعد لها على جميع المستويات، لمواجهة ما يمثل الخطر على الأمة، ولتهيئة الظروف لصنع آفاق جديدة للنصر والتحدي والتوازن في المستقبل.

في رحاب الوصية الخالدة: اخرجوا من زنازين أنفسكم لتلتقوا بعليّ (ع)


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، وقال في خطبته الأولى:

منهج علي (ع) في الحياة

كنا في الأسبوع الماضي مع عليّ(ع) في يوم الولاية، في مناسبة الغدير، وغدير عليّ (ع) هو غدير الحياة كلها، بكل روحانيتها وأخلاقيتها ورساليتها،لأنّ علياً(ع) هو الإنسان الذي عاش لله تعالى كل حياته، وفتح عقله للحياة في كل امتداداتها، وأراد للإنسان في كل زمان ومكان أن يعيش الصفاء والنقاء والعقل والتوازن والتواضع، وأن يكون إنسان الخير في كل علاقاته بالناس وبالحياة كلها.

ـ انسان الروح والرسالة

إن علياً(ع) لم يرد للإنسان أن يكون مجرد جسد يرتبط بلذاته، ولكنه أراد له أن يكون عقلاً وفكراً وروحاً ورسالة، بحيث يعيش لله وللإنسان وللحياة، لتغتني الحياة بعقله مما يعطيها من عقل، ومن قلبه مما يعطيها من محبة، ومن طاقاته من خلال ما يعطيها من خير. هكذا أراد الإمام عليّ(ع) للإنسان، أن يعيش في الأعالي ليسمو ليكون القريب من الله تعالى، لا أن يعيش في الأسفل ليكون القريب من الشيطان.

ـ الاخلاص لله ولرسوله:

لذلك، نحن نحتاج دائماً إلى أن نستمع إليه في كلماته القصار والطوال، ونستمع إليه وهو يبتهل إلى الله، وهو يوصي وينصح وينقد ويحاور ويعالج المشاكل في حياته. إن علياً (ع) كبير كبير لا تتّسع الدنيا له، لأنه أكبر منها، وعليّ (ع) العظيم العظيم الذي عاش عظمته في عبوديته لله وفي إخلاصه له، وفي إخلاصه لرسول الله (ص)، وفي جهاده للرسالة كلها. لذلك، إذا أردتم أن تكونوا مع عليّ (ع) فكونوا مع الله تعالى، وكونوا مع رسول الله (ص)، ومع الإسلام، لا تدخلوا في زنازين أنفسكم، لأن عليّاً لم يعش في زنزانة نفسه، وإن كانت نفسه تعيش كل الرحابة، كان عليّ يعيش الأفق الرحب، ويحبّ الناس كلهم، يحبّ الذي يلتقي معه ليتعاون معه، ويحب الذي يختلف معه ليتحاور معه وليهديه سواء السبيل.

ـ غنى العقل:

هكذا يجب أن نفهم شخصياتنا الإسلامية، أن لا نحبسهم في تعقيداتنا النفسية وفي أحقادنا الطائفية، لقد عاش عليّ (ع) الرحابة في الأفق وعلينا أن نعيش هذه الرحابة، فتعالوا لنستمع إلى وصيته لولده الإمام الحسن (ع): "يا بني، احفظ عني أربعاً وأربعاً، لا يضرك ما عملت معهن - إذا حفظت هذه الوصايا الثمان فانك تستطيع أن تغني كل حياتك، لأنها تملأ الحياة كلها، فلا يضرك شيء خارجها - إن أغنى الغنى العقل"، ليست المسألة أن تكون غنياً في مالك، هب أنك تملك الدنيا، ولكن هذا المال مهما كثر لا يمثل شيئاً يُغني ذاتك، هل يزيد عقلك وعلمك بزيادة مالك؟ هل يزيد حجم قلبك بزيادة مالك؟ المال شيء خارج عن كل ذاتك، تملكه قانونياً ويملكك من خلال طمعك.

