الزهراء (ع) ابنة رسول الله (ص)، ومنها وحدها كان نسله، وقد جاء في بعض التفاسير أنَّ قريشاً قالت عن النبيّ (ص) إنَّه أبتر لا عقب له، فنزلت سورة الكوثر: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}[الكوثر: 1 ـــ 3].
أعطيناك الكوثر، أي أعطيناك الخير الكثير الّذي يمتدّ في كلّ حياتك وفيما بعدها، فتوجّه إلى ربّك بالصّلاة، فلن ينقطع ذكرك، ولن يفنى نسلك، بل إنّ الذين يقفون ضدّك هم الأولى بهذه الصّفة.
وبما أنّ أسباب النزول تشير إلى أنّ السّورة نزلت في أجواء الكلمات التي أثارها بعض سفهاء قريش ـــ كالعاص بن وائل وأبي جهل وعقبة بن أبي معيط وكعب بن الأشرف ـــ من أنّ النبيّ أبتر لا ذرّية له من الذّكور، وذلك بعد موت ابنه القاسم، فمن المناسب أن يكون الخير الكثير ـــ الكوثر ـــ فيه إشارة إلى الذرّية الكثيرة التي للنبيّ محمّد (ص) من ابنته فاطمة (ع)، ليكون ذلك بمثابة الردّ على هؤلاء في ما أرادوه من إضعاف معنويّة النبيّ (ص) بهذه الكلمة التي كانت تمثّل مدلولاً سلبيّاً في ذلك المجتمع القائم على اعتبار الامتداد في الذرّية لوناً من ألوان القيمة الذاتيّة للإنسان، ويقول صاحب تفسير الميزان، العلاّمة الطباطبائي تعليقاً على ذلك وتأكيداً له:
"ولولا ذلك، لكان تحقيق الكلام بقوله: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} خالياً عن الفائدة"[1].
ولكنْ هل كان للنبيّ (ص) بنات غير فاطمة (ع)؟
إنّ من المعلوم تاريخيّاً أنّه قد ولد لرسول الله (ص) عدّة ذكور، لكنّهم ماتوا صغاراً، وأمّا البنات، فمن المعلوم تاريخياً أيضاً، بل هو المشهور والمتسالَم عليه بين محقّقي الفريقين ومؤرّخيهم[2]، أنّه كان للنبيّ (ص) من البنات زينب وأمّ كلثوم ورقيّة، وأنّهن عشن وتزوّجن. وإن ذهب شاذّ من المعاصرين، تبعاً لشاذٍّ من المتقدّمين، إلى نفي كون هؤلاء من بنات النبيّ، مدّعياً أنّهن ربائب له!! وهذا من أغرب الآراء وأعجبها، كونه مخالفاً لصريح القرآن الكريم[3] في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ...}[الأحزاب: 59].
*من كتاب "الزّهراء القدوة".
[1] الميزان في تفسير القرآن، محمد حسين الطباطبائي، ج:20، ص:429، منشورات مؤسسة الأعلمي بيروت ـ لبنان، طـ:2، 1974م.
[2] البداية والنهاية، ابن كثير، ج:2، ص:273، دار الكتب العلمية، بيروت وبحار الأنوار، ج:22، ص:150. والكامل في التاريخ، ابن الأثير، ج:1، ص:556، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، 1989م. والسيرة النبويّة ابن هشام، ج:2، ص:202، قم ـ إيران، وهي مصوّرة عن النسخة المصرية المطبوعة سنة 1926م.
[3] أقول: بل هو مخالف لصريح الروايات الواردة عن أئمّة أهل البيت (ع)، من قبيل الخبر التالي عن أبي عبد الله (ع) قال: "ولد لرسول الله من خديجة القاسم والطاهر، وهو عبد الله، وأُمّ كلثوم ورقيّة وزينب وفاطمة". وعنه (ع): "عن رسول الله (ص) ـ في حديث ـ: وإنّ خديجة ـ رحمها الله ـ ولدت مني طاهراً، وهو عبد الله، وهو المطهّر، وولدت منّي القاسم وفاطمة ورقيّة وأُمّ كلثوم وزينب" الخصال للصدوق، ص:404 طبعة قمّ.
