مِنْ أينَ لي بِيَقينِكَ الرَّبَّاني * لِأَغُوصَ في بَحْرٍ مِنَ العِرفانِ
لا حِصَّةٌ لِيَ في اليقينِ، وَإِنَّما * في الحُبِّ ما يكفي مِنَ الإِيمَانِ
وَأَنَا أُحِبُّكَ منذُ أَنْ أَلْهَمْتَني * صَيْدَ الرُّؤى وصِناعَةَ الوِجْدَانِ
أَلآنَ أَسْبَحُ فيكَ حَتَّى أَلْتَقي * بالجَوْهَرِ المَكْنونِ في القيعانِ
فإذا طَفَتْ روحي مَعَ الزَّبَدِ الَّذي * يَطْفو فَذاكَ خَوَائِيَ الرَّوحاني
دَقَّ الأسى شَفَتَيَّ بِاسْمِكَ مِثْلَما * دُقَّتْ على نَخْبِ الهوى، كَأْسَانِ
وَنَسَجْتُ مَرْثاتي عَلَيْكَ، فَلَمْ يَسَعْ * ثَوْبُ العَزَاءِ مَنَاكِبَ الأَحْزَانِ
يَا رَاحلاً زَرَعَ الرَّحيلَ عَلَى فَمِي * شَوْكَاً بِهِ تَتَجَرَّحُ الشَّفَتَانِ
سَقَطَتْ مِنَ الكلماتِ بَعْضُ حُرُوفِها * أَتَلومُني في تَعْتَعاتِ لِسَاني؟!
يا بْنَ الحقيقةِ في سُلالتِها الَّتي * تَمْتَدُّ حَتَّى مَنْبِتِ البُرْهَانِ
كُلُّ الكَلامِ مُمَوَّهٌ بِدُخَانِهِ * إِلَّا كَلامُ الحُبِّ دُوْنَ دُخَانِ
قلبي يُشَاطِرُكَ الحَديثَ ويَنْتَقي * كَلِمَاتِهِ مِنْ مُعْجَمِ الخَفَقَانِ
أَللَّيلُ لَم يَخْذُلْكَ مُنْذُ تَلَامَعَتْ * عَيْنَاكَ فيهِ كلَوْحَتَيْ إِعْلانِ
تَجْلو سُؤالَ الطِّينِ: هَلْ مِنْ حِكْمَةٍ * خَلْفَ العَذَابِ تَليقُ بالطَّيَّانِ؟!
وَتَرَى الخَليقَةَ لَوْحَةً فَنِّيَّةً * لَكِنَّهَا مَكْتُوفَةُ الألْوانِ
قَفَزَ الضُّحى مِنْ مُقْلَتَيْكَ إلى الكُوَى * حَتَّى تَسَلَّقَ حَاجِزَ الجُدْرانِ
وَزَرَعْتَ حُلْمَكَ في خيوطِ عِمَامَةٍ * غَرَّاءَ فانْعَقَدَتْ عَلَى بُسْتَانِ
وَوَزَنْتَ نَفْسَكَ في موازينِ الفِدَى * بَطَلاً بِثِقْلِ حَقيقةِ القُرْبَانِ
وحَمَلْتَ أَعْبَاءَ الحَيَاةِ بِكَاهلٍ * رَبَتَتْ عَليهِ أَنَامِلُ (القُرآنِ)
وَرَحَلْتَ فَوْقَ سَفينَةِ الرُّسُلِ الَّتي * هِيَ ما تزالُ فَريسَةَ الطُّوفَانِ
بَحْرٌ دَعَاكَ إِلى قَرَارةِ مَائِهِ * كَيْمَا تُصَفِّيَهُ مِنَ الحيتانِ
فَطَفِقْتَ تَصْنَعُ لِلْسَّفينةِ حُلْمَهَا * وَرَجَعْتَ تَحمِلُ خَيْبَةَ الرُّبَّانِ
***
يا حَادِياً رَكْبَ الحَيَاةِ إِلى غَدٍ * حُرٍّ يَليقُ بِلَهفَةِ الرُّكْبَانِ
هذا حُداؤُكَ مَا يَزَالُ على المَدَى * يَمْتَدُّ في أُفُقٍ بِلا قُضْبَانِ
وَيَقودُ مَنْ تاهوا قِيَادَةَ (هُدْهُدٍ) * ما اسْتَدْرَجَتْهُ مَتَاهَةُ (الغِرْبانِ)
وبَقِيتَ أَنْتَ مَعَ الَّذينَ تَوَزَّعوا * في الوَقْتِ وانتصروا على النِّسْيَانِ