لذلك، إذا كنت غنياً ولكنك غبي، أو بليد، أو لا عقل معك، أو كنت فقيراً بعقلك وقلبك، فأي غنى هو هذا؟! أن توقّع الشيكات هذا ليس غنى، هذا شيء خارج ذاتك، لكن أن تعطي فكراً جديداً، أن تعطي للحياة عقلاً جديداً، أن تعطي من قلبك للحياة حباً ونبضة خيّرة وأن تعطي من طاقاتك ما يرتفع مستوى الحياة معها، ذاك هو الغنى لأنك عشت الحياة وأعطيتها، أغنيت الإنسان بغنى عقلك، وأغنيت الحياة في تطورها في الحاضر والمستقبل بتطور عقلك، إن الذين ملكوا العقول وحرّكوها هم الذين أعطوا الحياة غناها وتطورها وتقدّمها، وقد قال عليّ (ع): "هلك خزّان الأموال وهم أحياء، والعلماء - الذين يعيشون العلم النافع - باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة - هم تحت التراب - وأمثالهم في القلوب موجودة"..

ـ التوازن في النظرة:

ويُكمل عليّ (ع) وصيته: "وأكبر الفقر الحمق - الأحمق هو الإنسان الذي لا يملك توازن العقل والنظرة الى الأشياء، بحيث ينظر إلى الحياة ويتخذ المواقف بطريقة غير متوازنة، ويعيش مع الناس بأسلوب غير متوازن، فهل هناك أشد من هذا الفقر، إنه لا يستطيع أن ينفع نفسه ولا غيره، بل قد يضر نفسه وغيره من حيث يريد أن ينفعهما - وأوحش الوحشة العُجب - ليست الوحشة هي أن لا يكون لك أنيس من الناس حولك، ولكن عندما تعيش العُجب لنفسك، أو عندما تتضخّم شخصيتك عند نفسك فترى أنك أعظم الناس وأعلم العلماء وأعقل العقلاء، فتحتقر الآخرين من حولك، وتعيش مع نفسك ولا تعيش مع الآخرين.

ـ التواضع وحسن الخلق:

أما المتواضع الذي يرى لنفسه علماً وعقلاً، فيحاول أن يضم علمه وعقله إلى علم الآخرين وعقلهم، فيشعر بحاجته إلى الناس فيما يملكون من علم وعقل يعترف به، وفيما يحتاج الناس إليه، هذا الإنسان الذي يعيش الأنس بالناس في ما يملكون من طاقات - وأكرم الحسب حسن الخلق" - إذا أردت حسباً يرفعك فليس الحسب هو ما تملك من نسب ممتد في التاريخ، لأن نسبك ليس أنت، أبوك كان عالماً كبيراً فما دخلك في علم أبيك، نسبك لا يعطيك قيمة، الذي يعطيك القيمة هو أن تمتلك القيم الأخلاقية، فالأخلاقية أن تكون الإنسان الذي يعيش حُسن الخلق مع أهله، فلا يكون أهله أشقى الناس به، وفي مجتمعه فيرتاح مجتمعه معه، ويعيش حسن الخلق مع الحياة، فلا تشكو الحياة من أخلاقه عندما يتعامل معها في القضايا، ونحن نقرأ في القرآن الكريم أن الله تعالى لم يتحدث عن نبيه إلا بأخلاقه، لم يتحدث عن عبادة رسول الله (ص) وهو الذي كان يعبد الله كأفضل ما تكون العبادة، ولم يتحدث عن علمه وقد كان سيد العلم، بل تحدث عن أخلاقه: {وإنك لعلى خلق عظيم}..

