كانت السيِّدة فاطمة الزّهراء (ع) تعيش مع رسول الله فكره، وبذلك رأيناها لم تدخل إلَّا مدرسة رسول الله (ص)، ولم تتعلَّم إلَّا في بيته. كانت تملك من الثقافة ما لم نجده في التراث الذي وصلنا من المسلمين في تلك المرحلة إلَّا ما جاءنا عن عليّ (ع) في ذلك.
ولهذا، فإنّ المشكلة عند الكثيرين منّا أنّهم لا يعيشون شخصية الزهراء الثقافية، ونحن عندما ندرس النصوص التي تركها لنا التاريخ عن كلماتها وعن خطبها، ونتعمَّق في دراسة الخصائص الموجودة في هذه الخطب من الناحية الثقافيَّة، فإنّنا نجد أنَّها كانت تملك ثقافة التوحيد، وثقافة النبوّة، وثقافة حركيّة الإسلام وانطلاقاته، وثقافة الواقع الاجتماعي الذي كان المسلمون يعيشونه، وثقافة الجدال في القضايا التي أثيرت آنذاك للاستدلال في القرآن في محكم آياته، وكانت عندما تتحدَّث عمّا تؤمن به من حقّ عليّ (ع)، فإنَّها لم تثر هذه المسألة إثارة عاطفيّة، بل تحدَّثت عنها بشكل علمي وثقافي وحركيّ في الواقع كلّه.
إنّنا ندعو إلى أن تدرس الزهراء (ع) في الجانب الثقافي من شخصيَّتها، كما ندعو إلى دراسة الزهراء (ع) في الجوانب الأخرى من شخصيَّتها، كالجانب الإنساني في الشموليَّة الإنسانيَّة، في المعنى الذي تعيشه تجاه الإنسان الآخر، وفي حالة هذا الانفتاح على الواقع كله، والجانب الروحي الذي كانت تعيشه مع الله سبحانه وتعالى، إضافةً إلى الجانب الحركي في حركتها الثقافية والجهادية وحتى السياسية، فيما نصطلح عليه في هذه الأيام بالسياسة.
لذلك، عندما نستوحي كلمة أنّها "سيِّدة نساء العالمين"، فلأنها تجمع عناصر الشخصية التي تتميَّز بها المرأة وترتفع بها حتى تكون في مواقع القمَّة، لأنَّ قضيَّة أن تكون "سيِّدة نساء العالمين"، ليست مجرد مرتبة تُعطى لها دون أن تملك عناصرها في شخصيّتها، بل إنّها مرتبة تعطى لها من خلال ما يعرفه الله سبحانه وتعالى الَّذي خلقها من عناصر هذه الشخصيَّة.
إنَّ اصطفاء الله لأنبيائه ولأوليائه وللنساء اللاتي كرَّمهن لم يكن ينطلق من فراغ، بل كان اصطفاءً ينطلق من الخصائص الَّتي تحبّب هؤلاء إلى الله، وتجعلهم في المستوى الذي يملكون فيه حمل الرّسالة وتجسيد القيم الروحيَّة في الحياة...
* من محاضرة "فكر وثقافة"، بتاريخ: 5-9–1998م.
كانت السيِّدة فاطمة الزّهراء (ع) تعيش مع رسول الله فكره، وبذلك رأيناها لم تدخل إلَّا مدرسة رسول الله (ص)، ولم تتعلَّم إلَّا في بيته. كانت تملك من الثقافة ما لم نجده في التراث الذي وصلنا من المسلمين في تلك المرحلة إلَّا ما جاءنا عن عليّ (ع) في ذلك.
ولهذا، فإنّ المشكلة عند الكثيرين منّا أنّهم لا يعيشون شخصية الزهراء الثقافية، ونحن عندما ندرس النصوص التي تركها لنا التاريخ عن كلماتها وعن خطبها، ونتعمَّق في دراسة الخصائص الموجودة في هذه الخطب من الناحية الثقافيَّة، فإنّنا نجد أنَّها كانت تملك ثقافة التوحيد، وثقافة النبوّة، وثقافة حركيّة الإسلام وانطلاقاته، وثقافة الواقع الاجتماعي الذي كان المسلمون يعيشونه، وثقافة الجدال في القضايا التي أثيرت آنذاك للاستدلال في القرآن في محكم آياته، وكانت عندما تتحدَّث عمّا تؤمن به من حقّ عليّ (ع)، فإنَّها لم تثر هذه المسألة إثارة عاطفيّة، بل تحدَّثت عنها بشكل علمي وثقافي وحركيّ في الواقع كلّه.
إنّنا ندعو إلى أن تدرس الزهراء (ع) في الجانب الثقافي من شخصيَّتها، كما ندعو إلى دراسة الزهراء (ع) في الجوانب الأخرى من شخصيَّتها، كالجانب الإنساني في الشموليَّة الإنسانيَّة، في المعنى الذي تعيشه تجاه الإنسان الآخر، وفي حالة هذا الانفتاح على الواقع كله، والجانب الروحي الذي كانت تعيشه مع الله سبحانه وتعالى، إضافةً إلى الجانب الحركي في حركتها الثقافية والجهادية وحتى السياسية، فيما نصطلح عليه في هذه الأيام بالسياسة.
لذلك، عندما نستوحي كلمة أنّها "سيِّدة نساء العالمين"، فلأنها تجمع عناصر الشخصية التي تتميَّز بها المرأة وترتفع بها حتى تكون في مواقع القمَّة، لأنَّ قضيَّة أن تكون "سيِّدة نساء العالمين"، ليست مجرد مرتبة تُعطى لها دون أن تملك عناصرها في شخصيّتها، بل إنّها مرتبة تعطى لها من خلال ما يعرفه الله سبحانه وتعالى الَّذي خلقها من عناصر هذه الشخصيَّة.
إنَّ اصطفاء الله لأنبيائه ولأوليائه وللنساء اللاتي كرَّمهن لم يكن ينطلق من فراغ، بل كان اصطفاءً ينطلق من الخصائص الَّتي تحبّب هؤلاء إلى الله، وتجعلهم في المستوى الذي يملكون فيه حمل الرّسالة وتجسيد القيم الروحيَّة في الحياة...
* من محاضرة "فكر وثقافة"، بتاريخ: 5-9–1998م.