قَسَماً بِشَيْبَتِكَ الَّتي انْتَثَرَتْ على * شَطِّ الخلودِ نَوَارِساً وَأَغَاني
زَمَنٌ بإِسْمِكَ باتَ يَعْرِفُ نَفْسَهُ * ويتيهُ بينَ مَوَاكِبِ الأَزمانِ
لم يَتَّسِعْ لَكَ مِنْ خريطَتِنا سوى * وَطَنٍ بِحَجْمِ مَسَاحَةِ الغُفْرانِ
(لبنانُ) حيثُ البحْرُ أقدمُ عابدٍ * صَلَّى بكلِّ مَرَاكبِ الأدْيانِ
وتَكَوَّنَتْ (بيروتُ): أَوَّلُ غادةٍ * بَشَرِيَّةٍ وَطَأَتْ على الشُّطآنِ
وهُنا دَعَاكَ اللهُ مِنْ عَلْيَائِهِ * لِتَكونَ حَرْبَتَهُ على الشَّيْطانِ
فَأَحَسَّكَ الفُقَرَاءُ وَسْطَ بطونِهِمْ * حَرْباً بِوَجْهِ الجوعِ والحِرْمانِ
واختارَكَ الثُّوَّارُ كِلْمَةَ سِرِّهِمْ * بينَ الجبالِ الشُّمِّ والوِديانِ
لم يَفْتَرِقْ نَهرانِ في مَجْرَاهُما * إِلَّا وعادا فيكَ يلتقيانِ
يَا مَنْ رَسَمْتَ على تَضَاريسِ الهوى * خَطَّ استواءِ الحُبِّ في الإِنْسَانِ
أَلأرضُ تُشْبِهُ بَعْضَهَا، لَكِنَّمَا * (لبنانُ) لم يَشْبَهْ سوى (لُبْنَانِ)
***
يَا سَيِّدي.. والشِّعْرُ سَهْمٌ ضَارِبٌ * عَبْرَ الزَّمانِ.. بِهِ حَفَرْتُ زَمَاني
والحِبْرُ شِريانُ البَيَاضِ بِدَفتري * يجري بِمَا أَسْقيهِ مِنْ شِرْياني
لِيَ ـ كلَّ حِينٍ ـ في القصيدةِ غَزْوَةٌ * وأعودُ.. ما بَلَغَ الفتوحَ حِصَاني
و(غُرابيَ) العَرَبِيُّ حيثُ يقودُني * آوي إِلى جُثَثٍ مِنَ الأَوْطَانِ
أنا كالغَضَا يَمْتَدُّ عُمْرُ لَهيبِهِ * بِعِدَادِ مَا يَحْوي مِنَ الأَشْجَانِ
أَلحُبُّ حَلَّفَني بألَّا أتركَ (الـ * ـتُفَّاحَ) مَصْلُوبَاً على الأَغْصَانِ
روحي تَحِنُّ إِلى الغيوبِ كَأَنَّها * وُعِدَتْ هناكَ بِسِرِّها الفَتَّانِ
في دَاخِلي بُنٌّ يُصَارِعُ سُكَّراً * كَيْمَا تَزيدَ حَلاوةُ الفِنْجَانِ
ما بينَ شَكِّيَ واليقينِ مَسَافةٌ * ضَيَّعْتُ في غُرُبَاتِها عُنْوَاني
وطَوَتْ هُوِيَّتِيَ الرِّياحُ، كَأَنَّني * صَحْرَاءُ هَارِبَةٌ مِنَ الكُثْبَانِ
ما نَفْعُ بُوْصُلَةٍ تُشيرُ إِلى المدى * لَكِنَّما بمُؤَشِّرٍ سَكْرَانِ؟!
كَمْ مُتُّ بينَ قَصيدةٍ وقَصيدةٍ * وَدَنَا الحِسَابُ وجاءَني (المَلَكَانِ)
قلْتُ: ارْجِعُوني لا لأَعْمَلَ صَالِحَاً * فيما تَرَكْتُ مِنَ النَّعيمِ الفَاني
لكنْ لأَعْتَنِقَ الوجودَ بِفِكْرَةٍ * أُخْرَى، وأَبْحَثَ عَنْ جَمَالٍ ثاني
إنَّ الحَيَاةَ متى تُكَرِّرُ نَفْسَها * تَفْنَى بِروحِ المُبْدِعِ الفَنَّانِ
يا رَبُّ.. عُذْرَكَ في سُؤالِ مُعَذَّبٍ * قَذَفَتْ بِهِ الأَسْرَارُ في بُرْكانِ
هل صُنْتَ سِرَّكَ في مَكَانٍ آمِنٍ * لَمَّا وَضَعْتَ السِّرَّ في الإِنْسَانِ؟!
