يمكن أن يساهم الحجّ، في إيحاءاته ورموزه وأجوائه الرّوحيَّة، في تنمية الشّخصيَّة الإنسانيَّة من الجانب التّأمّليّ والعمليّ والرّوحيّ، فيما إذا عاش الإنسان هذه الفريضة من موقع الوعي المسؤول، وبذلك لا يبقى الحجّ مجرّد عبادةٍ يهرب فيها الإنسان من الواقع ليغيب في مشاعره الذّاتيّة في جوٍّ مشبعٍ بالضّباب، كما يحاول البعض أن يصوّر العبادة.
وفي هذه الأجواء الرّوحيّة الواعية المتحرّكة في خط المسؤوليّة، يمكن أن يعود الإنسان الفرد ـ من رحلة الحجّ ـ إنساناً جديداً في أهدافه ومنطلقاته وخطواته، من خلال ما عاشه من دروس وعبر ومواقف وتأملات، حيث الطهر والخير والمحبة والحنان.
ولعلَّ هذا هو ما يريد الإسلام أن يوحيه إلى "الحاجّ"، فيما ورد في الأحاديث بأنَّ الإنسان يخرج من الحجّ "كيوم ولدته أمُّه"، وأنَّه يقال له: "استأنف العمل من جديد"، وذلك في نطاق المضمون الدّاخليّ للحجّ، لا من خلال الشَّكل الخارجيّ الّذي يؤدّيه الكثيرون من دون روح ولا معنى ممن يعيشون الحجّ عادةً وتقليداً وسياحةً وتجارة، فينطبق عليه ما ورد عن أحد أئمّة أهل البيت(ع) عندما نظر إلى الجموع فقال: "ما أكثر الضَّجيج وأقلَّ الحجيج"، إذ لا قيمة للعدد إذا لم يكن متحرِّكاً في عمق القيم الرّوحيَّة في الحياة، فرُبَّ رقمٍ صغيرٍ يحقِّق للإنسانيَّة معنى كبيراً، هو أفضل من رقم كبير لا يحقّق شيئاً للحياة إلا زيادةً في المساحة والحجم على صعيد الأرض، من هؤلاء الّذين يكونون عبئاً على الحياة بدلاً من أن يكونوا قوّةً لها.
الحجّ وحركة التّغيير
وإذا كان الحجّ من حيث هو عبادة ذات مضمون عمليّ وروحيّ، يحقّق للإنسان هذا الارتفاع الرّوحيّ، فإنّه يساعد على تغيير الواقع من خلال تغييره للإنسان انطلاقاً من الوحي القرآنيّ الّذي يعتبر الإنسان أساس التّغيير، فقال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[الرّعد:11].
وبذلك، تدخل العبادة في عمق حركة الحياة، ولا تبقى حالةً طارئةً طافيةً على السّطح. وبناءً على ذلك، وعلى هدى تعاليم الإسلام الحنيف، فإنّه يمكن للعاملين للإسلام ـ في أساليبهم التّربويّة العمليّة ـ أن يشجّعوا النّاس على ممارسة هذه الفريضة لتحقيق هذا المستوى من التّغيير الدّاخليّ في حياة الإنسان، كوسيلةٍ متقدّمةٍ روحيّةٍ من وسائل التّغيير الخارجيّ لحركة الحياة، فإنّ ما يختزنه الفرد من الطّاقات الروحية الجديدة في أجواء الحجّ، هو أعظم من كثيرٍ من الأساليب الخطابية التي اعتاد الناس ممارستها في عمليّة التربية.
وقد رأينا الكثيرين الّذين كانوا لا يعيشون المشاعر الرّوحيّة في منطلقاتهم، في الوقت الّذي كانوا يمارسون الالتزام الإسلاميّ في بعض مبادئ الإسلام وأحكامه، قد تغيّروا كثيراً بعد قيامهم بهذه الفريضة بطريقةٍ واعيةٍ استطاعت أن تغيّر مجرى تفكيرهم وشعورهم، وتحوّلوا إلى عناصر فاعلة واعية في حركة الإسلام في الدّعوة والعمل.
* المصدر: كتاب "رسالة الحج".
