عندما طرحتُ في وقتٍ من الأوقات مفهوم "دولة الإنسان" في لبنان، إذا لم نستطع أن نطبّق دولة الإسلام، لم أكن أطرح بديلاً، بل إنَّني في الحوار الَّذي جرى بيني وبين بعض المثقّفين في بعض الصّحف، قلت: نحن نطرحُ دولة الإنسان، بمعنى أن يكون الحكم في لبنان غير طائفيّ، حتّى يتَّسع الواقع السياسي في لبنان للجميع، عندها ينطلق الإسلاميّون كما ينطلق غيرهم ليطرحوا أفكارهم، وتكون السَّاحة للأقوى، وهذه وسيلة من وسائل تحطيم الحواجز في طريق الدَّعوة إلى الإسلام.
لذلك، إنَّ بعض علماء الدّين الذين يَتَبَنَّوْنَ طرح الدولة العلمانية أو الدولة الديمقراطية أو المدنية، وهذا الطَّرح عندما ينطلق من خلالهم، فمعنى ذلك أنّهم يُشرِّعون هذه العناوين للمجتمع، وتكتسب هذه العناوين شرعيَّة معيّنة.. لهذا نقول: نحن لا نستطيع من موقعنا الشرعيّ أنْ نتبنّى ذلك، ولا أنْ نُسَوِّق له، ومع يقيننا أنَّنا نستفيد من الديمقراطيَّة، ولكن لا يمكن أنْ نعطيها الشرعيَّة الفكريَّة، ويتجاوز الأمر حتّى لو قلنا بالشّورى بشرطها وشروطها، أو بالاستفتاء الشعبي، وحتّى لو كانت الأُمَّة لها ولاية على نفسها، لا تستطيع الأُمَّة مثلاً أنْ تتجاوز حدود الله، ولا تستطيع أن تُصوِّت على قوانين غير إسلاميَّة، وبالتالي، لا تستطيع أن تُعطيَ بيدها إعطاء الذَّليل، لأنَّه لا بدَّ لها أن تسير حسب المنهاج الشرعيّ الَّذي رسمه الله...
* من كتاب "للإنسان والحياة".