الزهراء (ع) ابنة رسول الله (ص)، ومنها وحدها كان نسله، وقد جاء في بعض التفاسير أنَّ قريشاً قالت عن النبيّ (ص) إنَّه أبتر لا عقب له، فنزلت سورة الكوثر: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}[الكوثر: 1 ـــ 3].
أعطيناك الكوثر، أي أعطيناك الخير الكثير الّذي يمتدّ في كلّ حياتك وفيما بعدها، فتوجّه إلى ربّك بالصّلاة، فلن ينقطع ذكرك، ولن يفنى نسلك، بل إنّ الذين يقفون ضدّك هم الأولى بهذه الصّفة.
وبما أنّ أسباب النزول تشير إلى أنّ السّورة نزلت في أجواء الكلمات التي أثارها بعض سفهاء قريش ـــ كالعاص بن وائل وأبي جهل وعقبة بن أبي معيط وكعب بن الأشرف ـــ من أنّ النبيّ أبتر لا ذرّية له من الذّكور، وذلك بعد موت ابنه القاسم، فمن المناسب أن يكون الخير الكثير ـــ الكوثر ـــ فيه إشارة إلى الذرّية الكثيرة التي للنبيّ محمّد (ص) من ابنته فاطمة (ع)، ليكون ذلك بمثابة الردّ على هؤلاء في ما أرادوه من إضعاف معنويّة النبيّ (ص) بهذه الكلمة التي كانت تمثّل مدلولاً سلبيّاً في ذلك المجتمع القائم على اعتبار الامتداد في الذرّية لوناً من ألوان القيمة الذاتيّة للإنسان، ويقول صاحب تفسير الميزان، العلاّمة الطباطبائي تعليقاً على ذلك وتأكيداً له:
"ولولا ذلك، لكان تحقيق الكلام بقوله: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} خالياً عن الفائدة"[1].
ولكنْ هل كان للنبيّ (ص) بنات غير فاطمة (ع)؟
إنّ من المعلوم تاريخيّاً أنّه قد ولد لرسول الله (ص) عدّة ذكور، لكنّهم ماتوا صغاراً، وأمّا البنات، فمن المعلوم تاريخياً أيضاً، بل هو المشهور والمتسالَم عليه بين محقّقي الفريقين ومؤرّخيهم[2]، أنّه كان للنبيّ (ص) من البنات زينب وأمّ كلثوم ورقيّة، وأنّهن عشن وتزوّجن. وإن ذهب شاذّ من المعاصرين، تبعاً لشاذٍّ من المتقدّمين، إلى نفي كون هؤلاء من بنات النبيّ، مدّعياً أنّهن ربائب له!! وهذا من أغرب الآراء وأعجبها، كونه مخالفاً لصريح القرآن الكريم[3] في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ...}[الأحزاب: 59].
*من كتاب "الزّهراء القدوة".
[1] الميزان في تفسير القرآن، محمد حسين الطباطبائي، ج:20، ص:429، منشورات مؤسسة الأعلمي بيروت ـ لبنان، طـ:2، 1974م.
[2] البداية والنهاية، ابن كثير، ج:2، ص:273، دار الكتب العلمية، بيروت وبحار الأنوار، ج:22، ص:150. والكامل في التاريخ، ابن الأثير، ج:1، ص:556، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، 1989م. والسيرة النبويّة ابن هشام، ج:2، ص:202، قم ـ إيران، وهي مصوّرة عن النسخة المصرية المطبوعة سنة 1926م.
[3] أقول: بل هو مخالف لصريح الروايات الواردة عن أئمّة أهل البيت (ع)، من قبيل الخبر التالي عن أبي عبد الله (ع) قال: "ولد لرسول الله من خديجة القاسم والطاهر، وهو عبد الله، وأُمّ كلثوم ورقيّة وزينب وفاطمة". وعنه (ع): "عن رسول الله (ص) ـ في حديث ـ: وإنّ خديجة ـ رحمها الله ـ ولدت مني طاهراً، وهو عبد الله، وهو المطهّر، وولدت منّي القاسم وفاطمة ورقيّة وأُمّ كلثوم وزينب" الخصال للصدوق، ص:404 طبعة قمّ.