يمكن أن يساهم الحجّ، في إيحاءاته ورموزه وأجوائه الرّوحيَّة، في تنمية الشّخصيَّة الإنسانيَّة من الجانب التّأمّليّ والعمليّ والرّوحيّ، فيما إذا عاش الإنسان هذه الفريضة من موقع الوعي المسؤول، وبذلك لا يبقى الحجّ مجرّد عبادةٍ يهرب فيها الإنسان من الواقع ليغيب في مشاعره الذّاتيّة في جوٍّ مشبعٍ بالضّباب، كما يحاول البعض أن يصوّر العبادة.
وفي هذه الأجواء الرّوحيّة الواعية المتحرّكة في خط المسؤوليّة، يمكن أن يعود الإنسان الفرد ـ من رحلة الحجّ ـ إنساناً جديداً في أهدافه ومنطلقاته وخطواته، من خلال ما عاشه من دروس وعبر ومواقف وتأملات، حيث الطهر والخير والمحبة والحنان.
ولعلَّ هذا هو ما يريد الإسلام أن يوحيه إلى "الحاجّ"، فيما ورد في الأحاديث بأنَّ الإنسان يخرج من الحجّ "كيوم ولدته أمُّه"، وأنَّه يقال له: "استأنف العمل من جديد"، وذلك في نطاق المضمون الدّاخليّ للحجّ، لا من خلال الشَّكل الخارجيّ الّذي يؤدّيه الكثيرون من دون روح ولا معنى ممن يعيشون الحجّ عادةً وتقليداً وسياحةً وتجارة، فينطبق عليه ما ورد عن أحد أئمّة أهل البيت(ع) عندما نظر إلى الجموع فقال: "ما أكثر الضَّجيج وأقلَّ الحجيج"، إذ لا قيمة للعدد إذا لم يكن متحرِّكاً في عمق القيم الرّوحيَّة في الحياة، فرُبَّ رقمٍ صغيرٍ يحقِّق للإنسانيَّة معنى كبيراً، هو أفضل من رقم كبير لا يحقّق شيئاً للحياة إلا زيادةً في المساحة والحجم على صعيد الأرض، من هؤلاء الّذين يكونون عبئاً على الحياة بدلاً من أن يكونوا قوّةً لها.
الحجّ وحركة التّغيير
وإذا كان الحجّ من حيث هو عبادة ذات مضمون عمليّ وروحيّ، يحقّق للإنسان هذا الارتفاع الرّوحيّ، فإنّه يساعد على تغيير الواقع من خلال تغييره للإنسان انطلاقاً من الوحي القرآنيّ الّذي يعتبر الإنسان أساس التّغيير، فقال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[الرّعد:11].
وبذلك، تدخل العبادة في عمق حركة الحياة، ولا تبقى حالةً طارئةً طافيةً على السّطح. وبناءً على ذلك، وعلى هدى تعاليم الإسلام الحنيف، فإنّه يمكن للعاملين للإسلام ـ في أساليبهم التّربويّة العمليّة ـ أن يشجّعوا النّاس على ممارسة هذه الفريضة لتحقيق هذا المستوى من التّغيير الدّاخليّ في حياة الإنسان، كوسيلةٍ متقدّمةٍ روحيّةٍ من وسائل التّغيير الخارجيّ لحركة الحياة، فإنّ ما يختزنه الفرد من الطّاقات الروحية الجديدة في أجواء الحجّ، هو أعظم من كثيرٍ من الأساليب الخطابية التي اعتاد الناس ممارستها في عمليّة التربية.
وقد رأينا الكثيرين الّذين كانوا لا يعيشون المشاعر الرّوحيّة في منطلقاتهم، في الوقت الّذي كانوا يمارسون الالتزام الإسلاميّ في بعض مبادئ الإسلام وأحكامه، قد تغيّروا كثيراً بعد قيامهم بهذه الفريضة بطريقةٍ واعيةٍ استطاعت أن تغيّر مجرى تفكيرهم وشعورهم، وتحوّلوا إلى عناصر فاعلة واعية في حركة الإسلام في الدّعوة والعمل.
* المصدر: كتاب "رسالة الحج".