قال تعالى: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ
سَبِيلاً}[آل عمران: 97].
الحجّ في اللّغة هو القصد، وفي المصطلح: قصدُ بيت الله الحرام والقيام بشعائر
مخصوصة نصّ عليها الشّرع المقدَّس.
والحجّ من أعظم العبادات الإسلاميّة، وهو من الدعائم التي بُني عليها الإسلام، وقد
أوجبَه الله على من استطاعه في العمر مرّة واحدة، وهي المسمّاة بـ "حجّة الإسلام".
وعن الصادق (ع) في قوله عزّ وجلّ: {وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي
الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً}[الإسراء: 72]، قال: «ذلك الذي يسوّف نفسه
الحجّ، يعني حجّة الإسلام، حتى يأتيه الموت». وعن أحد أصحابه (ع) أنّه سأله:
التّاجر يسوّف الحجّ؟ قال (ع): «ليس له عذرٌ، فإن مات فقد ترك شريعة من شرائع
الإسلام». [وسائل الشيعة، 11:26، باب 6 من أبواب وجوب الحجّ وشرائطه، ح5 و 6].
وقد وعد الله عزّ وجلّ على الحجّ ثواباً عظيماً، فقد ورد في الأحاديث الشّريفة أنّ
«من حجّ فلم يرفث ولم يفسق، رجع كهيئته يوم ولدته أمّه» [مسند أحمد، 2 : 229]، وورد
أنَّ الحجّةِ المبرورة ليس لها جزاء إلّا الجنّة (سنن النسائي، 5: 112).
على أنّه لا بدّ أن يكون معلوماً، أنَّ الحجّ وسائر العبادات، لا ينالُ العبدَ منها
إلا ما أقبل بقلبه عليه، فليس الحجّ مجرّد شعائر يقوم بها الحاجّ من دون توجّه روحيّ،
يتحسّس معانيها، ويعيش أجواءها، وإن كان يسقط الواجب بذلك، بل هو رحلةٌ روحيّة
تختصر حياة الإنسان، التي تبدأ من الله، وتسير في خطِّ الله، وتنتهي إليه سبحانه
وتعالى، ليتزوّد منها الحاجّ لحياته ما يعينه على لزوم الطاعة واجتناب المعصية.
كما أنَّ الحجّ مؤتمر إسلاميّ عالمي، يجتمع فيه المسلمون من أنحاء العالم على اسم
الله، حيث ينبغي أن يستفيدوا منه ما يغني إسلامهم، وينفع قضاياهم، وقد قال تعالى: {وَأَذِّن
فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن
كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ...}[الحجّ: 27 - 28]. وقد ورد
عن الصادق (ع) مبيّناً بعض علل الحجّ، قوله: «فجعل فيه الاجتماع من الشّرق والغرب
ليتعارفوا». [وسائل الشّيعة، 11:14، باب 1 من أبواب وجوب الحجّ وشرائطه، ح 18].
أمّا في الجانب الشرعيّ، فقد شرّع الله للحجّ أحكاماً متعدِّدة يجب على الحاجّ أن
يعرفها حتى يأمن على عمله من الخطأ الموجب لبطلان العبادة.
*من كتاب "دليل مناسك الحجّ".