ألِـلــصَّـلاةِ وفــيـهــا كــلُّ مــا فــيـهــا
|
أنـْعـاكَ روحـاً بـراهـا عـشْـقُ بـاريـها
أم لـلــكــتـابِ وقَــدْ جــاءتـْـهُ نـاعــيـة
|
مــِنْ آيـــةٍ قـد قـضى للــتَّــوِّ تــالــيــها
أم لـلثـّغـور ومَـنْ يـحـمـون هـيـبـتـَهـا
|
وهـُـم لــقــلــبــِكَ تــاجٌ مـِـنْ دراريــها
أنـعـاكَ لـلـبـيـتِ والـمـحـرابِ مفترشاً
|
قـلـبْـاً عـلى الـفـطـرةِ الأولـى يـُشـاكيها
أنـعـاكَ لـلـوطــنِ الـغـالـي، لأمَّــتِــنــا
|
وكـنـْتَ مـعـنـاه بـلْ أصـفـى مـعـانـيـها
أنـعـاكَ لـلـقـُدْسِ فـي أحـزانِ غـربـتِها
|
وكـنـْتَ فـي قـومـِهـا مـِمَّـنْ يــؤاخـيـها
لـِعـالـَمٍ طـالـَمـا أبْـلـغـْتَ مُـجـتـرِحًا
|
لـه الـمـواعـظَ والـغـافـي يـجــافــيــهــا
لـلـدِّيـنِ لـلـعـلـْمِ والأخـلاق أعـضُـدُها
|
لـلعـقـْلِ لـلـعـدْلِ والـتَّقـوى أواســيــهــا
يــا عـالِـمــاً مَـعْـلـمــاً عـلَّامـةً عـلَمًا
|
كـلُّ الـفـضـائـلِ ثَـكْـلـَى مَـنْ يُـعـزِّيــهــا
***
يا سـيـِّداً عـاش حـرّاً لـمْ يُـعِـرْ بصَراً
|
لـلـمُــغــريـاتِ ولا سـمْـعــاً لـداعـيـهــا
يمَّمْتَ وجْهَكَ شَطْرَ الضَّوءِ فانْبَجَسَتْ
|
مـنـابـعُ الـنّـُورِ مـِنْ كـفَّـيـْكَ تـُجْـريـهــا
كـمِ اسـتـضاءَ بـهـا الـعـُبـَّادُ فاحتشدوا
|
عـلـى صـفـوفـِكَ، والـرَّحـمـنُ يُـرْبـيـها
كـمِ اسـتـنـارَ بـهـا الـثـوَّارُ فانْـقَـشَعَـتْ
|
أمـامَـهُـمْ ظُـلْـمَـةٌ واغـتـاظَ حـامــيــها
ما أروعَ الـدِّيـنَ والإيـمانَ إنْ رَشَحَتْ
|
بـالـوَحْـيِ أعـمـالُـنـا بالـصّـِدقِ نـأْتـيـها
لا يُعْـرَفُ الـدِّيـنُ إلَّا حـيـنَ يـَنـْظـمُـهُا
|
كـالـعِـقْـدِ أيَّـامَـنــا بـالـمـاسِ يـُغْـنـيـها
لا لـيـْسَ ديــنـاً إذا صُـمْـنـا ومـزَّقـنا
|
عـصْفُ الهوى يـُبْعِـدُ الـقُـربى ويُدْنيها
لا لـيْـسَ ديـنـاً إذا أسـلافُـنـا شـرحـوا
|
نصّاً غـدا شـرعـةً نَـضْرى ونحمـيها
لا لـيْـسَ ديـنـاً إذا صارَتْ مـذاهـبـُنـا
|
أَوْلـى مـِنَ الـدِّيــنِ نـنـسـاهُ ونَــفْــديـها
الـدِّيـنُ وَحـْيٌ صـفـا لـلـحُــرِّ مَـشْـربـُهُ|
ويـشربُ الـعـبـدُ مِنْ أردى مَـجـاريـها
الـدّيـنُ كـنْـزٌ تَعي الأجـيـالُ جـوهــرَهُ
|
جـيـلاً فـجـيـلاً يُـمـاشـيـهـا ويُـعـْطيـها
لا يـُحبـَسُ الـدِّيـنُ في جـيلٍ ولا جَدَثٍ
|
ولا يـُحــكَّــمُ بــالأجــيــالِ مـاضـيـها
مُــضـارِعُ الــنَّــاس أولاها وأوكَـدُها
|
إذا تــزاحــمَ بــالــيــهــا وبــاقــيــها
يـا مـرجـعَ الـدِّيـنِ ما هانـَتْ قواعـدُهُ
|
عـليـْكَ بل ظـلَّ ديـنـاً فـي رَواسيهـا
عـقـيـدةً سَـلـِمـتْ مـا شـابـَهـا وَطَــرٌ
|