مِنْ أينَ لي بِيَقينِكَ الرَّبَّاني * لِأَغُوصَ في بَحْرٍ مِنَ العِرفانِ
لا حِصَّةٌ لِيَ في اليقينِ، وَإِنَّما * في الحُبِّ ما يكفي مِنَ الإِيمَانِ
وَأَنَا أُحِبُّكَ منذُ أَنْ أَلْهَمْتَني * صَيْدَ الرُّؤى وصِناعَةَ الوِجْدَانِ
أَلآنَ أَسْبَحُ فيكَ حَتَّى أَلْتَقي * بالجَوْهَرِ المَكْنونِ في القيعانِ
فإذا طَفَتْ روحي مَعَ الزَّبَدِ الَّذي * يَطْفو فَذاكَ خَوَائِيَ الرَّوحاني
دَقَّ الأسى شَفَتَيَّ بِاسْمِكَ مِثْلَما * دُقَّتْ على نَخْبِ الهوى، كَأْسَانِ
وَنَسَجْتُ مَرْثاتي عَلَيْكَ، فَلَمْ يَسَعْ * ثَوْبُ العَزَاءِ مَنَاكِبَ الأَحْزَانِ
يَا رَاحلاً زَرَعَ الرَّحيلَ عَلَى فَمِي * شَوْكَاً بِهِ تَتَجَرَّحُ الشَّفَتَانِ
سَقَطَتْ مِنَ الكلماتِ بَعْضُ حُرُوفِها * أَتَلومُني في تَعْتَعاتِ لِسَاني؟!
يا بْنَ الحقيقةِ في سُلالتِها الَّتي * تَمْتَدُّ حَتَّى مَنْبِتِ البُرْهَانِ
كُلُّ الكَلامِ مُمَوَّهٌ بِدُخَانِهِ * إِلَّا كَلامُ الحُبِّ دُوْنَ دُخَانِ
قلبي يُشَاطِرُكَ الحَديثَ ويَنْتَقي * كَلِمَاتِهِ مِنْ مُعْجَمِ الخَفَقَانِ
أَللَّيلُ لَم يَخْذُلْكَ مُنْذُ تَلَامَعَتْ * عَيْنَاكَ فيهِ كلَوْحَتَيْ إِعْلانِ
تَجْلو سُؤالَ الطِّينِ: هَلْ مِنْ حِكْمَةٍ * خَلْفَ العَذَابِ تَليقُ بالطَّيَّانِ؟!
وَتَرَى الخَليقَةَ لَوْحَةً فَنِّيَّةً * لَكِنَّهَا مَكْتُوفَةُ الألْوانِ
قَفَزَ الضُّحى مِنْ مُقْلَتَيْكَ إلى الكُوَى * حَتَّى تَسَلَّقَ حَاجِزَ الجُدْرانِ
وَزَرَعْتَ حُلْمَكَ في خيوطِ عِمَامَةٍ * غَرَّاءَ فانْعَقَدَتْ عَلَى بُسْتَانِ
وَوَزَنْتَ نَفْسَكَ في موازينِ الفِدَى * بَطَلاً بِثِقْلِ حَقيقةِ القُرْبَانِ
وحَمَلْتَ أَعْبَاءَ الحَيَاةِ بِكَاهلٍ * رَبَتَتْ عَليهِ أَنَامِلُ (القُرآنِ)
وَرَحَلْتَ فَوْقَ سَفينَةِ الرُّسُلِ الَّتي * هِيَ ما تزالُ فَريسَةَ الطُّوفَانِ
بَحْرٌ دَعَاكَ إِلى قَرَارةِ مَائِهِ * كَيْمَا تُصَفِّيَهُ مِنَ الحيتانِ
فَطَفِقْتَ تَصْنَعُ لِلْسَّفينةِ حُلْمَهَا * وَرَجَعْتَ تَحمِلُ خَيْبَةَ الرُّبَّانِ
***
يا حَادِياً رَكْبَ الحَيَاةِ إِلى غَدٍ * حُرٍّ يَليقُ بِلَهفَةِ الرُّكْبَانِ
هذا حُداؤُكَ مَا يَزَالُ على المَدَى * يَمْتَدُّ في أُفُقٍ بِلا قُضْبَانِ
وَيَقودُ مَنْ تاهوا قِيَادَةَ (هُدْهُدٍ) * ما اسْتَدْرَجَتْهُ مَتَاهَةُ (الغِرْبانِ)
وبَقِيتَ أَنْتَ مَعَ الَّذينَ تَوَزَّعوا * في الوَقْتِ وانتصروا على النِّسْيَانِ
