كدأب العلماء والمصلحين في الأمّة، قام الإمام السيّد محسن الأمين العاملي بوضع رسالة منذ أكثر من 75 سنة، تحت عنوان "رسالة التّنزيه" في تنقية الشّعائر الحسينيّة، غيرةً منه على تحصين الدّين من الممارسات الضارّة بالمعتقد، والّتي تضرب بين النّاس كالنّار في الهشيم، وتعتبر كتابة هذه الرّسالة جزءاً من الذهنيّة الاجتهادية الإصلاحيّة للإمام الأمين(قده).
يبدأ السيّد الأمين رسالته بكلّ وضوح بإنكار البدع والدّعايات المضلّة الّتي هي جزء من حرب إبليس على الجنس البشريّ، ومن تلك البدع، ما تمّ إدخاله على مراسم إحياء الشعائر الحسينية التي أجمع المسلمون على إنكارها وتحريمها.
ومن الأمور المنكرة في هذه الممارسات المضرّة بالمسلمين، ما يجري تناقله من أخبار مكذوبة على المنابر الحسينيّة، وفي المحافل، كذلك إيذاء النفس بضرب الرؤوس وجرحها بالمدى والسّيوف، وضرب الظّهور بالسّلاسل، وهذا محرّم بالعقل والنقل، ومنها أيضاً إركاب النّساء الهوادج مكشّفات الوجوه، وتشبيههنّ ببنات الرسول(ص)، وهو في نفسه محرّم، لما يتضمنه من الهتك والمثلة، إلى غير ذلك من الممارسات المستنكرة التي تختلف بين بلدٍ وآخر، والّتي جميعها تدخل تحت عنوان تسويلات إبليس.
ويتابع السيّد الأمين(قده) أنّ الأئمة(ع) أمرونا بحُسن الأدب والسّيرة، ولم يأمروا شيعتهم بمثل هذه التصرفات المستقبحة.
ويعرض السيد الأمين(قده) في رسالته لمنطق المعارضين لإصلاح هذه المراسم، وأنه منطق ضعيف لا يصمد أمام النقد، مع ذكر أمثلة وشواهد على ذلك، إذ يشير إلى تعمُّد هذا المنطق استعمال المحسنات اللّفظية والبلاغية للتأثير في العامة، ويردّ السيد الأمين(قده) على هؤلاء بقوله: "إنّ من فجائع الدهور وفظائع الأمور وقاصمات الظهور وموغرات الصدور، اتخاذ الطبول والزمور وشقّ الرّؤوس على الوجه المشهور، وإبراز شيعة أهل البيت وأتباعهم بمظهر الوحشيّة والسخرية أمام الجمهور ممّا لا يرضى به عاقل غيور، وعدّ ذلك عبادة ونسبته إلى أهل البيت الطهور... والمواكب الحسينيّة والاجتماعات العزائية لا تحسن ولا تحلّ إلا بتنزيهها عمَّا حرّمه الله تعالى، وعمّا يشين ويعيب وينسب فاعله إلى الجهل والهمجية، وقد بينّا أنّ الطبل والزمر وإيذاء النفس والبروز بالهيئة المستبشعة مما حرّمه الشرّع ولم يرضه لأوليائه، سواء وقع في النبطية أو القرشية أو مكّة المكرمة".
وينتقد السيد الأمين(قده) ما برّر به البعض من اعتماد الأخبار الضعيفة والمكذوبة في تلاوة بعض المجالس، وأنها كما يدّعون من سنخ الرخص لا العزائم، والله يحبّ أن يؤخذ برخصه، كما يحب أن يؤخذ بعزائمه، موضحاً أنه لا علاقة بين عمل العلماء بالخبر الضّعيف في السنن، وأخبار التعزية التي هي أمور تاريخية لا أحكام شرعية.
ويشير السيد الأمين(قده) إلى أنّ الذين يضربون رؤوسهم وليس في رؤوسهم داء ولا في أبدانهم حمّى، انحصر فعلهم في الحرام، وإذا كان محرَّماً لم يكن مقرّباً إلى الله ولا موجباً لثوابه، بل لعقابه، ومغضباً لله ورسوله وللحسين(ع).
ويواصل السيّد الأمين(قده) عرضه لافتراءات البعض وحججهم الواهية حول التّطبير وما يتّصل به، ويفنّدها واحدة فواحدة، ويبيِّن ضعفها ووهنها وعدم توافقها مع عقل أو نقل.
كما ويردّ السيّد الأمين(قده) على أباطيل البعض بتقويل العلماء ما لم يقولوه بالنّسبة إلى تبني هذه الممارسات المنحرفة في إحياء المراسم الحسينيّة وشعائرها.
أن تصدر مثل هكذا رسالة من عالم يعتبر من أساطين علماء الإسلام كالسيّد الأمين(قده)، لهي من الأهميّة بمكان، بالنّظر إلى أهمية اجتهاد هذه الشخصيّة، وما نقدته وعرضته من آراء، وتسليطها الضّوء على قضيّة كانت ولا تزال عند البعض من التّابوهات والمحرَّمات الممنوع الخوض فيها. ولجرأته وموضوعيّته وعلمه ومسؤوليّته، تصدى السيد الأمين(قده) للأمر، وأدلى بدلوه فيه، وقطع النزاع حول المسألة رغم كلّ الأصوات الغوغائيّة.
تحميل الكتاب
إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.