ـ الابتعاد عن الأحمق:

وينتقل الإمام عليّ (ع) ليوصي ولده ويوصينا من خلال ولده بمن نصادق، لأن قضية أن يعاشر الإنسان الناس هي أن يختار عشيره وصديقه، لأن قصة الصديق ليست قصة إنسان يكون معك وتكون معه، ولكن الصديق يدخل في حياتك ويترك تأثيره عليها سلباً أو إيجاباُ، إن الصداقة تعني أن هناك نوعاً من الاندماج بين الصديق وصديقه، ولذلك قيل: "قل لي من تعاشر أقل لك من أنت"، فيقول (ع): "يا بني، إياك ومصادقة الأحمق - هذا الذي لا يعيش التوازن في عقله وعاطفته ومواقفه - فإنه يريد إن ينفعك فيضرّك - لأنه لا يعيش التوازن في فهم الأشياء والحاجات والقضايا - وإياك ومصادقة البخيل، فإنه يقعد عنك أحوج ما تكون إليه - هو غير مستعد لمعاونتك في الوقت الذي تكون فيه بأشدّ الحاجة إليه - وإياك ومصادقة الفاجر - هذا الذي اتخذ الفجور أسلوباً له في الحياة، فإنه لا يعيش القيم الإنسانية والخوف من الله والتقوى - فإنه يبيعك بالتافه - فالمسألة عنده هي كيف يرضي شهواته - وإياك ومصادقة الكذّاب فانه كالسراب يقرّب إليك البعيد ويبعّد عليك القريب"، وقد حذّر الإمام الباقر (ع) من الكذّاب بقوله: "أيّ شيء أشد من الكذّاب، كلما أفنى أحدوثة مطّها بأخرى". ولذلك نجد أن الكذّابين عندما يتحركون في المجتمع، فإنهم يخرّبونه بالإشاعات والكلمات التي تغيّر صورة الأشياء للناس، وقد ورد عندنا في الحديث: "لا يكذب الإنسان وهو مؤمن"، لأن الإيمان يعني الالتزام بالحق، والكذب يعني الارتباط بالباطل.

ـ ذكر المعاد دوماً:

ومن كلمات عليّ (ع): "طوبى لمن ذكر المعاد - فإنه يذكر دائماً اليوم الآخر، عندما يعيش في بيته وقبل أن ينام أو يخرج إلى عمله، ومشكلتنا أننا لا نذكر اليوم الآخر، ولهذا فإننا لا نحسب حساب الوقوف بين يدي الله تعالى - وعمل للحساب، وقنع بالكفاف"، عندما يرزقه الله مالاً يكفيه في حياته فإنه يعيش القناعة، وليس معنى ذلك أن لا يعمل أكثر، بل أن لا يطمع بما لا يستطيع الحصول عليه من عمله..

وفي الختام، نستمع إلى كلمته (ع): "إذا رأيت الله سبحانه يتابع عليك نعمه - يعطيك الصحة والأمان والمال والأولاد - وأنت تعصيه فاحذره"، لا تتصوّر من خلال هذه النعم أن الله تعالى قد تركك، بل هو سبحانه يعطيك ليرى هل تشكر أم تكفر.. هذه كلمات عليّ(ع)، وهي النور الذي يُشرق في عقولنا وقلوبنا، فتعالوا إلى غديره نشرب من هذا الماء الصافي، حتى نشرب من صفاء ينبوعه في الدنيا، لنقف غداً عند الحوض حتى يسقينا شربة لا نظمأ بعدها أبداً.

إن الانتماء إلى عليّ (ع) مكلّف، عليّ يُتعب الناس بالخط الأصيل، كما قال عمر بن الخطاب عندما تحدث عن الشورى: "لو وليها عليّ لحملهم على المحجة البيضاء"، لأن علياً ليس لديه شيء من ظلمة العقل ولا القلب ولا الحياة، هو البياض كله لأنه النور كله.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