قَسَماً بِشَيْبَتِكَ الَّتي انْتَثَرَتْ على * شَطِّ الخلودِ نَوَارِساً وَأَغَاني
زَمَنٌ بإِسْمِكَ باتَ يَعْرِفُ نَفْسَهُ * ويتيهُ بينَ مَوَاكِبِ الأَزمانِ
لم يَتَّسِعْ لَكَ مِنْ خريطَتِنا سوى * وَطَنٍ بِحَجْمِ مَسَاحَةِ الغُفْرانِ
(لبنانُ) حيثُ البحْرُ أقدمُ عابدٍ * صَلَّى بكلِّ مَرَاكبِ الأدْيانِ
وتَكَوَّنَتْ (بيروتُ): أَوَّلُ غادةٍ * بَشَرِيَّةٍ وَطَأَتْ على الشُّطآنِ
وهُنا دَعَاكَ اللهُ مِنْ عَلْيَائِهِ * لِتَكونَ حَرْبَتَهُ على الشَّيْطانِ
فَأَحَسَّكَ الفُقَرَاءُ وَسْطَ بطونِهِمْ * حَرْباً بِوَجْهِ الجوعِ والحِرْمانِ
واختارَكَ الثُّوَّارُ كِلْمَةَ سِرِّهِمْ * بينَ الجبالِ الشُّمِّ والوِديانِ
لم يَفْتَرِقْ نَهرانِ في مَجْرَاهُما * إِلَّا وعادا فيكَ يلتقيانِ
يَا مَنْ رَسَمْتَ على تَضَاريسِ الهوى * خَطَّ استواءِ الحُبِّ في الإِنْسَانِ
أَلأرضُ تُشْبِهُ بَعْضَهَا، لَكِنَّمَا * (لبنانُ) لم يَشْبَهْ سوى (لُبْنَانِ)
***
يَا سَيِّدي.. والشِّعْرُ سَهْمٌ ضَارِبٌ * عَبْرَ الزَّمانِ.. بِهِ حَفَرْتُ زَمَاني
والحِبْرُ شِريانُ البَيَاضِ بِدَفتري * يجري بِمَا أَسْقيهِ مِنْ شِرْياني
لِيَ ـ كلَّ حِينٍ ـ في القصيدةِ غَزْوَةٌ * وأعودُ.. ما بَلَغَ الفتوحَ حِصَاني
و(غُرابيَ) العَرَبِيُّ حيثُ يقودُني * آوي إِلى جُثَثٍ مِنَ الأَوْطَانِ
أنا كالغَضَا يَمْتَدُّ عُمْرُ لَهيبِهِ * بِعِدَادِ مَا يَحْوي مِنَ الأَشْجَانِ
أَلحُبُّ حَلَّفَني بألَّا أتركَ (الـ * ـتُفَّاحَ) مَصْلُوبَاً على الأَغْصَانِ
روحي تَحِنُّ إِلى الغيوبِ كَأَنَّها * وُعِدَتْ هناكَ بِسِرِّها الفَتَّانِ
في دَاخِلي بُنٌّ يُصَارِعُ سُكَّراً * كَيْمَا تَزيدَ حَلاوةُ الفِنْجَانِ
ما بينَ شَكِّيَ واليقينِ مَسَافةٌ * ضَيَّعْتُ في غُرُبَاتِها عُنْوَاني
وطَوَتْ هُوِيَّتِيَ الرِّياحُ، كَأَنَّني * صَحْرَاءُ هَارِبَةٌ مِنَ الكُثْبَانِ
ما نَفْعُ بُوْصُلَةٍ تُشيرُ إِلى المدى * لَكِنَّما بمُؤَشِّرٍ سَكْرَانِ؟!
كَمْ مُتُّ بينَ قَصيدةٍ وقَصيدةٍ * وَدَنَا الحِسَابُ وجاءَني (المَلَكَانِ)
قلْتُ: ارْجِعُوني لا لأَعْمَلَ صَالِحَاً * فيما تَرَكْتُ مِنَ النَّعيمِ الفَاني
لكنْ لأَعْتَنِقَ الوجودَ بِفِكْرَةٍ * أُخْرَى، وأَبْحَثَ عَنْ جَمَالٍ ثاني
إنَّ الحَيَاةَ متى تُكَرِّرُ نَفْسَها * تَفْنَى بِروحِ المُبْدِعِ الفَنَّانِ
يا رَبُّ.. عُذْرَكَ في سُؤالِ مُعَذَّبٍ * قَذَفَتْ بِهِ الأَسْرَارُ في بُرْكانِ
هل صُنْتَ سِرَّكَ في مَكَانٍ آمِنٍ * لَمَّا وَضَعْتَ السِّرَّ في الإِنْسَانِ؟!