ولا هــوًى زادَ فـيـهـا مـا يـُحَـلِّـيها
شــريــعـةً سَـمْـحـةً غَـرَّاءَ صافـيــةً
|
يَـحْـيـا بـهـا مَنْ رَعَوْها في سواقيها
لـم تَـجْـتـزئْ لـم تـُبـدِّلْ لـم تَحِدْ أبداً
|
عـن سُـنَّـةٍ فـي عُـراها أو مَـرامـيـها
لـم تَـقْـتَـبِـسْ لـم تُزَيِّنْ وَجْهَ شِرْعتِنا
|
وكـادَ مَـنْ كَـحَّـلَ الـحَسـنـاءَ يـُعْمـيها
لم تَـرْتَـزِقْ لم تُمالئْ في التُّقى أحداً|
ولـم تَـبِـعْ وِقْـفَـةً بَـلْ كُـنـْتَ تَـعـنـيـها
لم تَجـْنِ إلَّا الرِّضا لم تَبْغِها عِـوَجًا
|
ولم تُوَرِّثْ سوى الرَّضْوى لِراضيهـا
ولـم تُـداهِـنْ رُعـاعـاً دِيـنـُهـم بـِدعٌ
|
ولـم تُـهـادِنْ شُـروخـاً أوغـلوا فـيهـا
ولـم تـُهِنْ عـقلَـنا بلْ كنْتَ أحرصَنا
|
فـي الـمـنـطقيّاتِ إنْ صِيغَـتْ مَبانيها
لـم يَـفـهـمـوكَ ولـنْ حتَّى نُحرِّرَهـمْ
|
مِـنْ عُــقـْدةٍ لا تُـداري مَـنْ يُـداريـها
تَـوارثـُوها عـنِ المـوتـى فـأعْـقَـبَهُمْ
|
نَزْعاً مَدى الدَّهرِ في الحُلقومِ يُـبقيها
ماتـوا وقـدْ حَـبَـكـُوهـا فـي مَعابِـرِني
|
وأورثـُونـا مـِنَ الألــغــامِ خــافــيـها
مـا بـالُـنـا انـفـجـَرَتْ فـيـنـا قـنابـلُهُم
|
ولا نـزالُ نُـحــابــيــهـا ونَــرويــهـا!
* * *
ما للمراكبِ دارَتْ؟ أم شَواطيها؟
|
أم علَّـهـم وصـلُوا؟ أحـبـابـُنـا فـيـهـا؟
يا شاطِئَ الوَجْدِ هلْ عاينْتَ قافلةً
|
في القاصدينَ؟ وهل أشْجاكَ حاديها؟
تـلـكَ الـمـراكبُ فـيـهـا مِنْ أحِبَّتِنا
|
مَنْ لَـوْ طَـغى الـمـاءُ بالقرآن يُنْجيها
تلـكَ الـمـراكبُ تجري غيرَ آبِهَـةٍ
|
بـالـعـاصـفـاتِ، وبـسـمِ اللهِ مـَجْـريها
بالصِّدقِ بِضْعُ نُسـيمـاتٍ تُحرِّكُها
|
وتَـعْـجَـزُ الـرِّيـحُ عـنـْهـا إنْ تُعاديها
يا شاطئَ العشْقِ يا مِحرابَ سيِّدِنا
|
يا وَصْـلـةَ الـرُّوحِ إنْ هَـبَّـتْ قـوافيها
أفرُشْ لهُ ساحلَ الرَّجْوى فإنَّ بـهِ
|
شــوقــاً إلــيــْكَ وآلامــاً يُــقـاســيـها
كـم غـُصـّـَةً مـُرّةً جُـرحاً ألـمَّ بـهِ
|
مِـنْ حاسـديـهِ وكـمْ سـاءتْ دَواعـيـها
هذا الَّذي كانَ في الأسْحارِ يُطْلقها
|
شـكـوى إلى اللهِ يُـخـفـيـهـا وتُـبـديـها
هذا الَّذي عشِقَ الإسلامَ فانفـتَـحَتْ
|
خـزائـنُ الـعـلـْمِ يـَجْـنـيـها ويُـعـطيـها
هذا الَّذي قَـبِـلَ الـمُـحْـكـاةَ ناصِعةً
|
ورَدَّها إنْ حَـوَتْ بُــطْــلانـَـهـا فـيـها
هذا الَّذي قرأَ القرآنَ فاسـتـمـعَتْ
|
لـهُ الـشَّـــبــيـبـةُ قـاصـيـهـا ودانـيـها
وغاصَ في سُنَّةِ الهادي فأتْحَفَنـا
|
بـكـلِّ عِــقْــدٍ فــريــدٍ مِــنْ لآلــيــها
ثمَّ اهتدى واهتدى حتَّى له انكشفَتْ
|
تـلـكَ الـكُنـوزُ الَّتي عافَـتْ مَخابـيـها