كدأب العلماء والمصلحين في الأمّة، قام الإمام السيّد محسن الأمين العاملي بوضع رسالة منذ أكثر من 75 سنة، تحت عنوان "رسالة التّنزيه" في تنقية الشّعائر الحسينيّة، غيرةً منه على تحصين الدّين من الممارسات الضارّة بالمعتقد، والّتي تضرب بين النّاس كالنّار في الهشيم، وتعتبر كتابة هذه الرّسالة جزءاً من الذهنيّة الاجتهادية الإصلاحيّة للإمام الأمين(قده).
يبدأ السيّد الأمين رسالته بكلّ وضوح بإنكار البدع والدّعايات المضلّة الّتي هي جزء من حرب إبليس على الجنس البشريّ، ومن تلك البدع، ما تمّ إدخاله على مراسم إحياء الشعائر الحسينية التي أجمع المسلمون على إنكارها وتحريمها.
ومن الأمور المنكرة في هذه الممارسات المضرّة بالمسلمين، ما يجري تناقله من أخبار مكذوبة على المنابر الحسينيّة، وفي المحافل، كذلك إيذاء النفس بضرب الرؤوس وجرحها بالمدى والسّيوف، وضرب الظّهور بالسّلاسل، وهذا محرّم بالعقل والنقل، ومنها أيضاً إركاب النّساء الهوادج مكشّفات الوجوه، وتشبيههنّ ببنات الرسول(ص)، وهو في نفسه محرّم، لما يتضمنه من الهتك والمثلة، إلى غير ذلك من الممارسات المستنكرة التي تختلف بين بلدٍ وآخر، والّتي جميعها تدخل تحت عنوان تسويلات إبليس.
ويتابع السيّد الأمين(قده) أنّ الأئمة(ع) أمرونا بحُسن الأدب والسّيرة، ولم يأمروا شيعتهم بمثل هذه التصرفات المستقبحة.
ويعرض السيد الأمين(قده) في رسالته لمنطق المعارضين لإصلاح هذه المراسم، وأنه منطق ضعيف لا يصمد أمام النقد، مع ذكر أمثلة وشواهد على ذلك، إذ يشير إلى تعمُّد هذا المنطق استعمال المحسنات اللّفظية والبلاغية للتأثير في العامة، ويردّ السيد الأمين(قده) على هؤلاء بقوله: "إنّ من فجائع الدهور وفظائع الأمور وقاصمات الظهور وموغرات الصدور، اتخاذ الطبول والزمور وشقّ الرّؤوس على الوجه المشهور، وإبراز شيعة أهل البيت وأتباعهم بمظهر الوحشيّة والسخرية أمام الجمهور ممّا لا يرضى به عاقل غيور، وعدّ ذلك عبادة ونسبته إلى أهل البيت الطهور... والمواكب الحسينيّة والاجتماعات العزائية لا تحسن ولا تحلّ إلا بتنزيهها عمَّا حرّمه الله تعالى، وعمّا يشين ويعيب وينسب فاعله إلى الجهل والهمجية، وقد بينّا أنّ الطبل والزمر وإيذاء النفس والبروز بالهيئة المستبشعة مما حرّمه الشرّع ولم يرضه لأوليائه، سواء وقع في النبطية أو القرشية أو مكّة المكرمة".
وينتقد السيد الأمين(قده) ما برّر به البعض من اعتماد الأخبار الضعيفة والمكذوبة في تلاوة بعض المجالس، وأنها كما يدّعون من سنخ الرخص لا العزائم، والله يحبّ أن يؤخذ برخصه، كما يحب أن يؤخذ بعزائمه، موضحاً أنه لا علاقة بين عمل العلماء بالخبر الضّعيف في السنن، وأخبار التعزية التي هي أمور تاريخية لا أحكام شرعية.
ويشير السيد الأمين(قده) إلى أنّ الذين يضربون رؤوسهم وليس في رؤوسهم داء ولا في أبدانهم حمّى، انحصر فعلهم في الحرام، وإذا كان محرَّماً لم يكن مقرّباً إلى الله ولا موجباً لثوابه، بل لعقابه، ومغضباً لله ورسوله وللحسين(ع).
ويواصل السيّد الأمين(قده) عرضه لافتراءات البعض وحججهم الواهية حول التّطبير وما يتّصل به، ويفنّدها واحدة فواحدة، ويبيِّن ضعفها ووهنها وعدم توافقها مع عقل أو نقل.
كما ويردّ السيّد الأمين(قده) على أباطيل البعض بتقويل العلماء ما لم يقولوه بالنّسبة إلى تبني هذه الممارسات المنحرفة في إحياء المراسم الحسينيّة وشعائرها.
أن تصدر مثل هكذا رسالة من عالم يعتبر من أساطين علماء الإسلام كالسيّد الأمين(قده)، لهي من الأهميّة بمكان، بالنّظر إلى أهمية اجتهاد هذه الشخصيّة، وما نقدته وعرضته من آراء، وتسليطها الضّوء على قضيّة كانت ولا تزال عند البعض من التّابوهات والمحرَّمات الممنوع الخوض فيها. ولجرأته وموضوعيّته وعلمه ومسؤوليّته، تصدى السيد الأمين(قده) للأمر، وأدلى بدلوه فيه، وقطع النزاع حول المسألة رغم كلّ الأصوات الغوغائيّة.
تحميل الكتاب
إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.