عباد الله.. اتقوا الله، فإن علياً (ع) قال: "لا يقلّ عمل مع التقوى، وكيف يقلّ ما يُتقبل"، إن التقوى تجعل كل أعمالك مقبولة، وتجعل القاعدة في نفسك منفتحة على الله، لتكون كل امتدادات حياتك في الخط الذي يحبه الله.. اتقوا الله في ما تقبلون عليه في كل حياتكم، فإن الله يريدنا أن نتقيه في ما أسلفنا من عمل لندرس أعمالنا الماضية، ولنخطط لأعمالنا المستقبلة، فنتقي الله في ما نأخذ وفي ما ندع، وللتقوى موقع كبير في الحياة، فإنها لا تختص بموقع دون موقع، في البيت.. في محل العمل والتجارة.. في السياسة والاقتصاد، وفي المواقف التي يقفها الإنسان رافضاً أو مؤيداً، والله أراد للإنسان أن يكون التقي في كل أموره..

ولا بدّ من التقوى في مواجهة القضايا، لأننا مسؤولون عن أمتنا وديننا وحاضرنا ومستقبلنا، في سياستنا وأمننا واقتصادنا وثقافتنا، لأن علينا أن نواجه المسؤولية في الموقف ضد الذين يريدون أن يسقطوا عزتنا وكرامتنا، ولذلك لا بدّ للمسلمين جميعاً أن يكون لهم الوعي السياسي الذي يفهمون من خلاله من هم الأعداء ومن هم الأصدقاء، فماذا هناك؟

فصول اللعبة الأمريكية

ـ تعويم حكومة باراك:

نقف في هذه الأيام على أبواب فصل جديد من فصول اللعبة الأمريكية السياسية، في إنقاذ الحكومة الصهيونية من السقوط تحت تأثير مواقفها الداخلية والخارجية، بعد انكشاف الوجه البشع لـ"باراك" الذي حاولت أمريكا إبرازه كوجه للسلام.. فها هو الرئيس الأمريكي – بعد فشله في قمة جنيف يمارس الضغط على سوريا لتقديم التنازلات لإسرائيل – و يحاول تحريك الضغط – إعلامياً – عليها بالإعلان بأن "الكرة في الملعب السوري"، للإيحاء بأن إسرائيل قد قدّمت مبادراتها الإيجابية في الموضوع، وعلى سوريا تقديم مبادرتها الواقعية، كما يلوّح بالاهتمام بالمسار الفلسطيني على حساب المسار السوري – اللبناني، في عملية إثارة التعقيدات في الصعيد العربي..

إن مشكلة الإدارة الأمريكية مع العرب والمسلمين، أنها كانت – ولا تزال – إسرائيليةً في سياستها في دائرة الصراع العربي – الإسرائيلي وفي الشرق الأوسط كله، وهي تعمل الآن للحفاظ على "باراك"، طالبة من العرب – ومن سوريا بالذات – مراعاة ظروفه الداخلية لتسهيل مهمته التفاوضية أمام التعقيدات مع حكومته ومع المعارضة الليكودية، فلا تريد للعرب أن يفاوضوا من موقع المتمسك بشيء من الحقوق والثوابت الوطنية والقومية.. ولكننا نتصور أن هذا الضغط الجديد سوف يفشل على صخرة الصمود، كما فشلت الضغوط السابقة.

إننا نعتقد أن الكرة الآن هي في الملعب العربي، ليجسّدوا الموقف الحاسم من هذه الحملة الأمريكية – الإسرائيلية الجديدة ضد سوريا بالذات التي تمثل موقف الصمود الثابت، ولتأكيد عنفوان الأمة أمام التحديات الكبرى في اللعبة الأمريكية – الإسرائيلية.. وعلى وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا في لبنان أن يحوّلوا قراراتهم التأييدية لسوريا ولبنان الى واقع في الحركة والموقف، ليثبتوا وحدة الموقف العربي، وأن أيّ ضغط جديد سوف يترك تأثيره على المصالح الأمريكية في المنطقة، لأن المسألة ليست مسألة سوريا ولبنان، بل مسألة قضية الواقع العربي كله.

ـ لهاث عربي نحو التطبيع

إننا نخشى أن العرب – على مستوى الكثير من الأنظمة – لا يزالون يتحركون في طريق الانحدار واللهاث لتطبيع العلاقات مع العدو في أكثر من جانب، ولا سيما من خلال استقبال وفود إسرائيلية – كما حدث في اليمن أخيراً – ونحن بحاجة الى الصوت الشعبي العربي الذي نريده أن يرتفع عالياً في وجه كل الذين يتحركون إسرائيلياً، بفعل الضغوط الأمريكية التي تريد استخدام بعض الرؤساء العرب لخدمة الحل الإسرائيلي، على حساب سوريا ولبنان وفلسطين.. إن الأمة لن ترحم الذين يقدّمون التنازلات للعدو على حساب بلادهم وشعوبهم، لأنهم لا يملكون أية صلاحية لذلك.

وفي هذا الجو، احتفل الفلسطينيون بيوم الأرض، وسقط عدد من المتظاهرين جرحى برصاص الإسرائيليين، ونريد – في هذه المناسبة – أن يقف كل الفلسطينيين للتخطيط لاستعادة الأرض كلها في حركة الأجيال.

لنرقب الخطة الإسرائيلية في الانسحاب

وليس بعيداً من ذلك، نشهد تواطؤاً أمريكياً مع إسرائيل، لا سيما في اعتداءاتها الأخيرة ضد لبنان، والتي طاولت المؤسسات الإنسانية الدولية، بالإضافة الى المدنيين اللبنانيين، كما نلاحظ أن هناك تغطية أمريكية لهذه الاعتداءات، في منع أية جهة دولية من إدانة العدو في عدوانه على الشعب اللبناني الآمن..

وعلينا – حكومة وشعباً ومقاومة – مراقبة الخطة الإسرائيلية في مسألة الانسحاب التي بدأت إسرائيل على طريقتها الخاصة تحشد التأييد العربي والدولي له، وتحويله الى إعادة انتشار لقواتها، لأنها لا توافق على ترسيم الحدود الدولية في أكثر من موقع. هذا من جهة، ومن جهة أخرى تعمل على حشد القوات الدولية، ولا سيما الأمريكية والفرنسية للحفاظ على أمنها، قد يؤدي إلى تعقيدات ضد اللبنانيين، وذلك من خلال السياسة الدولية الداعمة لإسرائيل..

ضرورة الوحدة أمام تحديات المرحلة

إن المرحلة دقيقة وصعبة، وعلى الدولة الاستعداد لمواجهة كل الخطط الإسرائيلية والأمريكية، وإننا في الوقت الذي نؤكد فيه ضرورة الوحدة في الموقف أمام تحديات المرحلة، لا نجد هناك مشكلة في تحصين الأداء الحكومي، بنقد التجاوزات والأخطاء المتراكمة، من خلال دراسة الأمور كلها بطريقة تحليل الاستجوابات من خلال النواب والحكومة.. مؤكدين أن ذلك يمثل دليل عافية، بشرط أن تكون المعالجة خاضعة للإخلاص في تصحيح الأخطاء وتقويم الانحرافات، على مستوى التكامل بين الحكومة والمعارضة، لا على مستوى تسجيل النقاط..

وفي هذا الإطار، لا بد من مواجهة المطالب الشعبية، في الحفاظ على حقوق الفئات المستضعفة من الموظفين، ولا سيما المعلّمين وغيرهم من القطاعات العمّالية الواقعة تحت ضغط المشاكل الاجتماعية، وفي التخفيف من الضرائب التي بدأت تُثقل كاهل المواطنين، وفي التخطيط لحل الأزمة الاقتصادية بالمزيد من سياسة التصنيع، ورعاية الإنتاج الزراعي، وتحريك السوق في سياسة التوازن الاقتصادي..

إن المرحلة المقبلة تحفل بالتطورات والمفاجآت، وعلينا أن نستعد لها على جميع المستويات، لمواجهة ما يمثل الخطر على الأمة، ولتهيئة الظروف لصنع آفاق جديدة للنصر والتحدي والتوازن في المستقبل.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية